التقت وطني بالبروفيسور بـ”نيكولا ميشيل” Nicolas Michel مدير الدراسات بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية وذلك على هامش ندوة أقامها المركز الفرنسي للآثار الشرقية “ايفاو” تحت رعاية سفارة فرنسا بمصر، تحت عنوان “يوم البعثات الأثرية الفرنسية في مصر”، والذي تحدث عن أشكال من التعاون بين مصر وفرنسا في مجال الآثار.
أوضح “ميشيل” أن الأبحاث في المعهد تنقسم إلى نوعين الأول هو الكشف الأثري والحفريات، مشيرًا إلى وجود 30 موقع أثري منهم 25 موقع نشطين وهناك بعثات سنوية تأتي إلى تلك المواقع، والنوع الثاني من الأبحاث هو الأبحاث التاريخية والذي يتناول تاريخ مصر منذ عصور ما قبل الأسرات حتى التاريخ المعاصر.
وقال “ميشيل”: “لدينا في المعهد خدمات أو أقسام لعلوم متعلقة بالأبحاث التي نقوم بها في المعهد، مثل: معمل لتحليل المواد ومعمل كربون 14 لتأريخ القطع الأثرية ومكتبة وأرشيفات ودار نشر وخدمة للتصوير والطبوغرافيا “تمثل دقيق للمواقع ورسم الخرائط”.
وتابع: ” بالنسبة للعمل الأثري نحن مرتبطين بوزارة الأثار المصرية لأننا لابد أن نجدد تصاريح العمل كل سنة. وهناك أشكال أخرى للتعاون مع الوزارة مثل تدريب المفتشين وأمناء المتاحف. كما أن المعهد لديه تعاون مع بعثات أجنبية أخرى، وذلك حسب الموقع، فمثلا نتعاون مع جامعة تورينو الإيطالية في موقع “تبتنيس” أو “أم البريجات” في الفيوم، حيث يأتي جزء من التمويل والباحثين من إيطاليا فضلا عن أن رئيس البعثة أيضًا من جامعة تورينو وبقية البعثة من المعهد الفرنسي. وهو موقع مهم جدا لأنه عبارة عن مدينة تم تأسيسها في العصر اليوناني الروماني واستمرت حتى العصر العباسي وبداية العصر الفاطمي. وأيضًا نتعاون مع المركز المصري الفرنسي المتخصص لدراسة آثار معبد الكرنك ومركز دراسات آثار الإسكندرية، فالمركزين مستقلين عن “الإيفاو” ولكن هناك تعاون كبير بينهم وبين المعهد.
وتحدث مدير الدراسات بالمعهد الفرنسي للآثار الشرقية عن المتخصصين بالمعهد، لافتًا إلى وجود تخصصات عدة منها المتخصصين في دراسة الخزف والمتخصصين في الطوبوغرافيا وباحثين في فترات تاريخية مختلفة وباحثين في علم المصريات ولغويين متخصصين في اللغة المصرين القديمة ويستطيعون قراءتها بالخطوط الهيروغليفية والهيراطيقية والديموطيقية، وأيضًا متخصصين في اللغات القبطية واليونانية والعربية، فضلاً عن الأثريين والمؤرخين.
وأفاد بأن إصدارات المعهد تخرج بالفرنسية والألمانية والإنجليزية والعربية. لافتًا إلى وجود مطبوعتين الأولى خاصة بالتاريخ القديم بدءً من عصور ما قبل الأسرات حتى العصر البيزنطي والأخرى متخصصة في التاريخ الإسلامي والعربي. وأشار إلى أن هناك محكمين من خارج المعهد يدرسون كل مقالة يتقدم بها أي شخص للنشر في تلك المجلتين، وهم من يسمحون بنشرها أو يرفضونها.
وتطرق نيكولا ميشيل إلى واحد من أهم الاكتشافات الأثرية والتي قام بها المعهد وهي “وادي الجرف” وهي منطقة جنوب العين السخنة بحوالي 10 كيلومتر وفيها أقدم ميناء في العالم، وكان يستخدم في عهد الملك خوفو، وفيه وُجدت أقدم برديات اكتشفت في مصر حتى الآن. موضحًا أنه كانت هناك رحلات بحرية تذهب إلى سيناء لإحضار النحاس لتصنيع الأدوات المستخدمة في بناء الهرم الأكبر في عهد الملك خوفو.
وأوضح بروفيسور “ميشيل” أن الرحلات البحرية كانت موجودة قبل خوفو، حيث تعود إلى الأسرة الأولى وعصور ما قبل الأسرات وكانت تخرج رحلات بحرية من مصر عبر البحر الأحمر والبحر اليوناني وكانت هناك رحلات إلى اماكن مختلفة في الشرق الأوسط. لكن أقدم أثر مكتشف يدل على تلك الرحلات يعود إلى زمن الملك خوفو. وكان طابع تلك الرحلات اقتصادي دبلوماسي، لكن الفارق بين تلك الرحلات والرحلات الاقتصادية في الدولة الحديثة، أن ما كان يتم في عصور ما قبل الأسرات والدولة القديمة والدولة الوسطى لأهداف محددة ومؤقتة، أما في الدولة الحديثة فكانت رحلات اقتصادية مستمرة.”