أتريد أن ترفع صلاتك إلي الله ليكن لها جناحان هما الصوم والصدقة.
هذه كلمات القديس أغسطنيوس.. ومن بعده يردد كل الآباء أن للصوم جناحين – الصلاة والصدقة – ولعلكم تذكرون أني كتبت هذه الكلمات في لقائنا الأخير, أن لم تكن بالنص لكنها فيما أعتقد كانت تحمل ذات المعني.. وأجدني مضطرا أن أكررها اليوم.. مضطر من أجل صراخ المتألمين وأوجاع المرضي.. فعلي امتداد خطوات رحلاتنا مع المرضي والمتألمين من أخوة الرب كانت عطايا أصدقائنا صناع الخير في أيام الصوم تفيض بعطايا الرب التي تسندنا طوال العام في رحلاتنا مع من ليس لهم معين.. أقول هذا اليوم وأوكرره وقد مضي من الصوم المقدس شهر بالتمام والكمال ومازال نهر الخير متعطشا ينتظر لحظة الفيضان التي تأخرت كثيرا هذا العام.. ولقد كنت صريحا معكم عندما تحدثت إليكم في لقائنا الأخير, وكشفت بالأرقام – وهي أصدق من كل الكلمات – أننا خرجنا العام الماضي بعجز حدده الحساب الختامي لصندوق الخير في 2016/12/31, بما يقرب من مائة ألف جنيه, وتحديدا 98.568.87 جنيه نتيجة زيادة مصاريف علاج المرضي عن عطايا أصدقائنا صناع الخير.. وكنت آملا أن يستجيب أحباؤنا وتفيض عطاياهم بما يعوض هذا العجز ويسمح لنا بمواصلة رحلاتنا مع كل متألم ومريض يأتي إلي حقل الخير صارخا ومستغيثا.
***
أدعوكم لتعيشوا معي الموقف – ولن أذهب بكم بعيدا – لو جاء عم صابر الذي أحدثكم عنه اليوم إلي جوار هذه الكلمات.. ماذا لو جاء صارخا مستغيثا بعد أربعين يوما يتلوي متألما من حصوة المرارة التي تفتك به, ولا يجد من يخلصه من عذاباتها.. هذا واحد من عشرات المنتظرين في حقل الخير, ولا أريد أن أثقل عليكم بصرخاتهم.. سأترك صرخاتهم ترتفع إلي السماء واثقا أن الرب سيسمع صرخاتهم ويفيض من كنوز عطاياه, فطائر الصوم يحلق فوقنا بجناحين – الصلاة والصدقة – فالصوم ليس الامتناع عن الطعام لتمتلئ البطون بطعام آخر.. الصوم هو الحياة في شركة مع المتألمين.. وما أشهي أن تشارك يا عزيزي في تخفيف أوجاع المتألمين, فتأخذ بركة الصوم.
***
اليوم.. الأسبوع الرابع للصوم المقدس.. وهو أحد السامرية.. وقصة السامرية تحمل لنا واقعة إيمان وإصرار قلبي علي الوصول إلي قلب المسيح.. فأين نحن من المرأة السامرية؟.. هي بحثت ولجأت إلي المسيح الوحيد.. هي صرخت وطلبت من المسيح العاطي.. هي آمنت وسجدت للمسيح الإله.. فأين نحن منها؟!.. هي درس لنا لنبحث عن المسيح الشافي.. هي بحثت عنه لشفاء ابنتها فأستجاب.. ونحن في كل رحلاتنا نأخذ المسيح معنا لشفاء إخوتنا المرضي والمتألمين وهو يستجيب.. يستجيب لأنه يعرف ما في قلوبكم, كما عرف ما في قلب المرأة السامرية.. هو يعرف أنه بعطاياكم نعالج المرضي, ونريح المتألمين.. وهنا لابد أن أذكر بكل فرح أنه منذ لقائنا الأخير وحتي اليوم شارك معنا 14 صديقا قدموا من عطاياهم ثلاثة وثلاثين ألفا وستمائة جنيه هي الصدقة التي ارتبطت بصومهم ليمتلئ صندوق الخير بالعطاء كنزا حيا متحركا.. ومازالت آحاد الصوم متواصلة ليفيض نهر الخير بثمر الصوم راحة للمتألمين وشفاء للمرضي.