” إذا كان علي أن أحذر أحدا فليكن كاسيوس , فإنه لا يحب الموسيقي ” صدق قيصر وصدق شكسبير ، إنها الموسيقي أعذب ما إبتكر الانسان من فنون وارق منح الله لبني أدم فإن من لا يسمع الموسيقي لا يسمع صوت الحياه فتصبح روحه معذبة ، ويأتي الفنان العالمي “عبده داغر” ضمن قائمة مبدعي وعاشقي الموسيقي الذين أبهروا وأسعدوا العالم بعزفهم.
ويعد “داغر” من كبار عازفي الكمان في العالم، حيث كرس حياته في نشر الموسيقي العربية في بلدان اوربا التي فتحت له قلوبها وعقولها قبل معاهدها الموسيقية إعترافا منهم بموهبته وعبقريته ،حيث عشق بفطرته أله الكمان وأعطي لها كل الحب فكشفت له عن أسرارها.
وتميزت مؤلفاته الموسيقية بإسلوب فريد جمع بين أصالة الموسيقي العربية وبراعة التكنيك الغربي في العزف، د فقدم تطويرا للقوالب الموسيقية المصرية ومنهجا جديدا يدرسونه كمنهج دراسي في المعاهد الموسيقية الاوربية حيث اوضح الفرق بين الموسيقي العربية والموسيقي الشرقية
بطاقة تعارف
• ولدعبدة داغر فى مدينة طنطا سنة 1936، وكان والده موسيقياً محترفاً وصاحب معهد لتعليم الموسيقى، وكان يمتلك مصنعا لصناعة الآلات الموسيقية الشرقية ، وتعلم الموسيقى بالفطرة دون مساعدة والده الذي كان يريده أن ينهي تعليمه ليحصل علي شهادة جامعية تساعده في الوصول لوظيفة مرموقة بعيدا عن الموسيقي ، فهرب داغر من الوصاية الابوية ولم يمنعه العقاب من الكف عن ممارسة عشقه للموسيقي .
•وعند بلوغه العاشرة من عمره بدأ بالعمل مع الفرق الموسيقية بطنطا واتخذ لنفسه اسلوبا ومنهجا فى العزف على آلة الكمان، بعد أن فرغ من دراة آلة العود والعمل عليها.
•وفى سن الرابعة عشر بدأ مرحلة التأليف الموسيقى دون أن يكون تعلم حرفا موسيقيا واحدا من حروف الموسيقى ولا يكتب ويقراء النوتة الموسيقية
•وفي الخمسينيات إنتقل إلى القاهرة ليجرب حظه وعاش فى منزل الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى صديق العائلة وكان يعاونة فى تذوق الموسيقى والتدريبات الصوتية وبدأ بعزف الموسيقى الشعبية المصرية ليحارب انتشار موسيقى البوب الأوروبية والتركية التي كانت منتشرة أنذاك وكانت أنطلاقته من شارع محمد على
•عمل مع معظم الفرق الموسيقية الشهيرة مثل فرقة الماسية وفى عام 1960 التقى مع كوكب الشرق ام كلثوم وعزف مع فرقتها لمدة 7 سنوات وعمل خلالهم أيضا مع محمد عبد الوهاب
•أسس مع عبد الحليم نويرة فرقة الموسيقى العربية وعمل بها كعازف منفرد “صوليست”حتى عام 1972 وبعد وفاة نويرة ترك الفرقة بسبب خلافاتة مع رتيبة الحفنى
• وصل للعالمية وجاب بلدنا أوروبا بفرقته ” فرقة سداسي الموسيقى العربية ” التى أساسها عام 1991 حصل علي العديد من الجوائز العالمية كان اخرها جائزة باديب للهوية الوطنية من المملكة العربية السعودية وبعض الجوائز المحلية من محبي الموسيقي والفن
•من مؤلفاته “الشباب – النيل –ليالي زمان – لونجانهاوند- سماعى كورد- لونجا عجم – أبتهالات – نداء – المشربية- لونجا النيل – مدى – اختانون – رقصة الهدهد- الريشة والكمان- مصر ”
أسس فرقة الموسيقي العربية ودون التراث والموشحات
حدثنا عن دورك في تأسيس فرقة الموسيقي العربية ؟
ظلت فكرة تأسيس فرقة للموسيقي العربية تراودني منذ أن عينت في مسرح البالون كعازف كمان في الفرقة القومية إلي أن خصص لي فقرة ببرنامج إذاعي كنت أعلم فيها النغمات والتدريبات الصوتية، وكنت دائم الحديث بهذا البرنامج عن ضرورية تأسيس فرقة للموسيقة العربية بهدف الحفاظ علي التراث وجمعه وتدوينه ولعمل منهج موسيقي عربي، ذلك لأن ما كنا نقدمه من موسيقي هي مزيكا شرقي وليست موسيقي عربية، فوصل كلامي لثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك وفؤجئت به يرسل لي ويخبرني أنه متحمس جداًلإنشاء فرقة للموسيقي العربية وسيدعمها من الدولة وبالفعل جمعت أنا والراحل عبد الحليم نويرة أعضاء الفرقة وكانو مجموعة من أمهرالعازفين اللذين عرفتهم مصر؛ وكان علي رأسهم محمود القصبجي وتركنا البالون وبدأنا العمل في هذه الفرقة الناشئة في المعهد الموجود بمنطقة الإسعاف وقمنا بجمع وتدوين تراث الموسيقي العربية من الموشحات وأغاني المشايح والمداحين والطقاطيق وبدأنا عروضنا بقاعة سيد درويش وقدمنا الكثير من الحفلات بالخارج وأبهرنا العالم بموسيقانا العربية الاصلية
كيف وصلت للعالمية بالرغم من شعبيتك المحدودة في مصر ؟
في نهاية الثمانينيات نشب خلاف بيني وبين رتيبة الحفني رئيس دار الاوبرا آنذاك ترتب عليه أن أجبرت علي التوقف عن العمل بفرقة الموسيقي العربية، فقمت بعمل ورشة صغيرة لصناعة العود وكنت أتقن صناعته حتي ذاع صيتي في الوسط الفني كصانع اول للعود، وكذلك كنت أؤلف مقاطع موسيقية للموسيقي العربية وأقوم بتدوينها بنوت موسيقية ممنهجة وذات يوم جاء مجموعة من الموسيقيين الالمان لمصرباحثين عن عازفين للموسيقي العربية الاصيلة فأحضروهم لي بعض تلاميذي وعندما إستمعو إلي موسيقاي أبهروا بها وقالو هذه هي الموسيقي التي نبحث عنها وقامو بتسجيلها وسافروا إلي بلادهم وبعدها بفترة جاء موسيقي ألماني أيضا يبحث عن عود وبعد مشقة في البحث قالو له المزيكتيه “هتلاقي طلبك عند داغر ” وبالفعل جاء لي في الورشة باحثا عن عود بمواصفات خاصة وفرح بالعود الذي قدمته له ومسكه وبدأ العزف عليه بمقطوعة موسيقية من تأليفي فلم يعزفها بشكل سليم فأخذت العود منه وعزفتها له وعندما فوجئ أنني مؤلف هذه المقطوعة غمرته السعادة، وفاجئني بأن مقطعاتي الموسيقية هذه تدرس إلان في الاكاديميات الموسيقية في ألماني وتم نسخها علي اسطونات وأن هذا الوفد السابق ذكره يتحدث عن مزيكتي في جميع أرجاء اوربا ، وإنصرف هذا الموسيقي وعاد بعد عام بصحبة مخرج ومصورين وكاميرات طالبين مني عمل فيلم عن قصة حياتي وبالفعل قام بعمل فيلم ” العود ” حيث عرضه بإحدي المهرجانات للأفلام التسجيلية والوثائقية وحصل علي الجائزة الذهبية ، وبعد إنتشار هذا الفيلم ذاع صيتي في الاوساط الفنية الاوربية وإنهالت علي دعوات عمل حفلات بالدول الاوربية وكان ذلك بصحبة فرقتي ” فرقة سداسي الموسيقي العربية ” التي كونتها عام 1991وكانت المانيا في مستهل هذه الدول حيث أحيينا بها 12 حفلا وكذلك سويسرا التي أقامت لي تمثالا بحديقة الخالدين مجاورا لتماثيل كبار الموسيقيين في العالم ثم النمسا ثم هولندا وغيرها ، كما تم تكريمي في عدد من المهرجانات الفنية مثل الجائزة الاولي في مهرجان موسيقي الشعوب في هولندا عام 1999وتم طبع معزوفاتي علي حساب الدولة ولاني تميزت بالعزف الارتجالي لقبوني الاوربيون ب” بملك التقاسيم ” و ” موتسارت المصري ” وإعتبرني الالمان امتداد لبيتهوفن ، هذا كله في الوقت الذي لم يكرمني فيه وطني بجائزة تمثل مصر .
كيف تري ما يقدم إلان من موسيقي ومدي تذوف الجمهور لها ؟
المناخ الموسيقي حاليا كله غلط بسبب ظهور كل من هب ودب علي شاشة التليفزيون بدون إنتقاء للموسيقي أو الاصوات فلابد من وجود لجنة حقيقية تكون مسؤلة عن إعتماد المطربين الحقيقين دون غيرهم وكذلك الحفاظ علي تراث الموسيقي العربية لأنه في خطر والنوت الأصلية ” بيتلعب فيها ”
· الملاجئ خرجت العندليب وعلي اسماعيل ومدارس اليومجج بتخرج ناس “بتفك الخط ” !
· كذلك عدم تدريس المزيكا في المدارس والجامعات أدي إلي تدني الذوق العام وظهور مزيكا ” الهشك بشك ” مما أفسد تذوق الجمهور للفن الاصيل ففي الماضي ومنذ الستينيات بدأ ظهور معاهد الموسيقي وكانو يدرسون المزيكا في كل مراحل التعليم حتي في الملاجئ حيث تخرج من تلك الملاجئ العندليب وعلي اسماعيل واحمد فؤاد نجد وغيرهم من ألمع نجوم الفن أما إلان نجد المدارس بالكاد تخرج ناس بتفك الخط .
حدثنا عن زكرياتك مع عبد الوهاب وام كلثوم ؟
وقت أن إنضميت لفرقة كوكب الشرق كنت أصغر العازفين فيها آنذاك وكانت الست تعتز بوجودي بفرقتها جدا وكنت دائم الهرب من البروفات لكي أترك المجال للقصبجى ومحمود عبده للعزف بالفرقة حتي لا أحل محله وعندما أتغيب كانت تسأل علي عبد الحليم نويرة وتقول له ” ابعتلي الواد داغر ” وشرفت بالعزف خلفها في العديد من الاغنيات أهمها “شمس الاصيل” و”هو صحيح الهوي غلاب ”
وكان عبد الوهاب يترك الدنيا كلها ويكلمني لكي اذهب اليه او يأتي هو لكي يسمع الموسيقي التي كنت اقوم بتأليفها وكان مع كل مقطوعة يقول ” الله ” وكانت بمثابة شهادة تقدير وتكريم لي وشهادة ميلاد لهذه المقطوعة
إيه سر الرهان الذي كان بينك وبين الفنان الراحل محمد رشدي ؟
تعرفت علي رشدي علي قهوة الألاتية بشارع محمد علي وجمعتني به صداقة قوية مثله مثل كثير من الفنانين الذين تعرفت عليهم أيضا أمثال اسماعيل ياسين وإشتدت صداقتي برشدي وكنت أعزف معه في معظم الحفلات لسنوات طويلة إلي أن نشب خلاف بيننا فقررت أن أترك العمل معه وقلت له ساخرا ” هتحداك بمطرب شعبي جديد هينيمك في البيت ” وكنت أقصد بكلامي هذا الفنان محمد عدوية وبالفعل قمت بتدريب عدوية وكان مجتهدا حيث كان يذهب للموالد لجمع المواويل وإشتهرعدوية وأصبح نجم وأنا كسبت الرهان مع رشدي .
ماذا قالوا عنه فى الصحف العالمية :
· فى ألمانيا: هذا العازف لا يتمتع بالشهرة فى بلاده بالرغم من شهرتة الواسعة بين أوساط الموسيقيين وعشاق الموسيقى فى ألمانيا.
· فى النمسا: يمكن المراهنة بقوة على أن هذا المبدع الذى يعزف موسيقاه الآن لمتعة أصدقائه وزملائه، سوف تكرمه قريباً أكبر معاهد وأكاديميات الموسيقى فى العالم .
· فى هولندا: إنه عازف الكمان المصرى العملاق فى عزفة، قدلايجود الزمان بمثلة إلا كل مئات من السنين، فهومتمكن فى عزفة وصنع للموسيقى المصرية طابعاً فريداً، فهو يعزف الموسيقى بفطرته دون دراسة أكاديمية كباقى العازفين ولكنه فاق الجميع فى عزفه،وعندما يعزف لايشعربمن حوله بل يكون سابحاً فى بحر من الالحان يسمع أصواتاً ملائكية ترتل الطقوس الدينية.
· فى سويسرا: أسلوبه فى العزف أسلوب العبقري المتمكن من الجمل الموسيقية الصعبة التى يطوعهاعلى كل السلالم والمقامات الحديث منها والقديم كما فى السيمفونيات الغربية،كما يمكنه التنقل من مقام إلى أخر بكل يسرفهو السهل الممتنع الذى يجذب انظار وقلوب كل مستمعيه.
· فى بريطانيا: يمكننا أن نقول إن ارواح العمالقة العظام امثال باخ وهندل وموتزاروفيردى قد تجسدت فى هذا العازف المصري، فإن اصابعه حساسه تعرف مكانها على الاوتار،وقوسه سحرى حين يتحرك على اوتارالكمان يجذب القلوب نحوه