تمضي بنا الدنيا حائرة بين دمعة وإبتسامة .. تمشي بِنَا وتأخذنا إلى طريق لا نعرفه ولكننا نسير فيه .. ثم تتوقف لكي ترسم أمام أعيننا طريقين ويجب على الإنسان أن يختار في أي طريق سيمشي .إنه الإختيار الذي قد تفرضه علينا الحياة أو المجتمع أو الدين أو المبادئ .. إنه الإختيار الذي يشطر الإنسان إلى نصفين وقد يحاول أن يجمع بين هذين النصفين ويلتقي مع نفسه مرة أخرى فلا يستطيع .. فقد أصبحت هناك مسافة كبيرة بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والله .. إنها لحظات حاسمة حقًا وفارقة حين يجد الإنسان نفسه أمام طريقين .. فهل يختار الله؟؟ أَم يختار شهواته وملذاته التي يحبها ويتلذذ بها؟؟ على الرغم أن الشبع لا يأتي إلا من الروح .. والروح لا تشبع إلا من الله هذه هي الحقيقة التي يجب أن يراها الإنسان أمامه مهما حاول أن يتهرب منها. فمثلًا يوجد إنسان تسيطر عليه خطية محبوبة أو عادة رديئة أو مشاعر خاطئة ويعيش معها وتعيش فيه، وعندما يأتي الوقت الحاسم لكي يختار بين هذا الحب الخاطىء وحبه لله، فإنه مع الأسف قد يختار الخطية بل قد يؤدي به الأمر أن ينكر وجود الله والحياة الأبدية لكي يريح ضميره ويفعل الخطية بلا مانع ولا عائق. ونسمع أيضًا عن فتاة لم تعرف معنى الحب إلا مع شاب غير مناسب لها، وقد تملك هذا الحب من قلبها وسكن داخل نفسها. وهنا يأتي الإختيار الصعب إما أن تتخلى عن هذا الحب الخاطىء أو أن تترك الله، ومن المؤسف أنها قد تختار هذا الحب الخاطىء وتضيع وقد يضيع معها باقي أفراد أسرتها.
ويذكر الكتاب المقدس عدة أشخاص تعرضوا لإختيارات صعبة، ومن أمثال هؤلاء الأشخاص أبونا إبراهيم فقد ظهر له الله وكلمه قائلًا (اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ.)(تك١٢: ١). وكان أمام إبراهيم طريقان .. إما أن يطيع الله ويتجرع مرارة الوحدة ويذوق آلام الغربة ويواجه قسوة الأيام بمفرده، أو يعصي الله ويظل كما هو في أرضه وبين عشيرته. ولكنه أطاع الله وفضل أن يعيش محرومًا من الأهل والأصحاب على أن يترك الله وينفصل عنه .. والآن فلينظر كل واحد منا إلى نفسه ويسأل ..ماذا لو تعرض إلى أحد الإختيارات الصعبة؟؟ ترى ماذا سوف يختار؟؟