أوضح المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن مقترح إنشاء هيئة وطنية معنية بالتدريب والتشغيل يثير التساؤل حول الهدف من إنشاء هذه الهيئة ومدى جدواها، حيث يوجد في مصر العديد من الجهات القائمة على التدريب المهني من بينها وزارات التجارة والصناعة، والقوى العاملة، والإسكان، والصحة ، ومن ثم فإنه قبل إنشاء أي كيان مؤسسي جديد لابد من تقييم ما هو قائم والبحث في البدائل المختلفة لتطويره، ولاسيما أن هناك بعض المؤسسات استطاعت تحقيق نجاح في فترات سابقة في مجال التدريب المهني مثل مجلس التدريب الصناعي والذي تم إدماجه مؤخرا في جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ، وعليه فقد يكون من الأجدى التنسيق بين ما هو قائم، وتحقيق الاستفادة الكاملة منه والبناء على المبادرات القائمة مثل برنامج دعم إصلاح التعليم الفني والتدريب المهني الـTVET وكذلك المبادرات الناجحة للقطاع الخاص.
ويرى “المركز المصرى” أن الهيئة المقترح إنشاؤها معنية بالأساس بمنظومة التدريب والتشغيل دون التعرض على الاطلاق للتعليم الفني، في حين أن الأصل في الأمور هو إعادة هيكلة منظومة التعليم الفني، ليتم استكمالها من خلال التدريب المهني إما لمواكبة التطورات أو بهدف التدريب التحويلي أو لمواجهة قضية المتسربين من التعليم ، منوهاً أن التدريب ليس هدف في حد ذاته إنما يجب أن يستهدف تأهيل الموارد البشرية لتحقيق أهداف التنمية ومن ثم لابد من أن تنبثق متطلبات التدريب مع الرؤية التنموية للدولة وتوجهاتها الاستثمارية ، وأن عدم وضوح الرؤية حول الهدف من إنشاء هذا الكيان المؤسسي الجديد قد انعكس في المواد المختلفة للقانون المقترح حيث نلحظ ما يلي:
من المتصور أن يضطلع المجلس الأعلى للهيئة بدور رئيسي وهو وضع الرؤية والتوجهات الاستراتيجية لمنظومة التدريب في مصر، إلا أن القانون قد أكتفي في مادته الثالثة بوضع دور وحيد للمجلس الأعلى وهو اعتماد السياسة العامة للدولة بمجال التدريب والتشغيل ومتابعة تنفيذها.
وأضاف المركز المصرى للدراسات الاقتصادية : أنه لا يوجد في القانون ما يضمن التنسيق والتكامل بين الجهات المختلفة المعنية بالتدريب المهني، فلا يوجد في نص القانون ما يلزم مختلف جهات التدريب القائمة بالخطط والسياسات التي تضعها الهيئة والتي يعتمدها المجلس الأعلى، وأكتفى القانون في المادة (9) بدمج الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار وقطاعات التدريب القائمة بوزارة القوى العاملة، وكذلك مركز محو الأمية في وزارة التربية والتعليم تحت قيادة الهيئة دون الجهات التدريبية الأخرى في مصر، كما أشارت المادتين (12) و(13) إلى تولي الهيئة إنشاء مراكز التدريب اللازمة، مع إمكانية الاستعانة بالمدارس الفنية والتقنية، وبالتالي عدم الاستفادة الكاملة بالإمكانيات المتاحة حاليا من مراكز تدريبية تابعة لمختلف الجهات ، ويرى أن الهيئة المقترح إنشاؤها تتولي مهمتي التخطيط والتنفيذ في حين أنه من الأجدى الفصل بينهما لضمان الرقابة والمتابعة الفعالة على الأداء.
ذاكراً أن يتضمن القانون لم أية آلية للتنسيق مع القطاع الخاص لضمان توافق المناهج مع متطلبات سوق العمل ولاسيما في ظل الغياب التام للقطاع الخاص في كافة مستويات الإدارة العليا .. وأخيراً يجب التأكيد على أهمية أن المؤسسات تنشأ لتحقيق هدف محدد وبالتالي فإن نقطة البداية لابد وأن تكون دائما هي تحديد هذا الهدف، وذلك حتى لا يتحول الأمر إلى إضافة كيان مؤسسي جديد يزيد من درجة تعقد الإطار المؤسسي القائم في الاقتصاد المصري .
جاء ذلك على خلفية نشر نص مشروع قانون “إنشاء الهيئة الوطنية للتدريب والتشغيل”، المقدم من النائبة شيرين فراج و60 نائبا، والذى يتكون من 30 مادة تدور حول إنشاء هيئة مستقلة باسم “الهيئة الوطنية للتدريب والتشغيل” تتبع رئيس الجمهورية ، وتكون لها شخصية اعتبارية وتدرج ضمن موازنة الدولة وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري.