لاطالما كان هذا المشهد المكرر في الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن ركوب الخيل.. المشهد يكون كالتالي: بطل أو بطلة يمتطي حصان, ثم يحدث حادث ما يجعل رجل الحصان تنكسر, فيقوم البطل بإشهار سلاحه الناري ويبادر بقتل الحصان المكسور على الفور.. كان دائما هذ المشهد يُطرح.
وأعتقد أن التساؤل قد طرق على أذهان الجميع, وهو لماذا لم يُعالج هذا الحصان ويرجع ثانياً سليم معافى, ألا يوجد أي حل إلا القتل له, ألا يوجد حل طبي؟! وكانت المفاجئة أنه بعد بحث وافي اتضح أن أفضل وسيلة “رحيمة ” للحصان المكسور هي القتل – والقتل السريع أيضاً وذلك للأسباب التالية:
العظام الخفيفة
لا يمكن مقارنة قدم إنسان مكسورة مع قدم لحصان مكسورة فالمقارنة هنا ظالمة, لأن العظام لدى الطرفين مختلفة للغاية.
تنتقى أحصنة السباق وتُربّى بعناية فائقة لكي تكون مصممة من أجل السرعة، وتوضح الطبيبة البيطرية ”جيني هال“ لصحيفة الغارديان:
عظامهم أصبحت أخف، إنها قوية للغاية لتحمل أوزانها، وخفيفة لتستطيع أن تعدو بسرعة. لذا، ولسوء الحظ، قد تتحطم العظام عند تعرضها للكسر في بعض الحالات.
وما يزيد الطين بلة، أن العظام تلتوي قبل أن تنكسر، مما يسبب تشوه دائم، و تقول صحيفة الغارديان:
حتى لو أمكن جمع العظام المكسورة من جديد، سينتهي الأمر بعظمة شديدة الالتواء بعد الشفاء.
تحوي الأجزاء السفلية لأطراف الحصان أنسجة صغرية ورقيقة، ما يعني أن العظام تتسبب بتمزق الجلد عند انكسارها، و هذا ليس السبب الوحيد الذي يزيد من صعوبة العلاج بل إنه يؤثر على تدفق الدم المحدود الواصل إلى الجزء السفلي من القدم، مما يضعف إمكانية العلاج وفرص نجاحه.
التشريح المعقد
تعتبر بنية عظمة قدم الحصان المعقدة مشكلة إضافية، فكما يشرح موقع ”هاو ستاف ووركس“:
من بين مئتين وخمس عظام تُشكل جسد الحصان كاملا، ثمانون منها تتواجد في الأطراف. والنظام المعقد المكون من المفاصل، والأربطة، والأوتار، والغضروف، والسائل المزلّق، والصفائح والحوافر التي تساهم في فعالية سرعة الحصان المذهلة، تكون هي السبب في انهيارها.
باختصار، إن ترميم القدم المصابة مهمة مستحيلة.
الكائن الضحية
إن الحصان ضحية بشكلٍ ما، فعلاج ساق مكسورة يتطلب إزاحة الوزن عن المنطقة المتضررة، وهذا الأمر خارج عن سيطرتها كونها تطورت لتبقى واقفة على أقدامها طوال الوقت.
ويضيف موقع ”ألتيمايت هورس“:
محاولة منع الحصان من التعرض لإصابة جديدة أمر صعب في مرحلة التعافي والعلاج، فقد تدهس بعضها، أو تتحمس قليلاً وترغب بالقيام بجولة في الجوار. وببساطة شديدة، قد تشعر بالملل كونها مربوطة وتنتابها رغبة بالخروج.
ويضيف:
عندما كَسر حصان السباق ”ألايدر“ ساقه في الخامسة عشر من عمره، خضع لعمل جراحي، لكنه كسر ساقه مرة أخرى بعد يومين، فانتهى به الأمر بالموت الرحيم.
ماذا عن الرافعات؟
على الرغم من أنها قد تزيل الضغط عن الساق المصابة، تسبب الرافعات القرحة المعديّة، وتضغط على الأعضاء الداخلية بقوة، والتأثيرات ذاتها قد تحصل عند طرحه أرضاً، حيث تتراكم السوائل مسببةً التهابات رئوية.
الوزن العامودي
إن كسر كلب (على سبيل المثال) ساقه، يستطيع أن يستعين بالثلاثة المتبقية على عكس الحصان، حيث تكمن المشكلة في الحوافر كما توضح صحيفة الغارديان:
هي قوية كفاية لتحمل وزنه عندما تتوزع الـ500 كغ من الثقل على الأطراف الأربعة، أما في حال كسره لإحدى سيقانه فإنه يحاول الاستعانة بالثلاثة الأخرى باستمرار، والوزن الزائد يسبب مشاكل خطيرة على صفائح وطبقات قواعد القدم.
تشخيص سريع
ما يصيب المتسابقين والعامة غالباً هو سرعة اتخاذ القرار بالقتل الرحيم للحصان، لكن الطبيبة ”هال“ تنبأ صحيفة الغارديان بأن هناك مسعفين مدربين متواجدين ضمن المضمار للوصول بسرعة و عادةً ما يتخذون القرار الأسهل.
وبالنسبة لموضوع إجراء تقييم سريري شامل، و البحث عن أي حل بديل بسرعة، تقول هال: ”إن الخيول التي تتعرض لإصابات بليغة وخطيرة للغاية لا يمكن أن نكون قد تسرعنا في إنهاء حياتها، فهي لن تحصل على أي فرصة جديدة، فذاك الساق الذي أصيب لن يتحمل عبء أي وزن بعد الآن.“