إن الخيانة الزوجية تسبب طعنة العمر في قلب الإنسان، ونقد لأصدق عهد قطعه الشخص مع شريكه الذي اختاره من بين الكثيرين ليقاسمه الحياة بحلوها ومرها، وقد تصل نتائج الخيانة الزوجية إلى أبعاد خطيرة جدا حيث تدمير البيت وضياع مستقبل الأبناء، ولأن القضية أصبحت تشغل الكثيرين مع زيادة معدلات الخيانة الزوجية كان على “وطني” أن تلتقي بالقس بطرس سامي الكاهن بكنيسة مار مرقس بالمعادي لنجري معه هذا الحوار:-
* عندما كنا نتحدث عن الخيانة الزوجية من قبل كنا نتحدث في إطار ضيق جدا، فكانت المشكلة تخص عدد محدود من الناس لكن لوحظ في الآونة الأخيرة أن هناك زيادة ملحوظة في معدلات الخيانة الزوجية… فلماذا؟
** زيادة المعدلات ترجع إلى عدة أسباب منها؛ إننا نعيش في عصر منفتح جدا ووسائل التواصل الاجتماعي سهلت جدا التواصل بين الناس، ثاني سبب هو وجود الموبيل الذي سهل الاتصال بين أي اثنين في أي وقت وأي مكان فكانت الوسيلة الأولى هي الخطابات، ثم الهاتف الأرضي الذي كان يصعب من خلاله تواصل اثنين على علاقة في أمان دون أن يعرف أفراد أسرتيهما، ولكن أصبح الموضوع الآن سهل، حيث أصبح من الممكن أن يتواصل الإنسان مع أي شخص آخر دون أن يعلم أحد بذلك، أما عن السبب الثالث الذي أدى إلى زيادة معدلات الخيانة الزوجية هو الانحدار العام في الأخلاق وليس في الأخلاق فحسب ولكن في كل نواحي الحياة بشكل عام، حيث أصبح الذوق العام في انحدار مستمر، فعلى سبيل المثال أصبح هناك انحدار في مستوى الأغاني والأفلام السينمائية، وبقي الانحدار الأخلاقي هو الشئ المألوف والمعتاد والشئ النادر هو الاستقامة والخلق الحسن.
* هل هناك مستويات أو أنواع للخيانة الزوجية؟
** السيد المسيح قال من نظر إلى امرأة فاشتهاها فقد زنا بها في قلبه، فعندما أحب السيد المسيح أن يعرف خطية الزنا لم يضعها في إطار الجسد، بل وضعها في مجرد النظرة الشهونية؛ لأن النظرة الشهونية يليها فكر تتبعه خطة، ثم تعاملات وتفاعلات ثم تأتي الخطية الفعلية، فالخطر الحقيقي أننا نتخيل أن الخيانة هي فقط التي تحدث بالجسد، بل مجرد النظرة غير البريئة تجعل القلب والفكر يزنيان، فالمسيحية ليس بها الكبائر والصغائر لأن النظرة الشهونية تعادل الزنا الفعلي.
* ما الذي يدفع الإنسان إلى خيانة شريك حياته؟
** كل مستويات وأنواع الخيانة لها نفس الأسباب فأي إنسان في الدنيا حرم من الحب ولديه جوع له يلجأ إلى أن يشبع حبه بطرق غير صحيحة وغير صحية فيدخل في علاقات سواء علاقات عاطفية أو علاقات واصلة إلى مستوايات جسدية، أو حتى ممارسة الزنا الإلكترونية “مشاهدة الأفلام الإباحية”، حيث يلجأ الإنسان إلى هذه الخطايا ليشبع احتياجه للحب، فأي إنسان حرم من الحب من أحد أبويه يحاول تعويضه عندما يكبر، فالطفل الذي لم تحتضنه أمه وتقبله وتمتدحه كثيرا وهو صغير نجده عندما يكبر يبحث عن امرأة تعطيه حب ومشاعر، والطفلة التي لم يحتضنها ابيها ويدللها ويداعبها ويلامس شعرها ويثني على مظهرها ويمتدح تصرفاتها عندما تكبر يكون لديها جوع لهذه المشاعر وهذا النوع من المعاملة، وعندما ويصادفها شاب ويعاملها بطريقة بها اهتمام وحنان حتما ستقع في حبه أيا كانت ظروفها وأيا كان هذا الشخص، ولتوضيح ذلك دعونا نتخيل أن شخص والدته لا تقوم بطهي أكل في المنزل فنجده حتما سينزل إلى الشارع وسيأكل من أي عربة بطاطا يقف عليها ذباب حتى ولو آلامته بطنه بعد ذلك، فليس لنا أن نلوم هذا الإنسان، ولكن سنقول أنه فعل ذلك لأنه حرم، بالطبع لا يوجد له عذر أنه فعل ذلك فالسيد المسيح وضع لنا الوصايا التي تنهينا عن الخطية؛ لأنه يخشى علينا من توابعا ولكن يجب أن نعرف أن لذلك أسباب، فأول سبب للجوء لهذه الخطية هو جوع الإنسان للحب واحتياجه له، فهو لا يستطيع أن يقيم إذا مكان هذا الإشباع صحي أو غير صحي، وقد وجد الزواج لإشباع هذا الاحتياج للحب، ولكن عندما تكون الزوجة نكدية أو غير مهتمة بمظهرها أو نظافتها أو مانعة نفسها عن زوجها أو عندما يكون الزوج عصبي أو قاسي أو غير متواجد في حياة زوجته أو مشغول عنها بعمله أو لا يفكر سوى في الجسد أو لايراعيها كأنثى قد يتدخل الشيطان، فالزوجة تحتاج إلى مشاعر الحب والاحتواء وكذلك يحتاج الزوج إلى أن تعطيه زوجته مشاعر حب والاحترام، فعندما تختفي هذه الأشياء في الزواج الذي يعتبر المصدر الصحيح لإشباع هذه الاحتياجات قد يلجأ الإنسان لإشباع هذه الاحتياجات بطريقة غير صحية، وهذا غير صحيح وخطية وله توابع سيئة لكن قد تكون هي النتيجة، وعلينا أن نؤكد أن الآفة الخطيرة والتي جعلت الموضوع يزداد هي الأفلام الإباحية التي أصبحت من السهل أن يجدها الشخص حاليا، ففي الماضي كانت لا توجد هذه الأنواع من الأفلام فكان أقصى شيء أن يلجأ شباب ثانوي إلى بعض المجالات التي يحصلون عليها بصعولة ويلتفون حولها ليشاهدوا صورها ويتبادلونها بينهم ولكن اليوم الأفلام الإباحية أصبحت سهلة الحصول عيها حيث يستطيع الشخص أن يحصل عليها بضغطة زر على الكمبيوتر أو الموبيل ليجد أمامه عالم من الإباحية والخطية يعرض أمامه، كذلك أصبح من السهل أن يتواصل مع أشخاص يعملون في مجال هذه الخطية ويحترفون التعامل مع من يريد هذا، حيث يوجد الآن تطبيق يمكن وضعه على الموبيل يوضح الأشخاص الموجودين في منطقته والذين يعملون في هذا المجال ليستطيع التواصل مع أحدهم ويلتتقي به ويرتكب معه الخطية بمقابل مادي معين وهذا التطبيق يشبه “أوبر”، فالشيطان استطاع أن يسهل الخطية جدا مع وجود الإنترنت والموبيل كذلك مع إزدياد احتياج الإنسان، فمن الممكن أن يكون الإنسان محتاج ويشعر بجوع عاطفي ولكن لا يجد الوسيلة لإشباع احتياجاته، ففي الماضي كان من الصعب أن تعرف إمرأة رجل على زوجها حتى ولو وجد الاحتياج كان يتم كبته.
* أخشى عندما يسمع البعض هذه الكلمات من قدسك يلتمسون لنفسهم العذر ولا يشعرون بأي لوم للخيانة؟
إنني وضحت تماما في كلامي الفرق بين كلمة عذر وكلمة سبب، فالكتاب المقدس يقول أنت بلا عذر أيها الإنسان، ولكن يوجد سبب قد يدفع الإنسان لمثل هذه الخطية لأن الإنسان الذي يرتكب هذه الخطية ويشعر أنه مرفوض من الله ومرفوض من أب اعترافه، فلماذا يعود، فنجده يقول “دعوني أعيش فيما أنا فيه” ولكن عندما يشعر أن لديه قبول ويشعر أن أحد يعرف الأسباب التي دفعته لذلك قد يعود عما هو فيه، فكثيرا ما تأتي لي حالات يكون الشخص عرف أحد على زوجته وتكون الزوجة قد عرفت ذلك. وقد أصبحت الأمور على صفيح ساخن ونظل ننتظر بالستة أشهر والسنة والسنتين ونحاول أن نكلمه بالحب، فمجرد طريقة أبونا اللطيفة ونظرة الكنيسة المتفهمة حتما ستعطي الإنسان رجاء وتشعره أن هناك من يحبه ويحترمه فيستطيع أن يتغير بعد ذلك، فلا تقلقي هذه اللغة التي أتحدث بها لن تدفع من لهم خطايا مثل هذا لمزيد من الإنحراف، فالإنسان إن وجد الرفض فلماذا يعود، فالسيد المسيح قال مثل رائع يوضح ما أقصده إلا وهو مثل الحنطة والزوان فيقول الكتاب “دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ” (مت 13-30 )، فلم يطالب بقطع الزوان وترك الحنطة لتنمو بل هو يعلم أن الحنطة عنما ستقوى حتما سيؤدي ذلك إلى سقوط الزوان، فأي إنسان يأتي إلى الكنيسة وهو يقع تحت ضعف خطية معينة مهما كانت بشاعتها، فعلى أب اعترافه أن ينصحه بالصلاة ومداومة الاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة فمادما يأتي ويعترف إذا مازال الباب مفتوحا، فعندما يتم التركيز على تقوية الحنطة ومعاملته بحب وقبول سنسطيع أن نوصل له رسالة إيجابية ويشعر أن صورته حلوة في عين الله وأمام نفسه ومع الوقت سوف يكره الخطية.
* لماذا تحب العديد من الفتايات الرجل ذو العلاقات النسائية المتعددة أو بحسب التعبير الشائع الذي يكون “مقطع السمكة وديلها” ولا يمانعن على الإطلاق من الارتباط به؟
** الذي يرسخ هذا الميل في نفوس هؤلاء الفتايات لمثل هذ النوع من الشباب نوعية التربية فكلما شعر الإنسان بالقيمة وهو طفل صغير في بيت أهله كلما فهم أن القيمة ليست في الأشياء التي يمتلكها أو الأشخاص الذين يرتبط بهم بل في ذاته فهو مميز وجميل ومحترم في أعينهم، فعندما يكبر مهما رأى من بشر لا يفرق معه، ولكن لو كان الأهل يقولون لابنهم “أنت وحش كده ليه… أنت طالع لمين شعرك أكرت”، أو نجد أم تصف ابنتها بأنها “سمراء وقبيحة”، فكلما يشوه الأهل في صورة الطفل في عيون الناس وفي عيني نفسه، كلما شعر بعدم القيمة وحاول أن يشبع هذا الإحساس بطريقة غير سوية، فالفتاة التي تريد الشاب “المقطع السمكة وديلها” هي فتاة أدخلها أهلها في مقارنات كثيرة وهي صغيرة مثل أن يقولون لها “بنات خالتك أجمل منك… إنتي مش طالعة شبه عليتنا ليه” حتى ولو قيلت هذه الكلمات بشكل غير مباشر أو قيلت من الغرباء ولم يدافع الأهل عن طفلتهم، فتخرج الفتاة للحياة وهي لديها شعور دائم أنها أقل من الآخريات، فكيف تثبت أنها أفضل سوى أن تحاول الإستحواذ على ما لهن، فهي وصغيرة قد تحاول أن تأخذ لعبهن وعندما تكبر تريد أن تستاثر بالشباب الذين على علاقة بهن، حيث يعطيها هذا شعور بالانتصار لأنها استطاعت أن تأخذ الشاب الذي تريده كل الفتايات لتشعر بالقيمة، ولكن هذا الشعور يزول سريعا وتريد أن تترك هذا الشاب لتبحث عن غيره ليجدد ثقتها في نفسها كأنها تخطف لعبة من صديقاتها لتلهوا بها زمانا يسيرا ثم ترميها، ولا تمانع أن تكرر هذا مرات عديدة… باحثة عن القيمة والتميز المفقود الذي كان من المفترض أن يشبعه لها والديها منذ نعومة أظافرها، ولذلك وجب علينا كمجتمع وككنيسة أن نشبع أولادنا بالقيمة دون أن يرتبط ذلك بالمظهر أو الشكل ودون أن نجري مقارنات بينهم، فكل إنسان في عيني الله هو أجمل إنسان في الدنيا.
* لماذا تزداد معدلات الخيانة الزوجية بين الرجال في مرحلة منتصف العمر؟
** لقد خلق الله الإنسان ليعيش مراحل عمرية مختلفة، ولكل مرحلة لها سماتها وخصائصها، ففي البداية يعيش الإنسان مرحلة الطفولة من عمر ( 0: 10) سنوات، ثم مرحلة المراهقة التي تنقسم إلى ما قبل المراهقة وهي من (10: 13) سنة، ومرحلة المراهقة من سن (13: 19) سنة، ثم يبدأ الإنسان في مرحلة النضوج ما بعد سن العشرين، فمرحلة الطفولة هي مرحلة الإعتماد على الأهل، أما مرحلة النضوج فهي المرحلة التي أن يجب أن يتحرر فيها الإنسان من الإعتماد على أهله ويعتمد على نفسه وقد ينقلب الأمر ويصبح الشخص هو سند الأسرة الذي يتم الإعتماد عليه في كل نواحي الحياة، ولكي يستطيع الإنسان أن ينتقل من مرحلة الطفولة التي يعتمد فيها على أهله إلى مرحلة النضوج الذي يجب أن يتحول فيها الإنسان لشخص مستقل يعتمد على نفسه جعل الله هناك مرحلة انتقالية بين المرحلتين ألا وهي مرحلة المراهقة وهي تنقسم إلى مرحلة ما قبل المراهقة( 10 : 13) وهي مرحلة البلوغ الجسدي التي يتحول بها الولد من طفل إلى بداية رجل وتتحول الفتاة من طفلة إلى بداية امرأة وتاتي بعدها مرحلة المراهقة التي يجد الإنسان نفسه لم يعد الطفل الذي اعتاد عليه الناس بل أصبح الولد أشبه بأبيه وتصبح البنت أشبه بوالدتها فيشعر الولد أنه منافس لابيه وتشعر البنت أنها منافسة لوالدتها، فيحاول المراهق في هذه المرحلة أن يبذل قصارى جهده ليخرج من جلباب أهله محاولا الاعتماد على نفسه، وأهم ما يشغله في هذه المرحلة أصدقائه ورفقائه فهو يريد طوال الوقت أن يكون معهم ويخرج معهم، فلا يبالي بأهله وخطاطهم وزيارتهم، فكل ما يعنيه أصحابه وأنشطتهم معا، وإذا بقي وقت لديه يرى أهله أين سيذهبون ثم يقرر بعدها إذا أراد أن يذهب معهم أم لا، وكذلك أهم ما يميز مرحلة المراهقة أن بها الكثير من الصعود والهبوط ففي بعض يكون المراهق عصبي واحيانا يصبح إنسانا هادئا، كما تنتابه في احيانا كثيرة نوبات حزن وكذلك يبدو متهللا وسعيدا في أحيان أخرى، كما يبدأ الشخص في هذه المرحلة في الإنجزاب للجنس الآخر فقد نجده يعجب كل فترة بشخص مختلف.
وإذا عاش الإنسان طفولته بشكل سليم ولم يحرم من فترة اعتماده على أهله وأخذ فيها الحب والحنان اللازمين لهذه الفترة، ويكونوا قد حرصوا على إعطائه وقت قيم، ويكون قد دخل عالم الأقران بطريقة صحيحة بالطبع سينمو بشكل سوي وصحي، كذلك عندما يعرف الأهل سمات مرحلة المرهقة والطرق السليمة لاجتيازها ويحتملونه عند عصبيته وعدم طاعته لهم ويشعروه دائما بالحب والقبول ويجعلوه يعيش هذه المرحلة بشكل سوي، فإذا أعجب بفتاة يستمعون له ويتم توجيهه بطريقة لطيفة، لأنه لو حدث إرهاب له سيحدث كتمان وكبت، وسيمتنع عن الكلام في هذا الأمر مع أهله، فيجب أن يكون الأب صديق لإبنه وتكون الأم صديقة لإبنتها وهنا لا أقول أنهم يرحبون بهذه الأفكار مما يجعله يتمادى، ولكن يجب أن يسمعوه ويصادقوه حتى يستطيع الحكي بحرية لكي أستطيع أن أنصحه بحب، ولكي يستطيع أن يعبر هذه المرحلة الحرجة بسلام لأن إذا تم كبت المراهق سوف لا يستطيع أن يعيش مراهقته في موعدها الصحيح مما يجعله عندما يكبر ويتحرر من قيود أهله ويصل إلى الثلاثينات أو الأربعينات من عمره سيحاول أن يعيش سن المراهقة ولكن بشكل متأخر، مثلما نجد من حرموا من عيش طفولتهم يحاولون اللعب بألعاب الأطفال بشغف ويرجع ذلك لأنهم حرموا من اللعب وهم أطفال، كذلك هؤلاء الرجال الذين قد بلغوا منتصف أعمارهم قد يكون بينهم انحرافات أخلاقية وبعض حالات التصابي، وهذا يرجع إلى أنهم لم يعيشوا مراهقتهم بشكل سوي، وتم كبت مشاعرهم في هذه المرحلة العمرية، وإذا جلس أحدهم إلى طبيب نفسي ليحلل شخصيته قد يجد أن جزء من شخصيته توقف عند الثالثة عشر من عمره، فما حدث له في مراهقاته أثر على نموه النفسي مما أحدث انفجار في وقت متأخر وغير صحيح، فلماذا نلومه ونوصفه أنه منحرف وهو مجرد ضحية لأهله الذين كبتوه وجعلوه لم يعيش كل مرحلة في مرحلتها، لذلك لن أستطيع أن أنسى كتاب قد قرأته وأنا في الجامعة بعنوان “دعوني أنموا”، فعندما يقف الأهل في طريق نمو أبنائهم تحدث لهم إعاقة نفسية مثلما تحدث إعاقة جسدية للإنسان إثر حادث تعرض له فتوقف نمو جزء في جسمه .
* كيف للخطيبة أن تكتشف أن خطيبها شخص ذو علاقات نسائية متعددة أو “بعينين زايغة” حسب التعبير الشائع؟ خصوصاً أن الخطبة هي فترة المثالية؟
** لاحظت في بداية خدمتي الكهنوتية وجود مشاكل زوجية كثيرة تذهب للأنبا دنيال أسقف المعادي، فقترحت على نيافته عمل دورات توعية للمخطوبين- كان ذلك من حوالي عشر سنوات ثم انتشرت فيما بعد على مستوى الإيبارشيات، ولكن بعد فترة وجيزة لاحظنا أن 30% أو 40% من المخطوبين يعدلون عن الخطبة بعد حضورهم لهذه المحاضرات، وهذا بالطبع مؤشر صحي وليس شيء مخيف لأن الذين لم يعدلوا عن الخطبة ولم يكتشفوا أنهم غير مناسبين لبعضهما حتما سيصل بهم الأمر للأنفصال بعد الزواج، وعندما رأى سيدنا الأنبا دنيال ذلك جعل هذه الدورات إجبارية للمخطوبين، والحقيقة الهامة التي دائما أوكد عليها للمخطوبين هي أنه “لا يوجد عيب في الشخص الذي تنوي الإرتباط به إلا وسيزداد بعد الخطبة وسيزداد جدا بعد الزواج ولا توجد ميزة فيه إلا وستقل بعد الخطبة وستقل جدا بعد الزواج”، فعندما تأتي زوجة تشكي من أن زوجها يعرف إمرأة غيرها ويخونها وتريد الانفصال منه ولديها أطفال، أول شيء أقوله لها أنها هي السبب لأنها أساءت الإختيار فلا يجب أن تهدم البيت وتدفع أطفالها ثمن سوء اختيارك، فأجدها تقول أن الله الذي أرسله لها وأنها قد سألت أحد الكهنة فأشاد بأخلاقه، وأجدها تتسال “طالما هو إنسان بهذه الأخلاق فلما سمح الله بأن يتمم هذه الزيجة ولم يبعدني عنه؟”، وعندما أسألها ألم يكن هناك أي بوادر لهذه السلوكيات والإنحرافات الأخلاقية وأنتما في مرحلة الخطبة فتقول أنه فعلا كانت نظراته للفتيات غير مسئولة كذلك كانت تجد رسائل من فتايات على هاتفه، فأقول لها أن بذلك يكون الله قد كشف لك الأمر مبكرا؟!!، فلماذا أكملتي .. هل الله دوره أن يمسكك من يدك ويبعدك عنه، فالحقيقة نحن كثيرا جدا ما نكلف الله أكثر مما يفعله، فالله في النهاية أعطانا عقل نفكر به فهو لا يجعلنا مثل ال”robots” يحركنا كيفما يشاء دون أي تفكير أو إرادة، وقد وضعت فترة الخطبة لكي تكشف عيوب الآخر، وعلى كل شخص أن يسأل نفسه هل سيستطيع التعايش مع هذه العيوب وبعدها يأخذ القرار الصحيح فهناك شخص يستطيع تحمل عيب معين ولكن هناك غيره لا يستطيع تحمل نفس العيب، وهناك من يستطيع العيش بدون ميزة معينة في شريك حياته وآخر لا يستطيع الإستغناء عنها في الشخص الذي سيناصفه الحياة، فعلى الإنسان أن يفكر بعقله دون الإندفاع بمشاعره فقط، لأن في مرحلة الخطبة هناك فرصة للبعد عن الشخص غير المناسب وهذه الفرصة ليست موجودة بعد الزواج لأنه لا يوجد طلاق في المسيحية إلا في ظروف معينة استثنائية وقليلة يسمح المجلس الاكليريكي به، لذلك يجب أن يضع الشخص عيناه في وسط رأسه في مرحلة الخطبة .
* إذا قدسك تنصح بالعدول عن الخطبة في حالة اكتشاف أي بوادر لإنحرفات أخلاقية وتصرفات غير سوية مع الجنس الآخر.
** أنا لا استطيع أن أقول ذلك ولا أنصح الآباء الكهنة بذلك لأن ليس من حقهم أن يقولوا لشخص أن يكمل الخطبة ويتزوج من شخص ما أو يعدل عنها، ولكن عليا ككاهن أن أسعاده أن يفكر ويأخذ قرار فأنا أب واولادي جميعهم أخيار في عيناي، فهناك عظة لأبونا بيشوي كامل بعنوان “إيه وحش في الإنسان” فلا يوجد شخص سئ على الأرض فالسيد المسيح نظر إلى المرأة الخاطئة الزانية ورأى فيها أحسن إمرأة في الدنيا، فالكاهن لا يستطيع أن يقول لأحد تزوج هذه أو ابتعد عن هذه.
* حتى لو كانت ابنتك في الإعتراف ؟
** ولو حتى كانت ابنتي بالجسد ليس من حقي أن أقول لأحد أن يتزوج فلان أو يبتعد عن فلان، و إن كنت أعرف خطية معينة عن أحد لا أستطيع أن أشير من بعيد أو من قريب للطرف الآخر بالبعد أو تكملة المشوار، كل ما عليا هو أن أجعل الشخص أن يفكر وأقول له بعض القواعد العامة مثل أن مثل أن بعض السلوكيات والطباع قد تكون قاسية جدا بعد الزواج كالعصبية والعنف والبخل والخيانة والإدمان، فأحيانا تقبل فتاة على الارتباط بشخص مدخن وتأمل أنها تستطيع أن تجعله يقلع عن ذلك وهذا أمر غير مضمون لأن الذي اعتاد أن يدخن علبة سجائر يوميا قبل الزواج سيدخن ثلاثة بعد الزواج، وقد تستطيع أن تجعله يقلع ولكن أنا لا أستطيع أن أتحمل معها قرار المغامرة، بل الأسواء من ذلك قد تقبل فتاة على الزواج بشخص تعرف أنه مدمن مخدرات لمجرد أنها معجبة بيه وتحبه وتؤمن أنها تستطيع أن تدخله مصحة ليستطيع التعافي ولكن تأتي بعد الزواج تعلن فشلها وأنه وصل إلى مراحل صعبة جدا وتريد الإنفصال منه، لذلك عليا في مرحلة الخطبه أن أجعلها تفكر وتعرف خطورة الإدمان والمخدرات، ولكن ليس من حقي أن أقول لها أن تنفصل عنه، فحتى أولادي بالجسد واجبي تربيتهم بشكل سليم وأن أحبهم وأشعرعهم بالقيمة والثقة في أنفسهم ثم أعطي لهم كل الحرية بعد ذلك سواء رغبوا في الزواج أو امتنعوا عنه، وإذا جاء أحدهم ليأخذ رأيي في الشخص الذي يفكر في الإرتباط به، سأقول له عليك أن تفكر بطريقة صحيحه وسأضع أمامه بعض النصائح ثم أتركه ليقرر ماذا سيفعل .
* هناك بعض الكنائس وبعض الآباء الكهنة الذين يخشون على بناتهم من العنوسة أو ارتفاع سن الزواج بين الشباب فيقوموا بعمل ترشيحات لكل من الشباب والبنات للاختيار أو بالمعنى الدارج أن “يوفقوا راسين في الحلال” فما رأي قدسك في ذلك؟
** وماذا بعد مثل هذه الزيجات ….!!؟ فلا أحد من الممكن أن يتخيل كم الملفات الموجودة لدينا في المجلس الإكليريكي بسبب هذه الطريقة، ولكن أنا لست ضد التوفيق فاحيانا يكون شخص أفاقه ضيقه فهو ليس له علاقات ولا يعرف فتايات لكي يسهل عليه الاختيار بسهولة..ولكن أنا ضد أن يظل الكاهن يلح على شخص للإرتباط بفتاة معينة، وكأن الزواج هو الهدف الأسمى في الحياة وإنجاز في حد ذاته، فنصيحة الاب الكاهن لشخص بالارتباط بفتاة معينه أو الإلحاح عليه لكي يتركها يعتبر شئ غير صحيح وغير أخلاقي ويتنافى مع أمانتنا فيما يخص المحافظة على أسرار الناس.
* ماهي أهم البوادر التي توضح للشخص أن شريك حياته على علاقة بغيرة؟ وما هي أهم الأمور التي يجب التغاضي عنها ولا تندرج تحت بند الخيانة؟
** أنا لا أحب أن أقول ما هي بوادر الخيانة الزوجية أو أنوه عن ما يجب التغاضي عنه ولا يجب إدراجه تحت بند الخيانة، بل ما أريد أن أؤكد عليه أنه يجب على كل شخص أن يحرص على تقديم كل الحب لشريك حياته وأن يضع أمامه مثل الحنطة والزوان الذي قاله السيد المسيح وأمر أن يترك الحنطة والزوان ينميان معا لأنه حتما الحنطة عندما ستقوى سيسقط الزوان ولا يبقى له أساس فلو ركزنا على الزوان قد نهدر الكثير من الوقت وقد نفسد الحقل كله، ولكن يجب التركيز على الحنطة، فلو ركزت كل زوجة على تقوية علاقتها بزوجها وقدمت كل الحب له بالتأكيد لن يخونها، كذلك على الزوج أن يجعل بيته في حالة سلام وأن يسرع إلى ما يسر قلب زوحته مثلما قالت الوصية، وكذلك يهتم بها طوال الوقت لأن الإنسان عندما يشعر بالجوع وعدم الاهتمام قد يشبع ذلك بطريقة غير سوية.
* أحيانا كثيرة قد يعيش الشخص بكل ثقة وآمان مع شريك حياته ويفترض أنه ملاك ولكن بالصدفه يكشف خيانته وعلاقته بآخر …. فما تعليق قدسك؟
** لو كان كل شخص يقوم بواجباته نحو شريك حياته وأن يغمره بحبه وحنانه بالطبع سوف لا يحيد ولا يفكر في البعد عنه، ويجب أن نعرف أن واجب كل زوج في حياة زوجته القيام بخمسة أدوار فهو عليه أن يكون أب وصديق وابن وحبيب وزوج، وكل زوجة يجب أن تكون أم وصديقة وابنة وزوجة وعشيقة، فالزوج يجب أن يجد في زوجته أحيانا كثيرة الصديقة التي يحب أن يتحدث معها دون أن يخشى شيء ودون أن تلومه أو تحاكمه أو تتشاجر معه، فإذا لم يصل الزوج لهذا العمق من الصداقة مع زوجته سيبحث عنها خارج المنزل، وكذلك يجب أن تكون أما له عندما يتعب أو يمرض أو يضعف تكون صدر حنون له لكنه لو لم يجدها كذلك سيذهب إلى والدته ولو كانت قد فارقت الحياة أو ليست قريبة له سيذهب لأول امرأة تعطيه حنان ومشاعر أمومة.
كما يجب أن تشعر الزوجة زوجها بأنها ابنته وتحتاج لحبه ورعايته لها ولا تظل تقارنه بوالدها وطريقته معها، وحتى في علاقة الحب بينهم لو لم تكن هذه العلاقة بها شوق وحب سيخيم عليها الروتين والملل، فالزوجة تحمل هم البيت والأطفال وهو يشيل هم الشغل ويسترجع مشاحنات العمل والمشاجرات بينهما على المصاريف وتنظيم الأمور المالية للبيت، فإذا لم يشبع كل طرف الآخر الحب لديه من خلال تأدية هذه الأمور في حياة كلا منهما، حتما قد يتسلل الشيطان ليجعل سبب لميل أحدهما لشخص آخر خارج المنزل، وأنا لا أريد أن أنصح الزوجة بالتجسس أو التلصص على زوجها ولكن عليها أن تقوم بدورها تجاهه.
* هل بالفعل هناك أشخاص بطبيعتهم الخيانة..مهما قدم شركاء حياتهم من حب لهم ؟
** حتى ولو كان الإنسان بطبعة الخيانة فمن المستحيل إذا وجد كل الحب في بيته أن ينظر خارجه، فهل لو وجد الإنسان في بيته أكل صحي ونظيف وذو مذاق حلو سيتركه وينزل للشارع ليبحث عن أي أكل مهما كان مستوى نظافته ومذاقه، فطالما كانت الأم تطهي طعاما جيدا فلما يشتهي الأبناء أكل الشارع.
*في حالة اكتشاف أحد شريكي الحياة خيانة شريكة وتأكد من ذلك… فكيف له أن يتصرف بحكمة؟
** عليه أن يتحكم في أعصابه وأن يضبط غضبه مهما كانت صدمته ولا يحول الأمر إلى شجار ونزاع بل يلجأ إلى الكنيسة ويتحدث إلى ذوي الخبرة في علم المشورة، فلدينا الآن الكثير من الآباء الكهنة والخدام الذين يحترفون التعامل مع مثل هذه المشاكل بسرعة ويقومون بإصلاح ما يمكن إصلاحه، فهناك الكثير من الأزواج الذين حدثت بينهم مثل هذه المشاكل واستطاعوا أن يتجاوزوها، فنحن دائما ضد هدم البيت خصوصا عندما يكون هناك أطفال، وأؤكد على أهمية اللجوء إلى من له وعي وقدرة على التعامل مع الشاكل الأسرية حتى لا يزيد من إشعال المشكلة ويستطيع احتواء الأزمة من بدايتها حتى لا يصل الأمر إلى مراحل صعبة.
* ماذا لو جاء الشخص وطالب بحقه المشروع وهو “الطلاق” بسبب وقوع شريك حياته في زنا فعلي …خصوصا لو كان لديه أدلة على صدق كلامه؟
** حق مشروع !!! هذا الكلمة غير دقيقة، فعلينا أن نعرف كلام المسيح كله في هذا الصدد وأن ننظر للإنجيل بشكل عام ولا نتمسك بآية واحدة فقط، فالسيد المسيح. كما قال لا طلاق لعلة الزنا، قال أيضا :”من ترك امرأته يجعلها تزني”، فالرجل الذي يهمل زوجته نفسيا وعاطفيا ولا يقدم لها الحب في كل صوره التي تحدثنا عنها من قبل قد يفتح للشيطان بابا رحبا ويجعلها تفكر في آخر، وكذلك قال السيد المسيح أيضا إن أخطأ إليك أخوك 7 مرات 70 مرة عليك أن تسامحه ( وهنا يشير للكمال ) لكي نتعلم التسامح وطول الآناه خصوصا مع شريك الحياة لأن الزواج سر مقدس، خصوصا لو كان هناك أطفال عليه أن يفعل المستحيل لكي يبعد شريكه عن الخطية ويعيد شريكه لحضنه ولبيته من جديد، إلا إذا أصبح الأمر مستحيل مثل في حالة تغير المذهب أو أن يكون الشخص قام بالطلاق المدني وغير طائفته وارتبط بآخر ولكن طالما الاثنين مازالوا يعيشون تحت سقف واحد فمازال هناك أمل لترميم الأمور وإعادتها إلى وضعها الصحيح ولكن لا يجب أن نطلق على الطلاق “حق مشروع”
فكل ما كان يحدث قبل ذلك في هذا الاتجاه لم يكن صحيحا.
* ماهي الطريقة المثلى التي يتم بها التعامل الطرف الخائن الذي يقع تحت ضعف خطية الزنا؟
** علينا أن نقدم له الحب والقبول دائما، ويجب أن نؤكد له أن كل إنسان في نظر الله هو أحسن شخص في الدنيا، فالله في سفر النشيد يخاطب النفس البشرية ويقول لها “يا حبيبتي… يا جميلتي… يا كاملتي” رغم كل خطايا الإنسان، فنظرة الله للإنسان كلها حب واحترام دائما، فيجب أن نعلم أن المسيح لا يحب الخطية ولكن يحب الخطاة جدا، فهو يحب الإنسان الخاطي
وهو خاطي فهو لا يحبه بشرط أن يتوب يل يحبه في كل أحواله، فنظر السيد المسيح للساميرية التي أخطأت مع كثير من الرجال بكل الحب والاحترام وأحساسها بالقيمة واستطاع أن يحتويها ولم ينتهرها ولا يضجر في وجهها مما حول حياتها، لأن من يسقط في هذه الخطية قد يكون لم يشعر بقيمته من أهله وعندما تزوج لم يشعر بقيمته مع شريك حياته.