عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم حلقة نقاشية بعنوان “فرص عمل الشباب وسياسات التشغيل”، وتحدث في الندوة كل من الدكتور أسعد عالم، المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، وكريستين هوفمان، خبيرة تنمية المهارات بمنظمة العمل الدولية و أحمد الألفي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “سواري فينتشرز”، بينما ترأسها عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز، وأدارتها الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز.
وأكد الدكتور أسعد عالم، المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتى بالبنك الدولي، أن مصر تحتاج إلى توفير نحو مليون فرصة عمل سنويا لمواجهة تراكمات البطالة، أي 90 ألف فرصة عمل شهريا، مضيفا أن مشاركة المرأة فى سوق العمل متحفظة، وتوقع فى حالة ارتفاع نسبة تشغيل المرأة فى دول منطقة الشرق الأوسط إلى نسبة تشغيل الرجال أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالي فى تلك الدول بنحو 44%، بالإضافة إلى تشغيل الشباب.
ويرى الدكتور أسعد عالم، أن توفير فرص عمل للشباب فى مصر يرتبط بشكل كبير بتوفير مجموعة من العوامل جمعها في مسمي (مايلز) وهو مسمي يجمع بين تحقيق التوازن علي مستوى الاقتصاد الكلي وتوفير بيئة مواتية للاستثمار، وسوق عمل يحقق الكفاءة والتنافسية، ومنظومة تعليم مواتية وأخيرا تحقيق حماية اجتماعية.
ومن النقاط التفصيلية الهامة التي ذكرها الدكتور أسعد، ضرورة رفع معدلات الادخار، وعدم الاعتماد علي القروض، علما بأن الدول التي حققت طفرات اقتصادية اعتمدت على الادخار المحلي مثل الهند، إلى جانب التوسع فى تطبيق مفهوم الشمول المالي والذى أصبح جزء لا يتجزأ من بيئة الاستثمار، فضلا عن خلق مناخ داعم لمفهوم ريادة الأعمال. وطالب الدول بالاستثمار فى التعليم المستمر والمهارات المرتبطة بسوق العمل، ومعالجة التفاوت القائم فى مستويات التعليم، بالإضافة إلى الاهتمام بالحماية الاجتماعية للموظفين وبرامج ريادة الأعمال.
وقالت كريستين هوفمان، خبيرة تنمية المهارات بمنظمة العمل الدولية، إن الفترة الماضية شهدت تقدما ملحوظا فى ملف الأجور فى مصر، ولكن مازال هناك بعض عناصر أخرى فى حاجة إلى بذل مزيد من الجهد لتشهد تقدم ملموس، ومن بينها آليات الوساطة المتاحة لتوفير فرص العمل وخدمات التوظيف، والتى تفتقر إلى كثير من التنسيق، مما يفسر الصعوبة التى يواجهها الشباب للحصول على فرص العمل فى مصر لعدم توافر المعلومات اللازمة.
وأضافت كريستين، أن سوق العمل فى مصر يواجه أزمة فى ارتفاع نسب التوظيف غير الرسمي فى القطاع الرسمي، من خلال عقود مؤقتة وبأجور غير مناسبة، مشيرة إلى أن منظمة العمل معنية بمفهوم توفير فرص العمل اللائق والتفاوض مع الأطراف الفاعلة فى سوق العمل ومنها الحكومات والنقابات العمالية لتطوير مفاهيم التفاوض الجماعى.
وأوضحت كريستين، أن الحكومة المصرية فعلت الصواب بتحديد القطاعات الواعدة فى رؤية 2030 وإدخال سياسات التوظيف فيها، وهو ما قامت به وزارة التخطيط بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، لافتة إلى أن المنظمة تدعم حاليا مشروع تطوير المراكز المهنية لتدريب الشباب، ومثل هذه المشروعات تعتبر استثمار متوسط وطويل الأجل.
ومن جانبه، قال أحمد الألفى، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “سواري فينتشرز”، إن الاهتمام بالتوظيف فى مصر يجب أن يركز على توفير وظائف إبداعية تضمن استمرارية العمل وليس توفير وظائف غير مضمونة الإستمرارية، علماً بأن هذه الوظائف الإبداعية مسؤولة عن 20% من الناتج القومي الأمريكي خلال الثلاثين عاما الماضية. ويرى الألفى أن نسبة كبيرة من الشباب فى مصر لديهم 3 مشكلات رئيسية خاصة فى المناطق الفقيرة والصعيد تتمثل فى افتقارهم إلى مهارات إدارة السيولة فى مشروعاتهم، ومفهوم المبيعات بالنسبة للمنتجات، وكيفية التخطيط للمشروع لضمان استمراره.
وفى نفس السياق، طالبت الدكتورة عبلة عبد اللطيف بضرورة توجيه مزيد من جهود التنمية إلى الداخل وخاصة محافظات الصعيد من أجل احتفاظ المحافظات بسكانها ومنع الهجرة الداخلية إلى القاهرة بحثا عن فرص عمل، مع ضرورة توفير خريطة استثمارية واضحة للفرص المتاحة على مستوى الجمهورية، وإعادة النظر فى منظومة التعليم التي رسخت فى الأذهان أن المجالات ذات الأولوية فى الدولة مرتبطة بالمجموع فى الثانوية العامة، فعلي سبيل المثال بدلا من الأطباء هناك عجز رهيب في التمريض، وبالتالي من المنطقى أن يحتل التمريض الأولوية حاليا لأنه يواجه أزمة فى توفير كوادر مهنية مدربة وذات كفاءة.
وأوضحت الدكتورة عبلة أن معدلات البطالة تعتبر أزمة حقيقية تحتاج إلى حلول غير تقليدية، بالنظر إلى نسبة البطالة بين الشباب والتى تبلغ نحو 25% من نسب البطالة، وأيضا نسبة بطالة المواطنين لمن يعمل أقل من 40 ساعة أسبوعيا مما يزيد نسبة البطالة بشكل كبير جدا، لافتة إلى أن مصر من بين الدول القليلة التى لديها نسبة بطالة كبيرة بين المتعلمين وخريجى الجامعات.