تستعد الحكومة لإشراك القطاع الخاص فى إدارة السكك الحديدية من خلال إطار تشريعى ،وذلك بعد موافقة مجلس النواب على مشروع القانون إذ يمتد التزام المستثمرين لمدة 15 عاماً، حيث أكد خبراء النقل والاقتصاد على أن اتجاه الحكومة لإجراء تعديل قانونى يسمح بدخول الاستثمارات الخاصة فى منظومة السكك الحديدية، يستهدف تطوير ودعم مرافق الهيئة بشكل فعال.
باشتراك القطاع الخاص فى تطوير وإدارة أصول وخدمات مرفق السكك الحديدية فى مصر، حيث باتت الحاجة أمرا ملحا فى المنظومة والعمل وإعداد خطة قريبة ومتوسطة الأجل لتطوير قطاع السكك الحديدية، مشيرين الي إشراك القطاع الخاص فى تطوير وإدارة أصول وخدمات مرفق السكك الحديدية فى مصر ، خاصة أن عدد المستفيدين من المرفق يبلغ 350 مليون راكب سنويا مقابل حجم متواضع للايرادات لا يتعدى 2 مليار جنيه سنويا، فى حين أن المرفق حقق خلال العام الماضى فقط 4 مليارات جنيه خسائر ويحتاج إلى نحو 143 مليار جنيه لتطويره.
قال المهندس هشام عرفات وزير النقل ان مرفق السكك الحديدية، بلغ خسائرها تسير بخطى مطردة نظرا لتردى وضعها الاقتصادي وعدم وجود أفكار خارج الصندوق يمكن أن تسهم فى تعظيم إيرادات هذا المرفق.
وأشار عرفات ان ضخامة الخسائر وضخامة تكاليف التطوير حيث يعد القطاع الخاص شريك رئيسى وطوق نجاة فى مساعدة هذا المرفق على تجاوز هذه الخسائر ،مشيرا إلى هذا المرفق على أنه هيئة اقتصادية من المفترض أنها تدر دخلا للدولة وليس العكس والاعتماد على أسلوب إدارة يضمن الاستغلال الأمثل للموارد التى تشمل أسعار الخدمات والقروض والمنح.
ونفي عرفات أنه لن يتم خصخصة قطاع السكك الحديدية نهائيا وإنما ستتم الاستعانة بالقطاع الخاص فى صورة شراكة مع الدولة بنظام عقود الامتياز خاصة فى مجالى الصيانة وإنشاء خطوط جديدة بالسكك الحديدية.
أضاف عرفات أن تكلفة التطوير تتخطى 140 مليار جنيه وهى تكلفة من الصعب أن تتحملها الدولة منفردة خاصة فى مثل هذا التوقيت وكان لزاما التفكير فى سبل أخرى تخفف من الأعباء عن الدولة، وفى الوقت نفسه تعمل على زيادة كفاءة السكك الحديدية والخدمات المقدمة من خلالها.
ولفت إلى أن هناك العديد من المشكلات التى تواجه السكك الحديدية منها تهالك العديد من الجرارات وعدم تطوير المزلقانات التى يفوق عددها 1300 مزلقان بالشكل الكافي، كما أن أطوال السكك الحديدية حاليا لا يمكن أن تفى بمتطلبات نحو 350 مليون راكب يعتمد على النقل بالقطارات سنويا، كما أن السكك الحديدية لم يصبها التطوير بشكل حقيقى منذ الخمسينيات.
وفى هذا الصدد كشف عرفات عن أنه تم التعاقد مع شركة أمريكية لشراء 100 جرار على أن تدخل الخدمة فى 2019، فضلا عن أن هناك اتصالات حالية بين وزارة النقل وشركة سيمنس الألمانية لتطوير الإشارات وتحويلها إلى كهربية، فضلا عن اتصالات مع الجانب الفرنسى والبريطانى للاستثمار فى مرفق السكك الحديدية.
وأشار عرفات إلى أن الوزارة تخطط لزيادة حجم البضائع المنقولة سنويا عبر السكك الحديدية، لتصل إلى 25 مليون طن، بحلول عام 2023.
ومن جانبة قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ان القطاع الخاص طوق النجاة، مشيرا أن القطاع الخاص هو ركيزة أساسية فى الاستثمار فى أى من قطاعات الدولة الاقتصادية ومنها السكك الحديدية.
وأشار عبده الي خسائر السكك الحديد بلغت ه 43 مليار جنيه ، موضحا انه لا توجد هيئة أو مرفق حكومى يحقق أرباحا أو مكاسب وتراكمات الفشل عبر سنوات سبب فى أزمة وخسائر هذه المرفق التى يشهدها الآن كبيرة. هذا القطاع غير منتج ولا يقدم خدمة جيدة ولابد من شراكة القطاع الخاص لانتشاله من الخسائر والسكك الحديدية فى حاجة ماسة إلى هذه الشراكة .
بجانب إمكانية إشراك الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدي وتطويرها وتدعيمها وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض وتطوير خدماتها فى جميع أنحاء البلاد. ويتضمن التعديل تنظيم إجراءات منح الالتزام فى إدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية واختيار الملتزم فى إطار من المنافسة والعلانية والشفافية مع تحديد وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية، التى تكفل حسن سير المرفق بانتظام بمعرفة الهيئة نهاية مدة الالتزام، دون مقابل.
ويرى الدكتور حسن توفيق، أستاذ النقل والطرق بجامعة عين شمس، ضرورة تطوير منظومة النقل والعاملين فيها، قبل دخول القطاع الخاص، ومشاركته في تطوير المنظومة، حيث يبحث المستثمر عن العائد، وليس عن الضمانات الاجتماعية أو الخدمة الرخيصة.
أضاف أن المستثمر سواءً كان محليًا أو أجنبيًا لن يهتم بفكر اجتماعي أو تقديم خدمة رخيصة ،وإنما سيصب اهتمامه على المكسب وهامش الربح .
وأوضح توفيق أن السكك الحديدية في مصر يمكن أن يقال إنها عفي عليها الزمن، حيث تحتاج المنظومة إلى تغيير الفكر أولا والعمل على تقديم التدريب اللازم للعمالة الموجودة، والتي تزيد عن حاجة العمل بصورة كبيرة مؤكدا، أن إنفاق المليارات على شراء جرارات جديدة، أو أسطول قطارات ليس حلا، بل قد يشكل أزمة مستقبلا وهو ما حدث في عهد الوزير محمد لطفي منصور، حيث تم شراء جرارات جديدة من شركة جنرال إليكتريك، لم تدخل الخدمة نظرًا لعدم دراية السائقين والفنيين بكيفية التعامل معها أو تشغيلها، وهو ما يستلزم الاتفاق على تدريب العاملين على قيادة وإصلاح وصيانة الجرارات، ونقل الخبرات، وتوفير قطع الغيار لمدة لا تقل عن 15 سنة، كما يمكن الاتفاق على أن يتم تجميع بعض تلك الجرارات في مصر وبذلك تكون هناك ضمانات لتأهيل العامل بجانب تطوير الخدمات المقدمة.
أضاف توفيق أنه يمكن البدء في مشاركة القطاع الخاص في نقل البضائع عن طريق السكك الحديدية، حيث تكون هناك ضمانات لتطوير البنية الأساسية وهو ما ستستفيد منه المنظومة من خلال مد خطوط جديدة من الموانئ إلى مناطق الإنتاج، وهي فرصة حقيقية لتجربة الشراكة مع القطاع الخاص، في مجال لا تستفيد منه الدولة سوى 2.5 % حتى الآن.
من جانبه قال الدكتور أحمد غنيم خبير هندسة السكة الحديد أن هناك ضرورة ملحة لإشراك القطاع الخاص بالاستثمار في قطاعات النقل خاصة “نقل البضائع وإدخال خدمة النقل من الباب للباب بأسعار تنافسية مع النقل البري.
وأشار غينم إلى ضرورة استغلال مساحات الأراضي الموجودة في “حرم السكك الحديد والتي تتجاوز قيمتها مليارات الجنيهات بجانب التوسع في استغلال المساحات الإعلانية في القطارات والمحطات الرئيسية وتأجير مساحات للشركات الراغبة في تسويق منتجاتها في وجود جمهور كبير، بما لا يعوق الحركة داخل المحطات أو يتسبب في فوضى أو شكل غير حضاري بحالة جيدة.
قال لدكتور حسن مهدي أستاذ هندسة النقل والطرق والمرور بجامعة عين شمس إن قطاع السكة الحديد متهالك ومليء بالمشاكل ،نظرًا لأنه على مدار عقود مضت توارثت السكة الحديد مشاكل حكومة تلو الأخرى، وكانت كل حكومة تأخذ على عاتقها تأجيل حل المشكلات كباقي القطاعات.
أضاف مهدي أن الدولة حاليا اختارت أن تواجه مشاكلها ونجحت في حل العديد من المشكلات في أكثر من قطاع أهمها مشكلات البنية الأساسية للكهرباء رغم ارتفاع الأسعار ويجب أن يتم التعامل مع المشاكل فورًا، ولكن قبل البدء في إصلاح البنية التحتية للسكة الحديد فإننا نحتاج إلى تغيير فكر إدارة المنظومة بالتدريب والتطوير.
أوضح أن هناك 75 ألف موظف مسجل في سجلات السكة الحديد ولكن من يعمل فعليا هم 54 ألف مهندس وعامل وفني وحل مشكلات القطاع يحتاج إلى هيكلة المنظومة فكريًا وإداريا، لذا يجب إعلام موظفي السكة الجديد أنه من سيعمل على تطوير نفسه فإنه مرحب به في القطاع أما من يهمل هذا الجانب فليبحث له عن مكان في قطاع آخر.
– طرق تطوير العنصر البشري:
أشار مهدي أنه يمكن تطوير العنصر البشري من خلال العديد من القنوات مثل عقد توأمة وشراكات بين معهد وردان وشركات عالمية لها خبرتها في هذا المجال، والاستفادة من التجارب العالمية، كما يجب أن تعيد الحكومة ترتيب أولوياتها، فيجب الاهتمام بأنظمة الأمان يعني ضرورة تحويل نظم التحكم والإشارات إلى النظام الإلكتروني، ثم النظر إلى العنصر البشري وباقي مكونات المنظومة.
وأكد أنه بإمكاننا التعاقد مع شركات عالمية محايدة لمراقبة أداء السكة الحديد المصرية وتقييمها وإعداد تقرير عن حالتها سنويا حتى تضع أيدينا على مواضع الخلل التي تحتاج إلى علاج، بالإضافة إلى تطوير العنصر البشري بإعادة هيكلته وتدريبه، ثم ترتيب الأولويات بوضع السلامة أولا، فنحن لدينا 15% من نظم الإشارات والأمان إلكتروني، ويجب تحويلها كاملة إلى منظومة آلية لا تعتمد على العنصر البشري للحد من وقوع الحوادث.