رحب اليوم الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وزير الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية من مدينة السلام بشرم الشيخ بمحافظي البنوك المركزية الإفريقية وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية الذين قدموا للمشاركة في الاجتماعات السنوية الحادية والأربعين لمجلس محافظي جمعية البنوك المركزية الإفريقية التي تستضيفها مصر لأول مرة، والتي تعتبر أحد أهم وأبرز الأحداث الاقتصادية على مستوى القارة الإفريقية بما تمتلكه من قدرة على اتخاذ قرارات فاعلة تنعكس على زيادة حجم التعاون والتكامل الاقتصادي بين دولنا الإفريقية، وتسهم في تحسن مستوى معيشة شعوبنا .
اكد رئيس مجلس الوزراء في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح اجتماعات مجلس محافظي جمعية البنوك المركزية الإفريقية، أن مصر تسعد دائمًاباستضافة أشقائها من كافة الدول الإفريقية، وتحرص على المساهمة بقوة في دفع عملية التنمية في القارة بأكملها، وذلك من منطلق الحرص على تأكيد وترسيخ هوية وانتماء مصر الأفريقى الذي يعد مكونا رئيسيا من مكونات الهوية المصرية على مر العصور وعنصرًا محوريًا في تشكيل معالم الشخصية المصرية.
لفت مدبولي إلى أن مدينة السلام شرم الشيخ التي تسعد بوجود هذا الجمع الكريم على أرضها، تمثل خير شاهد على حرص مصر الشديد على التكامل مع كافة دول قارة إفريقيا، فقد استضافت المدينة قمة تكتلات ” الكوميسا والسادك وشرق أفريقيا “في يونيو 2015 والتي شهدت توقيع وثيقة اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة، منوهاً إلى أن مصر قامت ايضًا بالتوقيع على اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية “ســـيفتا” في كيجالي-رواندا مارس 2018 بما يساعد على زيادة آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الإفريقية .
اشار رئيس الوزراء الى الأهمية المتزايدة التي تكتسبها اجتماعات جمعية البنوك المركزية الإفريقية في نسختها الحالية من منطلق الموضوعات ذات الأولوية التي يتم طرحها على أجندة الاجتماعات ومنها: العلاقات بين البنوك المركزية الإفريقية وأثرها على تطور القطاع المالى وجهود النمو الاقتصادي في دول القارة ايضا تدفقات رؤوس الأموال غير المشروعة في أفريقيا والتحديات والآثار المترتبة عليها بالنسبة للبلدان الأفريقية ، بالإضافة إلى تبادل الخبرات والتعاون من واقع خبرات البنوك المركزية المشاركة في هذه الاجتماعات المهمة.
اكد رئيس الوزراء تطلع مصر لأن تحقق اجتماعات جمعية البنوك المركزية الإفريقية قيمة مضافة للاقتصاد الإفريقي من خلال تعزيز جهود تحقيق الاصلاح المالي والهيكلي بهدف تنمية الاقتصاد الإفريقي في هذه المرحلة التي يواجه فيها العالم أجمع، وفى القلب منه أفريقيا العديد من التحديات على كافة المستويات وفي مقدمتها التحديات الاقتصادية والمالية، مؤكدًا ثقته في أن هذه الاجتماعات ستسهم في تحقيق الإصلاحات اللازمة لتفعيل التعاون الاقتصادي بين دول القارة، وتعزيز دور الدول الإفريقية في المؤسسات الاقتصادية الدولية.
قال أن تحقيق آمالنا في المستقبل الذي نرجوه لأفريقيا، يتطلب مواصلة العمل الدؤوب وتوافر إرادة قاطعة من الجميع وعلى كافة المستويات لتطوير القطاع المالي وتشجيع النمو الاقتصادي بكافة دول قارتنا، مع اتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة التدفقات غير المشروعة لرؤوس الأموال وما تمثله من مخاطر على مستقبل الدول الإفريقية.
اضاف الدكتور مدبولى إننى اؤمن بأن نجاحنا في توسيع آفاق التعاون المشترك بيننا يخلق البيئة المناسبة للتغلب على كافة التحديات التي تواجهها دولنا الإفريقية سواء الناتجة عن السياسات الدولية والإقليمية أو المتغيرات الاقتصادية العالمية، فمعا نستطيع أن نصنع واقعاً جديداً لإفريقيا يضعها في المكانة اللائقة على الخريطة الاقتصادية للعالم ويسهم في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية لأبنائها جميعا ويفتح أمامهم آفاق المستقبل المشرق.
اوضح الدكتور مدبولي أن مصر بدأت برنامجاً طموحاً للإصلاح الاقتصادي، قطعت فيه شوطاً كبيراً والذى يعد برنامجًا واعدًا نال إشادة كافة المؤسسات الاقتصادية العالمية خاصة على مستوى الإصلاحات الهيكلية التي تمهد لتحقيق نمو اقتصادي مستقبلي حقيقي ومستدام، مؤكدًا الحرص على مشاركة خبرة مصر وتجربتها الناجحة في الاصلاح الاقتصادي مع كافة الدول الإفريقية الشقيقة.
اضاف رئيس الوزراء أن الاقتصاد المصري كان يواجه منذ ثلاث سنوات فقط العديد من التحديات مثل السوق الموازية للعملات الأجنبية، وتضاؤل الاحتياطي النقدي والعجز الكبير في ميزان المدفوعات مما كان يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والوصول لمرحلة يستحيل معها الإصلاح أو على أقل تقدير تتضاعف تكلفته عدة مرات، موضحًا أن البنك المركزي المصري والحكومة نفذا برنامجًا متكاملاً وطموحاً للإصلاح الاقتصادي عبر تنفيذ سياسات مالية ونقدية احترافية وإجراء إصلاحات هيكلية كان لها أثر كبير في استعادة ثقة المستثمرين في السوق المصرية ودفع عجلة الإنتاج وزيادة معدلات نمو الاقتصاد القومي.
اشار الدكتور مصطفى مدبولي الى انه بالتوازي مع اجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تضمنت تحرير سعر الصرف وترشيد الدعم فقد تم إطلاق عدة مبادرات لدعم المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم التي تمثل قاطرة النمو الاقتصادي كما قامت الحكومة بمد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل المزيد من فئات المجتمع الأقل دخلا ، وزيادة المعاشات ورفع حد الإعفاء الضريبي للمرتبات.
أوضح أن المؤشرات تؤكد نجاح البرنامج في تحقيق اهدافه حيث بلغت قيمة صافي الاحتياطيات الدولية من العملات الأجنبية ما يزيد عن 44 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي بما يغطى أكثر من 8 شهور من الواردات، وقفز معدل النمو الاقتصادي الى 5.2% خلال النصف الاول من عام 2017/2018 مقابل 2.9% خلال عام 2013/2014، كما شهد قطاع السياحة والصناعات غير البترولية تعافياً واضحًا، بجانب انتعاش القطاع العقاري وتنفيذ مشروعات ضخمة في مجال البنية الأساسية.
وفي ختام كلمته اكد رئيس مجلس الوزراء للحضور أن مصر ترحب بالتعاون مع كافة ابناء القارة الأفريقية وتدعم بقوة كل مبادرات الاتحاد الإفريقي وجميع المؤسسات الإقليمية الإفريقية التي تهدف إلى تعزيز التكامل بين دول القارة، وتشجع نموها الاقتصادي وذلك انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية التعاون والتكامل بين دول قارتنا الإفريقية الغنية بإمكانياتها ومواردها البشرية والاقتصادية، وبقدرتنا معاً على تحقيق تطلعات شعوبنا والانطلاق نحو آفاق جديدة من النمو والرفاهية.
كما أعرب الدكتور مصطفى مدبولى عن تمنياته بالتوفيق في أعمال الاجتماعات السنوية الحادية والأربعين لمجلس محافظي جمعية البنوك المركزية الإفريقية والتي تصادف احتفال جمعية البنوك المركزية الإفريقية بمرور خمسين عامًا على تأسيسها، مؤكداً ثقته في أن هذه الاجتماعات ستحقق إضافة فاعلة ينعكس أثرها الإيجابي على جميع دول القارة الإفريقية.
وقال: “أؤكد لكم أنكم ستجدون مصر دائماً وكما عهدتموها داعماً قوياً لكافة القضايا الإفريقية المشتركة، ولاعباً فاعلاً في تحقيق النمو والاستقرار لأشقائنا في إفريقيا، وتحيا مصر، وتحيا إفريقيا.”