شهر ديسمبر في فلسطين وقت ميلاد السيد المسيح، كان يعد من أشد شهور السنة برودة وبالتالي كانت رحلة يوسف والعذراء مريم من الناصرة إلى بيت لحم والتي استغرقت نحو ثلاثة أيام شاقة ومجهدة للغاية حتى وصل يوسف ومعه القديسة مريم في المغارة الملحقة بالخان ليستقروا والخان هو المنزل المعد لنزول المسافرين، والمزود المذكور في الإنجيل والذي ولد فيه المسيح هو المكان الذي كان يوضع فيه التبن لأكل منه البهائم وكان داخل مغارة منحوتة في الجبل لك أن تتخيل.. كان كل شيء حولهم غير مناسب ولا يمكن أن يتقبله فكر أي إنسان، وبالأخص لو أدخل في الحسبان احتمالية حدوث ولادة طفل في هذا المكان وهذا التوقيت ولا أحد معهم، ولكن كل هذا كان يتناسب مع مشيئة السيد المسيح الذي أراد أن يدخل العالم بهذه الطريقة.. ألام يقل هو نفسه بعد ذلك طوبي للمساكين كان ممكنا لو تقدموا يوما واحداً أن يجدوا مكاناً في الخان أو ربما غرفة خاصة ولكنه أراد أن ينفذ ما قاله نفسه فيما بعد.. إن ليس لابن الإنسان أين يسند رأسه؟
إنه حقا جاء ليجعل الراحة الحقيقة ليست للجسد وإنما للقلب. كما أراد أن يجعل من تعبه راحة للمتعبين.. ترك مكانه في الخان لإنسان آخر رآه أكثر احتياجاً آخر أن يولد في هذا الظرف العجيب “الاكتتاب العام” أي التعداد ليأخذ رقمًا رسميًا كمواطن على الأرض “مولوداً تحت الناموس ليفدي الذين تحت الناموس”.
لم يكن مع العذراء في ساعة الوضع أي إنسان ولعل يوسف أيضا كان في الخارج لأن الكتاب المقدس ذكر “قمطته واضطعجته في المذود إذ لم يكن لهما موضع في المنزل”.
جاءت قصة الميلاد مخيبة لكل آمال اليهود وتقاليد شيوخهم فكون المسيح يولد في مذود للبهائم شيء لا يقبله العقل اليهودي، ولكن الرب قصد أن يجعل في ميلاده آية للاتضاع حتى لا يؤمن به العقل إلا إذا انحنى إلى مستوى المذود، كما جعل صليبه آية حتى لا يخلص به إلا الذي ينحني تحت ثقله
فلنصلي ياربنا يا كلى المجد…. باتضاعك، أطرح سلامك على ربوع بلادنا التي وطأتها أقدامك… وعلى كل بلاد العالم حتى يلتفت الإنسان في كل مكان إلى رسالة الخلاص وسلام القلب الحقيقي.
وأذكر كنيسة مصر، كنيسة ربوات الشهداء والنساك وجدد شبابها كالأول . “من كتاب الحياة أظهرت وهو مجموعة مقالات عن عيد الميلاد المجيد للأب متى المسكين”