ناقش المركز المصرى للدراسات الاقتصادية موقف قطاع السيارات فى مصر بعد الإعفاءات الكاملة للسيارات ذات المنشأ الأوروبى من الجمارك ، وذلك بموجب اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية .. ولم يحدد خبراء السيارات الموقف المستقبلى للقطاع بعد تطبيق “صفر” جمارك على السيارات الأوروبية، لأنه لا يزال غير واضح بعد .. وكان الدكتور أحمد فكرى عبد الوهاب الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للسيارات “أجا” ، قد أجرى دراسة شملت 14 نوعاً من السيارات المباعة في السوق المصرية وأنتهت الدراسة إلي أن الشركات المصدرة لهذه السيارات هي المستفيد الوحيد من خفض الجمارك وليس السوق المصرية أو المستهلك، لأن زيادة قيمة الدولار الجمركى يُفارب التخفيض المتوقع فى سعر السيارة نتيجة تطبيق الشريحة الأخيرة من التخفيض الجمركى على السيارات ذات المنشأ الأوروبى بنسبة 10% ..
السياسات الحمائية لم تفد الصناعة
فى البداية أكد الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق أن الحكومة منحت قطاع السيارات العديد من الحوافز والحماية الجمركية التي استفاد منها المصنعون ، وذلك دون تحقيق نتائج إيجابية واضحة فى هذه الصناعة الهامة ، خاصة إذا تم تقييم التجربة مع دول عربية فى شمال أفريقيا مثل المفرب ، ووأضاف : لذلك يجب إعادة النظر فى السياسات الحمائية لصناعة السياراتفى مصر ، مؤكداً أن إتباع سياسة الإنتاج من أجل إستهلاك السوق المحلى فقط دون الطموح للتصدير ، فلن يُحقق هذا القطاع الكفاءة المطلوبة منه ، ويرى الدكتور أحمد جلال أن دعم هذه الصناعة استمر منذ الستينات بإعتبارها صناعة وليدة تحتاج إلى حماية، مؤكداً أنه ليس من المنطق أن تظل هذه الصناعة وليدة لمدة 60 عاماً، ولذلك فلا داعى لإستمرار السياسات الحماية ، نظراً لأن التجربة أثبتت أنها تأتى بعكس المستهدف منها ، بل أنها خرجت نهائياً عن المسار الصحيح .
التوقعات الكبرى لإنخفاض الأسعار
و أشار الدكتور أحمد فكرى عبد الوهاب الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للسيارات “أجا” وعضو غرفة الصناعات الهندسية بإتحاد الصناعات المصرية إلى التطورات التى مرت بها اتفاقية دخول السيارات الأوروبية لمصر بصفر جمارك ، مؤكداً أن حملة “خليها تصدى” جاءت نتيجة التوقعات العالية بأن السوق المصرى سيشهد إنخفاضاً كبيراً فى أسعار جمارك السيارات الواردة من الإتحاد الأوروبى بعد سريان الإتفاقية ، ولكن هذا لم يحدث على أرض الواقع ، وقال الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للسيارات “أجا” : أنه لا يوجد بيانات محددة عن حجم تأثر المبيعات جراء حملة “خليها تصدى”، ولكن هناك مصانع للسيارات أغلقت لمدة يوم أو يومين أسبوعياً، وهو ما يدل على تأثر المبيعات ولكن لا أحد يمكنه الجزم بما سيحدث ، موضحاً أنه حتى يشعر المواطنون بتراجع أسعار السيارات ، فإن الأمر يتطلب خفض الجمارك على الإطلاق وبلا استثناء على كافة السيارات الأقل من (1600 سي سي) التى تمثل 90% من السيارات المستخدمة فى مصر لتصل إلى 10%، وتصل الضريبة إلي 30 – 40% على الفئات الأعلى منها حتى تستفيد الخزانة العامة،
وانقد الدكتور أحمد فكرى تطبيق المواصفات القياسية للسيارات على المصانع المحلية وعدم تطبيقها على السيارات المستوردة ، منوهاً أن منح الخفض الجمركي للسيارات الأوروبية والتركية وسيارات “اتفاقية أغادير” دون غيرها يترتب عليه إحداث خلل في الأسعار لصالح بعض الأطراف دون استفادة المواطن، مؤكداً أنه من الطبيعى أن تكون أسعار السيارات الأوروبية أعلى من نظيرتها الصينية والكورية لنظراً للعديد من الإعتبارات .. بينما يرى أن تكلفة السيارات الكهربائية أعلى من إمكانيات المستهلك المصرى فى الوقت الحالى، ولكنه يتوقع تراجع هذه الكلفة خلال السنوات الـ 5 المُقبلة ، نظراً لأن الكيانات الكبرى فى صناعة السيارات أصبحت تهتم تنظر بإهتمام كبير للسيارات الكهربائية ، كما يتم ضخ استمارات كبرى فى هذا القطاع المستقبلى ، وهو ما يتطلب التركيز فى مصر على البنية التحتية الخاصة بالشحن الكهربائى لهذه السيارات .
عبء المكون المحلى للصناعة كبيراً
وقال المهندس حمدي عبد العزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية سابقاً : إن القانون المنظم لصناعة السيارات فى مصر هو القانون رقم 21 لسنة 1958 ولن يتغير هذا القانون منذ صدوره ، بدأ تاريخ صناعة السيارت بمصر فى عهد الرئيس عبد الناصر وذلك مع شركة النصر للسيارات عام 1960 ، مشيراً إلى أن القانون ينص على نسبة مكون محلى 25% ولكن حتى الآن هناك إشكالية فى تعريف المكون المحلى، حيث يُمكن حساب أى تكلفة يتحملها المصنع مثل أجور العمال وغيرها من التكاليف ضمن المكون المحلى وهو ما يرفع النسبة بأكبر من حجمها الحقيقي ، مؤكداً أن عبء المكون المحلى على الصناعة قد يكون كبيراً لأن الأسعار أحيانا تكون مرتفعة وفى أحيان أخرى منخفضة، مشيرا إلى أن المصنع المصرى يجب أن يكون أولى بالرعاية، كما أنه لم يطلب شئ من المصنع المحلى لم يفعله، ولكن أيضا ليس من الواضع مع هو مستقبل هذه الصناعة فى مصر فى ظل عدم تغيير السياسات الحكومية المتبعة تجاه هذه الصناعة منذ الثمانينات من القرن الماضى.
ويرى غرفة الصناعات الهندسية سابقاً و أحد رجال صناعة السيارات فى مصر أن الميزة الجمركية التى كانت تتمتع بها صناعة السيارات المحلية أنتهت بسبب الإعفاءات الجمركية للسيارات ذات المنشأ الأوروبى ولكن المستهلك لم يستفد بالتخفيضات لأنها انتقلت إلى المصدر، لأن السيارة لا تباع بسعر التكلفة، كما أن المصنع المحلى لا يزال يتحمل ضريبة جمركية على المكونات المستوردة، كما يلتزم بالمواصفات التى تم فرضها عام 2010، ووقعت مصر على مواصفة الأمم المتحدة عام 2013 ولكنها تطبق على المنتج المحلى بدون المستورد الذى يدخل بدون اشتراط الخضوع لأى مواصفات ، وأضاف : لقد صدر قرار وزير التجارة الأسبق رشيد محمد رشيد بعدم ترخيص سيارة إلا إذا كان المكون المحلى بها 45%، ولكن من وقتها لم يتغير أى شئ فى السياسات الحكومية تجاه هذه الصناعة ، منوهاً إلى صعوبة التزام المصانع بنسبة مكون محلى حقيقية بنسبة 45%، لافتا إلى أن الوكيل لا يمكنه زيادة النسبة إلا بموافقة ورغبة صاحب العلامة التجارية أو الشركة الأم، مشيرا إلى مطالبة الحكومة بتغيير سياساتها المتبعة فى مجال صناعة السيارات ورفع المكون المحلى الحقيقى بأكثر من 25% المذكورة فى القانون حتى يمكن للوكلاء الضغط على الشركات الأم لزيادة النسبة.