عمرو الطيبي: النماذج الأثرية ترويج سياحي لمصر
الترويج للأثار المصرية لا يقف عند حد جذب السائح العالمي لزيارة متاحفنا وآثارنا القديمة، إنما يمتد إلى صناعة الترويج والانتشار.. واحدة من الوسائل في هذا الإطار إنتاج النماذج الأثرية المستنسخة من الوحدات الأثرية الأصلية.. نماذج تنتج بحرفية عالية ودقة متناهية يتم تسويقها للاقتناء داخل مصر وخارجها.
تأسست وحدة انتاج النماذج الأثرية التابعة لوزارة الأثار في أكتوبر 2010 وكان لها الفضل في استقطاب كفاءات عالية الحرفية بين الشباب القائمين على انتاج هذه النماذج.. وطني التقت الدكتور عمرو الطيبي، المدير التنفيذي للوحدة وكان لنا معه هذا الحوار..
وحدة انتاج النماذج الأثرية.. الفكرة والنشأة؟
طرحت فكرة وحدة انتاج النماذج الأثرية عام 2004 وانشئت بالفعل في أكتوبر عام 2010 في ضوء تعديلات قانون حماية الأثار الذي أضيف له جزء كبير عن حماية الملكية الفكرية والعلامة التجارية فتم إضافة على القانون فكرة الوحدات الإنتاجية المختلفة، منها وحدة للنشر والطباعة ووحدة للأفلام الوثائقية ووحدة للتصوير ووحدة انتاج النماذج الأثرية، وذلك لحماية التراث الثقافي الحضاري لمصر، ومن هنا أصبح المجلس الأعلى للأثار (قبل وزارة الأثار في ذلك الوقت) لديه القدرة لإنشاء وحدات إنتاجية ذات طبيعة خاصة لإنتاج نماذج أثرية دقيقة لا تخالف بنود قانون حماية الأثار.
وفي بداية عام 2010 تحدثت إلى الدكتور زاهي حواس، عن فكرة مقترحة من أكثر من طرف في المجلس الأعلى للأثار لعمل وحدة إنتاج النماذج الأثرية، لعدة أهداف أولها حماية التراث الثقافي الحضاري لمصر والثاني لحماية السوق المصري من دخول منتجات غير جيدة والهدف الثالث تنمية الموارد المادية التي تعتمد عليها الدولة، فالمنتج الصيني يجتاح الأسواق المصرية ولا يعود على الدولة بأي عائد مادي.. ولذلك اهتم الدكتور “حواس” بالفكرة ووافق على بدء تشغيل الوحدة في أكتوبر 2010
ولا ننسى أن الدخل الرئيسي لوزارة الأثار ينحصر في عائد تذاكر الدخول لأي أثر أو متحف، وهذا الدخل غير ثابت حيث أنه خاضع لظروف البلد والإقبال السياحي من عدمه، في حين أن وزارة السياحة عليها أعباء كثيرة جداً. لذا لاقت فكرة المشروع القبول لزيادة مصدر دخل مختلف يساعد الوزارة لسد العجز المادي وتحقيق ربح يتيح إمكانية التطوير المستمر للمواقع الأثرية في كل محافظات مصر.
وانشئت وحدة الانتاج في مبنى القصر الأحمر بالقلعة والذي كان مدرسة عسكرية أيام محمد علي، وهو مبنى قديم كان مهملاً وليس مسجلاً كآثار لانه تعرض لزلزال 1992 وكان شبه مدمر وحديثاً ادخلت عليه اضافات كثيرة ولا توجد به عناصر فنية ولذلك تم إعادة تأهيله وتوظيفه لوحدة انتاج النماذج الأثرية.
وبدأت وحدة الإنتاج بأول مشروع من مستثمر مصري كبير في شرم الشيخ، طلب 150 قطعة من النماذج الأثرية الكبيرة لمجموعة توت عنخ أمون بقيمة 2 مليون و800 ألف جنيه مصري. ففي وقت ثورة 25 يناير كان مطلوب استكمال هذا المشروع لتحقيق الأهداف المرجوة.
كيف يتم عمل النماذج الأثرية؟
بما أن تلك النماذج يتم انتاجها بغرض الدعاية لمصر والتربح، لذلك يجب اختيار الأثر نفسه بعناية ودراسة للتأكد من شكله هل يعجب الناس وهل يرمز لشئ معين؟ وبعد الاختيار يتم عمل رسومات والتقاط صور مع رفع مقاسات دقيقة والرجوع للكتب والمراجع حتى يكون مطابقاً في الشكل وأي كتابة موجودة على الأثر تكون مطابقة أيضا.
يبدأ الفنان أول مرحلة وهي نقل شكل الأثر سواء أيقونة أو تمثال أو جداريات، ففي حالة التماثيل الفرعونية مثلاً يبدأ الفنان في نحت تمثال مماثلاً للتمثال الأثري الأصلي مع السماح للفنان للتعبير عن نفسه وفنه في التعامل مع التمثال ليصل بجودته لنسبة 99 %. والهدف من الرسم أوالنحت أنه لا يمكننا لمس الأثر الأصلي أو عمل قوالب عليه لانتاج نماذج أخرى حتى لا تحدث أي تلفيات في الأثر.
يذكر أن قانون حماية الأثار سمح لوحدة انتاج النماذج الأثرية أن تكون الوحيدة المصرح لها بعمل نموذج طبق الأصل وبمقياس 1:1 – بمعنى نفس الحجم الأثر الأصلي والشكل يكون طبق الأصل، وذلك لحماية التراث والأثار من السرقة أو التهريب.
وبعد رفع المقاسات والرسومات والخطوات السابقة، يتم تحويل كل تلك المعلومات للورش المعنية بالمنتج حتى يتم دراسة تتابع الأعمال داخل تلك الورش، واعداد قوالب تتيح فرصة تعدد النماذج. ومن هنا تدخل المعلومات للورش المختلفة لعمل الشغل اليدوي للوصول للمنتج النهائي.
وفي الوحدة، لدينا أقسام وورش عمل في مجالات مختلفة كالنحت، والاستنساخ والصب والتشطيب، والنجارة والخزف، والتطعيم بالأحجار شبه الكريمة أو اللدائن، والرسم والتلوين، وسبك المعادن، والمشغولات المعدنية وقسم التذهيب. كل تلك الورش تشتغل في تناغم مع بعضها البعض لتنتج شكلاً إبداعياً جميلاً في النهاية. وبعد كل مرحلة يوجد متخصصون لمراجعة العمل بدقة، إلى أن يستكمل المنتج ويحول إلى قسم التغليف وإضافة بطاقة شرح لكل منتج تسجل فيها بيانات الأثر الأصلي وحجمه ومكان اكتشافه وبيانات المنتج الحالي وحجمه والمادة المصنوع منها.
من يتولى إنجاز كل تلك الخطوات؟
بدأنا بفريق تعداده 70 شخصاً ووصل الأن الفريق لـ 40 فناناً على مستوى عالي من الجودة، منهم الجامعيين حاصلين على دكتوراه والفنيين الذين لديهم خبرة الحرفة.
اختيار فريق العمل لم يكن على حسب التعليم بل المعيار هو الموهبة والكفاءة الفنية في آداء العمل.. وهذا ما وصل بنا بنتيجة جيدة خلال السبع سنوات الماضية لأن تعاون الأكاديمي مع الفني افرز عملاً فنياً رائعاً.
هل تعرض أعمالكم داخل مصر وخارجها؟
نعم بدأنا بشخصيات كانت تشتري منا مجموعات وتسافر لألمانيا واليابان ودول أخرى، وسوقنا أيضا مجموعة توت عنخ امون لأكاديمية الفنون في روما. ثم بدأت فكرة المعارض أو البازارات في دول مختلفة، منها معرض مقام في أمريكا حيث نبيع منتجاتنا في البازار الخاص به. ويتم الأن الاعداد لمعرض مدته أربع شهور في مدينة “فيترفو” بإيطاليا باسم “كنوز مصرية” سيبدأ من يونيه هذا العام.
وجاءت فكرة هذا معرض “كنوز مصرية” من رجل الأعمال الإيطالي “إوجينيو بينيديتي”، ويعد هذا المعرض أول معرض نكون مسئولين عنه بالكامل، فقديماً كنا ننتج نماذج تشتريها شخصيات تتولى هي عرضها وبيعها.
ونعد أيضا مجموعة أخرى من المنتجات لمعرض لاحق في كندا بنفس حجم معرض إيطاليا.
القصر الباباوي بفيترفو في إيطاليا
ماذا عن معرض “كنوز مصرية”؟
جاء الأستاذ “بينيديتي” بفكرة المعرض إلى الحكومة المصرية بهدف التقارب بين مصر وإيطاليا، مقترحاً عمل معرض للأثار وعروض فنية تعكس ثقافة البلدين وتقرب بينهما، وطلب من وزارة الأثار، أثاراً أصلية للمعرض الذي كان مزمعاً عمله هذا العام، لكن لم يكن متاح فكرة سفر أثار أصلية خارج البلاد.. فعرضنا عليه فكرة اختيار أثار معينة نتولى انتاج نماذج لها للعرض في المعرض الذي سيقام في القصر الباباوي في “فيترفو” بإيطاليا، وعرضنا عليه عينات فاستحسنها جداً.. وبدأنا المشروع في تفاهم وتناغم لأن ما جمعنا كان إيماننا أن الجسر الحقيقي للتقارب بين البلاد هو التقارب الثقافي، وبهذا التقارب الثقافي يمكننا أن نزلل أي صعاب أو مشكلات.
وجاءت فكرة معرض إيطاليا لتعضيد رحلات المسار العائلة المقدسة التي ستبدأ يونيه المقبل، وكانت الرؤيا أن يكون معرض للأيقونات وقطع أثرية قبطية، لكنني اقترحت على “بينيدتي” توسيع المعرض ليشمل أثاراً من كل حقبة زمنية في مصر، ما قبل التاريخ والفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وبذلك يكون هذا المعرض معبراً عن الحضارة المصرية عبر العصور المختلفة.
ما مصير المعروضات بعد نهاية معرض إيطاليا؟
هذه النماذج المعروضة ملك الدولة المصرية وسيتم عرضها للبيع لتعود على مصر بعائد مادي، وربما تتسنى لنا الفرصة أن يتنقل المعرض من دولة إلى أخرى في أوروبا لعمل دعاية لمصر ولتشجيع السياحة، لكن لم تؤكد تلك الفكرة حتى الأن.
بالإضافة إلى أننا اتفقنا على تواجد نماذج صغيرة في بازار للبيع في مكان المعرض، وهذا سيعود على مصر بعائد جيد، سيعوض كل ما تم انفاقه على إعداد وتصوير وتنفيذ تلك النماذج.
ما القطع الأثرية التي وقع عليها الإختيار لتعبر عن حضارة مصر؟
تم اختيار 250 قطعة من معروضات مميزة مأخوذة من المتحف المصري والمتحف القبطي مثل نماذج من كنوز مجموعة توت عنخ أمون، ومجموعة من الألهة الفرعونية القديمة وأيضا تمثال أول مرة يتم عرضه وهو تمثال للإله “بتاح” إله الفنون في مصر القديمة. وتم اختيار هذا التمثال قديماً ليمثل أصل الفنون والحضارة والثقافة ليستخدم كرمز جائزة أوسكار للفنون العالمية. لكن أوسكار عمل تغييرات في بعض ملامح التمثال الأصلي، أما الذي سيتم عرضه في إيطاليا فسيكون مطابقاً للأصل الفرعوني، مع اختلاف الحجم، فالتمثال الأصلي طوله 60 سم أما ما سيتم عرضه في المعرض طوله حوالي 4 متر.
كذلك نعرض مجموعة مجوهرات توت عنخ أمون على مستوى عالي من الجودة ومرصعة بالأحجار شبه الكريمة كما كان قدماء المصريين يصنعوها تماماً.
إضافة إلى مجموعة الخزف الاسلامي مأخوذة من روائع المتحف الاسلامي، كذلك مجموعة يويا وتويا الفرعونية التي تعد من المجموعات التي لها صدى حلو والطلب عليها كبير. كل تلك النماذج نقوم باعدادها الأن لتسافر خلال أسابيع ليفتتح بها معرض “كنوز مصرية” في إيطاليا.
تمثال الإله الفرعوني “بتاح”
مجموعة ألهة فرعونية
من مجموعة مجوهرات توت عنخ أمون
أيقونة بكنيسة أبو سرجة
طبق خزف
كيف يمكنك منافسة منتجات الصين من النماذج الأثرية في السوق المصري؟
يمكننا المنافسة لأننا درسنا المنتج الصيني من حيث شكله وجودته وسعره، فالمنتج الصيني يقدم شكل غير المنتج الحقيقي ذي الطابع المصري والملامح المصرية، وأيضا يستخدم في صناعة تلك المنتجات مواد بلاستيكية معاد تدويرها وهذه تعتبر مضرة بالصحة والبيئة.. وبما أن حجم التجارة الصينية في مصر من هذا المنتج تبلغ 10 مليار جنيه في السنة، هذا يجعلنا نطالب الدولة بدعم هذه الحرفة وإدخال بعض الماكينات حتى يمكننا تغطية متطلبات السوق المحلية والعالمية، ولذلك يتم طرح منتجاتنا في السوق المصري بجودة أعلى وسعر منافس.. وبدأت منتجاتنا تتواجد بالفعل وعليها إقبال في المتحف المصري والمتحف الإسلامي ومتحف الحضارة ومتحف المركبات ونرسل منتجاتنا لكل البازارات المصرية بقدر الإمكان.
المشكلة الحقيقية التي نسعى لحلها الأن هو انتاج عدد كاف من نماذج الأثار ليشبع السوق، فالشغل اليدوي يستهلك الوقت بشكل كبير جداً، فبالرغم قيمته الأعظم كفن يدوي إلا أن شغل الماكينات مطلوب أيضا.
لذلك تم دراسة فكرة عمل شركة قابضة تتولى الإشراف على وحدة الانتاج لتوظيف المزيد من العاملين، ومنها يمكننا عمل خطوط إنتاج مميكنة للقدرة على تغطية احتياج السوق المصرية وبذلك نكون غطينا الشريحتين الفن اليدوي والفن المميكن.
والجدير بالذكر أنه فى نهاية أغسطس الماضى صدر قرار جمهورى جديد يحمل رقم ٤٢٢ لسنة ٢٠١٧ يجعل الشركة القابضة للاستثمار فى مجالات الآثار ونشر الثقافة الأثرية تابعة لوزارة الآثار، وبالتالى تفعيل الشركة القابضة خاصة فى ظل وجود مشروعات عديدة يمكن استغلالها لتنمية الموارد المالية فى المنشآت الأثرية الجديدة مثل المتحف المصرى الكبير بميدان الرماية والمتحف القومى للحضارة المصرية بمنطقة الفسطاط. وتضم الشركة مجموعة من الشركات التى تختص بإنتاج وبيع المستنسخات الاثرية وإقامة منشآت ثقافية مستوحاة من التراث الحضاري، وكذلك العمل على تنظيم المعارض الخارجية، بالإضافة إلى المساهمة والإشراف وتنفيذ أعمال الحراسة والأمن والنظافة والصيانة وكافة الأنشطة والفاعليات الثقافية والمشروعات التى تقام بالمتاحف والمناطق الأثرية. وتهدف إلى تحويل المناطق الأثرية فى مصر إلى تجربة متكاملة من الناحية السياحية والترفيهية والتعليمية، مع إمكانية تطوير صناعة النماذج الأثرية لإنتاج كميات أكبر وتسويقها بشكل أفضل.
كيفية حماية السوق المصري من العشوائية وسوء الجودة؟
منذ ثلاث سنوات، صدر قرار من وزير التجارة والصناعة بمنع دخول النماذج الأثرية للسوق المصري، لذا نحن نحتاج أن نملأ السوق المصرية بالبديل.. ونحن لن نستطيع عمل ذلك بمفردنا.. فمهدنا الطريق كوحدة النماذج الأثرية لبداية التحرك لكيانات متعددة من الفنانين والموهوبين لتكوين وحدات نماذج أثرية أخرى. فعليهم تطوير منتجاتهم في كل المحافظات السياحية لتلبية اذواق السياح.
وحالياً نعمل على وضع معايير للجودة، ونضع معايير للنموذج بحيث يتناسب من ثقافتنا وتراثنا وحضارتنا.
ما هي خطتكم للتطوير؟
لدينا خطة لزيادة أعداد العاملين وعمل خطوط انتاج مميكنة مع خط الانتاج اليدوي. وهذا سيجعلنا نغطي شريحة كبيرة من متطلبات السوق المصرية وسنستطيع أيضا التصدير إلى الخارج، ولمتاحف في الدول الخارجية، فكثير من المتاحف لديهم جزء عن الحضارة المصرية، وتمتلئ بازاراتهم من نماذج صغيرة معبرة عن الأثار المصرية، لذا سيكون هذا السوق أيضا متاح لدينا.
هل لديكم فكرة الاستفادة من طلبة الفنون أو كيانات أخرى من الشباب التي تعمل في نفس المجال؟
فعلاً قمنا دربنا شباب كثير وبعد التدريب عادوا إلى عملهم أو أقاموا مشاريع مشابهة. فنحن لا نرفض أحد طالما يعمل بكفاءة. ونتعاون مع جامعات مثل جامعة الفنون التطبيقية لتدريب الطلبة عملياً.
وحالياً توجد مبادرة من مجلس النواب، بتوسيع وحدة انتاج النماذج الأثرية عن طريق عمل بروتوكول مع الجهة الممولة، بأننا نستوعب عدد 200 متدرب كل شهرين أو 3 شهور ونخرجهم كدفعات متدربة لدينا لنفرز للمجتمع مجموعات لديها القدرة على عمل نفس فكرة وحدة الانتاج، فنحن نحتاج في مصر وحدات انتاج متعددة.
وسيكون لنا رقابة على هؤلاء الشباب، فكل متدرب سيكون له كود يتعامل به على كل منتجاته. فمن مصلحته أن الكود الخاص به تكون سمعته جيدة في السوق المصرية وهذا الكود سيجعل الشباب حريصاً لإثبات نفسه ودقته ونجاحه.
وبذلك نكون قد وسعنا دائرة العمل التي تنتج منتجات جيدة للسوق المصرية فتختفي السلع غير الجيدة تدريجياً.
وكل ذلك لا يهدف للتربح والدعاية عن مصر فقط ، بل هناك سبب مهم جداً، وهو محاربة العقول التي تجرم أصلنا وحضارتنا وتراثنا. فالشباب المتدرب يعتبر منبراً حياً متحركاً في انحاء المحافظات المختلفة يعلن عن عظمة هذا التراث. ولو اشتغل الشباب في المجال وتربح منه سيدافع عنه وسط كل من حوله، فمن المعروف أيضا أن الفنون بتهذب النفس.
كيف يمكن الاستفادة من الشباب في كل محافظات مصر مع اختلاف ثقافتهم؟
مصر بها أقاليم كثيرة ومختلفة وثرية، فإذا توجهنا للإسكندرية والساحل الشمالي ومطروح والبحيرة، سنجد فيهم لون الفن اليوناني والروماني.. ولو توجهنا لسيناء سنجد لون آخر في حياة البدو، ولو توجهنا إلى الفيوم وأسيوط وبني سويف سنجد لون مختلف مثل “وجوه الفيوم”، ولو توجهنا إلى قنا سنجد طابع مختلف تماماً، أما الأقصر وأسوان سنجد فيهما اللون الفرعوني والنوبة لها ألوان مختلفة تماماً. كل هذه القاعدة العريضة من الألوان المختلفة والحضارات المصرية المتعاقبة تتيح منتجاً كبيراً وكل منطقة تفرز الطابع الخاص بها فيتنوع السوق بمنتجات جميلة من كل تلك الألوان. فإذا تم تدريب شباب من كل تلك الأقاليم ستكون كل نواه منهم لها طابعها الخاص وسيشجع السائح لاقتناء كل تلك الألوان من الأنماط الفنية. ومن هنا يمكن الاستفادة من عمالة كبيرة في أعمال فنية بدل ما ينتهي بالشباب الحال على المقاهي!
آثار فرعونية بالأقصر
من وجوه الفيوم
أثار رومانية بالاسكندرية
هل يسمح لأي مستثمر أن ينشئ وحدة انتاج للنماذج الأثرية؟
نعم بالطبع، فإذا كنا قديماً نقبل منتجات الصين، فابن البلد الذي سيعمل بدقة سيكون أولى بالعمل فهذا متاح له طبعاً طالما لا ينتج مقياس طبق الاصل من الأثر.
ونحن نشجع الشباب المصري أن يخوض تلك التجربة ويحاول أن يدخل هذا المجال لخدمة السياحة القادمة إلى مصر.
ما الأسواق التي تستهدفونها تجارياً؟
نستهدف أوروبا وأمريكا بشكل أساسي.. لكن أحيانا يطلب منا منتجات من النماذج الأثرية في أماكن متنوعة، منها مثلاً أحد المعاهد التعليمية المتخصصة في البرازيل، ويستهدف شريحة الأطفال مع الكبار. هذا المعهد طلب مجموعة كبيرة جداً بقيمة مليون و400 ألف جنيه مصري. والمعهد سيكون نواه لتقديم معلومات تاريخية موثقة عن الحضارة المصرية من مختلف العصور. وهذه النماذج من المؤسسات التعليمية تحقق لمصر تواجداً قوياً داخل أمريكا اللاتينية للمرة الأولى..
وكيف تسوقون لمنتجاتكم غير المعارض؟
يتم التسويق لمنتجاتنا عن طريق المعارض التي نشترك فيها وعن طريق المواقع الالكترونية الخاصة بوزارة الاثار.
لكن كل هذا مجرد بدايات تتناسب مع حجمنا الأن، لأننا يجب أن نتوسع بالعمالة الجديدة قبل الاتفاق على حملات تسويقية أكبر.