ملحن و مغني مصري وممثلا من الزمن الجميل تربع على عرش الفن في جيله، يُعد رائدًا من رواد المسرح الغنائي بمصر في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين، أسس فرقة مسرحية، خاصة باسمه، عين شيخا للطرق الصوفية ورئيسا للمنشدين.
يعتبر رائد فن الأوبريت فكان صوته يناسب هذا اللون الفني، وهو أول من لحن المارشات والسلامات الخديوية، هو من اُقيم له تمثال في متحف «نابولي» بإيطاليا.
هو الذي اكتشف “أم كلثوم”، وهي طفلة وأحضرها من الريف إلى القاهرة لتصبح كوكب الشرق، هو من ترك للموسيقى العربية تراثا ضخما من المسرحيات الغنائية، وألوانا من الأغاني، إنه من أشادت به الممثلة العالمية “سارة برنار”، وهو من تغنى بألحانه العديد من أشهر المطربين في جيله.
إنه الشيخ سلامة حجازي، الذي ولد بحي رأس التين محافظة الأسكندريه عام ١٨٥٢ وتوفي يوم ٤ أكتوبر ١٩١٧.
وكان والده مركبيا في مدينة رشيد، نزح منها ليستقر في الاسكندرية وتزوج من “سلومة” ابنة أحد مشايخ القبائل وأنجب منها ولدا سماه سلامة تيمنا باسم صديقه “سلامة الراس”. وعندما توفي الأب ترك “حجازي”، وهو يبلغ من العمر ثلاث سنوات و تزوجت الوالدة من رجل بدد أموالها فقاسى حجازي الأمرين على يد زوجها لدرجة أجبرت حجازي على العمل “حلاقا” لينفق على نفسه.
ثم أخذه جده وتولى تربيته ورعايته، وتلقى مبادئ القراءة و حفظ القرأن وبدأ حياته مقرئا وتعلم أصول فن الإنشاد وأوزان النغم، فعندما بلغ الطفل السادسة من عمره حفظ القرآن الكريم وبدأ يشارك المقرئين والمنشدين في الأذكار وبعدها تعلم العزف على “السلامية”. (وهي آلة نفخ تشبه الناي يستخدمها المنشدون فى حلقات الذكر) .
فتعلم الأداء وتعلم فنون الإنشاد وهو لايزال في الحادية عشر من عمره،
تعلم فنون النظم ووزن النغم على يد الشيخ خليل محرم وأخذ يتنقل لأحياء الأفراح والليالي، مما أدى إلى ارتفاع شهرته.
وذلك عندما بدأت النهضة المسرحية في مصر في منتصف القرن التاسع عشر على يد كل من يعقوب صنوع ويوسف الخياط ومارون نقاش وزملائهم، فبدأ الشيخ سلامه بتقديم لون جديد برواية “مي وهوراس” فكانت هذه نقطة تحول وانطلاقة جديدة له في التمثيل وتطور المسرح الغنائي، وبعد سلسله من النجاحات، عمل مطربا وممثلا وملحنا. كما عين شيخا للطرق الصوفية ورئيسا للمنشدين.
وظل يحي الحفلات الغنائية على التخت في الأفراح، ثم كون تختا والتف حوله بعض الشعراء ونظموا له قصائد لحنها بنفسه وتغني بها بصوته، واجتهد أن يقدم القصائد القديمة في قالب جديد.
وفي عام 1882 قامت الثورة العرابية فرحل الشيخ سلامة حجازي وأسرته إلى رشيد (بلدة أبيه)، حيث عمل مؤذنا بجامع زغلول. وبعد صلاة العشاء كان يقوم بإحياء الليالي في القرى المجاورة، وذلك بغناء الموشحات وأدوار الشيخ عبد الرحيم المسلوب وعبده الحامولي ومحمد عثمان.
وفي عام 1883 وبعد انتهاء الثورة، عاد الشيخ سلامة إلى الإسكندرية مسقط رأسه بعد أن ذاع صيته في الحفلات الشعبية والموالد، وأصبح مطلوبًا من أهالي الحي لتلاوة القرآن والتواشيح والأدعية الدينية، لكنه لم يتوقف عند ذلك فحاول نقل فنونه إلى المسرح فأسس فرقة للغناء المسرحي وأطلق عليها “فرقة الخياط”
ففي عام 1884 بدأ في تقديم حفلة غنائية أسبوعية علي مسرح “فرقة الخياط ”
ثم انضم إلي فرقة “القرداحى والحداد ” المسرحية عام 1885 كما انضم إلي فرقة “إسكندر فرح” وظل ممثلها الأول نحو ست سنوات
في عام 1905 كون فرقته الشهيرة التي حملت اسمه(فرقة سلامة حجازي) و كانت من ضمن من اسس فن المسرح فى مصر. وافتتحت عروضها على مسرح “سانتي” بحديقة الازبكية، كما قام بتمثيل الروايات المسرحية في دار الأوبرا وشارك فيها بألحانه وصوته ومن هذه المسرحيات : هارون الرشيد – المظلوم – ليلي – القضاء والقدر – شهداء الغرام – البرج الهائل
ويعتبر حجازي هو أول من انتقل بالأغنية من مجالس التخت إلى خشبة المسرح،
حيث ظهر الشيخ سلامة حجازي لأول مرة ممثلا ومغنيا في رواية “مي وهوارس ” . واشترك بعد ذلك في روايات “عايدة” و “جنفياف” و “هارون الرشيد” و “المظلوم” وغيرها. وكان هوالذي يصوغ جميع ألحانه .
وعندما وجد الشيخ سلامة أن صالة “سانتي” لا تتسع للعدد الهائل من معجبيه، انتقل إلى صالة “فردي” بشارع الباب البحري، وأطلق على مسرحه اسم “دار التمثيل العربي” . وكان ذلك عام 1906 . وضم إلى فرقته أولاد عكاشة، وسافر بعدها إلى عدة بلاد عربية؛ سوريا، تونس، طرابلس، ولبنان. بجانب تقديم عروض في إيطاليا
حيث ضم فرقته لفرقة جورج أبيض، وأصبحت باسم «جوق أبيض وحجازي»، وضمت هذه الفرقة أشهر الممثلين في ذلك الوقت مثل؛ نجيب الريحاني، زكي طليمات، عباس فارس، ومريم سماط.
إلا أنهم انفصلا عام 1915 برغم النجاحات التي تحققت وهما معا واستمر في عطائه على مسرح برنتانيا
وقدم من ألحانه روايات :- أنيس الجليس – أبو الحسن – علي نور الدين – خليفة الصياد
ويعتبر الشيخ سلامة حجازي رائد فن الأوبريت فكان صوته يناسب هذا اللون الفني، وهو أول من لحن المارشات والسلامات الخديوية التي كان يغنيها بصوته في مطلع الروايات وهو نوع من الغناء الحماسي الذي يحث علي المبادئ والأخلاق والولاء للوطن أشادت به الممثلة العالمية “سارة برنار” عندما شاهدته في رواية غادة الكاميليا
تغني بألحانه العديد من أشهر المطربين في مصر أمثال :- منيرة المهدية ومحمد عبد الوهاب
قدمت الفرقة الجديدة بعض الروايات المصرية من نوع “الميلادراما” منها :
بائعة الخبز ـ نتيجة الرسائل ـ هناء المحبين ـ مطامع النساء ـ الجرم الخفي ـ حسن العواقب ـ اللص الشريف ـ سارقة الأطفال ـ صدق الإخاء ـ صاحبة الشرف ـ القضية المشهورة ـ وعواطف النبيه ..
وفى نهاية العام، رحل الشيخ سلامة حجازى وفرقته إلى الشام، وفيها قدم بعض رواياته التى نالت كلها الإعجاب .
وكان حجازي أحيانا يقدم في مسرحه روايات وطنية، فتثور الحكومة، وتوقف عرضها. ومن هذه الروايات ” شهداء الغرام “.
ومن اشهر اغاني حجازي كانت :
بسحر العين تركت القلب هايم
سمحت بإرسال الدموع محاجري
سلوا سمرة الخدين
صوت الحمام على العود
ومن اشهر الروايات المسرحية مثل :
هارون الرشيد
المظلوم
ليلي
القضاء والقدر
شهداء الغرام
البرج الهائل
لحن روايات كل من :
انيس الجليس
ابو الحسن
علي نور الدين
خليفة الصياد
له الفضل في اكتشاف نجوم الغناء في جيله :
حيث يرجع لحجازى الفضل في تقديم واكتشاف أشهر المغنيين في جيله فاتي بهم من القرى الريفية إلى القاهرة ليقدمهم للفن أمثال سيد درويش وأم كلثوم. ويعتبر سلامه حجازي الأب الروحي لدرويش الذي قام بتشجيعه وقدمه على المسرح، فعندما كان درويش وقتها مطربًا غير معروف يُغني في مقهى شيبان بالإسكندرية ساعده حجازى ليعرفهُ الجمهور، وتغنّى بألحان سيد درويش من خلال مسرحية «ورد شاه»، من إخراج جورج أبيض
أما أم كلثوم اكتشفها، وهي طفلة أثناء زيارته لقريتها بمحافظة الدقهلية والتي ذاع صيتها بعد شهرتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى أن أصبحت تلقب بكوكب الشرق فيما بعد .
إيطاليا تقيم له تمثالا :
لم يتوقف فن وشعبية سلامة حجازي على مصر فقط، فلقى “حجازي” نجاحًا كبيرا أيضًا خارجيًا، حيثُ أقيم له تمثال في متحف «نابولي» بإيطاليا.
آخر محطات في حياته :
في عام ١٩٠٩ اُصيب “حجازي” بمرض الفالج و أواخر أيامه بالشلل، إلا إنه استمر بتقديم عروضه على كُرسي متحرك، وتابع شؤون وإدارة الفرقة المسرحية إلى يوم وفاته.