بالرغم من اننا في شهر مايو الجارى يمر 7 أعوام على تصديق البرلمان المصري علي القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر ، وهى من الجرائم التى تعتبر المرأة والطفلة الآنثى من أكثر ضحاياها و الأكثر تعرضا لها بداية من تعرضها للختان والاستغلال الجنسى وزواج القاصرات ..الخ .
بالرغم من ان هذا القانون يعد نموذجا شاملا للقانون الذى يراعي القواعد القانونية والألتزامات المصرية التعاقدية المترتبة علي انضمامها للاتفاقيات الدولية ..الا ان هناك اشكاليات فى آليات تنفيذه بالرغم من مرور 7 سنوات كامله الا اننا لانزال نجد معدلات جرائم استغلال النساء والطفلة الأنثى في ازدياد دون الحد منها بموجب القانون .
و لقد تنبهت مؤسسات المجتمع المدنى خلال السنوات القليلة الماضية الى خطورة مثل هذه النوعية من الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر بشكل عام وبالنساء والطفلة الانثى بشكل خاص ، حيث قامت مؤسسة قضايا المرأة المصرية على مدار ثلاثة سنوات كاملة منذ مطلع عام 2014 و حتى أبريل 2017 باقامة مشروع لمناهضة جرائم الاتجار بالنساء فى ثلاثة محافظات مصرية وهم : القاهرة الكبرى – كفر الشيخ – الفيوم ، وتم رصد العديد من حالات الاتجار بالنساء والطفلة الانثى ،وتقديم الدعم المعنوى و الاقتصادى لهؤلاء اللواتى تعرضن بالفعل لمثل هذه الجرائم او من هن أكثر عرضه لها .
الاتجار بالنساء اشكاله متعددة
نورا محمد – مديرة مشروع مناهضة الاتجار بالنساء بمؤسسة قضايا المرأة قالت : ” منذ عام 2014 و المؤسسة استقبلت خلال المشروع 1064 حالة من السيدات اللواتى تعرضن لجرائم تعد ضمن الاتجار بالبشر ما بين عنف واتجار و حالات اكثر عرضة للاتجار بهن متمثله فى اجبار الزوجه على العمل فى اعمال مشابهه للسخره مثل العمل فى المنازل لساعات طويله دون الاجر والاستيلاء على دخلها ,و الاجبار على بيع المخدرات ومصاحبه الاصدقاء الزوج مقابل مبالغ ماليه او توفير المخدرات للزوج . وصور اخرى تتمثل فى الاجبار عل التوقيع على ايصالات امانه للاقتراض مابلغ مالية من الاصدقاء او الجيران ويتركها دون تسديد هذه الديوان وتبدا مساوامات المدنين فى استغلال الزوجة جنسيا او العمل لدى اسرتهم بدون اجر مع مضاعفه المبلغ ،ولقد قدمنا لهم خدمات تمكين اقتصادى حتى يستطعن حماية انفسهن .
و أضافت نورا قائلة : ” حينما صدق البرلمان المصري في مايو 2010 اى منذ 7 أعوام كامله على قانون رقم 64 لتجريم الاتجار بالبشر كان في ذلك الاونه قانون نموذجى جدا ،لكن ظلت اشكالية عدم تطبيقه منذ عام 2011 وحتى الان ،هى حجر عثرة امام الحد من الاتجار بالبشر وخاصة النساء .
بل و لاحظنا وجود إشكالية اخرى تتمثل في ان وكلاء النيابة كانوا لايلجئون الى استخدام قانون 64 و كانوا يستخدمون قوانيين بديلة ، على سبيل المثال اجراء خلع للزوجة في حال استغلالها والاتجار بها من قبل زوجها بدلا من ان تكون قضية اتجار بالنساء ..الخ .
استطردت نورا محمد قائلة : هناك اشكالية اخرى تتعلق بالمجنى عليهم و الضحايا والشهود و المبلغين حيث انه لا يتوفر لهم الحماية مما يجعلهم يتراجعون فى كثير من الاحيان عن الإبلاغ .
الدعم النفسى للضحايا
قالت كلارا ديبرجاس مسئولة ملف حقوق اﻻنسان فى مكتب المقررة الخاصة بمكافحة اﻻتحار بالبشر و خاصة النساء بمنظمة اﻻمم المتحدة اثناء المؤتمر الختامى لمشروع مناهضة اﻻتجار بالنساء الذى قدمته مؤسسة قضايا المرأة المصرية: ” ﻻبد من اﻻهتمام بالشق الجنائى فى معاقبة كل من يساهم بشكل او باخر فى جرائم اﻻتجار بالبشر و لكن ليس ذلك فحسب بل يجب ان يكون هتاك دعم نفسى ومجتمعى لضحايا اﻻتجار بالبشر وخاصة النساء خاصة وانها تتعرض لهذه الجريمة من قبل اﻻزواج او المقربين و افراد من عائلتها مما يجعلها فى احتياج لدعم نفسى ومجتمعى اكثر .حيث هناك صور وأشكال عديدة للاتجار واستغلال النساء تمارس داخل الاسرة ولم يجرمها القانون بالحماية مثل ( اجبار الزوج لزوجته على ممارسة الدعارة ـ استغلال الاسر للفيتات فى العمل والخدمة القسرية ـ تكرار تزويج القاصرات للحصول على المال
القومى للمرأة له دور
شيرين نجيب – المحامية بالمجلس القومى للمراة قالت : ” على المجلس القومى دورا مهما في الحد من جرائم الاتجار بالنساء والفتاة الانثى حيث انها تؤثر على المجتمع المصرى ككل سلبا . لكن للاسف كثيرا ما يتم التعامل مع العديد من هذه الجرائم على انها ضمن قضايا الاحوال الشخصية وليست جريمة اتجار بالبشر .و يحاول المجلس القومى خلال السنوات القليلة الماضية ان يقدم الدعم القانونى للنساء ضحايا مثل هذه الجرائم في محافظات مصر المختلفة ، ولكن يتم ذلك في حدود ما يتم الابلاغ عنه فقط ،وهو ليس بالنسبة الاكبر حيث انه لاعتبارات اجتماعية وموروثات لا يتم الابلاغ عن معظم جرائم الاتجار بالنساء والاطفال .
نساء يعزفن عن الابلاغ
وحيد الدسوقى – استشارى تنمية بشرية وإجتماعية ،قال : ” كثيرا ما نواجه رفض السيدة او الطفلة الضحية اقامة بلاغ بانه تم الاتجار بها وتعرضت لجريمة اتجار بالبشر ،فهناك كثيرات يعزفن عن الابلاغ ، احيانا لانهم يخشون على الجانى الذى قد يكون الزوج او الاب او الام او احد المقربين من العقوبة المشددة عليهم ، واحيانا لان السيدة تخشى من عدم وجود حماية لها فيما بعد الابلاغ خاصة الحماية المجتمعية وليس فقط عودة اجانى او اعوانه للانتقام منها . “
محمود عبد الفتاح – الخبير الحقوقى ،قال :” أن القانون 64 لسنة 2010 على الرغم من كونه يعد اول قانون صدر داخل جمهورية مصر العربية لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر فانه قد يساهم كثير فى الحد من هذه الجريمة ، الا انـه كان يجب ان يتضمن جرائم اخرى تعد نوعًا من الاستغلال التجاري والاقتصادي وكذلك الاستغلال الجنسي بل وتعد نوع من انواع الاتجار بالبشر وهو زواج القاصرات ، لما فى هذا الزواج من انتهـاك لحقـوق النسـاء القاصرات والاتجار بهم تحت مسمـى الزواج ، كذلك فــإن العقوبات الواردة بقوانين اخرى-السابق ذكرها- لاتحقق الردع المطلوب لانها لم تجرم فعل الزواج نفسه بشكل صريح وكذلك لاتعاقب من يعد من وجهة نظرنا شريك في هذه الجريمة وهو متــولي رعاية المرأة.ـ لذلك كان يجـب ان يتم النص صراحـة على تجريم فعل زواج مــن لم تبلغ السن القانونية وليس فقط تجريم توثيق العقد، خاصة وان القانون المصري لم يعالج مسألة الزواج غير الرسمى ولم يجرمه ممـا يفتح ثغره كبيرة فى جدار الوطن ينفذ منها من يريد المتاجرة بالنساء خاصة القاصرات منهن .كما يجب اضافة مادة تولى اهميه خاصة للنساء ، على اعتبار انهم الفئات الاكثر عرضا للاتجار بهن،كما جرى العرف التشريعى. ( كما فى قانون العمل ، العقوبات …الخ ).
حيث هناك صور وأشكال عديدة للاتجار واستغلال النساء تمارس داخل الاسرة ولم يجرمها القانون بالحماية مثل: الاستغلال في اعمال الدعارة وسائر اشكال الاستغلال ، واستغلال الاطفال في ذلك وفي المواد الاباحية أو السخرة أو الخدمة قصرا أو غير ذلك من صور الاستغلال ( زواج الصفقة . ،الزواج المبكر فى حالة المنفعة ، الزوجة الخادمة ،تجارة الأعضاء ،الإجبار على الإعمال الغير مشمولة بالحمايه القانونية (عاملات المنازل -عاملات الزراعة ) ، الإستيلاء على الدخل للزوجة أو الإبنة ، تشغيل النساء بأجر أقل من أجر السوق ، الجنس التجارى ، إستغلال اللاجئات ، التسول ، الحرمان من الميراث ، إختطاف النساء للحصول على فدية ، إستغلال أصواتهن الإنتخابية ، إستخدام النساء كدروع بشرية ، التهديد بأستخدام صور وفيديوهات إباحية ونشرها للحصول على منفعة ، توفير فرص عمل للنساء وهمية للنساء خارج البلاد ، سجينات الفقر(الغارمات – دين مالى- التقسيط – الإيصالات على بياض – ضامنة ) .
أضاف محمود عبد الفتاح قائلا : من المؤكد أنه من ناحية تطبيق القانون يوجد قصور شديد في دور النيابة العامة لتطبيق تلك الاجراءات ، لذا يجب تفعيل الكتاب الدوري رقم 1 لسنة 2011 النائب العام متضمن التعليمات التي يجب على اعضاء النيابة اتباعها بشأن تطبيق احكام قانون مكافحة الاتجار بالبشر.وهذا أمر فى غاية الأهمية حيث أننا نعلم جميعا أن جهل أعضاء النيابة بالقانون 64 أحد أكبر المعوقات أمام تطبيقه حيث يجعل أعضاء النيابة يميلون الى تطبيق قوانين أخرى إعتادوا العمل بها وعليه وفي حالة وجود واقعة جريمة إتجار سيكون من الضرورى مخاطبة أعضاء النيابة بالكتاب الدورى للتعليمات التى هى بالأساس موجهة إاليهم.”