قال أشعيا النبي : ” هُوَذا اسمُ الرَّبِّ آتٍ مِن بَعيد ” ( أشعيا ٢٦ : ٢٧ ) فمن يستطيع أن يشكّ في ذلك ؟
الله يبحث عن الإنسان الخاطئ :
في البدء ، وبعد أن ابتعد الإنسان عن الله بسبب وقوعه في الخطيئة ، كان من الضروري أن يحصل أمرٌ عظيم ، حيث يتكرّم الربّ فينزل من أعالي السموات إلى مثوى غيرَ جديرٍ به . وبالفعل تمَّ الأمرٌ العظيم : حلّت رحمته الكبيرة ورأفته العظيمة وخيره الوافر علينا .
نتسأل ، لماذا تجسّد الرّب يسوع المسيح ؟ لكن سرعان ما نكتشف هذا الجواب من الكلمات التي نطق بها ، والأعمال التي قام بها تُظهر لنا جليًا سبب مجيئه . فهو نزل من الجبال على عجل ليبحث عن الخروف الضال . عن الإنسان الضائع والخاطئ .
لقد جاء بسببنا ، بسبًب معاصينا ، جاء حتى تظهر رحمة الربّ بصورة أبهر، وعجائبه الغزيرة تجاه ابن الإنسان
( مزمور ١٠٧ [ ١٠٦ ] : ٨ ) . تسامُحٌ جدير بالإعجاب من الله الذي يبحث عنّا وإكرامٌ كبير للإنسان موضوع البحث ، الذي إذا أراد أن يُعظّم نفسه فهذا ممكن دون شك ، ولكن ، ليس لأن الإنسان بذاته يمكن أن يُصبح شيئاً كما هو يريد ، بل لأن الذي خلقَهُ عظَّم ورفع من شأنِه .
بالفعل فإن جميع الثروات وجميع الأمجاد في هذه الأرض وكلّ ما قد يشتهيه الإنسان قد أُعطي له ، ليس بالأمر الكثير لا بل هو لا شيء مقارنةً مع هذا المجد ” ما الإنسانُ حتَّى تَستَعظِمَه وتُميلَ إِلَيه قَلبَكَ ؟ ” ( سفر أيوب ٧ : ١٧)
بما أنّ ضُعف الإنسان يجعله عاجزًا عن السير بثبات في هذا العالم المنزلق، جاء المسيح ليكون نوراً لحياتنا وهدياً لطريقنا وطبيباً ليعالج أمراضنا الروحية والجسديّة ، ويكون لنا دواءً ضد الخطيئة .
فلنفرح إذًا ، لأنّ هذا الإنسان الخاطئ ، هذا الخروف الذي ضلّ الطريق في آدم قد افتُدِي في المسيح . وأكتاف المسيح أصبحت ذراعيّ الصليب المُقدّس وفِي هذا المكان وضعت خطايانا ، وفي هذا المكان وجدنا سلامنا .
هذا الخروف فريد في طبيعته ونوعه لإنه تاها بإرادته ، ومع ذلك فهو مدعو للحياة الجديدة ليعيش مع الآخرين ، لأنّنا جميعًا نُشكّل جسدًا واحدًا. ورغم أنّنا أعضاء متعدّدة ، لكننا جسدٌ واحد في المسيح يسوع . لذا كُتِب : ” فأَنتُم جَسَدُ المَسيح الحيِّ ، وكُلُّ واحِدٍ مِنكُم عُضوٌ مِنه ” ( قورنتس الاولى ١٢ : ٢٧ ) . ” لِأَنَّ ابْنَ الإِنسانِ جاءَ لِيَبحَثَ عن الهالِكِ فيُخَلِّصَه ” (لوقا ١٩ : ١٠) ، وهذا يعني جميع الناس لأنّه : ” كما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح ” ( قورنتس الاولى ١٥ : ٢٢ ) .
نحن الخراف ، فلنسأل الربّ أن يعطينا مراع خصيبة ، لنحافظ على قيمتنا وقداستنا . نحن الأبناء، فلنركض إلى حضن الآب لنجد فيه راحتنا .