عندما وقع فى يد المهندس أحمد شاكر اعلان صغير عن مسابقة تنظمها شركة اتحاد الفنانين التي كونها حلمي رفلة والمصور عبد الحليم نصر في عام(1947) وذلك لاختيار عدد من الوجوه الجديدة للقيام ببطولة الأفلام السينمائية التي ستقوم بإنتاجها الشركة،لم يكن يعلم ان القدر فتح ابواب المجد والشهرة لفنانة من اروع واجمل ما انجبت مصروهى شادية
معبودة الجماهير , قيثارة مصر , الدلوعة , عروس السينما العربية , ربيع الغناء والفن العربي , ومعشوقة الجماهير هكذا لقبتها الصحافة والجمهور
هذه النجمة الاستثنائية في عالم الفن العربي. عنها قالت سيدة الغناء العربي كوكب الشرق أم كلثوم «ان شادية صاحبة صوت جميل، سليم، متسق النسب والأبعاد، مشرق، لطيف الأداء يتميز بشحنة عالية من الأحاسيس، وبصوتها فيض سخي من الحنان،
ولدت شادية في الثامن من فبراير عام 1934 وبسبب ظروف عمل والدها انتقلت مع أسرتها إلى أنشاص بمحافظة الشرقية. لتنشأ في ريف يحمل كل الطمأنينة والبهجة
لم يستقر الأمر كثيرا للأسرة بأنشاص إذ سرعان ما عادت إلى القاهرة واستقرت بحي شبرا ليكون شارع طوسون هو الفضاء الذي حضن عيون وطفولة الطفلة التي سيصبح اسمها لاحقاً “شاديه
كان شارع طوسون أوّل مكان يشهد على دفء ودلع صوت فاطمة التي شهد المطرب التركي الشهير منير نورالدين بعذوبة صوتها ونصح صديقه المهندس كمال شاكر بتعليمها أصول الموسيقي
وبالفعل أخذ شاكر بنصيحة نورالدين وأحضر لابنته فاطمة مدرس الموسيقى الأستاذ محمد ناصر لتبدأ فاطمة رحلتها وخطواتها الأولى مع الغناء والتمثيل بعد أن سبقتها في تلك الفترة أختها الكبرى عفاف شاكر التي دخلت مبكّراً مجال التمثيل، الأمر الذي وفّر للأب كمال شاكر شبكة من العلاقات داخل الوسط الفني بحكم وجود ابنته عفاف فيه.
احمد بدرخان وحلمى رفلة وبداية رحلة معبودة الجماهير
اصطحبها والدها ولم يكن يتعدى عمرها حينذاك 16 عاماً لتقديمها إلى لجنة المسابقة، وتحمس لها المخرج أحمد بدرخان، كما قام حلمي رفلة بتبنيها فنيًا وأطلق عليها الاسم الفني (شادية). بدأت شادية مسيرتها الفنية بفيلم (أزهار وأشواك) وكان لها في ذلك الوقت خطها الواضح من خلال تأدية أدوار البنت الدلوعة خفيفة الظل ولذلك أطلقوا عليها في ذلك الوقت (دلوعة الشاشة). خلال فترة الخمسينيات تعاونت شادية عدة مرات مع الفنانة فاتن حمامة من خلال أفلام (موعد مع الحياة، أشكي لمين). وبدأت بالتدريج في التغلب على نوعية الأدوار التي تقدمها في السابق لتقدم أدوار مختلفة كليا عما سبق من خلال عدة أفلام مثل: (بائعة الخبز، ليلة من عمري، دليلة، المرأة المجهولة)
احمد ومنى
ظلت قصة حب ذو الفقار وشادية غير معلنة للناس إلا عندما قدما معًا فيلم “أغلى من حياتى” عام 1965، وهو الفيلم الذى شهد اللقاء الثانى بينهما، وهو فيلم شديد الرومانسية يروى قصة شاب وفتاة تحول الظروف دون زواجهما، ويسير كل منهما فى طريقه الى أن يتزوج المهندس الشاب ويشتهر فى مجاله وتصبح له أسرة وأبناء، وبعد سنين طويلة يلتقى بفتاته الأولى التى لم تتزوج غيره رغم طول السنين، ولم يكن حبها مات فى قلبه أيضًا، فيتزوجها سرًا، ويسكنها الشارع الخلفى، ويدوم الحال سنين طويلة، ولا يكشف السر إلا ابنه الأكبر لحظة وفاة أبيه
صورت المشاهد الخارجية للفيلم في مدينة مرسى مطروح، على شاطئ البحر وتحت الأشجار فى جزيرة النباتات حيث البحر والخضرة والزهور والجو الساحر الخلاب ما شجع، على أن تتحول مشاهد الغرام الملتهبة بين بطلي الفيلم إلى حقيقة وتزوجا بعد قصة حب دامت شهورًا بعد هذا الفيلم تزوجا وعاشا حياة سعيدة جدًا، لكن شادية شعرت مرة أخرى بالحنين للإنجاب، وحملت وكان هذا الحمل هو الثالث لها، ومكثت فى البيت قرابة الخمسة أشهر لا تتحرك حتى يثبت حملها، لكن القدر كان قال كلمته، وفقدت الجنين، وأثر هذا بشكل سيء على نفسيتها، وبالتالى على حياتها الزوجية فوقع الطلاق بينهما بعد أقل من عام فى أغسطس 1969
وبعد أن وقع الطلاق بين شادية وصلاح ذو الفقار سعى بعض المقربين منهما إلى إعادة المياه إلى مجاريها بينهما، بعد أن عزا عليهم أن تنتهي قصة الحب التي كانت مضرب الأمثال في الوسط الفنى فى ذلك الوقت تلك النهاية وتتحطم على صخرة خلافات بسيطة مبعثها سوء الحالة النفسية والإحباط الذي عانت منه شادية بعد أن فقدت حلمها في الإنجاب مرارًا ونجحت محاولات الوساطة في إعادة الزوجين مرة أخرى في سبتمبر من العام 1969، ومضت سفينة الحب تحملها من جديد في بحر الهوى الذي ربط بين قلبيهما.. لكن ها هى السفينة تتحطم من جديد على صخرة الخلافات، ويتم الطلاق النهائى بين “أحمد ومنى” أو صلاح ذو الفقار وشادية في منتصف العام 1973، وقد أثمر هذا الارتباط والزواج بين شادية وصلاح ذو الفقار عددًا من الأفلام الناجحة التي قاما ببطولتها
فقد اشتركا معًا في بطولة أفلام “أغلى من حياتى” 1965، و”مراتي مدير عام” 1966، و”كرامة زوجتي” 1967، و”عفريت مراتي” 1968، وجميعها من إخراج فطين عبدالوهاب، كما أنتج لها صلاح ذو الفقار فيلم “شىء من الخوف”، الذي أخرجه حسين كمال، دون أن يشارك في بطولته، وهذا الفيلم هو أحد روائع السينما المصرية على مدى تاريخها.
شادية والسينما العالمية
كرمت فى اليابان وحجزت عند عودتها فى المطار
شاركت الفنانة المصرية الكبيرة شادية، في فيلم عالمي قامت بتصويره بطوكيو، وكان يحمل اسم «غريب على شاطئ النيل»، وكان أول تجربة لها في العالمية
شادية، عادت إلى القاهرة بعد أن انتهت من تصوير الفيلم ولكنها واجهت مفاجأة قاسية في مطار القاهرة لأنها نسيت شهادة تطعيمها ضد الحمى الصفراء
يشادية، فتحت حقيبة يدها واخذت تبحث فيها وقلبت محتوياتها وبدأ القلق يسيطر على وجهها وأخيرًا اغلقت حقيبتها وقالت لموظف الحجر الصحي في تلعثم: «يبدو أنني نسيت احضارها معي»، فرد عليها بقوله: «لا حيلة لي إذن يجب أن تبقي معنا في المطار خمسة أيام شادية اخذت تلتفت حولها علها تجد من ينقذها من هذا المأزق، ثم قالت له في لهجة أشبه ما تكون بالبكاء: «هنا خمسة ايام أين؟، فقال لها: «هنا في العزل الصحي، وعلى العموم ستجدين كل وسائل الراحة وأسلمت شادية أمرها لله وطلبت من شقيقها أن يحضر لها راديو وتليفزيون ومجموعة من الكتب تستعين بها على الوحدة القاسية»
يذكر أن شادية، قدمت في فيلم «غريب على شاطئ النيل»، دور بنت بلد ترتدي ملايه لف ومنديل «أبو أوية»، وتلتقي بالممثل الياباني «اشيهارا»، الذي يمثل دور ياباني مطارد في القاهرة ويطارده ضابط الشرطة كمال الشناويا شادية الممثلة
نجيب محفوظ : شادية بمقدورها ان تحصل عى الاوسكار لو تقدمت اليها
قال عنها أديب مصر العالمي الراحل نجيب محفوظ «ان شادية ممثلة عالية القدرة وقد استطاعت ان تعطي سطوري في رواياتي لحما ودما وشكلا مميزا لا أجد ما يفوقه في نقل الصورة من البنيان الأدبي الى الشكل السينمائي، وكانت «حميدة» في «زقاق المدق» صورة لتلك القدرة الفائقة التي لا أتصور غيرها قادرا على الاتيان بها، وهي كذلك أيضا في غير أعمالي فقد رأيتها في بداياتها في دور الأم المطحونة المضحية في فيلم «المرأة المجهولة» وتصورت ان بمقدورها ان تحصل على جائزة «الأوسكار» العالمية في التمثيل لو تقدمت اليها».
شاديه نجمة فى عالم الكوميديا
قدمت أكثر من 100 فيلم سينمائي، من بينهم العديد من الافلام الكوميدية، التي علقت بأذهان جمهورها، وخاصة في فترة الستينات، فقد كان لها إبدعات خاصة ووضعت خطوات ثابتة في عالم الكوميديا ومن أشهر الافلام الكوميدية التى قدمتها فيلم “مراتي مديرعام” وفيلم “عفريت مراتي” و فيلم “الزوجة رقم 13 ” و”نص ساعه جواز” وفيلم “أضواء المدينة” وفيلم “الستات مايعرفوش يكدبوا”
هل مرض السرطان عجل باعتزال شادية للفن
ووقفت لأول مرة علي خشبة المسرح لتقدم مسرحية “ريا وسكينه” والتي تعتبر التجربة الاولي والاخيرة في تاريخ مشوارها الفني وقد أشاد لها الفنان “عبد المنعم مدبولي “و الفنانة “سهير البابلي “بأنهم لم يروا جمهور مثل جمهور مسرحية “ريا وسكينة” “لأنه كان جمهورها التي جاء من أجل عيونها
وأعتزلت الفنانة شادية الفن عندما أكملت “الخمسون” ومن مقولتها الشهيرة عندما قررت الإعتزال وإرتداء الحجاب
في الثمانينيات وبالتحديد في عام 1984 قرّرت النجمة شادية أن تغيّر مسيرتها وحياتها في شكل خاص وفريد، فبعدما أعطت للفن على مدار عشرات السنوات العديد من الأعمال المتنوّعة بين الغناء والتمثيل والمسرح، قرّرت الابتعاد عن الأضواء والتقرّب إلى الله
جاءت هذه الخطوة بعد مسرحيتها “ريّا وسكينة” التي قدّمتها في الثمانينيات ولاقت نجاحًا منقطع النظير، ولكن في مرحلة من تقديمها للمسرحية بدأت شادية تشعر بألم شديد وبعدما توجّهت للطبيب لعمل الفحوص اللازمة اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي الذي لا يرح
وتوجّهت بعدها على الفور إلى أميركا في رحلة علاج تردّد حينها أنها ناجحة وأنها استأصلت أحد ثدييها، ثمّ عادت لتستكمل تصوير آخر أفلامها “لا تسألني من أنا” ثم تؤدي فريضة الحج بعد ذلك قررت الاعتزال لتتفرغ للأعمال الخيريَّة وللتوعية في مرض السرطان. من أهم إنجازاتها في هذا المجال هو تبرعها بشقتها لتصبح مركز بحوث للسرطان. شادية من أشهر النجمات اللواتي استطعن أن يتعايشن مع المرض بعد العلاج
مثلت مع اغلب نجوم عصرها قدمت شادية خلال فترة ما يقرب إلى أربعين عام لتاريخ الفن العربى حوالى 117 فيلماً و 10 مسلسلات إذاعية و مسرحية واحدة .وحان وقت ان نقول لها وداعا .