تمتد جذور العلاقات المصرية الايطالية لآلاف السنين، و تسعى مصر لتوطيدها وتعميقها، رغم مرور هذه العلاقة ببعض التحديات، والتي استطاع الطرفين فى التغلب عليها وتجاوز هذه المحنة بالثقة المتبادلة بين الجانبين واستعادة زخم العلاقات بالزيارة التى قام بها وزير الخارجية الايطالى “انزو موافرو ميلانيزى” على رأس وفد رفيع المستوى للقاهرة.
وتعتبر الزيارة الاولى على هذا المستوى منذ عام 2015 استمرت الزيارة 3 ايام التقى خلالها الوزير بالرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره سامح شكرى وقداسة البابا تواضروس الثانى والدكتور احمد الطيب شيخ الازهر وكبار مسؤولين الدولة
عقد وزير الخارجية سامح شكري، جلسة مباحثات موسعة مع نظيره الإيطالي “إنزو موافرو ميلانيزى” فى حضور وفدى البلدين، حيث تناول الوزيران كيفية تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات، فضلاً عن العديد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وصرح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية بأن شكري رحب بنظيره الإيطالي وأعرب عن تطلعه لأن تمثل تلك الزيارة قوة دفع جديدة لتطوير العلاقات بين البلدين اللذين تجمعهما روابط تاريخية عميقة ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية.
وقد استعرض وزيرا الخارجية أهم ملامح العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تعد إيطاليا الشريك الثاني لمصر أوروبياً والرابع عالمياً بحجم تبادل تجاري 4,75 مليار يورو، وتعد أكبر مستورد من مصر بقيمة 1.8 مليار دولار، وخامس أكبر مستثمر أجنبي في مصر بقيمة 7 مليار يورو.
وفي هذا الإطار، أشاد شكري بقرار الحكومة الإيطالية بافتتاح مكتب لوكالة ضمان الصادرات الإيطالية SACE بالقاهرة، حيث تقدم الوكالة ضمانات حكومية للشركات الإيطالية التي ترغب في الاستثمار في مصر، معرباً عن تطلعه لتفعيل مجلس رجال الأعمال المشترك المتوقف منذ عام 2016.
كما أشاد الوزير شكري بالدور المحوري الذي تلعبه إيطاليا لمساندة مصر في مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة ونقلها إلى القارة الأوروبية، مشيراً إلى استمرار عمليات التنقيب والاستكشاف التي تقوم بها شركة ENI، فضلاً عن العقد الموقع مؤخراَ بين وزارة البترول وشركة TECHNIP الإيطالية لرفع القدرة التكريرية لمعمل MIDOR بالإسكندرية بتكلفة تتجاوز 1.5 مليار دولار.
وأردف السفير أحمد ابو زيد، أن وزير الخارجية نوه إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد أعلن أن 2019 عام التعليم المصري، مشيراً إلى أن هناك اهتمام بالغ من قبل الحكومة المصرية بمشروع إنشاء جامعة إيطالية في مصر عبر إطلاق شراكة بين جامعة حكومية والجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإيطالية المهتمة بالمشروع.
وأضاف بأن الوزيرين تناولا ايضا سبل تعزيز التعاون الاقتصادى والتنموى، حيث اعرب وزير خارجية إيطاليا عن رغبه بلاده فى ضخ المزيد من التمويل لدعم قطاع الصناعات لصغيرة والمتوسطة فى مصر، وكذا دعم قطاع الزراعة وتزايد الاعتماد على الصادرات الزراعية المصرية.
وفيما يتعلق بقضية الهجرة غير الشرعية، أوضح شكري أن مصر استطاعت أن توقف تدفقات الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016، مما يعزز من مصداقية مصر في هذا المجال، مشيراً إلى أن مصر تتحمل الكثير من الأعباء وأثبتت أنها شريك رائد للاتحاد الأوروبي، و أن مصر تتعامل مع قضية اللاجئين في المنطقة من منظور إنساني و ترفض أي حلول قائمة على إيداع المهاجرين واللاجئين في معسكرات أو مراكز تجميع وعزلهم عن المجتمع.
وفيما يتعلق بالملفات الإقليمية، أوضح أبو زيد أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع في ليبيا نظراً للاهتمام المشترك الذي يوليه الجانبان للشأن الليبي، حيث استعرض الوزير شكري رؤية مصر تجاه الأزمة الليبية والجهود التي تبذلها لتحقيق الاستقرار، مرحباً بالتعاون مع الجانب الإيطالي للتوصل إلى صيغة شاملة تحقق الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا، وتواجه الإرهاب، وتعيد بناء مؤسسات الدولة الليبية، وتعالج الخلل القائم في توزيع الموارد بين المناطق الليبية المختلفة، وتتيح إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في أقرب فرصة.
كما تطرقت المباحثات الى تطورات القضية الفلسطينية، حيث استعرض الوزير شكرى نتائج اتصالاته مع الإطراف الإقليمية والدولية لوقف عمليات التصعيد وتشجيع الأطراف على استئناف المفاوضات واعادة أطلاق عملية السلام ومسار الرعاية المصرية لعملية المصالحة الفلسطينية.
وقد ناقش الوزيران ايضا الاوضاع فى القارة الافريقية، وعلى الوجه بخصوص منطقة القرن الإفريقى والصومال، حيث توافقت الرؤى بشأن سبل دعم الاستقرار ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والتهريب فى تلك المنطقة التى تهم البلدين.
ومن جانبه، أعرب الوزير ميلانيزى عن سعادته البالغة بزيارة القاهرة وتطلعه لأن تمثل تلك الزيارة أساساً لانطلاق العلاقات بين البلدين لأفق أرحب، بما يرقى لتطلعات شعبي البلدين. وقد وجه ” ميلانيزى” الدعوة للوزير سامح شكرى للمشاركة فى منتدى روما لحوار المتوسط فى شهر نوفمبر القادم
واتصالاً بقضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، ذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن وزير الخارجية الإيطالي أعرب عن تطلعه إلى إنهاء هذه القضية في أقرب فرصة ممكنة ومحاسبة المسئولين عنها، مشيداً بالتعاون القائم بين الجهات القضائية في البلدين.
ومن جانبه، أكد الوزير شكري أن مصر ملتزمة باستمرار التعاون بين البلدين، وتعتزم بذل كافة الجهود لإظهار الحقيقة حول الجريمة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة.
كما أعرب عن شكره للحكومة الإيطالية على تسليم مصر القطع الأثرية التي ضبطتها السلطات الإيطالية في ميناء مدينة ساليرنو عام 2017، مؤكداً على أهمية استمرار تعاون الجانب الإيطالي في القضايا المماثلة.
وبعد انتهاء المباحثات بين الجانبين عقدا الوزيران مؤتمرا صحفيا مشتركا حضره العديد من الدبلوماسيين ورجال الاعلام والصحافة حيث بدا شكرى كلمته باهمية العلاقات المصرية الايطالية مؤكدا بان جاءت الزيارة من منطلق الحرص على استمرار العلاقات التى تجمعهما روابط تاريخية عميقة ونعمل بكل جهد للسير قدما فى تدعيم العلاقات الثنائية فى شتى المجالات مضيفا بان الزيارة جاءت فى توقيت مهم لمزيد من التنسيق والتعاون بين الجانبين
وأكد شكري أن ايطاليا تتبوأ مركز هام في العلاقات الاقتصادية وتم الاتفاق على ايجاد فرص جديدة لزيادة الاستثمارات الايطالية فى مصر والدفع بجهود الاصلاح الاقتصادى بمصر كما تطرقنا الى قضايا عديدة ومنها تنامى ظاهرة الارهاب واثرها على الاستقرار فى البلاد التى تحتلها وكذلك الاوضاع فى ليبيا والتاكيد على اهمية السير قدما وفقا لخطة المبعوث الاممى وتم التطرق للقضية الفلسطينية وضرورة الرجوع لحل هذه القضية وفقا للشرعية الدولية واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وان تكون القدس عاصمة لها ومن القضايا الهامة والتى استحوذت على جانب كبير من المناقشات وهى قضية الهجرة غير الشرعية.
و شدد شكرى ان هناك تطابق فى وجهات النظر مؤكدا بان مصر تبذل اقصى جهودها لمحاربة هذه النوعية من الهجرة سواء فى مراقبة وحماية شواطئها مشيرا بان الجانب الايطالى وعد على تقديم كافة اوجه الدعم اللازمة للتحكم فى هذه الظاهرة واضاف شكرى بان الجالية من اصل ايطالى ساهمت فى الحياة الاجتماعية بشكل كبير فى مصر وكذلك الحال بالنسبة للجالية المصرية فى ايطاليا لها دور ملموس فى المجتمع الايطالى.
ومن جانبه اعرب الوزير الايطالى عن امتنانه بزيارته للقاهرة ومدى اهميتها والتى ساعدت كثيرا فى مناقشة قضايا تهم الطرفين فنحن دولتين تجمعنا روابط عديدة تاريخية طويلة ونقع على البحر المتوسط ولنا ذكريات تاريخية فى هذا الاطار ولابد ان نعى اهمية التعاون على المستوى الثقافى احد العناصر الرئيسية والتى تساعد على ان نفهم بعضنا البعض بصورة اكثر
وأضاف تطرقنا الى قضية الهجرة والتدفقات وهى مسالة قابعة فى البحر المتوسط وتمس الدولتين مصر وايطاليا ونعتقد ان جهودنا المشتركة لمواجهة هذه القضية مسالة محورية وهامة وعلينا ان نتخذ خطوات جادة لتمية مصادر هذه الدول وحتى لايهرب المهاجرين من مناطق النزاع والحروب
وتابع إن لمصر وايطاليا موقفا واضح تجاه قضية المهاجرين ولهم تجربة رائعة فى التعاون فى هذا المجال وعلينا ان نستقبل ونرحب بهؤلاء المهاجرين ولكن نبذل قصارى جهدنا لتحسين الظروف الى اوضاعها الطبيعية ويعم السلام ونساعد على استتباب الامن فى هذه الدول مضيفا ان الكثير من التدفقات تمر بالبحر المتوسط وهو البحر الذى يربط بين الساحل الافريقي والاوربي فى الجنوب والشمال ان وجود اواصر التعاون بين دول البحر المتوسط فى غاية الاهمية وتحدثنا على قضايا اخرى مع الوزير سامح شكرى عن قضية الارهاب فى منطقة البحر المتوسط
وأضاف نحن بحاجة الى تامين شعوبنا ضد الارهاب باعتبارها ظاهرة دامت لسنوات طويلة وعلينا ان نجد حلا للظروف الصعبة القابعة وان نكافح الارهاب سويا وهوتحدى مشترك للدولتين وهوواجب علينا ان نضطلع به تجاه شعوبنا مؤكدا ان مصر وايطاليا يتفقان على مشاركة مسؤولية اخرى نحو ليبيا وقد اتفقنا على جميع النتقاط المتعلقة بالوضع الحالى فى ليبيا ونتطلع الى سلامة الاراضى الليبية ورفاهية العيش للشعب الليبي ويستطيع المشاركة فى الانتخابات القادمة وان تخرج بنتائج مرضية
وأكد أن ايطاليا لديها اتصالات قوية حول الوضع فى ليبيا لعودة ليبيا كدولة كما تحدثت مع شكرى عن فرص الاستثمار والتجارة بين الدولتين كما تطرق الحديث مع الوزير شكرى عن ازمة ريجينى وعن الارادة القوية من قبل الحكومة المصرية للخروج بنتائج ملموسة من جانب التحقيقات القضائية ونجن نثمن التعاون الممتاز الذى شهدناه من جانب القضاء فى الدولتين ونحن على ثقة بان العدالة ستخرج الى النور حول هذه القضية المؤلمة
قالت السفير وفاء بسيم، مندوبة مصر الدائمة في جنيف سابقا، إن زيارة وزير خارجية إيطاليا إينزو مويفيرو ميلانيزى إلى القاهرة تعد أول زيارة لوزير خارجية إيطالي خلال السنوات الثلاث الماضية، ولهذا فإنها مهمة للجانبين.
وأضافت بسيم في أن أهمية الزيارة نابعة من النظر إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصا أن هناك الكثير من الملفات التي تتعلق بالدولتين أبرزها ملف الشرق الأوسط بملفاتها الفرعية من القضية الفلسطينية والأزمة السورية والليبية وأمن البحرين المتوسط والأحمر.
وتابعت: تأتي هذه الزيارة مصداقا لما يردده الجانبان، خاصة الجانب الإيطالي بأن العلاقات الثنائية بين البلدين استراتيجية وشديدة العمق، فهي علاقات لا يمكن الاستغناء عنها.
لفتت إلى أن الزيارة تعد نتاجا للجهد المميز والمتواصل من سفير البلدين في كلا البلدين، وهذا يعززه العلاقات الاقتصادية، خاصة في مجال البترول والغاز والصناعات الغذائية ومختلف الصناعات الوسيطة، فضلا عن اهتمام الجانبين وحرصهما على تبادل وجهات النظر فيما يتعلق بالملف الليبي.