الوداعة طبعه والخدمة المنظمة منهج حياته منذ أن تسلم مهامه أسقفاً مساعداً لقداسة البابا بكنائس شرق السكة الحديد بالقاهرة.. إنه نيافة الأنبا مارتيروس
الحوار مع نيافته ممتع للغاية، ملئ بالتأملات الروحية وبخاصة عن الراهب وكيف تكون حياته بالدير أو خارج أسواره.. تطرق حوارنا – الذي اثرنا لأهميته، حياة الراهب ورحلة نيافته من دير السريان حتى كاتدرائية السيدة العذراء بمهمشة.. وهناك كانت المفاجأة حيث تركز حديث نيافته أنبا مارتيروس، عن الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي ترتب أن يتم تطييب جسده – الذي لم يتحلل، مساء غدا بصلاة عشية بكاتدرائية العذراء بمهمشة
أيضا تخلل الحوار ذكريات الرهبنة التي جمعت نيافته بالراهب ثيؤدور – البابا تواضروس الثاني داخل دير الأنبا بيشوي، وإلى الحوار المملوء بركة..
بداية.. كيف جاءت فكرة الرهبنة لنيافتك ؟
أنا من كوم حمادة بالبحيرة، تخرجت من كليه التجاره بجامعة الاسكندرية – قسم ادارة اعمال وتفوقت في هذا القسم واخذت شهادة تقدير من رئيس الجامعة.. غير أن فكرة الرهبنة كانت تلازمني منذ الصغر ولكن لم تتبين كيف ستكون، فكان لي خادم مدارس الاحد وقتها يشرح لنا سير القديسين وكنت اقلد القديس الذي قام الخادم بسرد قصته لنا – سواء في صلاته أو خلوته.
وبعد ذلك انتقلت أسرتي إلى المدينة وسرعان ما اندمجت في الكنيسة ورسمت شماس بيد الانبا باخوميوس. وعندما كنت وانا في مرحلة الاعدادي ذهبت إلى دير الانبا بيشوي وأثناء الرحلة شاهدت الانبا صرابامون – رئيس الدير، وحوله مجموعه من الرهبان، أسرني الموقف جدا وقلت: “هو المنظر ده اللي انا عاوزه في حياتي ان اكون راهب مثل هؤلاء” فهذا المنظر انطبع في ذهني وفي وجداني ومشاعري وهي الحياة التي أفضلها. وبعد رجوعي من الدير ظل هذا المشهد يراودني من وقت إلى اخر.. وحرصت أن اذهب إلى الدير من وقت إلى اخر ، ثم اجتهدت شخصياً أن أتعرف على الحياه الرهبانية وعن دير السريان.
وبعد أن دخلت الجامعه كنت أذهب في خلوات باستمرار بالدير لأن اسرني الهدوء في الدير وشيوخ الدير مثل ابونا فلتاؤس، وبعد تخرجي من الجامعه توجهت إلى نيافه الانبا باخوميوس والتمست منه ان يعطيني خطاب إلى رئيس دير السريان. وكان ذلك في 25 فبراير 1988 وذهبت إلى البابا شنوده واخذ بياناتي وقال لي: “استاذنك أن في دير السريان نقوم ببناء قلالي جديدة للرهبان ولم يتم الانتهاء منها فمن الممكن ان تذهب إلى دير الانبا بيشوي حالياً حتي يتم الانتهاء من أعمال البناء”. وذهبت فعلاً إلى دير الأنبا بيشوي ومضيت خمسة أشهر هناك.
وكانت صور الرهبان الراسخة في طفولتي تراودني، فاستأذنت سيدنا الانبا صرابامون أن أذهب إلى دير السريان. وبالفعل البابا وافق وذهبت إلى دير السريان وتقابلت مع سيدنا الانبا ثاؤفيلس رئيس دير السريان قبل أن يتنيح.. وكل الرهبان يعلمون جيداً اختبارات الانبا ثاؤفيلس للمتقدمين للرهبنة وكيف كانت صعبة جدا وقاسيه، وفحواها انه يختبر إرادة المتقدم إلى الرهبنة وهل بالفعل من يتقدم إليها يأتي لحياه الإماته عن العالم أم لا.
وإن حياه الرهبنة هي أن تعيش للمسيح فقط ولا شئ اخر.. واتمني ان تدخل الاختبارات الرهبانية الأن إلى هذا العمق وليس اختبارات أكاديميه بل تكون اختبارات للنفس ولإراده المتقدم للرهبنة.. فهو يتحد بالحب والفضيله بالله.
ما تعليقك عن خروج الراهب للعالم ؟
بالتأكيد لا يصح خروج الراهب خارج أسوار الدير دون سبب، ولابد أن أنوه على أننا كمسيحيين نسئ تعاملنا مع الراهب، بمعنى أن الراهب في ديره وقلايته كأنه في بيته، فنجد أولادنا يقومون بتصويره بزي معين أو وهو يأكل شئ معين ويتم نشر تلك الصور وبذلك تأتي الاساءة إلى الراهب..
واتمني من أبنائنا أن يحفظوا جهاد الأباء وخصوصياتهم وبخاصة أن تعاليم الأباء لنا أن يكون لنا انضباطاً في حياتنا الروحية لأننا ظهير الكنيسة.. فمنا من يخرج اسقف وراعي يخدم شرائح مختلفة من الشعب فتعالمينا أن كل راهب يحرص عليها ويعيش حياه الانضباط، فلا يصح التقاط صور يساء فهمها عن الراهب، لذا لابد ان تكون هناك توعيه لزوار الأديرة وللشعب بحفظ خصوصية الراهب من التقاط صور أو نشر أي شئ عن حياته في الدير.
وقد قمت بنفسي بذلك بعد نياحة أبونا فانوس الانبا بولا، فكتبت على مواقع التواصل الاجتماعي بأننا يجب أن نحترم ابائنا ونميز بين الصور التي تنشر والتي لا يصح ان تنشر.. ويجب أيضا أن يتحلى الراهب بالحكمه في التعامل مع العلمانين – سواء خارج أسوار الدير أو عند سفره ايضا..
لابد الا نبرئ بعض الخروجات عن حياه الرهبنة، وهنا اتذكر كلام الانبا باخوميوس وانا اطلب الرهبنة، فقال لي: “هل تعرف أن حياة الرهبنة حياه شاقة.” فقلت له: “أعرف جيدا وقرأت في بستان الرهبان وذهبت بنفسي للدير ورأيت ولم أجد أعظم وأجمل من هذه الحياه” فقال لي: “حياة الرهبنة حياة “ميتوتة” وهو مصطلح باللغه السريانية تجدوه في بستان الرهبان وهي تعني “موت عن العالم”. فقلت له: “أعرف واعلم ذلك”
فكان يحرج علينا ان نخرج من أسوار الدير.. لذا لايصح بعد ذلك أن تنتهك خصوصية من مات عن العالم – سواء بالتصوير او النشر، فالحياة الرهبانية المصرية جميلة جداً، وقمت بكتابة كتاب عنها قبل أن أنال نعمة الاسقفية وقلت عنها: “أن الرهبنة المصرية هي أم الرهبنة في العالم بالأسانيد والأدلة.
حدثنا عن البابا تواضروس أثناء رهبنتك معه في الدير ؟
البابا تواضروس كان راهب يتميز بالالتزام في المواعيد.. فعرفته في الدير منذ أن كان يرتدي الزي الأبيض وكنت وقتها ارتدي أنا الزي الأرزق. فكنت أرى انضباطه في حضور الصلاه وأينما ذهبت وجدته في صفوف الرهبان الذين يلبسون الزي الأبيض.. وكان ملتزم جداً بنظام الدير ومحباً للقراءه جدا.
وكانت خدمته تتمثل في مسؤوليته عن قصر الدير والضيافة. وكان يتميز بترحابه الشديد للضيوف فكنت أحب أن أذهب إليه وأجلس معه، فكان يفضل أن يجلس على كرسي قصير صغير دون مسند ليقرأ ولما كنت أذهب إليه كان يداعبني معلناً أنني اعطله عن القراءة.. فكنت اقول له: “أنا أحب أن استفيد منك وأتمنى ألا اعطلك ولا استطيع أن ابتعد عنك وأحب أن أعرف منك اشياء كثيرة” فكنت اجده يقرأ في كتب لاهوتية وكتب عن الانبا كيرلس – عمود الدين وكتاب تفاسير للكتاب المقدس والأجبيه.. كان لا يجامل على حساب حياته الرهبانيه.. محب عفيف اللسان جداً ولذا لاقي محبة شديدة بين الجميع في الدير وأنا أولهم فهو كان يتميز بالوداعة ويتحامل على نفسه كثيراً وكان متواضع جداً وطيب القلب، وحتى الأن بعد أن أصبح بطركا يحمل الأبوة والمحبة لكل الناس.
ماذا تقول لمن يعارض البابا بعد معرفتك له ؟
أقول لمن يعارض سيدنا البابا أو أي قامه في الكنيسه، اعترض على أساس علمي واخلاقي.. فأنا قارئ جيد لتاريخ الكنيسة في القرن التاسع عشر والعشرون وكانت هذه الفترة مليئة بانتقاض البطاركة لكن على أساس اخلاقي وحضاري.. لذا لابد أن يكون النقض والهجوم بأسلوب اخلاقي في المقام الاول واكاديمي وعلمي، وإن لم تستطع فالصمت أفضل دون غحراج نفسك.. فلا يصح ان نتبع الحرية غير المنضبطة والمنفلتة بتشويه الاخر. والأهم أن نحترم وصايا الله ان نعامل الاكبر باحترام ولطف وبخاصه اباء الكنيسة الذين أحدهم حملك على يديه للمعمودية، والذي يعطيك جسد ربنا ودمه بايده في فمك، الذي يزوجك ويفتح لك بيت من أمام الهيكل، فهو يستلمك من المعمودية حتى يزوجك وينشئ لك كنيسة صغيرة في بيتك.. فهل يصح ان لا نحترمه؟ فعدم الاحترام في النقض يأتي من الغريب وليس من اختبر كل تلك الخدمة من أحد الأباء، فلابد ان نكون اكثر وعياً بالمبدأ الرعوي في كنيستنا.
كيف تم اختيارك اسقف في شرق السكه الحديد ؟
في عام 1997 نيافه الحبر الجليل انبا متاؤس رئيس الدير دعاني لكي أمسك أمانه الدير “كربيطة” الدير وهي كلمة باللغه السريانيه معناها أن اتولي تدابير الدير الداخلية في غياب الأب رئيس الدير. وفي عام 1998 دعاني قداسة البابا شنوده أن أصلي الميلاد والغطاس في هولندا، فصليت ولكن شعب الكنيسة هناك تمسك باستمراري معهم لكنني قلت لهم: “لايوجد لدي استعداد أن أكمل معكم لانني لا استطيع ان اترك الدير طويلاً” ولكنني استجبت لرغبه سيدنا البابا واشتمريت في الخدمة هناك حتى عدت إلى الوطن في اواخر عام 1999
وقتها دعيت إلى أن أساعد نيافه الانبا صموئيل – اسقف شبين القناطر، لانه كان يعاني من المرض ولديه العديد من الجلطات فبقيت معه لمده عام ثم رجعت إلى الدير. وفي يونيو 2001 دعاني البابا شنوده إلى الأسقفية، وبالفعل جئت إلى القاهرة ولم اعرف بالتحديد فيما يحتاجني سيدنا، لان في هذا التاريخ كان هناك تعيين النائب البابوي والعديد من الأساقفة في إيبارشيات متعددة. وطلب مني قداسة البابا أن أكون اسقفا على منطقه شرق السكه الحديد. وبالفعل طلب من الانبا متاؤس ان يعطيني القمصية ورسمت اسقفا بيد البابا شنوه على كنائس شرق السكة الحديد في اليوم التالي.
ودائما أمام عيني قول السيد المسيح: “ومهما فعلتم فقولوا نحن عبيد بطالين” وهذا أساس قوي في الخدمة وأساس قوي في حياتنا الرهبانية. وبدأت مسئولية الايبارشية بدراسة ظروف المكان لكي أضع خطة استمر عليها، وهذه الخطة موضوعة على أساس احتياجات الناس والكهنه..
وبدأت في اجراءات سريعة استمرت مدة ثلاثة أعوام للمنطقة.. ولدي طموحات كبيره اتمني تحقيقها، فكان عدد الاباء الكهنه 27 كاهن والأن اصبحت الايبارشية تضم 47 كاهن، وعدد الكنائس كانت تسع كنائس اصبحت الأن 14 كنيسه حاليا، وقمنا باعداد مصيف لأولادنا باشتراك رمزي بالاضافه إلى توجهنا الان لتجديد كنائس الايبارشية لأن معظمها كنائس عائلية قامت بعض العائلات ببنائها. وتم أيضا شراء بيوت خدمات وهدم وبناء كنيسة مهمشمة حيث كانت ايله للسقوط.
انتقل عن عالمنا الأسقف المحبوب الانبا كيرلس – اسقف ميلانو .. ما ذكرياتك معه ؟
بداية أحب أن أقدم تعازي لسيدنا البابا وللاساقفة، فالكنيسة فقدت راهب جليل وقديس بالفعل، كان له دور كبير في العمل الرعوي في كل اوروبا، وكان نائباً البابا في روما فالبابا كان يحبه جداً..
عندما ارسلني البابا شنودة إلى هولندا كان أول معرفتي به من خلال مكالمات تليفونية دون أن أقابله، فمن خلال صوته فقط شعرت أنه أب عظيم فقلت: إذا رأيته لن استطيع أن افارقه من نبره صوته واهتمامه بما كنت أناقشه في التليفون” وفي عام 2012 كان هناك مؤتمر للدراسات القبطية في روما – ينعقد كل اربعه سنوات، وتقوده الجمعية القبطية للدراسات، وكان منعقد في جامعة “سبيانز” في روما وكان معي حوالي أربع أباء كهنه فعند وصولنا إلى المطار كان هو بنفسه ينتظرنا في المطار ثم زورنا دير انشأه باسم الانبا شنوده رئيس المتوحدين وقال لنا أيضا: “سوف اذهب معكم لدير انشأته باسم الانبا انطونيوس”
وكان يحرص على ترتيب المكان بنفسه بمنتهى التواضع، وكان فنان بالفعل فكان يستثمر ابسط الأدوات ليخرج بها أروع الأعمال الفنية وصاحب خواطر وصاحب تأملات . وفي بداية حياته كأسقف، كان يقوم بتجميع الشعب لحضور الكنيسة بنفسه وينزل لمعاينة وشراء أماكن للكنائس.
كان ينام في غرفه لا يوجد بها سرير وينام على باب من الصاج في الأرض. ايضا كان يتمتع بأبوة غير عادية – أبوة رعوية متميزة، فكان يتمتع بحب الناس كلهم وأيضا يعطي تعليمات ونصائح للجميع، وكان الناس يتقبلوا كلامه يستمعوا اليه ولعظاته. وكان يجمع الناس والكهنه لدراسة الكتاب المقدس. وكانت الاطفال تحبه جدا وكانت له مكانة في قلوب الجميع من الأطفال حتى الاساقفة، فكان مصدر للمشورة في اوروبا وحيث أن الكنائس كانت قليله جدا والأباء والخدام قليلون، فكان هو يدبر كل الأمور وكان الجميع يلجأون له لحكمته فنحن حقا خسرنا أب عظيم رقد بسلام لكن عزائنا أن كنيستنا أم ولود وابائنا هم اعمده المستقبل.
حدثنا عن الارشدياكون حبيب جرجس ولماذا جسده في كنيسة العذراء بمهمشة؟
الارشدياكون حبيب جرجس هو الذي اشترى هذا المكان بمهمشة لكي يقيم عليه الكلية الاكليريكية وبني الكنيسة التي هي كنيستنا الأن لكي تخدم الاكليريكيين.. وكان دائما يدعو باباوات الكنيسة لتسليم شهادات التخرج للاكليريكيين في رحاب مهمشة. وفي ذات مرة جاء قداسة البابا كيرلس الخامس وأقام شهر كامل في مهمشة، وقال: “سوف أعمل هذا المكان مقراً لي”، والبابا يؤانس التاسع عشر كان يأتي إلى مهمشة ايضا، والبابا يوساب كان يأتي لتخريج اكليريكيين ويرسم شمامسة.
أيضا حبيب جرجس اشترى هذا المكان لإدارة نشاط مدارس الاحد، فنحن ندين له بالفضل أنه أسس الاكليريكية واستمرارها، فقد كانت للاكليريكية قديماً إما شقه تؤجر أو بيت أو بالكاتدرائية القديمة، فهو أحب أن يشتري هذه الواحة لتكون مصدر للتنوير عن الكنيسة القبطية.. أيضا أسس مدرسة المرتلين والالحان وكذلك بدأ نشاط مدارس الاحد.
واول لجنه رسمية للكنيسة عقدتعام 1918 وكانت هنا في مهمشة، فكان يدير الاكليريكية ومدارس الاحد من مهمشة لمده خمسين عاما من 1900 الي 1951 حتى ليلة نياحته في عشية عيد السيده العذراء فقضي عمره هنا من حفلات ونشاطات وتنوير واجتماعات كما كان يقوم بوضع مناهج للتربيه الدينية للمدارس الاميرية من هنا ايضا.. وكذلك قام بتأليف حوالي ألف وثلاثون كتاب وبدأ مجلة شهرية باسم “الكرمة” فكان رجل عظيم في العطاء ربى أجيال تخرجوا مطارنة واساقفة وبطاركة مثل البابا شنوده الثالث الذي تتلمذ على يديه.
ورغم ما اشتراه حبيب جرجس واسسه للكنيسه إلا أنه كان يسكن في منزل بالضاهر ووالده توفي ثم والدته عام 1928 واخواته كامل ومرثا كانوا متبتلين ايضا مثله.. جده الكبير كان اسمه شرابي ومن هنا سميت المنطقة ب “الشرابية” على اسم جده الذي جاء وسكن في المكان. و”شرابي” هو اختصار لاسم “شاروبيم” جده فاسمه “حبيب جرجس منقريوس شاروبيم”
ايضا اختار حبيب جرجس منطقة مهمشة لكي يقيم عليها كل ذلك لأنها قريبه من محطة مصر لكي يسهل على الطلبة الوافدين من الأقاليم إلى هنا حتى تكون المسافة قريبة عليهم.. و هو ايضا الذي اشترى أرض كنيسة دميانة ببولاق لأنه كان يريد أن يقيم عليها مدرسة تعليم فني ومدرسة للأطفال ونشاط. وكان يتابع المدرسه الثانوية الفنية اراخنة غيره باختياره هو.
كيف جاء الجسد إلى كنيسه العذراء مهمشة؟
حبيب جرجس كان مدفون في مدافن العائلة بالجبل الأحمر، لأن هذه المنطقة كانت بديلة لمدافن الانبا رويس في بداية الخمسينيات. فعندما استرجع البابا يوساب منطقة الانبا رويس لكي يتم عليها مشروعات – على الأخص ثقافية، لكي تنقل الاكليريكية إليها، كانت المدافن قد نقلت من الانبا رويس إلى الجبل الاحمر فعائلته وهو لم يكن لهم مدافن في القاهره فعمل لنفسه مدفن لان والدته واخوه غالي كانوا تنيحوا قبله. بعد نياحته دفن معهما وظل في المدفن لمده 62 عاما، ثم تم نقله إلى هنا في عام 2013
وهذا كان طلب مني للبابا شنوده أنه يجب أن يرجع جسد الارشدياكون إلى مقره في مهمشه – المكان الذي أسسه ونشر فيه التنوير بالكنيسة.. ووافق سيدنا البابا على الطلب وارسل معي نيافه الانبا مكاريوس اسقف المنيا ومجموعه من الاباء الكهنه، لأن وقتها كان هنا انفلات أمني وقت فض اعتصام رابعة.
وبالفعل احضرت الجسد ووضعته في مكان بالكنيسة، ثم جاء البابا تواضروس و بارك الحنوط لكي نقوم بإخراج الجسد غدا يوم الاحد مساءً في عشيه عيده ونقوم بتطييب الجسد..
ولابد أن اقول للجميع من خلال وطني أن جسد القديس لم يتحلل حتى الشراب الذي دفن به كما هو رغم ان المكان الذي كان مدفون به فيه نسبة عالية من الرطوبة إلا أن الجسد لم يتحلل..
و اليوم السبت نقوم بتلبيس الجسد بُرنس، وسوف نعرض ذلك لشاشات التليفزيون والحاضرين بالعشية، واكرر الدعوة من خلال وطني أن يأتي كل أولادنا إلى الكنيسة لنوال نعمة بركته كما يشاهدون من ترك لهم التنوير والتعليم – فهو الرائد والكبير لنا، ومن ضمن ألقابه: الخادم الكبير وابو الوعظ والاب الكبير..
فاليوم اطفالنا يتعلمون في مدارس الاحد التي انشأها الارشدياكون، ونأتي لكي نري الارشديكون الذي علمنا العقيدة ودراسة الكتاب المقدس.. فالجيل القديم يتذكر جيداً صورة مدارس الاحد ومن خلفها سيرة قديس الصورة وهذه كانت فكرته وكان يستوردها من ألمانيا وايطاليا، وكان يطبع أيضا في مصر صور لمدارس الاحد.
وهو من انشأ الحياه الاكليريكية في السودان والحبشة ونشر أيضا فكرة مدارس الاحد هناك، وذهب ايضا مع البابا كيرلس الخامس إليهم..
وكانت شخصيته رحيمه، حنونه، محب للفقراء. و كان هادئاً حتى أنه كان لديه خادم خاص استدعاه من الصعيد ليخدم معه لانه كان يمر بمشكلة لديه. ورعى الارشدياكون هذا الخادم واسرته وأدخلهم المدارس حتى أن تاسوني نادية ابنة هذا الخادم قالت عنه: “انه اجلسنا معه في نفس المنزل وعشت معه 18 عاما فيها علمنا أفضل تعليم حتى حصلت علي ليسانس الأداب عام 1954 .. وكان هادئاً وحنوناً محباً للفقراء كان يعطي وقته لدراسة الكتاب ويتوحد في حجرته فلم يشعرنا بوجوده او تذمر من اقامتنا معه.. وكانت له جارة لا تصوم صوم العذراء فبعتت له يوماً أكل فطاري فتركه حتى فسد ثم عندما جاءت لتسأله عن طعم الاكل وجدته كما هو على السفره فاسداً فاندهشت من شدة إهتمامه بصوم العذراء ومن وقتها واصبحت هي تصوم صوم العذراء أيضا.”
هل بالفعل هناك معجزات لحبيب جرجس ؟
الارشدياكون حبيب جرجس له معجزات عديدة، منها:
اتت لي يوماً واحدة من المكرسات ومعها شخص والدته كانت مريضة بالمنزل وكانت ترقد ولا تتحرك فكانت لديها حصوات بالمراره فلما سمعت المشكلة اصطحبتهم إلى جسد القديس، فقالت له المكرسة سوف امسح جسد القديس بالمنديل فتبارك به والدتك، وبالفعل أعطى والدته المنديل فشفيت ولم يجد الطبيب المعالج اثار للحصاوي المرارية.. وكان الطبيب من اخواتنا المسلمين فتعجب جداً
معجزه اخرى للقديس ايضا وهي ظهوره لإحدى السيدات وقوله لها: “انا الارشدياكون حبيب جرجس واختك حامل في طفلين وكانت لا تنجب منذ 12 عام فاتصلت بأختها لتفرحها فأكدت الأخت بالفعل الكلام بأنها عادت من عند الدكتور وقال لها: “انت حامل في طفلين” وذلك لأن الأخت كانت تتشفع بالقديس من أجل أن يرزق أختها باطفال.
ايضا الانبا مينا افا مينا في كندا، روى لي أن سيدة كان لديها مرض خطير وقال لها الطبيب باقي لها اسبوعين فقط وتتنيح، فتشفعت بالقديس الارشدياكون حبيب جرجس فجاء إليها بالبدلة العادية والهيئة التي نراه بها، وقال لها: “قومي هاتكوني كويسه انا حبيب جرجس”.. وبالفعل شفيت تماما
هذا بخلاف ان هناك مشاكل تحل كثيراً على يديه، فلدينا في كنيسة العذراء مهمشة بركه كبيره جدا.
هل سيتم توزيع رفات القديس على باقي الكنائس ؟
مجلس الكنيسه اخذ قرار ألا يوزع رفات القديس لان جسده كما هو لم يتحلل، ماعدا نيافه الانبا سوريال لأنه يحب الارشدياكون وعمل رساله دكتوراه عليه.. فقال لي أنه سيبني كاتدرائيه باسمه بملبورن في استراليا. لذلك اعطيته جزء من الرفات لهذا الغرض، لكن الكنيسة هنا متشدده بعدم توزيع أي جزء من رفاته لأن الذي يريد ان يزوره لابد أن يأتي إلى الكنيسه ويأخذ بركته ويشكره على ما قدمه لنا، فمن غيره لم نكن نعرف العلوم الروحيه أو الدينيه أو الطقسية أو الالحان.. لذا اكرر الدعوه من خلال الجريده للشعب لابد ان تأتوا إلى هنا للتبرك منه وشكره على ماتركه لنا.
هل سيكون متحف لمقتنيات القديس في الكنيسة أم سيتم الاكتفاء بمتحف القديس في الكاتدرائيه ؟
سيتم بالفعل إقامه متحف للقديس لدينا في كنيسة العذراء مهمشه، فلدينا الكثير من مقتنياته الخاصة واقول للجميع أن الكنيسه هي بجوار نفق أحمد بدوي بشبرا.. تعالوا خذوا بركته وتشفعوا به وبخاصه خدام مدارس الاحد لكي يعطيهم الرب بركة مؤسس هذه الخدمة..
ولابد ان انوه من خلال وطني والجريده العريقه أن البابا تواضروس سيقيم مؤتمر عالمي عن الارشدياكون حبيب جرجس في عام 2018 في الكاتدرائية ويعد له من الأن من خلال احتفال كبير ومعرض وكل الانشطه التي تخص مدارس الاحد التي انشأها وسيدعي للمؤتمر باحثين اجانب.
هل هناك جوانب خفية عن القديس حبيب جرجس تود ان تعلن عنها من خلال وطني ؟
بالفعل لابد أن اؤكد أن هناك نقطة خفية على المتبحرين في منتصف القرن العشرين في تاريخ الكنيسة، ان ماحدث من سلبيات من جماعة الأمة القبطية في ذلك الوقت، هنا لابد ان اؤكد ان الارشدياكون كان يعلم دوره جيدا في إدارة الخدمة والاكليريكية، وكان يتميز بحب واحترام من باباوات الكنيسه من البابا كيرلس الخامس حتي البابا يوساب الثاني، حتى أن البابا يوساب الثاني كان يزوره في المنزل وكان دائما يرسل إليه الرسائل الخاصه بتنميه مدارس الاحد ونشر مدارس الاحد والاكليريكيه ايضا حتى ان الارشدياكون وجد يوماً ان احدى المجلات خرجت بمقالتين غير موضوعيتين ونقد غير موضوعي لحال الكنيسة. فمسك بنفسه المجله وأشرف عليها حتى مرض وكانت الرقده الاخيره له 1950
وحول اتجاه المحله لكي يقول لأولاده أن التعامل والنقض للكنيسه يكون بطريقه مهذبه روحية وفي اسلوب يحترم.. ودائما كان يطرح على اولاده ان مشاكل وامور الخدمه تحل بالصلاه.. ومن هنا وانشأ اجتماعات الصلاه التي نستمر نحن عليها حتى الأن.
وكان يقول لهم صوموا وصلوا لتحل المشاكل وكان دائما يقول لأولاده: “لكي تصلح لابد ان تعلم وامحو الذنب بالتعليم”.. وهذا المبدأ استلمه منه تلميذه “نظير جيد” فيقول: “علم بالراحه وبهدوء ووقار ولا تطلق العنان بحريه منفلته ليس لها سقف في تشويه صوره الخادم نفسه”
لذا لابد ان يعرف الخادم معايير الخدمة لأنه يخدم الاله، والايمان والمبادئ الروحيه، فالاخلاق هي الصوره الخارجيه لمبادئك الروحيه فلو تخطيت هذا الامر ستشوه عمل ربنا وسط الناس..
هو كان عظيم جدا وسط الناس فالارشدياكون كان أب عظيم واخذ خمسه عشر لقباً بشهاده كل الخدام والمؤ رخين سواء القديم جدا أو من عاصره فاخذ،شهاده القداسة، شهاده تحمل المسئولية، وشهاده حماية العقيدة الارثوذكسية بكل افرعها، لذا كان عظيم جدا ويستحق لقب قديس.. فالبابا شنوده قام بتأليف قصيده عنه ودعاه انه قديس الرب.. هي كانت نبؤه من البابا شنوده انه سيكون قديس الرب لدينا هنا.
كيف جاءت فكره ان يلقب حبيب جرجس بالقديس ؟
لابد هنا ان اذكر ان الذي كان مسيطر على فكري عندما رسمت اسقفاً على مهمشه – هو الارشدياكون حبيب جرجس.. وقلت أنني أود أن أعمل مؤتمر كبير عن الارشدياكون.. وذكرت ذلك أثناء حفل استقبالي اسقف للمكان. وطرحت على البابا شنوده الثالث بأن يلقب الارشدياكون بالقديس ، فاحرج سيدنا لئلا يقول البعض ان البابا شنوده يحابي معلمه الارشدياكون ويعطيه لقب قديس لانه كان تلميذه.. فقال لي: اطرحها علي المجمع المقدس في لجنه الايمان والتعليم والتشريع” وتأخر البت في ذلك واحترمت وجهه النظر وانتظرت وكان البابا شنوده قد مرض وتنيح. ثم عاودت الطلب من نيافه الانبا باخوميوس عندما كان قائم مقام فقال لي: “هذا يحتاج الي قرار من المجمع المقدس وانتظر ختي ياتي البابا الجديد” وبالفعل انتظرت حتى جاء البابا تواضروس وطرحت عليه الامر فوافق وقال: “نبحث لك في لجنه الايمان والتشريع هذا يستحق”. وبالفعل رحب الاساقفه واباء المجمع المقدس كلهم ووافقوا وتم الاعتراف به يوم 19 يونيه 2013
وحصلنا على ترخيص رسمي من الحكومة بأن ينقل جسده إلى هنا. ومعنا هذا الترخيص وتولي ذلك ابننا ماجد كامل في تولي اجراءات الترخيص ونقل الجسد.. وهنا أقول ان حبيب جرجس كان فريد من نوعه فهو كان مسئول في المجلس الملي ومر عليه أربعه أباء بطاركه ولم يختلف مع أي بطرك منهم لكن حفظ المحبه والتوقير والاحترام لكي يعطي الصوره لاولاده كيف تكون خادما وتعيش بالتقوى والمحبه والاحترام والخضوع وإن أردت ان تقول شئ له في اطار الاحترام..
كان البابا كيرلس الخامس يقول: ان حبيب جرجس هو راهب مثلنا لانه متبتل ورشح للبطريكيه بعد نياحه البابا كيرلس الخامس الا انه رفض لكبر سنه، وايضا قال إن الاب البطرك لابد أن يكون راهباً، ورشح في عهد البابا يوساب ان يكون مطران للجيزه والمنوفيه وكان يبكي امام ولاده ويقول لهم انا مش راهب لان قانون الكنيسه يقول ان المطران لابد ان يكون راهبا.”
نيافتك مسئول عن لجنة المصنفات الفنية.. حدثنا عن أهم ما توصلتم إليه في هذا الأمر وأهم العراقيل ؟
موضوع المصنفات الفنية هي موضع اهتمام شخصي لي.. في عام 2003 في المجمع المقدس وكان لي تصور أن يكون هناك لجنة لمراجعة كل ما يقدم وينتج من أفلام وترانيم، نظراً إلى ان العقيده مهمة في هذا الامر والمعلومه الصحيحه التاريخية في الافلام مهمة..
وبالفعل كونت لجنه من آباء كهنة ومتخصصين من معهد الدراسات القبطية ومتخصصين في مراجعة الأفلام والأشعار ، ونحن نسير على هذا النسق وراجعنا حتي الان 105 فيلم لكن الذي خرج إلى النور 75 فيلم فقط، لان المرفوض إما ان السيناريو ضعيف جدا أو لم ينتج بعد وأيضا كنا لغينا فكرة الفيلم لانها غير مناسبة فاول ما بدأنا، انتاجنا في عام 2004 كان 36 فيلم رأيت أن الأعداد تتقلص حتى وصلنا إلى عام 2010 وجدنا انتاجنا من الأفلام صفر.. وكان السبب ان المنتج عندما كان ينتج فيلم لم يستطيع تكلفته لان الفيلم تتم سرقته ونسخه على سي دي ويوزع مقابل مبلغ زهيد جدا من قبل من سرق الفيلم ويبيعه بسعر رخيص جدا فيأتي المنتج ليبيع الفيلم يجده انتشر ولا يستطيع البيع فيخسر..
لذا بدأت الأديره في عام 2010 بانتاج الافلام ولم تسأل عن استرجاع القيمة التي تكلفها الفيلم لان هدفها الاول هو أن تصل كلمه الله وسير القديسين إلى الجميع..
لذا اناشد من يقوم بنسخ الافلام وبيعها بسعر رخيص أن يكفوا عن هذا ولا يصح ويتركوا العمل الفني للمنتج لانكم تتشببوا في خسارة المنتج ببيع عمله.
وقد اصدر البابا شنوده تصريح وقال فيه: ” لا يصح ان تسرق مجهود غيرك حتى ترجع تكلفه فيلمه”
اضافه الي ان لجنه المصنفات ومراجعه الفيلم تأخذ مجهود شاق جدا في مراجعه الفيلم فيمتد لمدة شهر لان الذي يكتب السيناريو لا يكون ملم بالتاريخ الكنسي أو بالطقس أو باللاهوت أو بالعقيده ونرفع منه كم أخطاء كبيره جدا فالعمل الذي تشاهدونه يكون مرفوع منه كم كبير من الأخطاء نحن – كلجنه مصنفات، نراجع النص فقط لكن يواجهنا مشاكل مثل: ضعف الانتاج وضعف السيناريو وضعف الديكور والملابس وضعف اللغه.. و يرجع كل هذا إلى المخرج.
والجديد لدى اللجنة أن كل الأفلام التي انتجت منذ 15 عام سوف يعاد انتاجها مرة اخرى بتقنية جديدة تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة مثل الصوت والصوره وكثره المواهب، فمن الممكن ان يقدم الفيلم بنظرة اخرى وبسيناريو آخر فلا نتضايق على سلبيات الماضي بل نأمل ان يكون لدينا منتجين جدد فنحن كلجنة لم ننتج أفلام بل نراجع ونطمئن على سلامه العمل الذي يقدم ونراجع الترانيم من أي كلمة غير عقائديه ونعطي نصائح للمؤلف بان تكون الترانيم تحرك الروح اكثر من ان تحرك العواطف الانسانية.