10 سنوات من المعاناة والألم إلا أنه لم يستسلم أو ييأس بل علي العكس, فلقد سعي بكل جهده وبالرغم من الصعوبات ليبدأ تحقيق ما يتمناه, وحتي الأمنيات التي لم تتحقق, فهو لديه الأمل في تحقيقها, مستقبلا حتي لو تأخرت سنوات.. هشام نادي شاب يبلغ 31 عاما من محافظة الفيوم, حصل علي بكالوريوس الخدمة الاجتماعية من جامعة الفيوم عام 2012, بعد أن أصيب في عام 2008 بشلل رباعي في الأطراف الأربعة.. تحدي الظروف وابتكر طريقته الخاصة للكتابة باللسان.. وبالرغم من ذلك فهو يعمل عملا تطوعيا ولا يزال يبحث عن فرصة عمل لها عائد مادي.
تحدث هشام لباب إحنا معاك, وقال: أتحدي كل الظروف ولدي أمل أن الأفضل قادم بالرغم من الصعوبات, أنا مصاب بشلل في الأطراف الأربعة (شلل فيما يزيد عن 80% من الجسم, وأعيش مع أسرتي, ولقد حدثت هذه الإصابة مساء عيد شم النسيم (28 أبريل 2008), حيث صعقت بالكهرباء وسقطت من علي ارتفاع ما يزيد عن 6 أمتار, وارتطمت مؤخرة رأسي وعنقي بالأرض, مما أدي في الحال إلي شلل تام في الجسم كله ما عدا الرأس بما تحتويه من العينين والأذنين والفم والأنف, وكان ذلك بسبب كسرة الفقرة رقم 4 في الرقبة, مع ضغط حاد من الفقرات الثالثة والخامسة وتهتك للنخاع الشوكي, وعليه تم نقلي إلي مستشفيات سنورس المركزي ثم الفيوم العام ثم دار الفؤاد ثم المعادي التابعة للقوات المسلحة ثم القصر العيني الفرنساوي, والجميع رفض استقبال الحالة لخطورتها ولقلة الإمكانيات اللازمة, إلا أن استقبلتني رعاية مستشفي قصر العيني, وبعدها انتقلت إلي مستشفي الهرم, حيث تم الاتفاق مع طبيب خاص وغرفة عمليات مجهزة وتم إجراء عملية لي وصفها الطبيب بأنها عملية إنقاذ حياة وظللت بالمستشفي خمسة أيام أخري, وعدت إلي منزلنا وما هي إلا سويعات قليلة وبدأت الرحلة وكان أولها غيبوبة استمرت لمدة 11 يوما قضيتها في مستشفي التأمين بالفيوم. وبعد الإفاقة بدأت خطوات الرحلة الواحدة تلو الأخري خطوات كان عنوانها الألم البدني والنفسي ومذاقها بطعم الأدوية والعلاجات والمسكنات, وبدأت معها أقاوم تارة واليأس تارة, ولم تتوقف معاناتي مع حالتي الصحية فحسب بل امتدت إلي تعنت من قبل عميدة الكلية التي كنت ملحقا بها, فقد قررت أن تخيرني ما بين ثلاثة اختيارات بشأن الدراسة إما أن أحضر جميع الأنشطة التعليمية من محاضرات ومحاكات وتدريب أو أن تحول أوراقي إلي نظام التعليم المفتوح أو أن أعيد السنة, وما كان لي أن اختار سوي إعادة السنة قهرا, لأنني لا أستطيع الحضور بسبب الإصابة وتوابعها وإرهاقها المادي والبدني, كما لا أستطيع التضحية بسنتين دراسيتين نجحت فيهما, ومع كل تلك المعاناة نجحت وصنعت من الألم أملا, ووضعت أهدافا وأنجزتها بفضل الله ثم بفضل من معي من الأسرة وبعض الأصدقاء.
واستطرد هشام قائلا: أتممت شهادتي الجامعية في عام 2012 وفي تلك الفترة كنت قد قررت أن أبحث عن ذاتي وعن هدف لحياتي لكي أخرج من دائرة الألم, بدأت في تنمية قدراتي من خلال القراءة والدراسة والبحث, وقررت مشاركة الناس ما وصلني من معلومات وأكثرها من مجال التاريخ, فأسست صفحة علي الفيس بوك باسم سليل الفراعنة وقناة علي اليوتيوب بنفس الاسم, نشرت من خلالهما أكثر من 2000 صورة معلوماتية من المراجع والكتب, وطرحتهم علي شكل معلومات تلغرافية سريعة ومبسطة وموثقة باسم المرجع, كما قمت بإنتاج وإعداد وتقديم وإخراج موسمين 50 حلقة من برنامج حصة تاريخ علي اليوتيوب والفيس بوك, كل ذلك من خلال الكتابة بلساني, حيث أني لا أستطيع التحكم والأمساك بأي شيء فألهمني ربي بطريقة الكتابة عبر اللسان.
وعن ما يتمناه, قال: أتمني أن يتم تفعيل قانون الإعاقة الجديدة بإصدار لائحة تنفيذية جديدة له لا تتعارض مع مواد القانون والدستور, بالإضافة إلي تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة حتي نصبح قوة عاملة وفاعلة بالمجتمع, أما طموحي علي المستوي الشخصي فأتمني أن أنشر كتبي التي قمت بتأليفها وأن أحصل علي فرصة عمل, لأنني للأسف قدمت أوراقي أكثر من مرة لمكتب العمل للحصول علي عمل ضمن 5% لذوي الإعاقة ولكن لا جدوي حتي الآن.