يرى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن قطاع السياحة يعاني في مصر من العديد من الصعوبات منذ عدة سنوات وخاصة الفترة ما بعد ثورة 2011، إلا أن هذا لا ينفي ما لمصر من مستقبل واعد على مدى السنوات القادمة في هذا القطاع، شرط اتخاذها سياسات جديدة مناسبة تؤدي لتحقيق الطفرة المرجوة في القطاع ، ويعد البرنامج الذي أطلقته وزارة السياحة بعنوان “الإصلاح الهيكلي لقطاع السياحة” خطوة إيجابية ضرورية نحو تطوير القطاع طالما نادى بها الخبراء والعاملون في السياحة.
أضاف “المركز” : أنه بالإطلاع على هذا البرنامج، فإنه يحدث شيء من الخلط في ذهن القارئ حول كونه برنامج أم استراتيجية، حيث لا يشتمل سوى على رؤية عامة للقطاع وهدف عام وعدد من محاور الإصلاح، وهو لا يتضمن العناصر المتعارف عليها لأي استراتيجية، من رسالة وهدف عام وأهداف كمية ونوعية وإجراءات محددة مرتبطة بالأهداف الموضوعة ومؤشرات لقياس الأداء ، منوهاً أنه يؤخذ على هذا البرنامج عدم الربط الواضح بينه وبين خطة مصر للتنمية المستدامة، وعدم اشتماله على خطة زمنية للتنفيذ، وكذلك عدم تحديد مسئولية التنفيذ من القطاعات والجهات التابعة للوزارة أو من الوزارات الأخرى ذات الصلة، فضلا عن كونه لم يميز في الإجراءات المقررة بين الأنشطة السياحية المختلفة (المعارض والمؤتمرات، الشواطئ، الثقافية، الخضراء، وغيرها)، والتي من البديهي أن تختلف باختلاف طبيعة النشاط السياحي.
وأشار “المصرى للدراسات الاقتصادية إلى أن البرنامج لم يتطرق بالشكل الكافي لآليات محددة وتفصيلية للتعامل مع المشكلات الهيكلية والملحة التي يواجهها القطاع منذ سنوات وحتى تاريخه، والتي تتلخص أهمها في عدد من الركائز الأساسية من ضعف في الإطار المؤسسي الحاكم للقطاع، والحاجة إلى إعادة تأهيل المنشآت السياحية، وتقادم وسائل النقل، وغياب أو ضعف آليات متابعة الأداء، وعدم كفاءة برامج بناء القدرات، والقصور في إدارة الأماكن السياحية. وفيما يلي أمثلة على عدد من المشكلات المفصلة الواردة تحت الركائز المشار إليها سلفا ، منها ضعف التنسيق بين الوزارات ذات العلاقة بتنمية السياحة في مصر حيث يظل النظر إلى السياحة كقطاع منفصل، بالرغم من كونه نشاط يرتبط ويعتمد على كافة القطاعات الأخرى، من زراعة، وإسكان، وطيران، وشرطة، ونقل وغيرها من القطاعات ، وتعدد جهات الإشراف على المنشآت السياحية ، وتدني مستوى النظافة في العديد من المناطق والمنشآت السياحية ، وعدم توفر العمالة المدربة خاصة تلك ذات الاحتكاك المباشر بالسائحين ، فضلاً عن عدم إتاحة إحصاءات السياحة التفصيلية المحدثة للعاملين بالقطاع ،وسوء حالة عدد من الطرق السياحية وعدم توفر وسائل النقل المناسبة للمناطق البعيدة (مثل سيوة والصحراء البيضاء)، وتقادم عربات السكة الحديد خاصة تلك المتجهة إلى أشهر المقاصد السياحية كالأقصر وأسوان والإسكندرية ، وعدم توفر الأنشطة الترفيهية والخدمات المكملة كالمراكز التجارية والملاهي بالمدن السياحية ، وغياب تنوع درجات الفنادق بالرغم من ارتفاع عدد الفنادق ، وير “المصرى للدراسات الاقتصادية” أن ما سبق عرضه يثير التساؤل عن مدى نية الوزارة لإطلاق استراتيجية مُفصلة لقطاع السياحة حيث إنه من الصعب الإكتفاء بهذا البرنامج في شكله الحالي للنهوض بالقطاع.
جدير بالذكر أنه في إطار مساهمة المركز المصري للدراسات الاقتصادية في الجهود المبذولة حاليا من وزارة السياحة للنهوض بالقطاع، قام المركز بإعداد “مقترح لخارطة الطريق للنهوض بالسياحة في مصر” والذي أصدره في حلقة نقاشية في 12 مارس 2018، شاملا لكافة المعلومات الحديثة المتاحة الخاصة بالقطاع بالإضافة إلى وضع مستهدفات كمية ونوعية محددة على مدى زمني محدد مصحوبة بكافة الإجراءات اللازمة لتحقيق هذه المستهدفات على أرض الواقع .
هذا وكان الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة قد شاركت في عدة لقاءات هامة على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي، على رأسها مسئولو البنك الأوروبي للإعمار والتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، بالإضافة إلى عدة لقاءات ثنائية مع مجموعة من الشركات العالمية ومنها هاواوي ولازارد، كما عقدت اجتماعات مع رئيس وزراء الأردن وأرمينيا وعددا من رؤساء مجالس إدارات الشركات العالمية التي تعمل في مجال السياحة ، مؤكدة أنه لأول مرة يكون لوزارة السياحة برنامج إصلاح هيكلي لتطوير قطاع السياحة، يتضمن رؤية الوزارة لتحقیق تنمیة سیاحیة مستدامة، تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، مشيرة إلى أنها استعرضت المحاور المختلفة لبرنامج الإصلاح في لقاءاتها الثنائية، خاصة المحور الخامس الخاص بمواكبة متغيرات صناعة السياحة عالميا والتي من بينها تفعيل مفاهيم السياحة الخضراء، والتوسع في أنشطة السياحة البيئية، ومساندة التزام الدولة فيما يتعلق باتفاقات التغيرات المناخية.