إسحق عجبان: مسار العائلة المقدسة حقيقة كتابية وتاريخية وأثرية ولها تأثيرات حضارية
زبيدة عطا: اختيار رحلة العائلة المقدسة كعرض بانوراما في متحف الحضارة
ماجد صموئيل: الكنيسة تستخدم الألحان في الطقوس بغرض حفظ الإيمان وتثبيته
ماري ميساك: مسار العائلة المقدسة مثالاً فريداً للتراث الدولي الموثق على مر العصور
سامي صبري: مشروعات تنمية نقاط المسار يجب أن تخدم المجتمع المحلي المحيط
نادر جرجس: العلاقات الديبلوماسية بين مصر والفاتيكان دعمت إحياء هذا المشروع
عقول باحثة.. وعيون ثاقبه.. وثقافة باعثه بكل الآمال والخيرات للمشروع القومى السياحى الذى يدشن لأطول مسار دينى فى التاريخ وهو ” مشروع مسار العائلة المقدسة بمصر ” ..هكذا كان الحال بقاعة المجلس الأعلى للثقافة بساحة دار الاوبرا المصرية، فأقام المجلس الأعلى للثقافة ورشة عمل بعنوان “مسار العائلة المقدسة – تاريخ – عمارة وعمران – سياحة دينية” برعاية الدكتور إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة وبأمانة الدكتور سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة والدكتورة دليلة الكرداني مقررة لجنة العمارة بالمجلس وتنسيق الدكتور شريف مرجان عضو اللجنة.
السادة المحاضرين
وصرح الدكتور المهندس شريف مرجان، مدرس بكلية الهندسة جامعة القاهرة وعضو لجنة العمارة بالمجلس الأعلى للثقافة ” لوطنى” قائلاً : “إن المجلس الأعلى للثقافة به عدة لجان وهذه اللجان تقيم فعاليات عديدة وورش عمل. وتم اقتراح موضوعات فى لجنة العمارة لورشة العمل من ضمنها موضوع مسار العائلة المقدسة فى مصر، وفكرت اللجنة بالتنسيق مع المجلس الأعلى للثقافة بتناول هذا الموضوع ورفع توصيات ومقترحات لوزارة الثقافة لتقدمها فى صورة سياسات عامة للدولة، ومن هنا تم إعداد فكرة هذه الأمسية عن مسار العائلة المقدسة. وشارك في هذا العمل بعض اللجان الأخرى من بينها: لجنة الأثار ولجنة الموسيقى والأوبرا والباليه ولجنة الفنون الشعبية والتراث الثقافي غير المادي ولجنة التاريخ مع لجنة العمارة.”
وأضاف “مرجان“: “قمنا بترتيب الأمسية لتتناول مجالات مختلفة حول مسار العائلة المقدسة منها العمارة والعمران والفن وجزء أخر فى التاريخ والألحان القبطية من خلال كلمات مختصرة لـ 6 متكلمين. وتم تنسيق الأمسية على ورشتين: الورشة الأولى عن التراث غير المادى، وتناولت موضوع التاريخ وتوثيق المسار فى جميع الأمم والشعوب الأخرى وإثبات أن هذا المسار موثق بمخطوطات ومراجع عدة، وتم التركيز على متحف الحضارة لوجود بانوراما قبطية فيه تعبر عن الحضارة القبطية في مصر. أما الورشة الثانية، فتناولت الألحان القبطية وكيف تحتفل الكنيسة بألحان مخصصة في تذكار دخول العائلة المقدسة مصر – يوم 1 يونية أو 24 بشنس، وإمكانية ارتباط تلك الإحتفالات بالسياحة الدينية عن طريق إتاحة الفرصة للسياح لحضور تلك الاحتفالات والصلوات سواء في نقاط المسار المختلفة أو من خلال عروض متخصصة بدار الأوبرا المصرية.”
“الجزء الثانى من الورشة الثانية تناول التوراث المادى لمسار العائلة المقدسة، من خلال الكلام عن الفن والأيقونات القبطية والشخصيات الموجوده فى الايقونات المختلفة الموجودة بالمسار، والعمارة والعمران ومدى أهمية عمل تطوير عمراني حول الأثر الموجود في كل نقاط المسار لاستيعاب الزوار من السياحة وتحقيق عائد مادى على سكان المنطقة. وتكلمنا أيضا عن خطوات اعتماد المسار من بابا الفاتيكان كحج كاثوليكي، فكل موضوعات ورشتي العمل كانت تصب فى النهاية حول موضوع السياحة القبطية المصرية”
الدكتور المهندس شريف مرجان
الحضور
رحلة العائلة المقدسة في ثقافات الأمم والشعوب
بدأ أستاذ دكتور إسحق إبراهيم عجبان، أمين عام معهد الدراسات القبطية، الجلسة الأولى من ورشة العمل بالكلام عن رحلة العائلة المقدسة في ثقافات الأمم والشعوب، شارحاً: إن رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر تعتبر من المميزات الفريدة والبركات العظيمة التي تنفرد بها مصر.. وهي حقيقة كتابية وتاريخية وأثرية ولها تأثيرات حضارية وتنقل قيم إنسانية.. وردت الحقيقة الكتابية بالكتاب المقدس في عهديه القديم والجديد وتم ترجمته إلى 3312 لغة أي أنه وصل إلى أغلب ثقافات الكرة الأرضية.
ومن ناحية الحقيقة التاريخية جاءت بالمصادر التاريخية القديمة منها السنكسار – من الرابع، والدفنار والمخطوطات والميامر القبطية، وذكرت في تاريخ الكنيسة وتاريخ البطاركة وتاريخ الكنائس والأديرة، وكذلك في مخطوطات أوروبا من العصور الوسطى، ومصادر التراث والثقافة العربية والإسلامية مثل موهوب ابن منصور من القرن الحادي عشر الذي كتب عن أماكن المسار وكذلك أبو المكارم الذي كتب عام 1209م وكتابات أبو كريفة المبكرة والمتأخرة، وذكر المسار أيضا في الموسوعات العالمية والرسائل العلمية في دول مختلفة، وكتابات الرحالة الأجانب من الشرق والغرب على مر العصور والقرون، وقد تركوا لنا كتابات ومذكرات ومؤلفات عن رحلاتهم وجولاتهم في مواقع مسار رحلة العائلة المقدسة في أرض مصر.. مصادر عديدة تكلمت عن المسار منذ القرن الأول وحتى القرن العشرين.
أما عن الحقيقة الأثرية تشهد عليها أيضا العديد من الأثار القبطية الثابتة والمنقولة ومنها كنائس وأديرة ومغارات ووآبار وأحجار وأيقونات وأشجار وأثار أخرى متعددة.
ولها أيضا تأثيرات حضارية مثل تحطم الأوثان عندما دخلت العائلة المقدسة إلى أرض مصر كان هذا الحدث بداية تغيير فكري في مصر، وكذلك هناك أسماء مدن مصرية كثيرة ارتبطت بالعائلة المقدسة وتجمعات عمرانية ظهرت حول نقاط هذا المسار، وظهرت أيضا فنون وأدبيات خاصة منها الطقوس القبطية والتقاليد المحلية والشفهية والتراث الروائي والاحتفالات الشعبية.
ومن ناحية أخرى تقدم لنا رحلة العائلة المقدسة صور من قيم إنسانية تأصلت في الطبيعة المصرية وهي مساندة المتألمين والمتعبين والنازحين والغرباء وهذه القيم الإنسانية توارثت في المصريين حتى الأن.”
ووضح الدكتور عجبان أن هذه الرحلة المباركة كانت ومازالت لها تأثيرات روحية وحضارية وإنسانية مع تراكم تراث تاريخي وثقافي وفني زاخر بالتنوع والامتداد ليس لدى الأقباط فقط أو لدى المصريين، بل لدى الكثير من شعوب العالم وبين الثقافات المتعددة في بلاد الشرق والغرب، بالعديد من اللغات القديمة والحديثة.. وهكذا على مر العصور والقرون كان لهذا الحدث الفريد أصداؤه وتأثيراته في التراث الإنساني العالمي، ومازالت مصر بوابة الشرق هي الحامية والحارسة لمبادئ التعايش السلمي وقيم السماحة والتسامح وقبول الأخر وإستضافة الغرباء، وعلى أرضها تعايشت الثقافات والحضارات معا رغم تعددها وتنوعها، وجمعت مصر بين الثراء الروحي والزخم الفكري والتراكم الحضاري والابداع الفني والابتكار العلمي في بوتقة واحدة.
طوابع بريدية من مختلف أنحاء العالم على مر العصور للعائلة المقدسة بمصر
أستاذ دكتور إسحق إبراهيم عجبان
المجموعة القبطية في متحف الحضارة
جاءت الجلسة الثانية لتلقيها أستاذ دكتورة زبيدة عطا عضو لجنة التاريخ بالمجلس، وأستاذ التاريخ الإسلامي بكلية الأداب جامعة حلوان، وتكلمت عن متحف الحضارة قائلة: “متحف الحضارة من المتاحف المتميزة من حيث فكرته وتنسيقه والتكوين المعماري الخاص به، وأشرف على اعداده عدد من الخبراء الأجانب والمصريين في مجالات عديدة. وهو يقع في منطقة الفسطاط التاريخية، وكانت الفكرة الرئيسية فيه تقوم على اختيار موضوعات محددة ثم يتم عرض العناصر المتوفرة حسب الموضوع وتتبع كل عنصر منذ العصور الأولى إلى العصر الحديث، ومن ضمن هذه الموضوعات النيل، والأسرة والمجتمع عبر الفترات التاريخية المتتالية، والدين عبر العصور، والفنون والعمارة. وكان الجناح القبطي يتضمن عرض لمجموعة من القطع الأثرية والمنسوجات والأواني، ومن خلال نماذج للأم والمرأة المسيحية تم التركيز على العذراء كأم للسيد المسيح لأنها عاشت فترة في مصر.
وأضافت دكتورة “زبيدة” أن المتحف خصص فيه بانوراما تعرف فيها ملامح هامة لكل فترة وتم اختيار رحلة العائلة المقدسة لتعرض كبانوراما عن الأماكن التي مرت بها العائلة المقدسة مع إيضاح مختصر لكل النقاط يصاحب الصورة.
متحف الحضارة
أستاذ دكتورة زبيدة عطا
ألحان الكنيسة في ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر
أما الجلسة الثالثة فتناولت الألحان التي تتلى بالكنيسة الأرثوذكسية في ذكرى دخول العائلة المقدسة إلى مصر، وألقاها أستاذ دكتور ماجد صموئيل، أستاذ مساعد بقسم النظريات بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، الذي بدأ كلامه: “سابدأ بسؤال هو لماذا تستخدم الكنيسة الألحان؟ هل هي تقدم فن أم عرض أم شئ أخر.. تحتفل الكنيسة القبطية بزيارة العائلة المقدسة لأرض مصر في يوم 24 بشنس ويسمى هذا العيد في الكنيسة “عيد دخول المسيح أرض مصر”، وضعت الكنيسة بعض النصوص الخاصة بعيد دخول العائلة المقدسة مصر، في طقوس ألحان وقراءات الصلوات الليتورجية (الصلوات الجماعية) مثل التسبحة ورفع بخور عشية وباكر والقداس الإلهي لأن أي تذكار كنسي أو احتفال معين يتم ذكره أثناء تلك الصلوات وذلك للتأكيد على هذه الحقيقة التاريخية لما تحمله من وثائق تؤكد بعض من نبوات العهد القديم مدى تحققها لتثبيت الإيمان في نفوس المؤمنين وأيضا لمحاربة البدع والهرطقات التي ظهرت وذلك للتأكيد على لاهوت وناسوت السيد المسيح.”
وأضاف “صموئيل” : “دائما في كل النصوص الكنسية يتم التأكيد على معلومات معينة ويتم وضعها في صورة ألحان لأن الموسيقى لها لقدرة على الإختزان داخل الإنسان.. من ضمن النصوص التي توجد في الإيبصاليات والذكصولوجيات، يتم وضع معلومات كثيرة مبنية على قصص من العهد القديم التي مثلت نبوات عن موضوع الاحتفال – مثل دخول السيد المسيح إلى أرض مصر، وبذلك يكون السرد في تلك الألحان مذكور فيه نبوات العهد القديم والواقع الذي نحتفل به في هذا اليوم وإلى أبد الآبدين، فدائما الكنيسة تجمع بين الثلاثة.
أستاذ دكتور ماجد صموئيل
فنجد في صلوات ايبصالية آدام لهذا اليوم مثلاً:
يسوع المسيح إلهنا الحقيقي الذي جاء لأجل خلاصنا
لأنه في هذا اليوم أتى إلى المصريين ومشى معهم مثل إنسان
وأيضا تم كلام النبي الذي قاله من أجل السيد
مريم القديسة السحابة الخفيفة حملت القدوس إلى أرض مصر
وهو أيضا سار وسكن في بيت يسوع وضع الشفاء في البئر
كما أيضا سار إلى الأشمونين وشتت الأعداء في ذلك المكان
افرحي وتهللي يا أرض مصر بعمانوئيل ملك الخليقة
سالومي مع مريم ويوسف البار كانوا يسبحون باجتهاد أمام الجوهرة
حينئذ سبحوا بتسبحة جديدة جهراً لما رأوا العجائب
إبن الله إلهنا الذي أظهر ذاته لإبراهيم حل في وسطنا في جبل قسقام
وفي ابصالية واطس لدخول المسيح:
بالحقيقة قد تقدمت إلى رأس عظيم هو اسم الخلاص الذي للمسيح ملك الدهور
كل فرح كائن اليوم في السماء وعلى الأرض لأن ملك الملوك قد ظهر على الأرض
لأن في هذا اليوم مشى كإنسان وبرحمته العظيمة نزل إلى أرض مصر
داود المرتل تكلم ومجد عزته قائلاً فلتفرح السموات ولتتهلل الأرض
ها هوذا ملاك قال ليوسف قم خذ المسيح وأذهب إلى مصر سريعاً
هذه النبوة التي ظهرت وتحققت أن من أرض مصر دعوت إبني
يوسف بحرص وقوة وحكمة قام وأخذ ربه ومريم وسالومي
ونزلوا إلى كورة مصر بتسامح قلب من وجه هيرودس
وأيضا هربت الشياطين وقواتها الشريرة وتحطمت الأصنام أمام ملك المجد
ملك الدهور تجسد وتأنس ودخل تلك المغارة الكائنة بمدينة مصر
كل أسماء غير المتجسدين تسبحك بغير شك بأصوات لا تسكت
قائلين المجد لك يا وحيد الجنس
استمعوا لي يا أحبائي أنه في كورة البهنسا ترك بركته في البئر مع الشفاء والحلاوة
حينئذ إلى الأشمونين وبدد أوثانها وفي تلك المدينة صنع عجائب
وأيضا بفرح ساروا إلى جبل قسقام ومكثوا فيه شهوراً
أوضح الدكتور ماجد: “وبذلك نعرف أن الكنيسة تستخدم الألحان في كل الطقوس الكنسية بغرض حفظ الإيمان وتثبيته ومحاربة البدع ليس فقط في فكر وعقل الإنسان ولكن أيضا في الوعاء الوجداني له، مما يكون له أثراً عظيماً في تهذيب السلوك الإنساني وذلك لإدراك أباء الكنيسة بأهمية الموسيقى في حياة كل البشر لما لها من قدرة على تغيير الميول والانفعالات في الإنسان تبعاً لنوع المقامات والإيقاعات المستخدمة.”
وروى لنا أن الفلاسفة والحكماء قديماً كانوا يحرصون على وضع كل القيم الوطنية والأخلاقية التي يريدون تحقيقها للدولة، في ألحان يتم تحفيظها للأطفال في المجتمع من أجل بناء الدولة على أسس سليمة. وتمنى أن تعود هذه الرؤية لأذهان المسئولين عن التعليم في مصر.
وفي نهاية المحاضرة تم تقديم بعض الألحان الخاصة بهذا العيد بواسطة مجموعة من الموسيقيين والمرتلين.
تأثير رحلة العائلة المقدسة على السياحة الدينية
وجاءت الجلسة الرابعة بعنوان “رحلة العائلة المقدسة لمصر كما صورت في الفن القبطي وتأثيرها على السياحة الدينية” وألقتها الدكتورة ماري ميساك، أستاذ مساعد بكلية سياحة وفنادق جامعة حلوان وعضو لجنة الأثار بالمجلس، حيث بدأت كلامها عن مصر وكيف كانت ملاذاً آمناً للعائلة المقدسة، ودخول العائلة المقدسة لمصر يعتبر أحد الأعياد السيدية الصغرى، ومثالاً فريداً للتراث الدولي الموثق على مر العصور.. وجاء اعتماد بابا الفاتيكان للمسار ومباركته لأيقونة الرحلة المقدسة ليضع مسار العائلة على خريطة السياحة المصرية والعالمية وبهذا يفتح الباب أمام السياحة وخاصة سياحة الحج للازدهار وذلك سيعزز من مركز مصر السياحي على مستوى العالم، ومسار هذه الرحلة يقدم نهج جديد للسياحة الدينية الذي يجمع بين احتياجات لأنواع مختلفة من السياحة القادمة لمصر.
الدكتورة ماري ميساك
ووضحت “ميساك” أن هذه الرحلة موثقة عن طريق المواقع الأثرية الموجودة في المدن المختلفة في مصر وقد صورت بكثرة في الفن القبطي القديم والمعاصر على النسيج والأيقونات والجداريات والمخطوطات وهذا يدل على أهمية هذا الموضوع لارتباطه بحياة السيد المسيح. ومن أشهر الفنانين الذين تناولوا العائلة المقدسة في أعمال الأيقونات كان إبراهيم المصري ويوحنا الأرمني وأنسطاس الرومي والفن الحديث يتمثل في إيزاك فانوس.
من أهم الأيقونات أيقونة موجودة بمسطرد (المحمة) رسم الفنان أنسطاس الرومي وترجع للقرن 19، ونجد في الأيقونة السيدة العذراء بوجه كبير والطفل يسوع يظهر بملابس ملك وعلامة البركة تظهر في يده ويوسف النجار يظهر أصغر حجماً من العذراء.
ومن الأماكن المباركة منطقة المطرية التي توجد فيها شجرة مريم حيث استقرت تحتها العائلة المقدسة ونبت حولها نبات البلسم. ولا ننسى مغارة كنيسة أبو سرجة والمذبح الأول في العالم المصنوع من الخشب وهو حالياً في المتحف القبطي، ومن أيقونات العائلة المقدسة في أبو سرجة أيقونة تظهر فيها سالومي مع العائلة المقدسة والملاك ويظهر أيضا الروح القدس. ومن الجداريات الأثرية في دير أبو حنس في المنيا – وهي الوحيدة في مصر التي تجسد قصة هروب العائلة المقدسة في أرض مصر.
وهذه كلها مجرد أمثلة بسيطة من كنز كبير موجود في أكثر من 12 محافظة بمصر ويملأ المتاحف بثروات عظيمة مصرية تؤكد هذه الرحلة المباركة.
شجرة مريم
منسوجات قبطية من القرن السابع في متحف بألمانيا
جدارية في دير أبو حنس في المنيا
تطوير وتنمية محطات مسار العائلة المقدسة
عرض أستاذ دكتور سامي صبري، عميد معهد الدراسات القبطية ودكتور متفرغ بقسم عمارة بجامعة القاهرة والجامعة الأمريكية، بعض التصميمات المعمارية والعمرانية المقترحة منه لتطوير وتنمية بعض محطات المسار حيث أنه تم تكليفه بشكل رسمي لترميم وتطوير عشر نقاط من المسار.
قال “صبري“: “في أي مشروع من المشروعات يجب إظهار مبنى الكنيسة وتأكيد مكانته في الفراغ العمراني ومعظم المشروعات التي توجد في وسط الأحياء العمرانية يتم عمل فيها عناصر ومكونات تخدم المجتمع المحلي المحيط بالكنيسة، مثل: مستشفى عام أو معمل أو مركز طبي، قاعة متعددة الأغراض، مكتبة، وكذلك يمكن العمل على إنشاء مركز لإحياء الحرف مثل الحياكة والتطريز أو الشغل على النول أو الجريد أو رسم الأيقونات، وخدمات أخرى متعددة هدفها الإرتقاء بالمجتمع المحلي اجتماعياً وثقافياً وصحياً إلى جانب إتاحة فرص عمل أفضل. هذا بالإضافة إلى تنسيق الموقع حول الأثر وتوفير مواقف انتظار للسيارات والأوتوبيسات السياحية، مع تخصيص مدخل خاص لكبار الزوار وتوفير منطقة استعلامات وبيع هدايا تذكارية واستراحة ودورات مياه.”
وتناول الدكتور “صبري” مثال مشروع كنيسة العذراء بالزيتون لعرض المقترح التطوير وشارحاً من خلال مكونات المشروع المفترض أن يكون.
دكتور سامي صبري
كواليس اعتماد بابا روما لمسار العائلة المقدسة
وفي أخر محاضرة في هذه الورشة تكلم الأستاذ نادر جرجس، رئيس إئتلاف تنمية وإحياء التراث ، عن كواليس اعتماد بابا روما هذا المسار. وشرح “جرجس” قائلاً: “تحتفظ مصر ودولة الفاتيكان بعلاقات ودية ومستقرة منذ بدء العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين في مايو 1974، وأهم حقائق توثيق مواقع المسار ومدة إقامة العائلة المقدسة بأرض مصر كانت
بالدراسة التي قامت بها جامعة كولون الألمانية على البردية الأثرية فأثبتت حقيقة المدة الفعلية لهذه الرحلة. والخريطة المعتمدة بتوقيع قداسة البابا شنودة الثالث عام 2000م وضحت النقاط الفعلية على المسار، واعتماد مسار العائلة المقدسة كأحد برامج الحج السياحي الكاثوليكي وزيارة البابا فرانسيس لمصر وصلت رسالة حب وسلام للعالم أجمع لزيارة مصر. ومن هنا تم إعادة مصر للمكانة التي تستحقها فيما يخص البرامج السياحية الدينية الروحية. وأثبتت كل هذه الخطوات أهمية العلاقات والزيارات المتبادلة على مدار السنين بين الشخصيات العامة والفاتيكان.”
توصيات اليوم
وفي نهاية اليوم وضح المهندس شريف مرجان عضو لجنة العمارة، أن هذا اليوم أفرز توصيات من المحاضرات المختلفة ستتقدم بها لجنة العمارة التابعة للمجلس الأعلى للثقافة إلى وزارة الثقافة التى ستقوم بإرسالها بالتبعية للجهات المعنية للاستفادة منها، والتوصيات التي خرجت من هذا اليوم كانت كالتالي:
– إصدار طبعة من كتاب العائلة المقدسة المعتمد من الكنيسة الأرثوذكسية بواسطة وزارة الثقافة ضمن مشروع مكتبة الأسرة. إضافة إلى إصدار كتاب عن كل موقع من مواقع مسار العائلة المقدسة، وطباعة الكتيبات التعريفية باللغات المختلفة.
– إصدار خريطة لمصر مزودة بمواقع المسار ومعلومات وصور عن كل موقع وتكون بعدة لغات.
– إقامة فعاليات ثقافية أثناء الاحتفالات بدخول العائلة المقدسة أرض مصر أول يونية من كل عام.
– دعوة الهيئات المعنية في وزارة الثقافة للتنسيق مع وزارة السياحة إلى:
أولاً تبني مبادرة الاهتمام بتوثيق ونشر الألحان القبطية المرتبطة بعيد دخول السيد المسيح أرض مصر، حيث أنها ألحان خاصة بمصر والكنيسة القبطية وحدها، وتعد من الأثار الصوتية والموسيقية المرتبطة بحقائق تاريخية وعقائدية.
ثانياً تنظيم عرض فني للأداء الحي بشكل فني متقن من أحد الفرق المتخصصة في ذلك مع التنسيق مع هيئة تنشيط السياحة حتى يدرج هذا العرض ضمن برنامج الرحلات السياحية المرتبطة بتتبع مسار العائلة المقدسة كأحد الجوانب الهامة لتنشيط السياحة الدينية في مصر.
– يجب توسيع الخريطة السياحية التقليدية للمواقع الدينية والتراثية لتشمل هذه الأماكن المباركة وما تحتويه من تراث مادي وغير مادي، فضلاً عن إدراج مواقع جديدة لتشجيع الزيارات المتكررة والتوسع في نماذج السياحة التقليدية فهذا سيجذب أنواع مختلفة من السياح، ولعمل ذلك يجب عمل ما يلي:
زيادة عدد الرحلات الجوية المباشرة والرحلات المستأجرة التي تتيح امكانية للوصول إلى معظم أنحاء الأراضي المصرية. إضافة إلى استحداث برامج سياحية جديدة لتشمل بعض أماكن المسار وربطها بالمواقع الأثرية الأخرى القريبة منها، ووضع خطة مدروسة بالتعاون مع شركات السياحة. كذلك الاهتمام بنقاط المسار وتطويرها وتأمين الطرق المؤدية لها وتمهيدها لاستيعاب الأفواج السياحية، وإنشاء فنادق لإقامة الأفواج السياحية واستراحات مجهزة بكل سبل الراحة. ومن ناحية أخرى الاهتمام بالمعلومة التي تقدم للسائح عن طريق اعداد المرشدين السياحين المدربين لشرح هذه النقاط السياحية بدقة. ومن ناحية أخرى التنسيق مع الأديرة لتسهيل الزيارات ومراعاة التوقيتات المناسبة – التي لا تتعارض مع طقوس العبادة داخل الأديرة، وارشادات الزيارة. والاهتمام بترميم الكنائس وصيانتها.
ومن ناحية التسويق السياحي يجب التسويق الجيد لهذه الأماكن في الخارج ليعكس قيمتها الفريدة من نوعها والتي ليس لها مثيل في أي بلد آخر. والتركيز في التسويق لهذا المسار في الدول المهتمة بهذا الحدث مثل أمريكا اللاتينية، مع تنشيط دور المكاتب السياحية والثقافية المصرية في الخارج للتعريف والترويج لهذا الحدث الفريد.
– تبني القيادة السياسية هذا المسار كمشروع قومي وتكليف هيئة الإدارة الهندسية إسوة بالمشاريع القومية بالعاصمة الإدارية ومدينة الجلالة. على أن يتم تفعيل الميزانية السابق اعتمادها من صندوق السياحة لهذا المشروع وهي خارج موازنة الدولة. وكذلك تشجيع القطاع الخاص والمنظمات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة في احياء هذا المشروع القومي.