أوضح المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن النتائج الإيجابية لقرار البنك المركزي بخفض قيمة العملة المحلية بالتزامن مع تحرير قيود النقد الأجنبي ستفوق على المدى المتوسط التأثيرات السلبية الناجمة عن هذه القرارات، بالإضافة إلى قرار المركزي برفع سعر الفائدة بواقع 300 نقطة أساس لمجابهة تراجع القوة الشرائية للأفراد، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن يتم إعادة النظر في سعر الفائدة حتى لا يؤثر على معدلات الاستثمار على المدى المتوسط، كما تساعد هذه الخطوة على إتمام قرض صندوق النقد الدولي الذي تسعى مصر للحصول عليه.
وأكد “المركز” أن قرار خفض العملة المحلية تأثيره إيجابي على التصنيف الإئتماني لمصر لأنه سيعزز من تقليل الفارق بين السعرين الرسمي والموازي، وهذا الإجراء سيقلص من إنفاق احتياطيات النقد الأجنبي لدعم قيمة العملة المحلية، كما أنه سيعزز من زيادة الصادرات وتدفقات الاستثمار الأجنبي، كما أن مرونة سعر الصرف ستعوض بعض التحديات، ومن المرجح أن تحسن من القدرة التنافسية التجارية فضلا عن أن إزالة القيود المفروضة على الإيداع بالعملة الأجنبية ستدعم إحياء النشاط الاقتصادي والاستثماري، كما أن حزمة القرارات والإجراءات ستحسن من التدفقات الأجنبية وتعزز النمو الأمر الذي يقلل الضغوط على ميزان المدفوعات والذي هبط بمستويات الاحتياطي على مدار العام.
وأشار إلى تحقيق الإستفادة الكاملة من القرار فيجب الأخذ في الإعتبار أن الأساس في الأزمة الحالية سواء على المستوى النقدي أو الاقتصادي هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الأجنبية مع تراجع موارد الدولة من السياحة وعدم نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة كافية وتراجع إيرادات الصادرات وكذلك ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء مما يضطر الدولة لاستيرادها وأيضا اعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلي بنسب متفاوتة، ويستلزم علاج هذه المشكلات إقامة تنمية صناعية مستدامة في ظل هيكلة اقتصادية قد يمتد تنفيذها لعدة سنوات لإقامة صناعات للإحلال محل الواردات من ناحية وتنمية التصدير من ناحية أخرى، وتظهر بوادر هذه الاستراتيجية حاليا في استراتيجية تنمية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإقامة تجمعات زراعية تصنيعية متكاملة ضمن مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان.
ويرى المركز المصرى للدراسات الاقتصادية أنه بالنسبة لأثر الزيادة المتوقعة في الأسعار خلال الفترة القادمة، فإن السلع والمنتجات الموجودة بالأسواق حاليا تم استيرادها قبل نحو شهرين بأسعار دولار جزء كبير منها جاء عن طريق السوق السوداء، وبالتالي فإن الصدمة التضخمية حدث جزء منها بالفعل، إلا أن هذا لا يعني أنه لن تحدث موجة تضخمية جديدة، خاصة أنها تتزامن مع قرار زيادة قيمة المحروقات، وهذا يعني ضرورة قصوى لتنظيم التجارة الداخلية ولإنشاء برامج واسعة النطاق لحماية محدودي الدخل لأن ذلك أساسي في نجاح منظومة الإصلاح فضلا عن أهميتها الاجتماعية في ظل نسب الفقر وضعف العدالة الاجتماعية في مصر، فنجاح القرارات الاقتصادية يجب أن يرتبط بذلك ، مؤكداً على أن إجراءات البنك المركزي لن تكفي وحدها لمعالجة الازمة الاقتصادية، ولابد من وجود سياسة مالية واستثمارية رشيدة ومحفزة لمساعدة المتضررين من محدودي الدخل، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح اختلال هيكل ميزان المدفوعات الناجم عن خلل الميزان التجاري.
وأضاف :تحتاج السياسات الحالية للبنك المركزي إلى تطوير برنامج لمعالجة التعثر المالي والتعامل مع الشركات التي لها متطلبات أو مستحقات أو الناتجة عن الإجراءات المصرفية، فهذا الأمر سوف يكون من شأنه إطلاق قدرات اقتصادية وتنموية جديدة وإنعاش معدلات النمو الاقتصادي من خلال إعادة تشغيل رؤوس أموال وأصول استثمارية معقدة، خاصة وأن التقديرات المختلفة لحجم الاستثمارات المتوقفة نتيجة التعثر تعكس بوضوح حجم التأثير على النمو الاقتصادي في حال دعم السياسات النقدية والاقتصادية لإنهاء حالة تعثرها المالي الحالية.
وكان البنك الدولى قد رحب البنك الدولي بإجراءات الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي التي تنفذها الحكومة المصرية حاليا، مؤكدا أن حزمة الإصلاحات التي أعلنتها مصر مؤخرا ستساهم في إنعاش الاقتصاد المصري ، مضيفاً أن هذه الإجراءات ستساهم بشكل فعال في توجيه الموارد العامة نحو برامج زيادة النمو والبرامج الاجتماعية ذات الأولوية، كما ستؤدي إلى زيادة دخل الطبقات الفقيرة والمهمشة.