” يا فيليبُّس ، نُريدُ أن نرى يسوع ” ( يوحنا ١٢ : ٢٢ ) ،
ويا يسوع : ” أرنا الآب وحسبنُا ” ( يوحنا ١٤ : ٨ ) .
كَيفَ تَقولُ: ” أَرِنا الآب ” و ” نريد أن نرى يسوع ” ؟
قال الربّ يسوع لتلاميذه: ” أنا الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة. لا يَمْضي أَحَدٌ إِلى الآبِ إِلاَّ بي. فلَو كُنتُم تَعرِفوني لَعَرفتُم أَبي أَيضاً. مُنذُ الآنَ تَعرِفونَه وقَد رأَيتُموه. قال له فيلبس: يا ربّ، أرنا الآب وحسبنا. قال له يسوع: إنّي معكم منذ وقت طويل، أفلا تعرفني، يا فيلبّس؟ من رآني رأى الآب”. ( يوحنا ١٤ : ٦ – ٩ ). إنّ الآب ساكنٌ في نور لا يُدرَك ” ومسكِنُه نُورٌ لا يُقترَبُ منه ، وهو الذي لم يَرَه إنسان ولا يستطيعُ أن يَراه ” طيموتاوس الأولى ٦ : ١٦ ) ، ” إنَّ الله روح فَعلى العِبادِ أن يَعبُدوه بالرُّوحِ والحق ” ( يوحنا ٤ : ٢٤ ) . ” إنٌَ الله ما رآه أَحدٌ قط ، الابنُ الوحيدُ الذي في حٍضْنِ الآب هو الذي أخبرَ عَنهُ ” ( يوحنا : ١ ١٨) . وبما أنّ الله روح، فلا نستطيع أن نراه إلّا بالروح، لأنّ ” الروح هو الّذي يُحيي، وأمّا الجسد فلا يجدي نفعاً ” ( يوحنا ٦ : ٦٣ ). وكذلك بالنسبة للابن: بصفته مساويًا للآب، لا نستطيع أن نراه إلّا من خلال الآب، أو من خلال الرُّوح …
” يا بَني البَشَر، حَتَّامَ يَكونُ مَجْدي عارًا وحَتَّامَ الباطلَ تُحِبُّونَ والكَذِبَ تَبتَغون ؟ ” ( مزمور ٤ : ٣ ) . لماذا لا تعرفون الحقّ ؟
لماذا لا تؤمنون بابن الله ؟
أنظروا: إنّه ينحدر كلّ يوم، تمامًا كما في الساعة الّتي، ترك فيها ” العُروشِ المَلَكِيًة ” ( سفر الحكمة ١٨ : ١٥)، وتجسّد في حشا البتول مريم . كلّ يوم هو نفسه يأتي إلينا، تحت الأعراض الأكثر تواضعًا . كلّ يوم ينزل من حشا الآب إلى المذبح بين يدَي الكاهن. وكما ظهر للرسل القدّيسين سابقًا في جسد حقيقيّ، كذلك يظهر لعيوننا الآن في الخبز المقدّس ، في سرّ القربان المقدّس .
عندما كان الرسل ينظرون إليه بعيونهم الجسديّة، لم يكونوا يرَونَ إلّا جسده، ولكنّهم كانوا يتأمّلونه بعيون النّفس، وآمنوا أنّه هو الله. نحن أيضًا، عندما نرى خبزًا وخمرًا بعيوننا الجسديّة، فلنَرَ ونؤمن بثبات أنّ جسد الربّ ودمه الأقدسَين هما هنا على المذبح المُقدّس ، حقيقيَّين وحَيَّيْن. هذه هي في الواقع الوسيلة الّتي اختارها ليبقى دائمًا مع أولئك الّذين يؤمنون به، كما قاله هو بذاته : “هاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم” (متى ٢٨ : ٢٠) .
يكشف الربّ في سرّ الجسد الذي اتّخذه الألوهية التي في الآب: ” فلَو كُنتُم تَعرِفوني لَعَرفتُم أَبي أَيضًا. مُنذُ الآنَ تَعرِفونَه وقَد رأَيتُموه ” ( يوحنا ١٤ : ٧ ). لقد ميّز السيد المسيح بين وقت الرؤية ووقت المعرفة، لأنّه قال إنّنا رأينا من يجب أن نعرفه ” وأتتِ الساعةُ التي فيها يُمَجَّدُ ابن الإنسان ” ( يوحنا ١٢ : ٢٣ ) .
+المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك