هكذا يرسم الكهنة
كان هذا عنوان التحقيق الذى كتبه
رئيس تحرير مجلة مدارس الأحد في عدد سبتمبر 1950م مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة
الثالث (الأستاذ نظير جيد فى ذلك الوقت) عندما حضر رسامة المهندس سامي أفندي أمين
جرجس يوم الأحد الموافق السادس من أغسطس 1950م فى كنيسة مارجرجس بالفيوم بأسم القس
أنطونيوس أمين.
وعلى غلاف الكتاب الذى تصدره مكتبة
سان مارك التابعة لكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة بمناسبة الذكرى العاشرة لنياحة هذه
الشخصية العظيمة هذا الشهر، كتب نيافة الأنبا
موسى الأسقف العام للشباب هذه
الكلمات: “مع جزيل شكرى لإعطائى هذه البركة أن يتقدس فمى بذكر أبونا أنطونيوس
أمين”.
وفى كتابها عن الكنيسة القبطية
الأرثوذكسية تصفه المؤرخة السويسرية كريستين شايوه بأنه من الرعيل الأول لحركة
مدارس للأحد (1) ومساعد للأرشيدياكون (القديس) حبيب جرجس كأمين تنفيذى للجنة
المركزية لمدارس الأحد التى كان يرأسها غبطة البابا يوساب. وكتلميذ للقمص مينا
المتوحد (مثلث الرحمات القديس البابا كيرلس السادس) أقتبس أبونا أنطونيوس منه هذه
الكلمات فى رده على سؤال عن كيفية التعامل مع المشكلات التي يواجهها الأقباط اليوم
“مواجهة المشكلات تكون بالصلاة، فالمسافة بين مشكلتك وحلها مثل المسافة بين
ركبتيك والأرض فعندما تجثو للصلاة، تحل كل المشاكل”!
فمن هو القمص أنطونيوس أمين صاحب هذه الشهادات ؟
تقول شهادة ميلاده أنه من مواليد الزقازيق فى 15/4/1925م،
وبعد حصوله على شهادة التوجيهية (الثانوية العامة) فى 1941م التحق بكلية الهندسة
جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً). وخلال فترة دراسته الجامعية بدأ خدمته
بمدارس أحد الجيزة مع الرعيل الأول لمدارس الأحد …. مع عمالقة من الخدام منهم
سعد عزيز ( نيافة الأنبا صموئيل المتنيح وأول أسقف للخدمات ) والقمص بولس بولس (صاحب
النهضة الحديثة بدمنهور وايبارشية البحيرة والتى من ثمارها قداسة البابا تواضروس)،
وكذلك كان من زملائه بالخدمة فى الجيزة
القمص صليب سوريال الكاهن بالجيزة والمدرس بالإكليريكيه
ومؤسس لسبعة كنائس ودير لنا بألمانيا وغيرهم … وبعد فترة وجيزة يُختار سامى أمين
أميناً لمدارس أحد الجيزة وهو لم يكمل الثلاثين من عمره … ويأخذ قراره المصيرى
بالتفرغ الكامل والتكريس للخدمة.
وما هى إلا أشهر قليلة ويطلبه الأرشدياكون حبيب جرجس فى
اللجنة المركزية لمدارس الأحد كأمين
تنفيذى للإشراف على خدمة مدارس الأحد فى كل فروع الخدمة
لم يستقر أبونا طويلا فى هذه الخدمة
حتى طلبه نيافة الأنبا إيساك مطران الفيوم كاهناً بالفيوم بعد أن رشح له زوجة
مناسبة من أهلها (عشان يفضل معانا على طول).
ولكن عدو الخير لايسكت ويثير الزوابع والقلاقل فيجد أبونا
نفسه محاطا ب89 تهمة ويبُعث الى القاهرة لقداسة البابا يوساب للتحقيق معه. تقوم
الدنيا ولا تقعد كما يقولون وتقبض الشرطة على مائتى متظاهر فى الفيوم يطالبون
بعودة أبونا اليها وتنشر الجرائد والمجلات – ليس فقط المسيحيه بل حتى القومية منها
– الصفحات دفاعا عن أبونا حتى أن الصحفى الكبير على أمين كتب فى عموده “فكرة”
بتاريخ 15 / 2/1955م يقول إنها ليست قضية مطران وكاهن ولكنها معركة
العلم والجهل!
في تلك الأثناء طلبته كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة أكثر من مرة واستجابت لهم اللجتة البطريركية التي كانت تدير
شئون الكنيسة بعد نياحة البابا يوساب، وصلى أبونا أنطونيوس أول قداس له بكنيسة
مارمرقس فى 8/4/1956م حيث خدم بها أكثر من خمسين عاماً حتى إنتقل عن عالمنا الفانى
فى 6/11/2007م.
خدمته في كنيسة مارمرقس بمصر
الجديدة وللكنيسه العامة فى مصر وخارجها يحتويها بتركيز شديد الكتاب الذى أصدرته
الكنيسة … خدمات كثيرة رائدة نعيشها اليوم
ببساطة وتعم بثمارها، أسسها هؤلاء
الرواد منها على سبيل المثال :
•
شرح وتفسير الكتاب المقدس
•
خدمات الشباب (المشتركة) وشباب الخريجون
•
قاعات ومبانى الخدمات الملحقة بالكنائس
•
خدمات فنية من وسائل إيضاح وكورال ومسرح وفنون تشكيلية
•
المؤتمرات بأنواعها
•
المصايف وبيوت الخلوة
•
تدريس الدين بالمدارس
•
بيوت المغتربات
ويستمر الكتاب في سرد بعض الخدمات الأخرى التي قام بها القمص
أنطونيوس أمين خارج جدران الكنبسة ومنها :
•
فى مجال العمل الأجتماعي: قام بتأسيس جمعيتين فى
الفيوم فى خمسينيات القرن الماضي وفي 1985م قام بتأسيس جمعية اليوبيل الذهبي
بالقاهرة ولها أكثر من مستشفى وبيوت لرعاية المسنين للأطفال وخدمة المناطق
العشوائية وأخيرا خدمة الهوسبس لكبار السن فى الحالات الحرجة.
•
في مجال العمل الثقافي : تشجيع تأسيس جمعيات فى مجال التراث القبطى مثل “جمعية محبي
التراث القبطي” بمصر والتى قامت بتكريم أسمه بشهادة تقدير خاصة.
•
في العمل المسكوني: تمثيل الكنيسة فى أكثر من
مجال لاسيما فى مجال الشباب وفى مجال مدارس الأحد ووضع مناهجها ؛خاصة المنهج
الموحد للكنائس الأرثوذكسية الشرقية 1971م Oriental Orthodox Sunday School Cirriculum –
•
فى مجال رعاية أبناء الكنيسة بالخارج: في أوائل الستينيات من
القرن الماضى قامت الكنيسة بتأسيس كنائس لرعاية الأقباط بالخارج وكان عدد الكنائس
والكهنة بالخارج قليلاً جداً ، فكان البابا كيرلس كثيراً ما يشرك أبونا أنطونيوس
مع آخرين فى زيارة هذه الجاليات ورعايتها حتى تم تأسيس كنائس لنا فى العالم كلة
أصبحت اليوم تعد بالمئات … وكان أبونا كثيراً ما يدعى لعقد مؤتمرات روحية فى هذه
الأماكن واستمرت معه هذه الخدمة حتى آخر رحله له لأمريكا فى 2006م (تاريخ نياحتة
كان 2007م) حيث عقد فى مدينة لوس انجيلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية تحت رعاية
مطرانها نيافة الأنبا سيرابيون آخر مؤتمر له.
كان أبونا أنطونيوس من الشخصيات
التى أضاءت علينا فترة من الزمان ، رحل عنا منذ عشرة سنوات.
نسأل نياحاً لروحه
الطاهرة وصلواته عنا أمام عرش النعمة