واصلت وسائل الإعلام العالمية أهتمامها بأزمة الليرة التركية وتاثيرها على مجريات الحالة الاقتصادية فى الداخل التركى وخارجها ، ففى الصحف البريطانية هناك تركيز على مخاوف امتداد هذه الأزمة المالية على الأوضاع العالمية ، حيث نشرت صحيفة “الجارديان” تقريراً لمحررها الاقتصادي “لاري اليوت” تحت عنوان “مخاوف من أزمة عالمية بينما تكافح تركيا لكبح انحدار عملتها” ، ويقول التقرير إن تدهورا جديدا في الليرة التركية أرسل هزات ارتدادية إلى الأسواق المالية العالمية وسط مخاوف من أن يتسبب فشل حكومة الرئيس التركي، “أردوغان” في التعامل مع أزمتها المالية المطردة في تأثير يُشبه “مبدأ الدومينو” على اقتصادات أخرى عرضة للخطر ، موضحة أن عملة البيزو الأرجنتينية والراند الجنوب أفريقية كانتا من أكثر المتضررتين في من التعاملات النقدية المضطربة شهد انخفاضا جديدا لليرة بنسبة 8 في المئة مقابل الدولار، في وقت هاجم فيه أردوغان من سماهم “الإرهابيين الاقتصاديين في وسائل التواصل الإجتماعي” كما اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بطعن تركيا في الظهر.
المستثمرين وأسواق الأسهم والسندات
وذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز” في تقرير لهأ إن أزمة الليرة التركية أمتدت لأسواق واقتصادات ناهضة ضارباً أسواق الأسهم والسندات والعملات، في وقت حذر محللون من أن اشتداد الأزمة بدأ في نشر العدوى إلى دول إخرى ، حيث رفع البنك المركزي الأرجنتيني بشكل غير متوقع معدل الفائدة بنسبة 5 في المئة، بعد انخفاض العملة الأرجنتينية (البيزو) لليوم السادس أمام الدولار ، ونقلت عن “كاتي نيكسون” رئيسة قطاع الاستثمار في إدارة شركة ” نورذن تراست” للخدمات المالية، قولها إن “الخشية من أن ما حدث في تركيا لن يبقى محصورا فيها”.
بينما ذكرت وكالة “بلومبرج” الأمريكية أن أزمة الليرة التركية باتت تهدد الشركات التركية الكبرى والمؤسسات المالية والحكومة التي تمتلك ما لا يقل عن 16 مليار دولار في شكل سندات مقومة بالعملات الأجنبية، والتي من المقرر أن تنتهي بحلول نهاية العام المقبل ، ونوهت “بلومبرج ” إلى أن المستثمرون يراقب عن كثب الوضع فى تركيا ، لمعرفة ما إذا كانت البنوك التركية والشركات الأخرى ستحافظ على إمكانية الوصول إلى التمويل الأجنبي الذي يحتاجونه للحفاظ على النشاط الاقتصادي مع تراجع عملة البلاد ، و نظراً لإعتماد تركيا على التمويل الخارجي ، فإن أزمة “العُملة التركية” يمكن أن تتحول إلى أزمة ديون، كما يقولون، خصوصاً بالنسبة للشركات التي تتمتع بقدرة كبيرة على تحمل الديون، ولاسيما بالنسبة لتحركات العملات الأجنبية.
وتشير شبكة الـ””BBC’ الإخبارية إلى أن الخبراء يُرجحون مجموعة من العوامل التى ساهمت في تراجع قيمة العملية التركية وبالتالي بروز الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا في الوقت الرهن ، ومنها أن المستثمرون في تركيا يشعرون منذ فترة بالقلق بسبب القروض الكبيرة التي أخذتها الشركات التركية بالعملة الصعبة خلال فترة الفورة العقارية ومشاريع البناء الكبيرة ، وأن مبعث القلق يأتى من إحتمال أن تواجه هذه الشركات مصاعب في سداد هذه القروض بسبب تراجع قيمة الليرة التركية إذ عليها أن تشتري عملات صعبة وخاصة الدولار الأمريكي واليورو في وقت تراجعت فيه قيمة الليرة التركية فضلاً عن تردي العلاقات مع الولايات المتحدة إذ فرض الرئيس الأمريكي دوناللد ترامب عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين مؤخراً فردت تركيا بالمثل.
هذا ويرجع الخلاف بين أمريكا وتركيا، على خلفية رفض الأخيرة تسليم القس الأمريكي، أندرو برانسون، المسجون في أنقرة بتهمة الإنتماء إلى جماعة عبدالله جولن ، وطلبت تركيا من أمريكا مقابل الإفراج عن القس الأمريكي، تسليم المعارض التركي المقيم في أمريكا، فتح الله جولن، إلا أن واشنطن رفضت ، ووفقا لـ “الفايننشال تايمز” استفادت تركيا من خطة التيسير الكمي التي اتبعتها الولايات المتحدة ومنطقة أوروبا، سابقًا لكنها الآن أصبحت من الماضي، لذلك سيصعب على تركيا الحصول على الأموال التي تحتاجها.
ويقول تقرير لبنك “أيه بي إن أمرو” إن المستثمرين كانوا قلقين، من أن تركيا لن تكون قادرة على تمويل متطلباتها الخارجية السنوية والتي تبلغ 218 مليار دولار، والتي تشمل الأموال اللازمة للحفاظ على الديون الأجنبية للشركات التركية بالإضافة إلى عجز الحساب الجاري الضخم في البلاد .. كما أن تركيا معرضة للخطر من التطورات الحاصلة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يستمر الاحتياطي الفدرالي برفع نسب الفائدة ما يشجع المستثمرين لسحب أموالهم من الأسواق الصاعدة ، لم يكن لذلك بالذات تأثير قوي، لكن يمكنه أن يكون عاملاً مقلقاً بالنسبة إلى بلدان تعاني من عدة نقاط ضعف مثل تركيا.
أسهم بنوك أوروبية تتأثر بالأزمة
انعكست أزمة تدهور الليرة التركية على أسهم بنوك أوروبية كبرى منها “دويتشه بنك”و”كومرتز بنك” الألمانيين و”يونيكريديت” و”إينتيسا سانباولو” الإيطاليين مروراً بـ”سانتاندير” الإسباني ، فسجلت تراجعاً في تداولاتها ، وقال مايكل هيوسون المحلل لدى «سي إم سي ماركتس» تعليقا على تدهور الليرة التركية إن «المستثمرين كانوا يعتبرون الأزمة النقدية في تركيا مشكلة محلية ، لكن يبدو أن سرعة تدهور (الليرة) تعزز المخاوف من احتمال انكشاف مصارف أوروبية على النظام المصرفي التركي». أسعار الذهب ترتفع بسبب الليرة التركية وارتفعت أسعار الذهب بسبب تدهور الليرة التركية مع تعزز الطلب على المعدن كملاذ آمن بفعل أزمة الليرة التركية بينما يشهد الدولار صعوداً أيضاً مما يرفع تكلفة الذهب لمشتريه بالعملات الأخرى ، وتدافع المستثمرون على الدولار بسبب تدهور الليرة التركية كملاذ آمن في ظل انهيار العملة التركية بما يصل إلى 23 % إلى مستوى قياسي منخفض وانحدار الروبل الروسي إلى أقل سعر له في أكثر من عامين وملامسة اليورو والجنيه الإسترليني أضعف مستوياتهما في عام. وقال أولي هانسن المحلل في بنك ساكسو إنه مع امتداد اضطرابات تركيا و تدهور الليرة التركية إلى أسواق أخرى فإن الذهب، الذي ينظر إليه تقليدياً كاستثمار آمن في أوقات الضبابية، قد استقطب بعض الاهتمام الإضافي.
سجلت بنوك كبرى في أوروبا والخليج ومصر واليابان تراجعا ملموسا في مؤشرات الأسهم بسبب مخاوف مرتبطة بانهيار الليرة التركية يوم الجمعة.
وتأتي هذه الأزمة التي تعصف بأنقرة لتزيد من حالة الإرباك التي أحدثتها العقوبات الأمريكية الجديدة على إيران والأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا ، بينما أعلنت العديد من أسواق المال العالمية، وأبرزها في أوروبا والخليج ومصر واليابان، يومى “الأحد” و”الاثنين” عن تسجيل تراجع ملموس و قياسي في مؤشرات الأسهم، ما يعتبر أولى تداعيات انهيار الليرة التركية الجمعة والتي سجلت تراجعا غير مسبوق في قيمتها أمام الدولار الأمريكي في ضوء الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية الحليفتين في الناتو ، تراجعت أسهم البنوك الكبرى في أوروبا.
وقال المتعاملون إن المخاوف حيال أزمة العملة في تركيا هي من العوامل الأساسية التي أضرت بالقطاع المالي ، من جانبه تعهد البنك المركزي التركي بإتخاذ التدابير الكفيلة بضمان الإستقرار المالي، في ظل انهيار حاد في قيمة الليرة التركية منذ عدة أيام. وأكد البنك أنه سيوفر السيولة الضرورية للمصارف في ظل استمرار تراجع الليرة .
غرفة صناعة إسطنبول وعلاج الأزمة
ودعت غرفة صناعة إسطنبول، أكبر الغرف التجارية التركية، إلى إجراءات عاجلة لاحتواء العواقب المحتملة بسبب تدهور الليرة التركية وتأثير التراجع الحاد لليرة على الاقتصاد الحقيقي قائلة إن التقلبات تحولت إلى مصدر لعدم الاستقرار المالي. وقال إردال باخشيوان رئيس الغرفة في بيان مكتوب «تقلبات سعر الصرف الأجنبي وصلت إلى حد يهدد جودة ميزان المدفوعات». وتحت وطأة المخاوف بشأن الاقتصاد والتوترات مع الولايات المتحدة، هوت العملة التركية 20 بالمئة لتلامس مستوى قياسياً منخفضاً جديداً عند سبع ليرات مقابل الدولار وهو أكبر انخفاض في يوم واحد منذ حررت تركيا سعر الصرف في 2001 ، ووفق مرسوم صادر عن الرئيس التركي رجب طيب أردغان، تقرر زيادة الجمارك على السيارات إلى 120 في المئة، والمشروبات الكحولية إلى 140 في المئة والتبغ الخام إلى 60% .