” ورفع المتواضعين ” ( لوقا ١ : ٥٢ )
نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى السماء حيث انتقلتِ يا أمنا بالنفس والجسد، ونأمل أن نحظى بنعيم السماء فنلقاكِ مع ابنكِ يسوع فنكرمكِ على الدوام ، آمين .
اليوم العشرون : لماذا إنتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء ؟
للقديس يوحنا الدمشقي :
في الواقع ، إنّ هذا المسكن اللائق بالله، والينبوع غير المنقوب بيدٍ الّذي يتدفق منه الماء الغافر الخطايا، والأرض غير المحروثة المثمرة الخبز السماوي ،
والكرمة التي أعطت خمر الخلود دون سقاية، وزيتونةَ رحمةِ الآب الدائمة الاخضرار ذات الثمار البهيّة، كان يجب ألا تقاسي اعتقال لجج الأرض لها. بل كما أن الجسد المقدس الطاهر الذي بواسطتها وحّده الكلمة الإلهي بأقنومه قد قام من القبر في اليوم الثالث، هي أيضاً كان يجب أن تُنتزع من اللحد وتنضمَّ الأمُّ إلى إبنها.
وكما نزل هو إليها، هكذا هي نفسها محطُّ حبّه، كان يجب أن تُنقَلَ إلى ” المسكن الأعظم والأكمل ” ، إلى السماء بعينها ” .
كان يجب أن تأتي لتسكن في مظالّ إبنها، تلك التي قدّمت ملاذاً للكلمة الإلهي في أحشائها. وكما قال الرب إنه سيكون في مسكن أبيه.
هكذا كان يجب أن تسكن الأمّ في بلاط إبنها، ” في بيت الرَّبِّ وفي ديارِ بيتِ إِلهِنا ” ( مزمور ١٣٤ [ ١٣٣ ] : ١ ). لأنّه إذا كان هنا مسكنُ جميع الفرحين، فأين ستسكن إذاً من هي أساس وسبب الفرح ؟
كان يجب أن تحفظ جسدها بلا فساد، وحتّى بعد موتها، تلك التي حفظت بتوليتها كاملةً قبل الولادة وأثناء الولادة وبعد الولادة .
كان يجب أن تسكن في المظالّ السماوية تلك التي حملت خالقها طفلاً في أحشائها .
كان يجب أن تأتي لتسكن في خدر الزواج السماوي، العروس التي اختارها الآب لنفسه .
كان يجب أن تشاهد ابنها جالساً بقرب الآب، من قد شاهدته على الصليب متقبلةً بذلك في قلبها سيف الألم الذي تركها في ولادتها .
كان يجب أن تتسلّم والدة الإله خيرات إبنها وأن تكرّمها كلّ الخليقة كأمّ لله وأَمَةٍ له .
فالميراث يمرّ دوماً من الوالدين إلى الأولاد ، وأما هنا ، واقتباساً لعبارة أحد الحكماء ، فينابيع النهر المقدس ترتقي ثانيةً إلى أصلها، وذلك لأنّ الإبن قد أخضع لوالدته الخليقة بأسرها .