فيلم أوقات عصيبة في إل رويال Bad Times at the El Royale 2018 يقدم دراما سريعة ومثيرة.. مليئة بالمفاجآت.. حول سبعة أشخاص غرباء يلتقون بليلة واحدة في فندق إل رويال” .. يقود كل شخص فيهم ماضي مظلم أو مؤلم .. لتصبح هذه الليلة مصيرية في حياة كل منهم ..
والفيلم يبدو لأول وهلة أنه قائم على الغموض والتشويق الإثارة فقط .. ولكنك تكتشف في ثلثه الأخير أنه يناقش قضية أكبر وأعمق بكثير من خلال هذه الدراما المثيرة والأحداث التي لا تخلو من عنف وقتل.. ألا وهي قضية شكل ومغزي وعمق الحياة لهؤلاء الذين لديهم إيمان بالله.. وله مساحة راسخة من الثقة به في حياتهم .. وهؤلاء الذين يعيشون الحياة ببوهمية شديدة .. لا يؤمنون بشيء .. يعانون الفراغ الروحي والإنساني والوجداني .. ممتلئين من كل ما هو شر وإثم .. لا يتورعون عن تعذيب وقتل وخلق الله الآمنين الآخرين.
كل ما في فندق إل رويال” يوحي بالغموض .. بداية من الخط الأحمر على الأرض الذي يقسم الفندق بشكل افتراضي ما بين ولايتي نيفادا وكاليفورنيا اللتين يقع الفندق على حدودهما.. وتعكس لقطة لنيكسون في تليفزيون شديد القدم ببهو الفندق أن الأحداث تدور في زمن قديم.
وعلى مدار ليلة مصيرية واحدة بالفندق تدور أحداث يكتنفها الغموض وتدفع المشاهد للتفكير الجميل طوال المشاهدة فيما يمكن أن تكون عليه مبررات تصرفات كل من هؤلاء الأشخاص السبعة ، ومن هم الذين سيستطيعون الخلاص منهم من جحيم هذا الفندق ؟
فهناك المغنية السمراء (دارلين) التي تصل للإقامة فيه .. والرجل الذي يدخل بملايس قس كاثوليكي (دانييل) الذي يحاول تخدير المغنية .. فتحدث مفاجأة غير متوقعة .. و(إيميلي) المرأة الشابة الجميلة التي تتمتع بقوة شخصية ملحوظة .. والتي تحتجز (روز) الصغيرة مكممة في غرفتها .. لتظهر بعدها مفاجأة غير متوقعة أخرى.. وكذلك هناك الرجل الذي يفرض نفسه في الحوار على الجميع .. ويصمم أن يأخذ الغرفة الأولى (غرفة العرسان) .. ليخرج فيها ما بداخل شنطة كان يحملها من أدوات وعدد ومفكات مخفية .. وأيضاً تتطور الأحداث معه بشكل غير متوقع .. وهناك الموظف الشاب الوحيد (مايلز) الذي يقوم بكل الأدوار في الفندق .. موظف الاستقبال ، منظف ومنظم الغرف ، ومقدم الطعام .. والذي تبدو قصته الحقيقية بنهاية الفيلم .. مختلفة تماماً عما أوحت به شخصيته طوال الفيلم .. وهناك الشاب الوسيم (بيلي لي) الذي يظهر على مسرح الأحداث فجأة .. لتتحول الليلة في الفندق إلى صراع وقتل ودم ..
أجمل ما الفيلم إخراجه الذي يعتمد على النقلة السريعة لحركة الكاميرا التي تحقق الإثارة بالفيلم ، وعلى الغموض الذكي في النقلة الاستهلالية التدريجية لمشهد جديد ، لتثير معها الذكاء الجميل للمشاهد فيما يمكن أن يحدث أو يوجد مثلاً في غرفة الفندق رقم 5 التي تنتقل الكاميرا إليها بمجرد الإشارة المبسطة المتعمدة لمستطيل فارغ بداخله رقم 5 .. لتحفز المشاهد للمزيد من التركيز ، بأن ما سيراه لابد وأنه ستدور أحداثه بغرفة رقم 5 ، ومن سيكون بها .. وما الأحداث التي ستدور فيها.. !
من المشاهد الجميلة في تصويرها .. مشهد (إيميلي) التي رغم جمالها الأخاذ توحي نظرات عينها بالقسوة والجمود .. وهي تقف شاهرة بالبندقية .. وإصبعها يرتفع وينخفض على الزناد.. مع رتم غناء المغنية السمراء دارلين.. مترددة في قتلها .. وهي تتابعها من خلال زجاج المرآة المزيفة بغرفة دارلين .. مثلها مثل بقية غرف الفندق … والذي ينعكس فيها شادو أو ظلال جسم إيميلي بجانب دارلين في نفس الوقت .. بأسلوب إخراجي متميز.. يوحي بالمزيد من الغموض والترقب !
الفيلم جميل في تحفيز التفكير لدي المشاهد.. فيما الأسباب التي أوصلت كل شخص من السبعة إلى هذه الشخصية التي هو عليها .. بسبب النقلة الفجائية لماضي الشخص الذي تركز عليه الكاميرا.. وكأن الفيلم يريد أن يقول.. نعم جميع الناس لديها ماضِ مؤلم أو مظلم .. ولكن هناك من انحازوا للخير والصواب برغم الظلم والألم الذي واجهوه بحياتهم .. فالاختيار بيد كل شخص .. وليس هناك مبرر للانحياز للعنف أو الشر أو القتل تحت أي مسمى .. كتأكيد على معنى .. (أنت بلا عذر أيها الإنسان..)
هناك لمسات إنسانية رائعة قدمها الفيلم كالموقف الذي كان يحتضر فيه موظف الفندق(مايلز) .. ويشعر بعبء نفسي رهيب أنه سيموت بكل هذا الكم من الأخطاء الشريرة التي ارتكبها في الماضي .. دون أن تكون له فرصة الاعتراف بها .. حتى تتطهر روحه على الأقل من ثقل هذه الخطايا .. فتطلب المغنية السمراء من القس المزيف أن يساعده .. بمجرد جملة ونظرة من عينيها .. وكالعادة سيظن المشاهد أنها تطلب منه العمل على غلق جرج الموظف ليعيش بالأكثر .. ولكنه يفاجئ أن القس المزيف يحاول طمأنة روح الموظف ويحقق له أمله قبل موته .. ويرشم عليه علامة الصليب قبل موته .. عل الله يغفر له خطاياه .. وتستريح روحه عند رقاد جسده.
أذكي ما في الفيلم هي الرسالة التي يقدمها في النهاية عن الله بشكل غير مباشر تماماً .. فالصراع الذي ظل بين الذين لا يؤمنون بشي .. لدرجة أن شخص من السبعة ابتكر لعبة .. جعل فيها فتاتين تتصارعان .. وأسمى واحدة الصواب والأخرى الخطأ .. وأسمى نفسه “الإله” .. الذي لا يكترث بأنهما تتصارعان .. بل وسرق ما يخصهما وهما تتصارعان .. وقال (إن الحقيقة الوحيدة في الحياة .. هي “نحن” .. فنحن آلهة أنفسنا).. ففي المقابل هناك شخصية راسخة قوية .. حتى وهي مقيدة بحبال .. ومهددة بالقتل .. تقول في وجه من يرفع بوجهها المسدس .. (أراك ضعيفاً .. وقد رأيت مثلك الكثيرين .. كل ما تريده هو أن تفترس الضعفاء والبؤساء).. إنها شخصية لديها إيمان قوي بالله الحافظ .. و المخلص الذي يفدي .. دون أية إشارة مباشرة إلى دين بعينه ..أو إلى شخص أو اسم السيد المسيح .. لتقول في النهاية ..
فقط .. اثبت
أنا قادم ..
أنا على وشك أن أخلصك..
Just… hold on
I’m coming
I’m about to save you
# الفيلم من انتاج 2018 ، بطولة : الممثل الشهير جيف بريدجز (دانييل) ، Jeff Bridges ، سيثيا إريفو (دارلين) Cynthia Erivo، داكوتا جونسون (إيميلي) , Dakota Johnson جون هام Jon Hamm ، وكريس هيمسورث (بيلي لي) Chris Hemsworth و الفيلم من إخراج المخرج المبدع “درو جودارد” Drew Goddard .
لينك للقطات من الفيلم https://www.youtube.com/watch?v=y7wzBVARwaU