– الفاطميون يذيبون الجليد بكندا !!
– دكتور مصطفى أمين: أبدع الفاطميون فى الرسم على الأطباق الخزفية أو الالواح الرخامية أو الخشبية وتطوير الخط بشكل خاص
– دكتور محمد عبد اللطيف: صلاح الدين الأيوبي لم يقم بتدمير الآثار الفاطمية فهى من أكبر الأخطاء الشائعة عنه
يعتبر معرض كنوز الفاطميون المقام حاليا بمتحف مؤسسة الاغاخان بمدينة تورنتو بكندا، نقله نوعية جديدة فى سياسة المعارض الخارجية، فقد اعتادنا دائما على الاهتمام السائد الذي كان منصب على الآثار المصرية القديمة ولم يكن هناك توجهات من المعارضين بالخارج للآثار الإسلامية منذ فترة طويلة، وهذا يؤكد زيادة الاستفادة من الموروث الحضارى المصرى من مختلف حقبه التاريخية منذ العصر الفرعونية مرورا بالعصور التالية اليونانية الرومانية والبيزنطية والاسلامية، وهذا يعنى اعطاء دلالاتين فى غايةالأهمية.
وتدل القطع المعروضة فى هذا الحدث العالمى والعلمى فى واحدة من أشهر مدن العالم بمدينة تورنتو بكندا ،والتى تعد أحد مراكز الثقافة وتلاقى الحضارات على أرض أمريكا الشمالية، حيث تدل على مدى ما وصل إليه هذا العصر من رقى وإبداع وتقدم فى مختلف مجالات الحياه وكيف أن الإمبراطورية التى صنعتها مصر فى هذه الفترة والتى امتدت على مساحات شاسعة من الأرض لم تؤثر ابدا على التدقيق والاختيار فى القرى بالحياة والعمل على أن تكون سهله ميسرة فى ظل ثراء واسع وذوق عالى وصناع مهرة وسياسة عظيمة وقوه تحميها، هكذا تحكى لنا قطع هذا المعرض عن مصر وحضارتها وعظمته لنعود من جديد إلى سابق عهدنا فى أوائل الأمم.
فهو يعتبر بُعدا جديدا لمصر لان الفاطميين فى الأصل وفدوا إلى مصر من بلاد المغرب الشقيق وهذا يعنى ويوضح لنا ،أن كل من جاء إلى مصر انصهر فيها وأصبح جزء من مكوناتها حتى أصبح هو ذاته يمثل مصر واصطبغ بصبغتها حتى تمصر تماما.
ومن ضمن فعاليات المتحف والترويج للمعرض إقامة محاضرة بعنوان عظمة وكنوز الفاطميون محاضرة القائها دكتور أسد الله سوران مالكيان شيرفانى مدير الأبحاث العلمية لمؤسسة اغاخان للخدمات الثقافية والمؤرخ التاريخى، والذى قضى معظم حياتة فى الرؤي الفنية والنصوص المكتوبة بالحضارة الإسلامية وله عده مؤلفات عن المغول وعده مؤلفات التى لها قيمتها فى الدراسات التاريخية والأثرية وخاصة فيما يتعلق بالدراسات المغربية.
وأثناء المحاضرة التى ألقاها الدكتور أسد الله عن عظمة الحضارة الفاطمية فى مصر وإلقاء الضوء على المقتنيات الأثرية التى ترجع إلى العصر الفاطمى وهذه المقتنيات محفوظة فى عده أماكن بدول مختلفة كالمتحف الاسلامى فى مصر ومتحف الصباح بالكويت ومتحف بيناكى باليونان والبعض المتاحف بالعالم ومنها إيران.
ويوضح دكتور مصطفى أمين مساعد وزير الآثار للشئون الفنية ورئيس البعثة المصرية، عن مدى أهمية الصور المختلفة التى استخدمها الفاطميون فى التعبير سواء بالرسم على الأطباق الخزفية أو الالواح الرخامية أو الخشبية بما فيها من عمق يمكن أن يتم التفكير به على أكثر من وجهه وعلى سبيل المثال استخدام الحيوانات بشكل خرافى، وكذا استخدام الأجسام الحيوانية بوجوه آدمية كذلك ظهور الكتابات الكوفية بأشكالها المتنوعه بداية من الكوفة البسيط إلى الكوفى المورق نهاية الأحرف بشكل وريقة إلى أن انتهت إلى ثلاث وريقات.
وبعد أن تمكن الخطاط من استخدام العنصر فى نهائيات أحرف الكلمات وصل إلى ذروة التطوير باستخدام ما يشبه مجموعة من الزهور المنبثقة من حروف الكلمات والتى أطلق عليه فيما بعد اسم الكوفى المزهر، وبذلك أصبحت الكتابة فى العصر الفاطمي تتميز بإستخدام العناصر النباتية مع أحرف الكتابات بل إنه زاد على ذلك بأن بداء يستخدم النص الكتابى فوق شبكة من العناقيد النباتية المحورة والتى تتماشي تماما مع عدم محاكاة الطبيعة، وذلك وفقا للنهج الإسلامى.
ويقول أمين، كان السبب الأهم فى هذا العصر أن هناك شىء غير اعتيادي ومحير حول الفاطميين ،كما لو أنهم قدموا تطوراً استثنائياً ضمن الثقافة الإسلامية فى عصر طغت فيه حركات السلالات الإثنية الممتدة من إسبانيا وحتى بلاد ما وراء النهر، فقد كانت الخلافة الفاطمية إسلامية بشكل واسع يشمل الجميع رغم كونها متركزة حول العرب، فلقد كان لها قوة سياسية ودينية شاملة ولكن إرثها الأكثر وضوحاً كان فى تحويل مصر لمركز عظيم للثقافة الإسلامية من دون أسلمتها أو استغلال اقتصادها.
وكان هناك استفسارات عديدة علمية وأثرية وتاريخية من الحاضرين حول محاضرة دكتور أسد الله والذى أجاب عليها الدكتور محمد عبد اللطيف مساعد وزير الأثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، ومن بين تلك الأسئلة سؤال هل قام صلاح الدين الأيوبي بتدمير الآثار الفاطمية أو أجزاء كثيرة منها فى مصر بعد وصوله للحكم ؟
وأجاب دكتور محمد عبد اللطيف أنه فى الحقيقة هذا ادعاء غير صحيح على صلاح ولم تثبت أى من تلك الروايات لدى المعاصرين للأحداث ولكن الحقيقة أن صلاح الدين كان به توجه ايدلوجى مذهبى يميل للمذهب السنى ،وبالتالى فقد كانت قضيته الأساسية ضد الفكر الشيعة وليس ضد الأشخاص أو الآثار الناتجة عنهم.
ونستدل على ذلك بحقيقيتين اساسيتين أولهما أن صلاح الدين كان وزيرا لآخر الخلفاء الفاطميين بمصر وهو الخليفة العاضد لدين الله أما الحقيقة الثانية فهل تكمن فى الجامع الأزهر الذى كان يمثل وقتها فى العصر الفاطمى معقل الشيعة الأول فى العالم، وعلى الرغم من ذلك لم يقم صلاح الدين بهدمه أو إتلافه أو تحطيم أجزاء منه باعتباره أيضا دور عباده يجب الحفاظ عليها، ولكن قام باغلاقه لفترة طويلة حافظ عليها خلفاؤه من بعده واستمرت قرابة المائة عام حتى أعيد افتتاحية مرة أخرى فى عصر الظاهر بيبرس فى بدايات عصر المماليك البحرية ،وكان من الممكن أن يفعل صلاح الدين عملية عدم الأزهر دون أن يستطيع أحد معارضته ولكنه لم يفعل لأنه كان فقط يحارب الفكر ومن ناحية أخرى فإن الفترة الانتقالية ما بين الحكم الفاطمى والحكم الأيوبي ،وبالتالى فمن المحتمل حدوث بعض التجاوزات الطفيفة من بعض القادة الصغار المواليين للنظام الجديد أو من بعض المتعصبين مذهبية وهذا شىء وارد حداثة فى مثل هذه الفترات الزمنية من التاريخ ولكن المؤكد أن تلك التجاوزات لم تحدث ابدا بناءة على تعليمات أو أوامر من صلاح الدين فهو كان حريص على ذلك كل الحرص من أجل جمع شتات كل القوى فى سبيل الاستعداد لمعركة تحرير القدس.
كما تم مقابلة المشرف على معمل ترميم الأغاخان دكتور إدواردو بورتا العالم والمرمم الأسبانى، حيث عمل فى مصر منذ أكثر من 15 عاما سواء كان فى ترميم بعض القطع الأثرية فى متحف الفن الإسلامى بمصر ،وحتى إن تم إنشاء بقلعة صلاح الدين الأيوبي والذى استطاع هو وزملاءة من المرممين المصريين أن يقوموا بترميم العديد من لقطع الأثرية الهامة وبخاصة القطع التى تنتمي إلى عصر الفاطميين ومنها بالفعل عدد من القطع الأثرية المعروضه فى معرضا هذا فى تورنتو وقد لفت هو النظر إلى القطع التى قام بالمساعدة فى ترميمها وما لها من أهمية وبخاصة القطع الرخامية الكبيرة الحجم والمليئة بالنقوش النباتية وهى غاية فى الإبداع.
يتكون متحف اغاخان بمدينة تورنتو بدولة كندا من مجموعة قاعات العرض وقاعة للمحاضرات وبه مطعم مميز للغاية حيث يحتوى على سقف معلق به أشكال مختلفة من الخشب الملون والمزخرف بالزخارف النباتية والهندسية والكتابات الإسلامية.. فقد تم إنشاء هذه القاعة على الطراز الإسلامى مما يعطى الإحساس بوجود طابع الفنون الإسلامية فية ليتمتع به زوار المكان من الأجناس المختلفة.
وأيضا عند الدخول إلى المتحف مدخل المتحف هناك مكان مخصص لبيت الهدايا الذى به جميع المشغولات والمنتجات الإسلامية والمقلدات من أعمال العصر الفاطمى والتى تروج للمعرض وتلقى إقبال كبير من الزائرين مثل أعمال خان الخليلى .
وقد لاحظا خلال الثلاثة أيام التى توالت الافتتاح للمعرض إقبال كبير من الزوار على شراء الهدايا التذكارية المميزة من المشغولات المصرية العالية الجودة.
ويوضح د.محمد كامل المرافق للمعرض من قطاع المتاحف أن بيت الهدايا به عدد من المؤلفات والاصدارات والهدايا الخاصة بالمعرض للزوار وعليها صور لبعض القطع الاثرية المعروضة بالمعرض وهذا يعتبر من أهم الأنشطة الترويجيو للمعرض ودعاية له. بل كان هناك أكثر من رحلة مدرسية لطلاب المدارس لزيارة المتحف بعد سماعهم عن افتتاح معرض «عصر الفاطميون» .. كما جاءت رحلة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة ليتعرفوا على قيمة هذا العصر والتمتع بالآثار المصرية.
كما أن جميع التذاكر التى يتم بيعها هناك اتفاق خاص بين ادارة المعرض ووزارة الاثار باقتسماها مناصفه بينهم .
وهذا ماتم التأكيد عليه بين الجانبين و هناك تقرير اسبوعي بإيراد المعرض سيرسل أسبوعيا للقاهرة حسب الاتفاق المبرم بين الجانبين بإقتسام ريع المعرض مناصفة بين الجانبين خمسين بالمائة وخمسين بالمائة.
ويؤكد كامل أن هناك اهتمام كبير من مسئولي المؤسسة بالدعاية وتسويق المعرض وهناك اهتمام امني داخل وخارج قاعة العرض من قبل مصر وتواجد أحد رجال الأمن المرافق للمعرض بصفة دائمة .
ويشير كامل إلى أن طرق آليات العرض للقطع وتأمينها داخل الفتارين حفاظا على آثريتها متبع بجميع المقاييس سواء من درجة حرارة ورطوبة وإضاءة وطرق واليات العرض.
وهناك متابعة يومية من الأثري والمرمم المرافقين للمعرض منذ وصول القطع وفض الصناديق وتأهيل القطع للعرض وكتابة بطاقات الشرح باللغة الإنجليزية ليخرج المعرض في أحسن صورة كما حرصت إدارة المتحف علي وجود اصدارات لكتب .. باللغة الإنجليزية .. ومطبوعات بالألوان تبرز أهم معالم التراث والثقافة الفاطمية بداخل قاعة العرض.. ووجود تقنيات حديثة مثا الجدارية التي يعرض عليها فيلما تسجيليا لقاهرة المعز لدين الله واهم معالمها الآثرية من مساجد وأضرحة وأبواب القاهرة الفاطمية .. باب النصر وباب الفتوح وباب زويلة .. وظهور أعمال ترميم هذه المعالم الاثرية والمآذن التي توضح إهتمام الدولة المصرية ممثلة في وزارة الآثار بكل اثارها علي مر العصور ومن بينها اثار الفاطميين في مصر أم الدنيا.