قررت شركة فيس بوك إنشاء ما يسمى بـ”غرفة الحرب” للتركيز على تنقية وفلترة “فيس بوك” من الحملات المركزة التي تستهدف الرأى العام الأمريكي قبل انطلاق الإنتخابات، وقامت شبكة CNBC الأمريكية بجولة داخل هذه الغرفة للتعرف على أساليب العمل وكيفية مكافحة طوفان الأخبار الزائفة، وهي الجولة التي نستعرضها في السطور المقبلة.
للتخطيط المسبق لمواجهة المشاكل
ويقول “ساميد شاكرابارتى” المسؤول عن فريق متابعة الانتخابات والتفاعل الجماهيري في فيس بوك: “لقد نفذنا الكثير من السيناريوهات المتخيلة و”ألعاب الحرب” داخل “غرفة الحرب” للتخطيط المسبق لمواجهة أي مشاكل يمكن أن تعترض الطريق، لقد تدربنا كثيرا وانتهينا من التدريب لنرى كيف سيمكننا اكتشاف تلك الألعاب في الوضع الحقيقي، وكيف يمكن أن نتخذ قرارات سريعة، وكيف يمكن أن نتحرك بسرعة للتنفيذ”.
إنها غرفة بلا نوافذ، تضم نحو 24 مكتبا، وستة شاشات ضخمة تعرض الأخبار التليفزيونية، وتغريدات تويتر، وعدد آخر من الشاشات التي تبطن الجدران لتتبع “الترندات” على فيس بوك وسلوكيات جمهور المستخدمين غرفة الحرب- الأولى من نوعها- لمنصة “فيس بوك”، تم تصميمها لمنع إمكانيات التلاعب بنتائج الانتخابات، بتحسين عمليات مشاركة البيانات عبر أنحاء الشركة، وتمكين صانع القرار من التحرك بسرعة كبيرة. تبلغ مساحة الغرفة ما يقرب من 900 قدما مربعة (275 متر مربع)، وسمحت فيس بوك مؤخرا للصحفيين بزيارتها باعتبارها مثالا حيا لالتزام الشركة الفعلي بالعمل على تحسين الاتصالات والأمن المعلوماتي.
وقبل ثلاثة أسابيع من انطلاق انتخابات التجديد النصفي، وحتى في وقت أقل من هذا قبل انتخابات الرئاسة البرازيلية، كانت هذه الغرفة هي مركز “فيس بوك” الرئيسي للعمل على تحديد مراكز انطلاق المعلومات الزائفة، وإغلاقها في أسرع وقت.
وقالت الشركة إن المزيج الحالي من التقنيات المتطورة، بالإضافة إلى فريق عمل مكون من 20 ألف موظف يركزون على عمليات السلامة والأمن تمكنوا من منع تكرار عملية التلاعب الواسعة التي أحاطت بانتخابات 2016 الرئاسية.
قبل الانتخابات، كانت غرفة الحرب تعمل منذ الرابعة صباحا حتى منتصف الليل، ولكن مع اقتراب الانتخابات عملت الغرفة على مدار الساعة في كل أيام الأسبوع مع وجود ممثلين لجميع قطاعات الشركة المختلفة ضمن فريق الغرفة.
في كل وقت كان يتواجد ممثلين من أقسام: واتس آب، انستجرام، العمليات، هندسة البرمجيات، علوم البيانات، عمليات الأبحاث، الإدارة القانونية، السياسات، والاتصالات. وخلال وجود الفرق كانت تتم مراقبة الاحصاءات والرسوم البيانية المتعلقة بسلوك المستخدمين على فيس بوك وباقي التطبيقات المختلفة التي تمتلكها الشركة.
مشيرا إلى أن استخدم الفريق تقينات “تعلم الآلة” و”الذكاء الصناعي” لمراقبة القفزات التي يمكن أن تشير إلى انتشار خطاب كراهية، أو معلومات مضللة، أو أي محاولات لقمع الناخبين.
التلاعب بالمناقشات
قال ناثنيال جليشر رئيس قطاع الأمن السيبراني في فيس بوك: إن هدف الشركة أن تكون الانتخابات عادلة، وأن يكون النقاش حول القضايا الانتخابية نقاشا “أصليا”.. وأن المخاوف الأساسية كانت تتعلق بأي نوع من الجهود الأخرى التي تهدف للتلاعب بهذا الإطار.
وأضاف: قبل انطلاق التصويت في الانتخابات البرازيلية، رصدت الشركة جهودا يبذلها البعض لمنع المصوتين من المشاركة، ونجحت فى إغلاق مصادر هذه العمليات بسرعة، وتعود تلك القدرة على الحركة السريعة إلى وجود العديد من الفرق والقطاعات المختلفة فى غرفة واحدة.
كما أضاف: “بوستات من نوعية أنه بسبب الاحتجاجات سوف يتم تأجيل التصويت لمدة يوم”، يستكمل شاكرابارتى، “هذا الأمر لم يكن صحيحا، كان كاذبا بالكامل، ولذا كان بإمكاننا رصد مثل هذه الأشياء باستخدام الذكاء الصناعي ولغة الآلة.
تم تنبيه غرفة الحرب للموضوع، وفحص خبراء البيانات ما يقف ورائها ثم مرروا المعلومات إلى خبراء الهندسة والعمليات بالشركة للقيام بحذف هذه المعلومات من المنصة الاجتماعية ومن مراكزها الأساسية قبل أن تنتشر على نطاق واسع….حيث قامت “فيس بوك” بجمع الفرق المختلفة التي تعمل على الانتخابات الأمريكية، مع تلك التي تعمل على الانتخابات البرازيلية لأن مكافحة ما يسمى باللاعبين السيئين هي مشكلة عالمية لا تنتهي.
وأضاف: كانت الفكرة وراء عملية الدمج أن الفرق المختلفة يمكن أن تتبادل المعلومات فيما بينها حول أحدث التكتيكات التي يمكن ملاحظتها على الشبكة، ومشاركة أفضل الممارسات لمنع هذه التكتيكات.
وحذر “جليشر” من أن فيس بوك يلاحظ جهودا متزايدة على نطاق واسع للتلاعب بالمناقشات الطبيعية التي تدور بين المشتركين، وذلك كلما اقتربت مواعيد سياسية مهمة مثل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، “من أهم الأسباب التي دعتنا لتشكيل هذه الغرفة وتشغيلها، هو التطور المتلاحق لهذه التهديدات، وأننا لم نعد فقط بحاجة للرد عليها بسرعة، ولكن نحن أيضا بحاجة لزيادة معدلات السرعة في الاستجابة لمواجهة هذه الأخطار، ليس ذلك فقط، ولكن أيضا لجعل هذه الاستجابة السريعة أكثر فعالية وكفاءة”، ويقول جليشر أن الأمر لا يتعلق فقط بمحاولات التدخل القادمة من دول أجنبية، ولكن هناك أيضا عدد من اللاعبين السيئين من داخل الولايات المتحدة الذين يعملون على إخفاء هويتهم، واستخدام حسابات زائفة والتلاعب بالمحتوى المنشور على الشبكة بهدف زيادة انتشار الأخبار الكاذبة.
وأوضح، إن قرار فيس بوك بالسماح للإعلام جاء دخول هذه الغرفة تأكيدا للإعلان السابق الذي قالت فيه إنها ستحذف أي بوست يهدف لقمع المصوتين ومنعهم من المشاركة في التصويت، وذلك بدلا من تحجيم انتشاره كما كان يحدث سابقا، ويقول شاكرابارتي: “هذا الوضع سيكون دائما سباق تسليح، لأن الأعداء الذين نواجههم والذين يبحثون عن فرصة التلاعب بالانتخابات ممولون بشكل جيد ويتسلحون بأحدث التقنيات، وهذا هو السبب الرئيسي وراء قيام الشركة باستثمار مبالغ ضخمة في كل من البشر والتكنولوجيا لنسبقهم بخطوة ونواصل تأمين منصاتنا التي يستخدمها مئات الملايين من البشر”.
ويأتي ذلك مع تصاعد الاتهامات التي تحاصر شبكة “فيس بوك” باعتبارها المنصة الأولى لنشر المعلومات الزائفة، والتلاعب بالرأي العام، اتخذت المنصة العديد من الإجراءات المختلفة لمكافحة هذا الوباء، ومع المخاوف الكبيرة التي تراكمت قبل إجراء انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، الشهر الماضي، من أن تؤثر الحسابات المزيفة ومزارع “البوت” Bot على نتائج الانتخابات كما حدث في الانتخابات الرئاسية التي صعدت بترامب إلى المكتب البيضاوي.
كما يأتي هذا العرض العملي لجهود فيس بوك الداخلية بعد سلسلة طويلة من الخروقات الأمنية، واختراقات الخصوصية والتي تعود إلى عمليات التلاعب الروسي بانتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016. ومنذ الإعلان عن فضيحة “كامبريدج أنالاتيكا” الخاصة بتسريب بيانات المستخدمين في مارس الماضي، هبطت أسعار أسهم الشركة بنسبة 14%, والآن، فإن عملاق الشبكات الاجتماعية يحشد كل الجهود لمنع حدوث كارثة أخرى.