الأنبا مكاري يلقي كلمة .. و ينقل تعزيات الأنبا أنجيلوس لآباء و شعب الكنيسة
ودعت اليوم كنيسة مارمرقس بشبرا كهنة وإكليروس و شعبا وتر من أوتار الزمن الجميل .. قيثارة و
مزمار داود برحيل الدياكون المرتل عهدي القمص يوحنا الذي خدم الكنيسة بمحبة قلبية وأمانة منتهية
عبر سنوات طويلة , و ذلك بمشاعر يعتصرها الألم حزنا على نياحة أب جليل عاش طوال حياته و
كأنه الإنجيل المعاش , فهو بحق عاش كما ينبغي أن يكون تلميذا للمسيح عاملا بكلمته و حافظا
لوصاياه .. إنسانا نادرا ما يوجد فكان هادئا مهذبا وقورا حكيما , مدققا في طقوس الكنيسة وألحانها
ليحتل مكانة كبيرة في قلوب شعبه و محبيه لنجده بحق مثال للقدوة و الوداعة في خدمته فى حياته , فلم
نجده يوما ينتهر أحد أو يعلو صوته في وجه أحد متشبها برب المجد ” لا يخاصم و لا يصيح و لا يسمع أحد في الشوارع صوته ” .
أقيمت اليوم صلاة الجناز وسط ألحان و تراتيل الشمامسة في مشهد مهيب , احتشد فيه كل محبيه
لتوديعه بالدموع و هم يلقون النظرة الأخيرة على جثمانه الطاهر بقلوب فرحة – بإيمان قوي و ثابت –
و هم يزفونه إلى السماء لينعم في أحضان الملائكة و القديسين ولسان حالهم يردد ” نودعك يا مذبح
الله الذي حرصت على خدمته طيلة أيام حياتك .. امض بسلام إلى مسكن الفرح في حضن آبائنا
القديسين .. امض بسلام حيث استفانوس رئيس الشمامسة .. امض بسلام حيث الكاروز الإنجيلي الذي
خدمت بيعته .. امض بسلام حيث تراتيل و تسابيح الملائكة .. امض بسلام و ليعوضك الله عن خدمتك.
في أورشليم السمائية الموضع الذي حرب منه الحزن و الكآبة والتنهد .. مشاعر مختلطة بين الألم و
الفرح , ألما على الفراق و فرحا بتكليل خدمته و جهاده و تعبه و ألمه لينضم الى الكنيسة المنتصرة كى يشفع لنا أمام عرش النعمة كي يعيننا الرب كما أعانه ..
ألقى نيافة الحبر الجليل الأنبا مكاري أسقف عام كنائس شبرا الجنوبية كلمة مؤثرة و معزية لجموع
محبيه بقوله : اليوم نودع شخص عزيز علينا وهو المعلم عهدي ولكن الكتاب المقدس والكنيسة و
إيمانها تعلمنا و تقول في أوشية الراقدين ” إنه ليس موت لعبيدك بل هو انتقال ” فالموت هو للأشرار
إنما القديسين والثابتين في الكنيسة وفي الحياة المسيحية مسبحين طوال الوقت يقول لنا الكتاب المقدس
” طوبى لمن اخترته و قبلته ليسكن فى ديارك الى الابد ” و نحن نثق ان المعلم عهدى كان انسانا
مختارا و كان إنسانا مقبولا أمام الله .. و نجد في سر الرؤيا يقول ” طوبى للأموات الذين يموتون في
الرب ليستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم ” هنا الراحة من أتعاب العالم وأعمالهم تتبعهم , و نجد
أن الأعمال التي تتبعه هي أعمال المحبة و التسبيح وأفعال البر و من ثم الكتاب المقدس يعزينا و الكنيسة تعزينا .
أشار نيافة الأنبا مكاري إلى معرفته بالمعلم عهدي قبل سيامته راهبا, فكان إنسانا مدققا طقسيا و
حافظا على تعاليم الكنيسة وتقليد الكنيسة, كان له محبين كثيرين تعلموا على يديه لكونه كان رمز
فصار تاريخ في كنيسة مارمرقس العريقة يعلم شمامسة منهم كهمة ورهبان وأساقفة و منهم من
صاروا ثابتين ومغروسين في الكنيسة , فكان المعلم عهدي يتمتع بثلاث صفات مهمة كما ذكرها لنا
الكتاب المقدس أولها كما يقول الكتاب ” طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله ” فكان إنسانا نقي القلب
و دائم التسبيح و فكره وقلبه للخدمة . كان صلاة , يقول كدة الكتاب ” وأما أنا فصلاة ” فكان كنيسة
متنقلة و من ثم كان إنسان نقي القلب ولم يكن فقط ضليع في الطقوس و التمسك بالطقوس لكنه كان عائشا للطقس فكان إنسانا كنيسا .
كما ينطبق عليه القول الثاني من الكتاب المقدس ” مغروسين في بيت الرب ” و كان إنسان مغروس في
بيت الرب , نبتة صغيرة لكنها أخرجت ناس كثيرة اتعلمت على يديه الصلاة و ترديد الألحان ليعيشوا
الحياة المسيحية بطقوسها وأسرارها كما ينبغي .. كان مغروس في بيت الرب و بالتالي نجده كان يحييا
السماء و هو على الأرض كان نظره دائما نحو السماء و بالتالي ينطبق عليه القول الثالث من الكتاب
المقدس ” طوبى للجياع و العطاش إلى البر لأنهم يشبعون ” و جاء الوقت كي يشبع من الحياة
السماوية و الحياة الأبدية و العشرة مع الله إلى الأبد, إذا نحن نودعه على رجاء القيامة و نطلب نياحا لنفسه الطاهرة .
اختتم نيافة الأنبا مكاري كلمته بنقل تعزيات خاصة من قبل نيافة الحبر الجليل الأنبا أنجيلوس الأسقف
العام و النائب البابوي لأمريكا الشمالية للأسرة و للكنيسة من الآباء الكهنة والشعب و الخدام بأن
يرسل الله تعزياته للجميع ونياحا لروحه الطاهرة في فردوس النعيم ليشارك الملائكة وكافة المسبحين .
كان نيافة الأنبا أنجيلوس أرسل رسالة خاصة فور علمه بخبر انتقال الدياكون المحبوب عهدي جاء
نصها ” عزاؤنا لآباء كنيسة مارمرقس ولأسرة المعلم عهدي ولشعب الكنيسة و لمعلمي البيعة لشبرا
الشمالية في نياحة المعلم البار عهدي, الرب ينيح نفسه البارة في فردوس النعيم ”
يذكر أن الدياكون عهدي قد انتقل يوم الاحتفال بعيد عرس قانا الجليل , و كأنه يوم عرس أعده الله كي يستقبل فيه نفس من أحبه بالقب ليأتي يوم اللقاء فكان الانطلاق .