أكد نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة، وسكرتير المجمع المقدس، في صلاة تجنيز مثلث الرحمات الأنبا أنطونيوس أسقف منفلوط بدير الأمير تادرس الشطبي، أن نيافة الأنبا أنطونيوس حصل على الخلاص بحمله عدة صلبان، وكانت الكلمة كالتالي:
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
يحكي الكتاب المقدس إنه في يوم من الأيام جاء شاب إلى السيد المسيح، يسأل سؤال يدور في خاطر كل إنسان: أيها المعلم الصالح ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟!
فأجابه السيد المسيح: احفظ الوصايا، فقال لها هذه حفظتها منذ حداثتي، فقال له إذن يعوزك شيء أذهب بع كل ما عندك، ووزع على الفقراء، فيكون لك كنز في السماوات، ثم تعال اتبعني حاملًا الصليب.
وللأسف القصة مشيت في منحنى سلبي فهذا الشاب مضى حزينًا لأنه كان ذا أموال كثيرة. وتمر السنون وتتكرر القصة بمنحنى جيد، جاء شاب وهو سيدنا (يقصد المتنيح الأنبا أنطونيوس) حينما كان شابًا في سن صغير وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟
وقال له السيد أحفظ الوصايا
فأجاب سيدنا حفظتها منذ حداثتي وواضح أن سيدنا منذ حداثته كان إنسانًا فضائلي ونحن عاشرناه ورأينا فيه الفضائل العديدة.
فقال له السيد اذهب وبع كل مالك واحمل الصليب
ففرح وباع كل شيء وترك مؤهله ووظيفته وانضم إلى دير السريان ١٩٨٠ ووقتها كان سيدنا سنه ٢٩ سنة وترهب حاملًا صليب الرهبنة. وأراد مخلصنا الصالح أن ينعم عليه بصليب أعظم وهو صليب الخدمة الأسقفية فأقيم أسقفًا لهذه الإيبارشية المباركة ورعى شعبه أحسن رعاية على مدى ٣٢ سنة حاملًا الصليب. وأراد إلهنا الصالح أن تكون نياحته في يوم تذكار الصليب المجيد الذى حمله مع المسيح.
وفي إيمان كنيستنا أن خلاص الإنسان هو أن يدخل السماء. في كل يوم يتم لنا خلاص مرحلي أما الخلاص النهائي فهو دخول السماء.
والآن أبونا القديس الأنبا أنطونيوس حصل على الخلاص المجيد بدخوله إلى أحضان القديسين بعد أن حمل الصليب؛ وحمل سيدنا عدة صلبان:
١- صليب البتولية والجهاد الروحي:
كل الناس يشهدوا بنقاوته وعفته وحياته الرهبانية التي لم تنقطع منذ حداثته حتى يوم نياحته.
٢- صليب الرعاية:
معلمنا بولس الرسول بيوصف هذا الصليب وبيقول” عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ، منْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟، إِنْ كَانَ يَجِبُ الافْتِخَارُ، فَسَأَفْتَخِرُ بِأُمُورِ ضَعْفِي”
الأسقف يحمل صليب ثقيل والكاهن عند رسامته يضع الأب الأسقف يده على رأسه والأب الأسقف لما بيسام يضع الأب البطريرك يده على رأسه وأحنا عارفين إن الذبيحة في العهد القديم كان يأتي الإنسان معترفًا بخطاياه ويضع يده على رأس الذبيحة فتذبح عنه.
وضع اليد في الكنيسة معناه أن الكاهن والأسقف قبل أن يكون ذبيحة، وتوضع عليه اليد ليحمل عن كل الشعب أنينه ومتاعبه ويحمل خطاياهم ولا يئن في يوم من الأيام كما قال بولس الرسول “قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ وَلكِنَّنَا فِي هذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا”.
سيدنا حمل صليب الرعاية خلال ٣٢ سنة وواجه صعاب كثيرة ولكنه تحمل بكل شكر دون تذمر والآباء يشهدون أن مفيش مكان في منفلوط إلا وسيدنا عمر فيه في هدوء وصمت ووداعة ملائكية وحمل صليب الرعاية.
٣- صليب المرض:
سيدنا حمل صليب المرض والألم ولكن لم نرى الابتسامة تفارق وجهه وكان يحتمل بكل شكر مثل المسيح وبيقول معلمنا بطرس في رسالته ” فَقَاوِمُوهُ، رَاسِخِينَ فِي الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ”
وأي إنسان عرضة أن يتألم بأي نوع من الألم لكن حينما نتألم بشكر وصبر وطوله بال تحسب هذه الآلام شركه في آلام المسيح. وهذا هو طريق الخلاص أن نتحد بالمسيح في آلامه ونتحد معه، وزى ما قال معلمنا بولس الرسول ” إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ “وفى رسالته إلى أهل رومية ٨ : ١٨ قال” فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا”.
بكل تأكيد سيدنا تعب في أمراضه وخدمته لكن المجد الذى يتمتع به الآن قال عنه الكتاب “خِفَّةَ ضيفتنا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا”
علشان كدة بنقوله مبروك وهنيئًا لك وسلامة الوصول للمحطة الأبدية والبيت الأبدي.
باسم قداسة البابا تواضروس الثاني وباسم كل الآباء الأحبار الأجلاء آباء المجمع المقدس والمطارنة والأساقفة وباسم كل الكنيسة القبطية نودع الى أحضان القديسين في فردوس النعيم هذا الحبر الجليل والعمود الشامخ في كنيستنا القبطية ونقوله ياسيدنا متنسناش وصلي لنا أمام العرش الألهى وأذكر شعبك والله لا يتركهم يتامى بل يتعهدهم بالرعاية ويقيم لهم راعيًا صالحًا ليكمل المسيرة والمشوار.
ربنا يبارك حياتكم ويعزيكم ومن كل قلبي بقدم لكم التعزية نيابة عن قداسة البابا وكل المجمع وصلوا من أجلنا ومن أجل الكنيسة ومن أجل تدبيرها ربنا يبارك حياتكم لإلهنا المجد الدائم إلى الأبد أمين.