هي فنانة جميلة من الزمن الجميل أثرت الشاشة المصرية بفنها مما لها من طلة سينمائية مميزة بجمال ملامحها وأناقتها،
تميزت في أدوارها التمثيلية بالرومانسية في بداية عملها وحينما تقدمت في العمر تميزت أيضا بتقديم الأدوار الشريرة، اشتهرت بالشخصية الاستقراطية وهي بالفعل كانت في صباها تعيش متنعمة في حياة القصور والسرايات والرفاهية.
فبالرغم من جمالها وأناقتها ووصولها إلى أعلى سلم المجد والشهرة صعب عليك عزيزي القاري أن تتخيل أو تتوقع ما وصل بها الحال في آخر محطات حياتها ونهايتها الموثرة، إنها الفنانة الراحلة القديرة التي نتذكرها بهذه الايام في ذكرى ميلادها لكي نبحر في قصة حياتها ونتعرف على سيرتها الذاتية الموثرة والشيقة والماسأوية أيضا…هي الفنانة القديرة الاستقراطية “أمينة شكيب”
مولدها ونشأتها :
أمينة شكيب من مواليد ٢٥ ديسمبر عام 1913
وكانت شقيقتها الكبرى هي الفنانة زينب الشهيرة والمعروفة باسم “زوزو شكيب”، وكانت من عائلة كبيرة وثرية تعود إلى الأصول الشركسية، حيث عاشت أمينة حياه القصور والسرايات، وكان والدها يعمل مأمورًا قسم بمنطقة حلوان، أما والدتها فكانت سيدة آرستقراطية تتقن العديد من اللغات منها اليونانية والألمانية والتركيةو الإيطالية، أما جدها فكان ضابطًا بالجيش حينا ذاك في عهد الخديوي إسماعيل
بداية دراستها :
بدأت أمينة تعليمها عندما التحقت بمدرسة العائلة المقدسة الكائنة بحلوان ولكنها لم تكن متفوقة في دراستها وبالرغم من عدم تفوقها إلا أنها استطاعت اكتساب وإتقان اللغتين الإسبانية والفرنسية، وعلى الرغم من الحياة المرفهة التي عاشتها أمينة، إلا أنها لم تشعر بالسعادة.
فكانت معاملة والدها لها متشددة جدا، فكان يمنع أمينة واختها زوزو من الخروج نهائيا من المنزل إلا في حالة واحدة وهي الذهاب للمدرسة فقط.
بداية حياتها :
بدأت حياة أمينة شكيب هادئة ومستقرة ومرفهة حتى تغيرت حياتها بشكلا سريع ومفاجئ بعد وفاة والدها ولم تكن وقتها قد تجاوزت الثانية عشر من عمرها، حيث دخلت والدتها في صراع عنيف مع أسرة الزوج على الميراث، حيث طلبوا منها تسليم أمينة وزينب، لكي يتولوا رعايتهم وهو ما رفضته الأم بشكل قاطع وترتب على ذلك حرمانهم من الميراث، مما أدى إلى اضطرار الأم للنزول للعمل، حتى تتمكن من توفير لقمة العيش لها ولإبتيها.
زواجها من إبن شقيقة إسماعيل باشا :
فبعد وفاة والدها تقدم لزوجها إبن شقيقة إسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء، فعلى الرغم من أنه يكبرها بنحو ٢٠ عامًا، إلا أنها وافقت على الزواج منه، وكانت سعيدة جدا فكانت في مخيلتها أنها ستعيش حياتها بحرية وتتمكن بسهولة من الذهاب للسينما، وهو الأمر الذي كان يرفضه والدها بشكل قاطع، إلا أنها فوجئت بأن زوجها أكثر تشددا من والده فمنعها من الخروج بشكل نهائي، ولم وبعد ثلاثة أشهر من الزواج، تزوج من آخرى، وترك أمينة في المنزل وهي في بداية شهورحملها الأول، فلم تتحمل هذه الصدمة ترتب عليها إصابتها بحالة من الشلل المؤقت، ونُقلت لمنزل والدتها لتلقي العلاج، وبعد امتسالها بالشفاء طلبت الطلاق من زوجها قبل أن تلد طفلها الأول، وعلى الرغم من رفضه في البداية، إلا أنه مع إصرارها على الانفصال، لم يجد حلًا سوى تنفيذ طلبها.
حياتها بعد الانفصال من زوجها
قررت أمينة بعد الانفصال أن تتمرد على نمط حياتها الماضية لكي تعيش بحرية دون قيود وتسلط، فاتجهت الي العمل بالفن، خاصة أنها تعشقه منذ طفولتها، فانطلقت تتجول بين الاستديوهات والمراكز الثقافية، حتى وجدت فرصتها الأولى من خلال جماعة التمثيل والسينما، فانضمت لها وتدربت فيها لفترة،
أسست فرقة تمثيلية خاصة بها :
فبعد تدريبها علي التمثيل أسست فرقة تمثيلية خاصة بها، وعمل معها مجموعة من الفنانين الكبير حينا ذاك مثل زكي رستم وأحمد علام، وقدمت أول رواية لها من خلال الفرقة وهي “فيوليت”.
إنضمامها إلى فرقة نجيب الريحاني :
فبالرغم من عدم نجاح الرواية الأولى إلا أنها لم تفقد الأمل فذهبت مع شقيقتها إلى نجيب الريحاني، فضمهما لفرقته، فكان الريحاني صاحب الفضل الأكبر على ميمي شكيب.
فهو الذي علمها كيف تنطق الكلمات وكيف تحفظ أدوارها وكيف تستطيع مواجهة الجمهور على خشبة المسرح، وفي خلال فترة قصيرة أصبحت ميمي شكيب بطلة الفرقة، وقدمت عدة مسرحيات منها “حكم قراقوش وقسمتي” ومن أهم مسرحياتها التي قدمتها مع الفرقة مثل ” الدلوعة” وحققت من خلالها نجاحًا كبيرًا.
دخولها في علاقات عاطفية بعد شهرتها والعلاقة الأولى:
فبعد شهرتها أصبح لديها العديد من المعجبين و دخلت في أكثر من علاقة عاطفية من ضمنها علاقتها مع أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي منذ أن شاهدها في مسرح الريحاني وبعدها تعددت اللقاءات بينهم، ولكن لم تستمر تلك العلاقة كثيرًا، إذ علمت الملكة نازلي بالأمر، فطلبت من الريحاني طرد ميمي شكيب من الفرقة، وعدم استقبال أحمد حسنين، وعندما رفض تنفيذ طلبها، أرسلت له تهديدًا بالقتل، فلم تجد ميمي شكيب حلًا سوى أن تقطع علاقتها بأحمد حسنين، حيث انها لا تستطيع منافسة الملكة على حبه.
علاقتها العاطفية الثانية بالاقتصادي الكبير أحمد عبود باشا :
فبعد إنهاء علاقتها بحسنين باشا ارتبطت عاطفيًا بالاقتصادي الكبير أحمد عبود باشا الذي أغرقها بالهدايا، وتعددت مغامراتها العاطفية
قصة زواجها للمرة الثانية :
فعندما أصبحت ميمي شكيب حديث الصحف نتيجة علاقتها العاطفية المتكررة فقررت أن تتزوج مرة أخرى من رجل الأعمال “جمال عزت” الذي اصبح الزوج الثاني في حياتها، إلا أن هذا الزواج لم يستمر لفترة طويلة وتم الانفصال بسبب غيرته الشديدة عليها.
دخولها ونجاحها في العمل السينمائي :
بعد نجاحها في العمل المسرحي أرادت أن تحقق نجاحًا آخر في العمل السينمائي، وكان أول أفلامها عام 1934 في فلم ” ابن الشعب” وكان دورها في الفلم هو دور “أبنة أحد الباشوات ” التي تحب شابًا فقيرًا جسد دوره الممثل “سراج منير” ولكنهما يفشلان في الزواج بسبب رفض والدها لتلك الزيجة، نظرًا لفارق المستوى الاجتماعي، فيكافح الشاب الفقير ويجتهد، حتى يصبح محاميًا معروفًا ويتزوج حبيبته.
تحول قصة دورها في الفيلم إلى قصة حب حقيقية :
وأثناء دورها في الفيلم أمام سراج منير تحولت قصة الحب في الفيلم إلى قصة حب حقيقية بين ميمي شكيب وسراج منير، ومع نهاية الفيلم، كان سراج منير يطلب من ميمي الزواج، الأمر الذي أسعدها بشكل كبير، وشعرت أنها وجدت أخيرًا الحب الحقيقي في حياتها، ولكن سعادتها هذه المرة أيضا لم تكتمل، بسبب رفض أسرتها لتلك الزيجة، لأن أسرتها كانت تريد لها العودة لزوجها ووالد طفلها، فلم يكن أمامهما سوى الافتراق، حتى جمع القدر بينهم مرة أخرى بعد ثلاث سنوات، من خلال اشتراكهما سويًا في فيلم “الحل الأخير” ولم يكن سراج منير قد نسى حبه لميمي شكيب، فكرر سراج طلبه مرة أخرى، فوافقت أسرتها هذه المرة، ولكن الغريب هذه المرة أن أسرته هي من عارضت زواجه بشدة، لأنها كانت ترفض زواجه بفنانة، مما أدى إلى لجوء سراج منير لصديقه نجيب الريحاني حيث كان الريحاني متعاطفًا بشدة مع قصة حبهم،
فتوسط أكثر من مرة إلى أسرة سراج منير، ليقنعهم بالموافقة على هذاة الزواج، وبعد محاولات مريرة منه استمرت سنوات، وافقت الأسرة وتمت الزيجة عام 1942، وعاشا زواجهما وحبهما معا طيلة 15 سنة في سعادة غامرة بينهما، واشتركا معا في العديد من الأفلام، قدما خلالها دور زوجين أو حبيبين مثل فلم “بيومي أفندي” وفيلم “نشالة هانم” و “دهب” و”ابن ذوات” او “كلمة حق”
حزنها على وفاة زوجها وحبيبها سراج منير :
توفى سراج منير إثر إصابته بأزمة قلبية عام ١٩٥٧ فحزنت عليه ميمي جدا جدا، حتى قررت ميمي شكيب عدم الزواج من بعده، وبعد وفاة زوجها قررت التركيز والاهتمام في عملها فقط.
وقدمت “ميمي” خلال مشوارها السينمائي عشرات الأفلام، وقد حاول المخرجون حصرها في أدوار معينة مثل السيدة الأرستقراطية الشريرة وأيضا مثل زوجة الأب القاسية، والحماة الطاغية ، إلا أنها كانت أحيانا تحاول الخروج من هذا النمط، فقدمت أدوارًا أخرى ولكنها تميزت وأحبها الجمهور في أدوار الشر، ومن أشهر أفلامها التي كانت علامة في تاريخها. “دعاء الكروان” وجسدت فيه دور “زنوبة المخدماتية” وحازت عن دورها في هذا الفيلم جائزة أفضل ممثلة دور ثاني، وأيضا فيلم الحموات الفاتنات الذي برعت من خلاله في تجسيد دور الحماة الأرستقراطية وذلك الدور كان مع ماري منيب التي شكلت معها بمثابة دويتو كوميدي لا ينسى في أذهان المصريين، ومن أفلامها المميزة الأخرى “سي عمر و “ليلى بنت مدارس” و “شاطىء الغرام ” و”القلب له واحد” و”علموني الحب” والعديد من الأفلام والادوار التي أدتها.
على الرغم من تقدمها في السن، لم تستطع ميمي شكيب الابتعاد، وكانت ميمي تحب الحياة الصاخبة التي تعودت عليها في شبابها، فكانت لها حفلات يومية تقيمها في منزلها، ويحضرها عدد من كبار مسؤلي الدولة وأثرياء المصريين والعرب والعديد من الفنانات.
إتهامها بالقضية الشهيرة إعلاميا باسم “الآداب الكبرى” :
ففي عام 1974، تم القبض عليها مع مجموعة من الفنانات الشابات الذين كانوا يحضرون حفلاتها باستمرار، بتهمة إدارة منزلها وهي القضية التي عرفت وقتها إعلاميا باسم “الرقيق الأبيض” أو “قضية الآداب الكبرى”،
وحظيت هذه القضية باهتمام إعلامي كبير لم يحدث من قبل، فكانت الصحف تفرد مساحات واسعة مما ضاعف كم مبيعاتها بشكل كبير. لها لمتابعة تطورات القضية، وتميزت صحيفة “المساء” بشكل خاص بمتابعة أحداث القضية حيث تصدر عددها رقم 6271 بتاريخ 23 يناير 1974 بعنوان “بدأت صباح اليوم محاكمة أفراد شبكة “الرقيق الأبيض التي تتزعمها الفنانة الشهيرة أمينة شكيب”،
وكانت جلسات المحاكمة تشهد حضور عدد من المراسلين الأجانب، بالإضافة لآلاف المواطنين العاديين، الذين كانوا يحتشدون حول قاعة المحكمة، مما دفع القضاء إلى جعل الجلسات سرية، مما أشعل فضول الجميع أكثر، وبعد حوالي 170 يوم من المحاكمة، حصلت ميمي شكيب وكل المتهمات معها على البراءة، وكانت من حيسيات الحكم : عدم ضبطهن في حالة تلبس، حيث تم إلقاء القبض عليها وهي في حالة عادية جدا.
ظلت ميمي شكيب محبوسة طوال فترة المحاكمة، وهي تبكي طوال الوقت في محبسها وكانت توكد دائما طيلة سجنها أنها مظلومة، وأن قضيتها ملفقة.
دخولها مصحة نفسية بعد حصولها على البراءة:
بعد حصول ميمي شكيب على البراءة فلم تكن تلم البراءة كافية لتبرئتها أمام الشعب المصري، ولذالك ظلت ميمي تعاني من تلك التهمة، فدخلت مصحة نفسية عدة أشهر، وبعد خروجها من المصحة لم تستطع مواصلة حياتها بشكل عادي، حيث ابتعد عنها الفنانون والمخرجون، ولم تقدم بعدها سوى أعمالا قليلة، وأدوارا لا تليق بمكانتها الفنية، وكان آخر أفلامها عام ١٩٨٢ في فلم “السلخانة”، ونتيجة لظروفها السيئة التي اضطرتها أن تقدم على معاش استثنائي من صندوق معاشات والفنانين بوزارة الثقافة.
نهاية ميمي المؤسفه بإلقائها من شرفة منزلها:
حيث جاءت نهايتها في يوم ٢٠ مايو ١٩٨٣ بقتلها وإلقائها من شرفة شقتها بوسط البلد، ولم يعرف وقتها من القاتل ومن مرتكب الجريمة، وأخذت الشائعات و الأحاديث تتردد حينا ذاك، بأنه تم التخلص منها من قبل بعض رجال السياسة، ممن كانوا يشاركون في إدارة شبكتها، وقيدت القضية ضد مجهول.