عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية ندوة بعنوان “التمويل والتعثر: المشاكل المزمنة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة هل من جديد؟”، برئاسة الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، وبحضور نخبة من الخبراء والمعنيين.
وناقشت الجلسة الأولى تعميق قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الاستفادة من آليات التمويل غير المصرفية، حيث أكد الأستاذ علاء سبع، الشريك المؤسس لشركة BPE Partners وعضو مجلس إدارة المركز المصري ومدير الجلسة، أن هذا النوع من المشروعات مهم للغاية في مكافحة البطالة، وتوفير فرص العمل، مضيفا أنه دائما ما نتحدث عن البنوك فقط لتمويل هذه المشروعات، رغم وجود العديد من الجهات غير المصرفية التي يمكنها توفير التمويل اللازم من خلال أدوات مالية مختلفة، وشهدت السنوات الأربعة الماضية طفرة كبيرة في مجال الشركات العاملة في التمويل من خارج القطاع المصرفي، وبعض الشركات العاملة في رأس المال المخاطر.
وعرضت عُلا جاد الله، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية لضمان مخاطر الصادرات، طبيعة عمل الشركة التي توفر حماية للمصدرين من المخاطر السياسية والاقتصادية في حالات التصدير خاصة إلى المناطق التي ترتفع فيها الخطورة مثل السوق الأفريقي أو مناطق النزاعات. ويقتصر عمل الشركة على توفير الحماية للشركات التي يقتصر تصديرها على الحسابات المفتوحة وليس الإعتمادات المستندية لأن البنوك توفر الحماية المطلوبة في هذه الحالة.
وأوضحت عُلا أن شركتها تقوم بنشاط التخصيم وهو إمكانية إقراض الشركات بقيمة فواتير بيعهم للمنتجات، والمسألة هنا ليست الوضع المالي للبائع “المقترض”، ولكن قدرة مشتري البضاعة على السداد، فإذا توفرت هذه القدرة يتم تقديم القرض، وهو ما يسهل العمل للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقوم بالتصدير وكذلك العاملة بالسوق المحلى.
ومن جانبه قال طارق فهمي، رئيس شركة التوفيق للتأجير التمويلي، إن نظام التأجير التمويلي يعمل في مصر منذ نحو عشرين عاما، غير أن القطاع شهد طفرة خلال السبع سنوات الماضية؛ حيث ارتفع عدد الشركات العاملة بالسوق المصري من ست شركات عام 2006 بعقود قيمتها 3 مليار جنيه، إلى 32 شركة تعمل بعقود قيمتها 28 مليار جنيه في نهاية 2017.
وشرح الأستاذ فهمى نظام التأجير التمويلي الذي يعتمد على وجود مؤجر “شركة التأجير التمويلي” ومستأجر “العميل أو المصنع”، وتدخل شركة التأجير في شراء الآلات والمعدات للعميل وسداد قيمتها لتكون مالكة لهذه الأصول لحين قيام العميل أو المصنع بسداد الإيجار ومن حقه في نهاية المدة الحصول على هذا الأصل “الآلات” بقيمة مالية اسمية، وهو نظام سريع في تمويل المشروعات ومحبب لدى كثير منها، وأصبح متاحا للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال 4 شركات متخصصة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولكن يشترط أن تكون هذه الشركات منضبطة ماليا ولديها مراقب حسابات معتمد من البنك المركزي لضمان قدرتها على الاقتراض والسداد.
وطالب أن تحصل الشركات العاملة في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، سواء من خلال التأجير التمويلي أو صناديق الاستثمار، على الأموال من البنوك بفائدة مخفضة ضمن “مبادرة إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة”، وذلك لضمان إعادة إقراضها لهذه المشروعات بفائدة منخفضة، حيث يتم الإقراض حاليا بسعر الفائدة البنكية الحالية مضافا إليها ربحية الشركة المقرضة، ويمكن أن تصل قيمة الفائدة إلى 25% مما يمثل عبئا على الشركات الصغيرة.
وقال الدكتور هاني توفيق، الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر، إن أهم مشكلات الشركات الصغيرة والمتوسطة تتعلق بالإدارة؛ حيث تدار بعقلية الرجل الواحد وليس لها جهاز إداري رسمي، كما أن لديها ميزانيتين الأولى غير حقيقية لتقديمها إلى الضرائب والثانية حقيقية يتم إخفاؤها، وهو ما يعرضها للإفلاس والفشل، وهنا يأتي دور صناديق الاستثمار في تعديل أوضاع هذه الشركات بفصل الملكية عن الإدارة وإعادة بناء القوائم المالية وعمل دورة مستندية للشركة، وتعيين مدير مالي، مطالبا بتسهيلات من الحكومة في تأسيس شركات صناديق استثمار المشروعات الصغيرة والمتوسطة حتى لا تضطر إلى أن تؤسس بنظام “الأوف شور”.