أكد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن مبادرة البنك المركزى المصرى المتعلقة بتسوية المديونيات المتعثرة للشركات بأرصدة أقل من 10 مليون جنيه ، تفترض قدرة المتعثر على دفع الدين وبينما قد ينطبق هذا على العديد من المتعثرين، ومن ثم تعد المبادرة إضافة لضمان استرداد أصل المبالغ وتوفير نفقات التقاضي، إلا أنه في نفس الوقت، قد لا ينطبق على الغالبية العظمى من المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تعاني من تعثر شديد وعدم قدرة على سداد أصل الدين أو الفوائد أو الضرائب أو التأمينات وهذه المصانع مهددة بالغلق الكامل وتسريح العمالة ، من هذا المنطلق فإن هذه المبادرة لا تكفي والمطلوب هو القيام بمبادرة حقيقية للتعامل مع التعثر على أرض الواقع.
وأوضح “المركز” أنه يتعين إجراء تقييم شامل لكل الشركات المتعثرة ومعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا التعثر قبل إعفاء العملاء المتعثرين من الفوائد المتراكمة وخصوصا أن هذا لن يحل مشكلة التعثر بالصورة الصحيحة (بمعنى عدم تكرار التعثر)، علاوة على أنه وهذا هو الأهم، قد يؤثر بصورة سلبية على الشركات الملتزمة بالسداد بالفعل ، قد يرجع تعثر هذه الشركات لأسباب غياب الجدوى الاقتصادية أو الحصة السوقية أو القدرة التسويقية أو عدم وجود طلب على المنتج أو مشاكل إدارية أو فنية أو تكنولوجية أو مشاكل التدريب أو عدم القدرة على المنافسة أو تعثر مالي نتيجة لظروف اقتصادية مرت بها الدولة، كل حالة من هذه الحالات تختلف عن الأخرى في معالجتها وهذه عملية تخصصية تتم عن طريق صناديق متخصصة لإعادة هيكلة المشروعات المتعثرة مثل شركة مصر لرأس المال المخاطر وهذا ليس دور البنك المركزي (موضح أدناه تفاصيل إضافية عن الشركة).
وأشار “المصرى للدراسات الاقتصادية” إلى أن التناول الأمثل لمشكلة التعثر هو القيام بتقييم دقيق للشركات والتعامل مع المشاكل غير المالية من خلال إعادة الهيكلة والتدريب ومراجعة الموقف الحالي وفقا للجدوى الاقتصادية. فإذا كان التعثر ناتجا عن ظروف اقتصادية خارج إرادة الشركة، وقتها يكون تقديم قرض في صورة “رأسمال عامل”. وتقوم الشركة من خلاله بالإنتاج والتسويق تحت إشراف صندوق إعادة الهيكلة على أن تتمتع الشركة في هذه الفترة بتجميد التزاماتها من الضرائب والتأمينات وغيرها إلى أن تحقق ربح في نهاية العام، فيتم إعادة جدولة كل القروض والضرائب والتأمينات المتأخرة، ويتطلب ذلك تعديلات تشريعية بسيطة ليست موجودة الآن، وهذه مرحلة يمكن أن يدخل فيها البنك المركزي بمبادرته ، وفي كل الأحوال، يجب البناء على المبادرات السابقة وعدم التسرع للقيام بمبادرات جديدة لإنفاق مزيد من الأموال لإنقاذ شركات بصورة غير مدروسة بشكل كامل ، مع الضروري القيام بإحصاء دقيق للتعرف على عدد وحجم الشركات المتعثرة وفقا للقطاعات، لأنه لا يوجد إحصاءات شاملة عن المصانع والشركات المتعثرة ، منوهاً أن تنفيذ أي مبادرة للتعامل مع التعثر من خلال البنوك فقط خطأ لأن الأصل هو ما تسبب في التعثر المالي وليس التعثر في حد ذاته.
جدير بالذكر أنه تم تأسيس شركة مصر لرأس المال المخاطر العام الماضي (أول شركة تعمل بمجال صناديق إعادة هيكلة المشروعات المتعثرة برأسمال 150 مليون جنيه) وتهدف إلى إعادة تشغيل المصانع المتعثرة التي تواجه التزامات مالية تعجز عن الوفاء بها أو تعجز عن الإنتاج بسبب ضعف رأس المال. ويساهم في الشركة صندوق تحيا مصر بنسبة 46.7%، ومركز تحديث الصناعة بنسبة 20%، وبنك الاستثمار القومي بنسبة 20%، وشركة أيادي بنسبة 13.3%.