” ورفع المتواضعين ” ( لوقا ١ : ٥٢ )
نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى السماء حيث انتقلتِ يا أمنا بالنفس والجسد، ونأمل أن نحظى بنعيم السماء فنلقاكِ مع ابنكِ يسوع فنكرمكِ على الدوام ، آمين .
اليوم الثلاثون : ” وكانت مريـم تحفظ هذه الامور كُلِّها وتتأملها في قلبِها ” ( لوقا ٢ : ١٩ )
” العذراء مريـم معلِّمة الصمت والإصغاء ”
الصمت يؤلف جزءاً هاماً من حياتِنا الروحيّة ، فهو يُعزّز ويرعى الصلاة والقداسة والإصغاء لله وسماع ما يريده الله لنا. كما أنّه يساعدنا في التحكم بعواطفنا إذ يساعدنا أن نكون دائماً في حالة صمتٍ وإصغاءٍ وهدوء.
يقول لنا الكتاب المُقدّس : ” فكّفوا واعلموا أَنِّي أنا هو الله ” . كم هو ملفت ومهم هذا الكلام، فإنّه لم يقل لنا ان نقرأ او نتعلّم أو ندرس، بل أن نكون صامتين ومصغين لنسمع صوت الله ونتعرّف عليه. الربّ يتكلّم في صمت قلوبنا، يتكلّم معنا في معظم الأحيان، وخاصةً عندما نكون في سكون عميق.
يمكن للسيدة العذراء أن تساعدنا كي نكون صامتين، إذا إلتجأنا إليها بالصلاة وطلبنا منها نعمة الصمت والإصغاء. لأن الصمت جزءاً من حياتنا، وعندما نغتني من نعمة الصمت، يتوجب علينا في كلّ يوم أن نقضي بضع لحظات صمت وإصغاء مع مريم، واضعين ذواتنا وحياتِنا في حضورها. وعندما نكون في هدوءٍ، وسكونٍ، و صمت، وخاصةً خلال وقت الصلاة سنتجدد بنِعَم الصمت والسكون التي منحتنا إياها السيدة العذراء .
إليكم هذه الصلاة الصغيرة التي تساعدنا على الصلاة والصمت والتأمل :
” يا مريم يا أّم الله ، علميني أن اكون صامتاً، و بالإصغاء سأفهم أن أعمل مشيئة الله ” .
يجب المحافظة على هذه النِعم طوال اليوم ، فعلينا أن نغلق باب غرفِنا وأن نطفئ التلفزيون والراديو وكلّ ما هو مصدر للضجيج و الإزعاج . وأنً نسعى وراء الصمت ونكسر دائرة الضجيج اليومية المزعجة، التي عندما نسمعها تضطرب قلوبنا ويسيطر الهمّ على أذهاننا.. إنّ جرعة من مآسي العالم قد تحرمنا من الهدوء والطمأنينة. ونسعى أنّ نكون ممتلئين سلاماً داخلياً وخارجياً، وهو أمر يتطلب جهداً كبيراً، ويتطلب الصلاة والتخلي عن أمور كثيرة كالضجيج والشهرة والأنانية ومغرايات الحياة وغناها.
أطلب من السيدة العذراء مريـم أن تساعدك على زيادة ومضاعفة الصمت في حياتِك، أقضِ وقتاً كلّ يوم في تعزيز الصمت في داخلِك وحولِك. أخبر أحباءَك بما تقوم به لكي يفهموا أنك تصغي إلى صوت الله بالصلاة والتأمل والمحادثة معه، لكي يتعلّموا منك ويرافقُكَ. وعندما تحصل على قلبٍ وفكرٍ أكثر هدوءاً، اشكر سيدتنا العذراء الطوباوية على هذه العطية الغالية التي لا تُقدّر بثمن .
و هناك نوع آخر من الصمت و هو أكثر صعوبةً : عندما نكون صامتين ونتعرّض للأذى والإهانة ، وعندما نكون صامتين وفجأةً نغضب ونتعصّب من ايّةِ كلمة أو ملاحظة. أمام هذه الصعوبات ، ومضايفة ومعارضة الناس لنا ، علينا أن نمتنع عن التفوّه بالكلمات المسيئة و الجارحة ، و أن نصمت ونسيطر على الوضع بالمحبةِ والصمت والصلاة .
وهذا ليس سهلاً ، فاطلب المعونة من السيدة العذراء ، اسألها بثقةٍ أن تساعدك وتجعلك أكثر تشبهاً بإبنها يسوع الذي بقي صامتاً في وجه من كانوا يتهمونه زوراً وكذباً .
فلنكرّم العذراء مريـم ، سيدة الصمت والإصغاء تكريماً خاصاً .
هلمّوا نمنح الصمت مكاناً في حياتنا، في ضمائرنا، و في قلوبنا . فهو سيساعدنا لنصبح أكثر هدوءاً و طمأنينةً ، و يجعلنا ننمو في القداسةِ والنعمةِ والحكمة .
هلمّوا نبدأ من اليوم مسيرة الصمت والصلاة والتأمل . ولكي نعيش هذه النقاط المذكورة أعلاه بفرح روحي ، نحتاج للمعونة والقوة الإلهية ، فلنطلبها من أمّنا مريم ، سيدة الصمت .