مر عامين على تهجير أقباط شمال سيناء بعد عمليات الاستهداف التى طالت الكثير منهم، دفعتهم لهجرة منازلهم هروبا من الموت بعد رسائل تهديد وصلت لجميع الاقباط بمدينة العريش عقب قتل 7 اقباط خلال اسبوعين بداية من 30 يناير 2017 وحتى منتصف فبراير، لتبدأ رحلة جديده فى حياتهم تملىء بالغموض حول مستقبلهم بعد مرور عامين، وحلم العودة يروادهم، بعد معاناة طويلة خارج منازلهم، فى مساكن مؤقتة في عدة محافظات كانت الأغلبية منهم استقرت بمحافظة الإسماعيلية والقاهرة والجيزة وأسيوط والشرقية والغربية والإسكندرية. والسؤال الذي دائما ما يطرحه أقباط العريش عند اللقاء معهم، هو متى سنعود إلى منازلنا؟! تعبنا كثيرا من الغربة، اشتقنا لرؤية منازلنا، والحياة في العريش المدينة الهادئة.
فعندما تجلس مع أقباط العريش لا يتوقف حديثهم عن المقارنة بين حياتهم بالعريش وبين سكنهم الجديد في المحافظات التي نزحوا إليها، وما تحمله من مشكلات وضيق الحياة وصعوبة توفر لقمة العيش في ظل ضعف فرص العمل فضلًا على ارتفاع الأسعار في المحافظات التي يعيشون فيها الآن بالمقارنة بالعريش، التي كان يعمل اغلبهم فيها بوظائف حكومية فضلا على مشروعات خاصة، وصغر المدنية التي تجعل تحركهم سهلا، ووجود البحر أمامهم كان وسيلة للترفية والتنزه، بالمقارنة بالعيش في القاهرة والجيزة التي يعاني سكانها من الزحام وارتفاع الأسعار.
ورغم مرور عامين على هجرة أقباط العريش مازالت الإجابة عن سؤالهم غائبة متى سنعود إلى منازلنا، في ظل وجود حرب شرسة ضد الإرهاب، وكان آخرها استهداف لكمين للجيش المصري واستشهاد 15 جنديا مصريا، وقبلها خطف القبطي أديب يسى اثناء ذهابه للعريش، وهو ما يجعل الخوف يتطرق قلوبهم، لاسيما انه سبق استهداف أقباط بالقتل بعد عودتهم لقضاء بعض الأعمال بالعريش مثل نبيل صابر الذي قتل بعد عودته بثلاثة أيام في العام الماضى وباسم حرزالله الذي قتل في يناير في 2018 أيضا بعد توقيفه من قبل مسلحين اثناء عودته لمنزله من مقر عمله بالعريش.
· مشكلات تحتاج لحلول
تم توزيع أقباط العريش على عدة محافظات وبذلت الدولة والكنيسة والمجتمع المدني جهودا كبيرة لاحتواء الأسر وتذليل العقبات وتوفير حياة مؤقتة لهم لحين عودتهم لمنازلهم لأكثر من 350 أسرة قبطية على الأقل، وقام نيافة الأنبا بيمن أسقف قوص ونقادة ومقرر لجنة إدارة الأزمات بتكليف من البابا بمتابعة أوضاع الأسر بالتنسيق مع الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن وأساقفة الايبارشيات التي استقرت فيها الأسر وتم نقل وظائف الأسر كمهمة عمل مؤقتة بالمحافظات التي استقروا فيها، وتم تسكين 180 أسرة من الأسر المهجرة في مساكن مدينة المستقبل بالإسماعيلية، بينما قامت مطرانية الإسماعيلية تحت إشراف الأنبا سارافيم أسقف الإسماعيلية بتوفير 60 شقة اخرى للأسر تقوم بدفع إيجاراتها، وتولت الأسقفية تحت رعاية الانبا يوليوس اسقف عام مصر القديمة واسقف عام الخدمات بتولى توفير الرعاية للاسر المهجرة التى استقرت بالقاهرة والجيزة والقليوبية ودعمهم فى قيمة الايجارات وبعض الأمور الأخرى.
ورغم ما تم تقديمه للأسر من كافة الجهات فى محاولة لتحقيق شئ من الاستقرار، الا انه عند سؤال اى من الاقباط ستجد الاجابة واضحة انه يعانى فى واقعه الجديد، ولهم الحق لانه لا يمكن المقارنة بحياتهم فى العريش ومنازلهم الكبيرة وبين الواقع الجديد لاسيما في القاهرة والجيزة بما فيه من زحام وارتفاع اسعار وعدم توفر فرص العمل، وهو ما دفع البعض بين الحين والاخر العودة للعريش ثم ما سريعا يغادر حين يشعر بتهديد لحياته.
وبسؤال بعض الأسر ، قالوا انه من ضمن الازمات والمشكلات التي تواجههم، توقف بطاقات التموين الخاصة بهم لاسيما من أسر القاهرة والجيزة والاسكندرية، ورغم ما بذل من جهود من قبل الكنيسة بارسال خطابات لوزارة التموين لحل الأزمة إلا أن الأمر مازال معقد، رغم تواصل الاسر مع مكاتب التموين التابعين لها عدة مرات لحل ازمة لاسيما فى عدم القدرة في الحصول على “حصة العيش” وهو أمر يزيد من أعباءهم، الذي يجعلهم ينفقون نسبة كبيرة من ميزانيتهم على رغيف العيش الذى وصل سعره الى جنيها الان، وعند التواصل مع مدير عام وزارة التموين بالوزارة، كان رده ان هناك بيانات خطأ تم ارسالها للعريش للمراجعة والتصحيح وبعد ذلك الامر يتعلق بالشركة المكلفة باصدار الكروت “الممغنطة”، واصحبت الاسر تائهة بين وزارة التموين والشركة وتدفع ثمنا هذه المعاناة يوميا رغم ارسال عدة استغاثات للدكتور علي مصيلحي وزير التموين ولكن دون جدوى.
وتتعلق المشكلة الثانية بالقروض، حيث تعاني بعض الأسر من أزمة تسديد القروض التى تم الحصول عليها من البنوك في العريش لانشاء بعض المشروعات، وتسأل ر . م احد الحاصلين على قرض: “كيف نسدد القروض والفوائد وجميع اعمالنا توقفت، مشيرًا إلى أنه تم التدخل مع البنوك وتم تأجيل السداد ل 6 شهور ولكن سنعود بدفع المبالغ بقيمة الفوائد وهو امر يهدد بعضنا لعدم توفر مصدر رزق لسداد القروض
وتكمن المشكلة الثالثة في توفير فرص العمل لبعض الاقباط الذين كانوا يعملون في اعمال حرة او مهنية، ولا يوجد لهم مصدر دخل، لاسيما ارتفاع الاسعار رغم ما يقدم من الكنيسة من مساعدات ولكن هذا لا يكفى حياتهم، كما ان اقباط القاهرة والجيزة والاسكندرية لم تتدخل الدولة لتوفير سكن خاصة محافظة القاهرة وهى المحافظة الوحيدة الذى لم يتلقى فيها أي مسئول بالأسر بالقاهرة التي تصل الى 40 أسرة أو اكثر بعكس المحافظات الأخرى مثل اسيوط والغربية والشرقية والقليوبية وبورسعيد.
اما المشكلة الأخرى التى يعانى منها الاقباط هى ممتلكاتهم فى العريش وكيفية الحفاظ عليها فى ظل تعرض بعضها للنهب، وايضا عدم القيام اى منهم بتقديم الضريبة العقارية في الفترة التي كانت مخصصة لهم، وامور كثيرة تختص بأوضاع هناك، وبعض الأراضي التي تم ضمها لمطار العريش ولم تصرف لهم تعويضات مثل “ا.ش”.