الدكتورة “جيهان جادو” عضوة مجلس محلى بإقليم فرساي بفرنسا، أول مصرية حققت هذا الانجاز.. شاركت مؤخراً فى مؤتمر “مصر تستطيع بالتاء المربوطة”.. وخلال زيارتها لمصر أجرت وطنى معها حواراً فى عدة أمور ونحن بصدد الاستعداد لاجراء النتخابات المحلية. لديها تطلعات كبيرة نحو البلد التى تقيم فيها – فرنسا ووطنها الأم – مصر، فهى مثال جيد للمرأة الناجحة في التواصل والعمل العام، وعدم التقوقع والانغلاق كما يحدث فى غالبية المهاجرين، وبسبب ذلك حصلت على ثقة محافظ فرساى وتم تعيينها فى المجلس المحلى هناك، واصبحت هى حلقة الوصل بين الحكومة الفرنسية والمهاجرين العرب.
جيهان جادو حصلت على الدكتوراه فى القانون الادارى من جامعة طنطا، وهي أول مصرية سفيرة للنوايا الحسنة بباريس، وعضوة المجلس المحلي عن مدينة فرساي، ورئيسة الرابطة الدولية للإبداع الفكري والثقافي بفرنسا، وسفيرة مصر فى المجلس الأوروبي للمواطنة. حصلت الدكتورة جيهان على شخصية العام من مؤسسة “سيدة الأرض” لعام 2015 ، وعلى شهادة تعليم اللغة الفرنسية من وزير التعليم الفرنسى. وإليك عزيزي القارئ حوار ممتع..
ما ملابسات التعيين فى المجلس المحلى بفرساي؟
التعيين جاء بقرار من محافظ فرساي شخصياً، فمنذ أن سافرت من مصر اندمجت مع المجتمع الفرنسى من خلال “بيت الحي” وهو بمثابة ناد اجتماعي يتبع المحافظة لرعاية الشباب والأطفال وتعليم اللغة، ويوجد في محافظة فرساي ستة فروع من بيت الحى.. وكنت مشاركة قوية وعضوة فعالة فى بيت الحي، كما انشغلت بالعمل العام والعمل التطوعي بمحافظة فرساي، الأمر الذي تكلل بتكريمي من اليوم العالمي للمرأة من محافظ فرساي، ووقتها تم اختياري مستشارة للحكومة عن المهاجرين العرب لبحث مسألة اندماج العرب في المجتمع الفرنسي، وبسبب اهتمام الفرنسيين بالثقافة انشأت الرابطة الدولية للإبداع الفكري والثقافي، ونظمت العديد من الرحلات للأسر بغرض التعارف، وعملت منتديات للأطفال الفرنسيين .
ونظمت أسبوعاً ثقافياً عن مصر بالتعاون مع محافظة فرساي، كما أعطيت دروس لغة عربية لأبناء المهاجرين العرب الذين ولدوا في فرنسا، ولا يعرفون شيئاً عن لغة آبائهم. ووقت دخولي المجلس المحلي كنت لا أحمل الجنسية الفرنسية، وإنما الجنسية المصرية فقط، وأصبحت أول مصرية تدخل مجالس الأحياء في فرنسا .
ماذا عن العلاقة بين المهاجرين والفرنسيين ؟
لا يمكن فصل المجتمع الفرنسي بين مهاجر وأصحاب الارض، لأن هناك مشكلات كثيرة تعود على المجتمع الفرنسي من المهاجرين، فكنت همزة الوصل بين الاثنين .
ماذا عن التجربة الفرنسية فى الانتخابات خاصة المحلية ؟
الانتخابات على مستوى عالٍ من الرقابة والتنظيم والإدارة، يتم تقسيم الدوائر الانتخابية على حسب المربع السكني، ولا توجد رقابة حكومية وإنما الشعب نفسه هو الرقيب، وكل شئ يتم بشفافية وعبر شاشات عرض كبيرة. والانتخابات فيها قدر من النزاهة هو اللبنة الأولى وقبل أن يقوم المرشحين بحملاتهم الانتخابية.
وفى انتخابات المحليات يعرض المرشح برنامجه الانتخابي بمنتهى الحرية والأجدر والأكفأ هو فقط من يستحق الفوز، كما أن المحافظ بنفسه يقوم بدراسة المرشحين للاختيار بينهم على قائمته، لأن المحافظ نفسه منتخب، وهو لا يذكي شخصاً ضد أخر أو يستبعد مرشحاً معيناً، وحرية الترشيح مكفولة للجميع، والانتخابات بين تيارات وأحزاب وهناك أعداد محدودة من مخصصة للمقاعد الفردية .
ما مواصفات عضو المجلس المحلي في فرنسا ؟
** لا يوجد مسئول بدءاً من المحافظ يتكاسل في مكتبه، الكل خلية نحل في تواجد مع الجماهير وبالمواقع. وفى فرنسا يختار المحافظ المساعدين له، ويتم توزيعهم على كل المؤسسات : مثل مساعد المحافظ للمؤسسات المدنية، ومساعد المحافظ للشباب، وهكذا.. ويليهم أعضاء المجلس الأعلى للمحافظة، ثم مجالس الأحياء. وهي نفس المنظومة في مصر لكن المختلف هو الأداء، فهناك تقارير دورية.
ويعقد أعضاء مجالس الأحياء لقاءات جماهيرية لتلقي الشكاوي الجماهير ومقترحاتهم وهناك اهتمام بكل مشكلة مهما كانت بسيطة .
يجب أن نهتم بالمحليات في مصر لأنها همزة الوصل بين المواطن والدولة . فلا يجب أن نزين البيت من الخارج والبيت من الداخل خرب، والمحليات هي الأساس، ويجب أن نخصص مقاعد للشباب بجانب أصحاب الخبرة، وأن يكون المشاركون في الانتخابات المحلية على قدر من المسئولية.
هل لديكم استجواب للمحافظ ؟
لم تصل الأمور مع المحافظين في فرنسا إلى درجة توجيه استجواب، لأنه بصراحة المحافظ لا يخشى الاستجواب ليعمل وإنما هو والمساعدون لديه يتعاملون سريعاً مع مشاكل الجماهير، ومن حق الشعب أن يتحاور مع المحافظ، وطريقة تعامل المحافظ تؤثر في شعبيته واختياره مرة اخرى .
ما المميز فى حال المرأة الفرنسية مقارنة بالمرأة المصرية ؟
القانون مع المرأة الفرنسية قلباً وقالباً، ويتم تنفيذه بدقة على كل من يتعدى على أي حق من حقوق المرأة، وهناك ميزانية كبيرة مخصصة للمرأة فى مشروع التأمين الصحي الشامل، لمواجهة مشاكل الطفولة والأمومة. وهناك تمكين للمرأة فى كل الوظائف، تقلدت المرأة مناصب مهمة مثل وزارة الدفاع والعدل، وأكثر من سيدة في منصب المحافظ، وليس محافظة واحدة كما في مصر . حتى ان الانتخابات الرئاسة كانت مرشحة “لوبان”.. والقانون يساوي بين الرجل والمرأة في المواريث، وهذه التجربة دفعت تونس أن تأخذ فرنسا كمثال لها .
ماذا تقترحين لتمكين المرأة المصرية ؟
اقترحت فى مؤتمر “مصر تستطيع بالتاء المربوطة” فكرة المستشار القانوني للمرأة فى كل محافظة، يقدم جميع الاستشارات القانونية بالمجان للسيدات، ففي فرنسا وكل دول أوروبا هناك مستشار قانوني يبحث قضايا المرأة فى كل محافظة لتخفيف الأعباء، كما يوجد مستشار اجتماعي ونفسي للسيدات فى كل محافظة، وكانت هناك وزارة للمرأة، وحاليا يقوم المجلس قومى للمرأة فى فرنسا بدوره على أكمل وجه .
وماذا عن ظاهرة الإرهاب التي طالت الدول الغربية ؟
الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية ولم تعد دولة فى منأى عن يد الإرهابيين. كما أن الإرهابيين يتجنبون بكل الجنسيات وليس العربية فقط، ومن يقوم بالعملية الإرهابية مجرم، ولكن السياسيات الخارجية لبعض الدول الغربية شجعت من تحرك الإرهابيين ضدهم، والذي يعذي الإرهاب عدم الوعي وأصبح لدينا فكر تطرفي وزادت النعرة الدينية، والجماعات الإرهابية التي تشوه الإسلام وعملياتهم ليس لها علاقة بأي دين .
ماذا فعلت فرنسا لمواجهة الإرهاب ؟
** فرنسا تشجع حالياً التقارب مع الآخر، بعد أن ظلت لسنوات تفرق في المعاملة بين المهاجرين وأصحاب الأرض الفرنسيين، وزادت لقاءات التواصل بين مختلف فئات المجتمع الفرنسى على اختلاف الديانات، لتوطيد فكر التعايش، علاوة على التأمين الأمني الشديد للأماكن الحيوية والدينية، وتم تخصيص رقم ضخم في ميزانياتها على هذا التأمين. وبالفعل – ولهم كل الحق – تم إغلاق عدد من المساجد التي تقوم بنشر التطرف والفكر الاسلامي المتشدد، وبدأت فرنسا تتقرب من الدول العربية للتعرف على الظاهرة .
كيف يمكن للمصري في الخارج أن يدعم بلده ؟
المهاجر سفير لبلده وحب الوطن ليس بالكلام، والمصريين فى الخارج قوة لا يستهان بها في دفع الاقتصاد المصري، فممكن للمصريين فى الخارج عمل مشاريع قومية ومؤسسات اجتماعية او خدمية في مصر لخدمة بلدهم .
وفى تحسين الصورة المغلوطة عن الوطن، علاوة على دورهم فى الخارج أثناء الانتخابات يجب أن يكون لهم دور حيوى اكثر .
وماذا عن دورهم في تنشيط السياحة ؟
عملت فترة في قصر فرساي وهو مزار سياحي مهم، ووقتها حاولت أدرس أسباب عزوف الأجانب عن زيارة مصر رغم أن الإرهاب ضرب فرنسا ولم تتأثر السياحة بها، فوجدت من خلال استطلاعات الرأي من كل الجنسيات بأن هناك تحذيرات بعدم الذهاب لمصر من شركات السياحة والجهات الأمنية في الدول، فيجب أن تتحرك مصر مع شركات السياحة والدول لرفع هذا الحظر .
وممكن للمصريين في الخارج عمل معارض عن مصر كما عملت أنا معرضاً عن مصر في قصر فرساي، ودور الحكومة مخاطبة الشركات لرفع الحظر، فالسياحة تتطلب الأمان، والتحرك الخارجي، وبالفعل السائح يعلم أن الإرهاب في جميع أنحاء العالم حالياً، ويتبقى دور الحكومة في رفع الحظر .
ما اخر مستجدات حملة التاء المربوطة ؟
حملة “التاء المربوطة” دشنتها الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومى للمرأة، والمقصود منها اعطاء المرأة دفعة للنهوض بالوطن.. وعلى صدى الحملة قام الرئيس بتخصيص عام 2017 ليكون عام للمرأة، وبالفعل الحملة تحاول استخراج كل الطاقات الموجودة لدى المرأة لخدمة الوطن والمجتمع من حولها. وتم على هامش حملة “التاء المربوطة” تدشين حملة “طرق الأبواب” التي تساعد المرأة عينياً ومادياً واجتماعياً، والحملة تحاول مساعدة السيدات للترشح في الانتخابات أيضا، والنهوض الاقتصادى للمرأة .
ما سر نجاح أي امرأة ؟
قالت بتنهد: الإرادة والعزم والتعب، ويكون لديها ميول للتطور، وشخص يساعدها على النجاح سواء والدها أو أخوها أو زوجها .
أهم المحطات في حياة الدكتورة جيهان ؟
أنا من مواليد طنطا وحالياً الإقامة في الاسكندرية، وحصلت على ليسانس الحقوق عام 1995، وبعد عمل الماجستير عام 1998 في القانون اشتغلت محامية لفترة. تزوجت من رجل أعمال يعيش في فرنسا، ووقتها سافرت معه للم الشمل العائلي. وسجلت الدكتوراه التي كانت مقارنة بين القانون المصري والفرنسي وحصلت عليها عام 2007 . ولازلت مداومة على زيارة مصر كل عام لزيارة الأهل، ومنذ أن سافرت فرنسا لم أنسى مصر وأشعر بالمسئولية تجاه الوطن.