سَمِعتُم أَنَّه قِيل : “أَحْبِبْ قَريبَك وأَبْغِضْ عَدُوَّك . أَمَّا أَنا فأَقولُ لكم : أَحِبُّوا أَعداءَكم وصَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم ، لتصيروا بني أبيكُمُ الذي في السَّمَوات ” ( متى ٥ : ٤٤ – ٤٦ ) . أحياناً ، ومع الاسف أنّنا نلتقي أعداء في الأسرة الواحدة والبيت الواحد ، أو حتى في المجتمع الواحد ، ولكن هناك ملاطفات وتقارب وعواطف نشعر بالانجذاب نحو هذا الأخ او هذه الأخت وليس ذلك أو تلك ، ممّا يجعلنا نتحاشى اللقاء بهذا او هذه . وهكذا، لا إراديًّا، تصبح معاملتنا موضوع اضطهاد وكراهية وحقد وبغض لبعضنا . لكنّ الرّب يسوع يقول لنا إنّ هذا الأخ و هذه الأخت، يجب أن نحبّهم ، وأن نُصلّي من أجلهم ، حتّى وإن كان سلوكهم يجعلنا نعتقد أنّهم يبغضوننا ولا يحبوننا ” فإِن أَحْبَبْتُم مَن يُحِبُّكُم ، فأَيُّ أَجْرٍ لكم ؟ أَو لَيسَ الجُباةُ يفعَلونَ ذلك ؟ وإن سلّمتُم على إخوانِكم وحدَهم ، فأيَّ زيادةٍ فعلتُم ؟ أو ليسَ الوثنيونَ يَفعَلون ذَلِكَ ؟ فكونوا كاملين ، كما أنّ أباكُمُ السَّماويّ كامِل ” ( متى ٥ : ٤٦ – ٤٨ ) .
لا يكفي أن نحبّ ، بل يجب إثبات ذلك بالقول والفعل .
من الطبيعيّ أن نفرح بتقديم هديّة لصديق ، ونحبّ خاصّةً صنع المفاجآت، لكنّ ذلك لا يصدر أبدًا عن المحبّة ، لأنّ الخطأة كذلك يفعلونه . هذا ما يُعلِّمنا إيّاه الرّب يسوع أيضًا : “مَن سأَلَكَ فأَعطِه ، ومَنِ استَقرَضَكَ فلا تُعرِضْ عنه ” . العطاء لمن يسأل أقلّ حلاوةً من التقدمة من تلقاءِ ذاتنا باندفاع قلبنا وعواطفنا … إن كان من الصعب العطاء لِمَن يسأل ، فمن الأصعب أن نترك الآخَر يأخذ ما يخصّنا من دون أن نطالبه به . نقول إنّ هذا صعب ومستحيل ، الأحرى أن نقول إنّ ذلك يبدو صعبًا، لكن ، ” نير الربّ لطيفٌ وخفيف ” ( متى ١١ : ٣٠ ). عندما نقبل به ، نشعر حالاً بحلاوتِهِ ونهتف مع صاحبِ المزامير : ” في طَريقِ وَصاياكَ أرَكُض لأَنَّكَ تَشرَحُ قَلْبي ” ( مزمور ١١٩[ ١١٨] : ٣٢ ) .
المحبّة وحدها تستطيع أن تُفرِح وتُبهجُ قلوبنا ، يا ربّنا يسوع . منذ أن بدأت هذه الشعلة الإلهية تُحرِقَهُ ، نركضُ بفرحٍ في طريقِ وصيّتك الجديدة : ” أُعطيكم وَصيَّةً جديدة : أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضاً ” ( يوحنا ١٣ : ٣٤ ) .
المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
اسقف الاسكندرية واورشليم والاردن للأرمن الكاثوليك