أشار المركز المصري للدراسات الاقتصادية إلى أن مشكلة الصرف الصحي في مصر تُعد من كبرى التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري لارتباطها المباشر بالحياة اليومية للمواطنين، وما يترتب عن غياب شبكات الصرف الصحي من تدهور للأوضاع الصحية للمواطنين وبالتالي فإن حل مشكلة الصرف الصحي تعني موازنة أقل لمعالجة المشاكل الصحية على المدى الطويل ، منوهاً أن مشكلة الصرف الصحي لا تعد مشكلة إجتماعية فحسب، بل لها أيضاً انعكاساتها الاقتصادية مثل تدنى إنتاجية العمال لسوء الأحوال الصحية، وكذلك انخفاض الإنتاج الزراعي من جراء تلوث الترع والمصارف، هذا بالإضافة إلى إمكانية استغلال مياه الصرف الصحي المعالجة في الأغراض الزراعية (المحاصيل العلفية وزراعات الزينة) ، مؤكداً أن مشكلة الصرف الصحي لا تنحصر في مصر على إرتفاع نسبة القرى التي لا توجد بها شبكة للمجاري العامة والتي وصلت وفقاً لتقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2015 إلى ما يقرب من 74.3% من القرى في مصر، بل أيضاً تعاني القرى المصرية من سوء الخدمة في حالة توفرها في صورة الإنسداد المتكرر لشبكات الصرف الصحي .
وأوضح “المصري للدراسات الاقتصادية” أن الحكومة المصرية تولي اهتماماً كبيراً لمعالجة مشكلة الصرف الصحي، وهو ما انعكس في إعداد الاستراتيجية القومية للصرف الصحي بالقرى عام 2017 ، بحجم استثمارات يقدر بحوالي 198 مليار جنيه (أسعار 2017)، إلا أننا يجب أن نلحظ أن المدى الزمني المقترح لتنفيذ الاستراتيجية طويل مقارنة بأهمية المشكلة على النحو السالف ذكره، حيث إنه من المقترح أن يتم تنفيذ الاستراتيجية حتى عام 2032، ومن ناحية أخرى نجد أن التنفيذ الفعلي للاستراتيجية مرهون بتوفر الموارد المالية الازمة، وبالتالي فقد يكون من المفيد تنفيذ مشروع قومي للقضاء على مشكلة الصرف الصحي في مصر بتضافر جميع الجهود ومصادر التمويل على غرار المشروع القومي للقضاء على فيروس سي بما يسمح بالقضاء على مشكلة الصرف الصحي في أقل فترة زمنية ممكنة ، مشيراً إلى أن الإستراتيجية على المشاركة الفعالة للقطاع الخاص والمجتمع المدني وهو توجه مطلوب وضروري، إلا إنه يجب التأكيد على أن الأصل هو أن إقامة شبكات الصرف الصحي هي مسؤولية الحكومة في المقام الأول، هذا بالإضافة إلى أهمية الدور الرقابي للحكومة في متابعة أداء القطاع الخاص وهو ما يتطلب سن التشريعات الملائمة فيما يتعلق بالموصفات القياسية لشبكات الصرف الصحي، وكذلك مواصفات المياه الناتجة من محطات الصرف الصحي، وتعليمات التخلص من الرواسب الناتجة عن عمليات المعالجة، وكذلك التأكيد على فاعلية آليات الرقابة المٌطبقة. كما يجب التأكيد على أهمية دور المجتمع المدني في الرقابة على جودة أداء منظومة الصرف الصحي بصفة عامة.
ويرى “المركز” أن جودة خدمات الصرف الصحي المقدمة للمواطنين لا ترتبط فقط بمرحلة الإنشاء إنما ترتبط أيضاً بالتشغيل والصيانة، ولذا من المهم أن يتم وضع نظام التسعير بما يضمن تغطية تكاليف التشغيل وصيانة الآلات وفي نفس الوقت مرعاة البعد الاجتماعي. هذا وتعتمد مصر على نظام تسعير لخدمات الصرف الصحي كنسبة ثابتة من تعريفة المياه وتقدر وفقاً لقرار رئيس الوزراء 1730 لعام 2017 بـ 63% بالنسبة للصرف المنزلي و92% بالنسبة للصرف غير المنزلي. هذا بالإضافة إلى تحصيل2.5 جنيها في حالة الاستخدام المنزلي و 5 جنيهات في حالة الاستخدام غير المنزلي يتم تخصيصها لأغراض استدامة الخدمة، ويتميز هذا النظام بسهولة إدارته، إلا إن المعايير التي تم على أساسها وضع هذه النسب غير واضحة وكذلك إلى أي مدى سوف تحقق المبالغ التي سيتم تحصيلها الأهداف المرجوة منها وخاصة في ظل أنه سيتم توزيع مقابل استدامة الخدمة مناصفة بين المياه والصرف الصحي ، ولابد من التأكيد على أهمية التعامل مع المشكلات التنفيذية المرتبطة باستكمال شبكة الصرف الصحي والتي من بينها على سبيل المثال إحجام المواطنين عن تركيب الوصلات المنزلية نتيجة تكلفة تركيب الوصلات إلى المنازل والتي تصل في بعض التقديرات إلى 1000 جنيه وهي تكلفة مرتفعة وخاصة في القرى التي ترتفع معدلات الفقر بها، هذا بالإضافة إلى بعض المشكلات الأخرى مثل تلك المرتبطة بتخصيص الأراضي وتسليمها لإنشاء محطات الصرف الصحي والمعالجة.
تم إعداد الاستراتيجية القومية للصرف الصحي بالقرى في إطار مشروع المساعدة الفنية للشركة القابضة للمياه والصرف الصحي الممول من قبل الاتحاد الأوروبي والذى تضمن في مكونه الثالث تحديث الاستراتيجية القومية للصرف الصحي بالقرى، وكافة المعلومات الواردة هنا تم الحصول عليها من المسودة النهائية للاستراتيجية والصادرة عن المشروع في مايو 2017.
كان الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية قد استعرض مؤخراً الموقف التنفيذي لمشروعات صرف صحي القرى بمحافظة بالمنيا، وذلك خلال اجتماعه بمسئولي قطاع مياه الشرب والصرف الصحي بالوزارة ، وقال يُجرى توصيل خدمات الصرف الصحي لـ77 قرية، بما نسبته 21 %، من إجمالي قرى المحافظة البالغ عددها 368 قرية، بخلاف 20 قرية مخدومة بما نسبته 5.4 %، موضحاً أنه من المقرر الانتهاء من توصيل خدمات الصرف الصحي لـ6 قرى تباعاً حتى نهاية يونيو 2018، وهي: (كفر مهدي – العدوة، بان العلم – العدوة، حرز – أبوقرقاص ، صفانية – العدوة، أبوجرج – بنى مزار، تانوف – ديرمواس.