من حرم جامعة القاهرة المكان الذى عشقة, شيعت جنازة الفقية الدستورى يحيي الجمل ذلك الرجل العظيم فى عيون كل من عرفة ومن يتشرف طلبة الحقوق أنهم قد تتلمذوا على يديه, رحل عن عالمنا اليوم بعد عمر طويل بلغ 86 عاما.
سياسي وفقيه دستوري مصري, اسمه بالكامل “يحيى عبد العزيز عبد الفتاح الجمل”، ولد عام 1930م في محافظة المنوفية، حصل علي ليسانس في القانون عام 1952م من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ثم حصل علي الماجستير عام 1963م وعلي الدكتوراه عام 1967م في القانون من نفس الجامعة.عُين “يحيي الجمل” عقب تخرجه كمعاون نيابة عام 1953م، ثم تدرج في العديد من المناصب الحكومية بالنيابة العامة حتى أصبح وكيل نيابة عام 1954م، كما شغل عده مناصب أكاديمية ابتداءً من مدرس بكلية الحقوق في جامعة القاهرة عام 1964م وأستاذ مساعد عام 1970م فأستاذ بقسم القانون العام، انتهاءً بعميد لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي عام 1971م تولي منصب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير التنمية الإدارية.
الفقية الدستوري
يُعد “الجمل” أحد أبرز الفقهاء الدستورين في مصر، فهو قانوني مخضرم أصدر العديد من المؤلفات السياسية والقانونية أبرزها:
“الأنظمة السياسية المعاصرة” عام 1969م – “النظام الدستوري في مصر” عام 1970م – “القضاء الإداري” عام 1986م – “القضاء الدستوري” – “نظرية التعددية في القانون الدستوري” – حماية القضاء الدستوري للحق في المساهمة للحياة العامة.بالإضافة إلى أنه عضو في عدد من الهيئات والمجالس منها المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي ومحكمة التحكيم الدولية بباريس ومجلس أمناء جامعة 6 أكتوبر ومجلس جامعة الزقازيق ولجنة القانون بالمجلس الأعلى للثقافة.
حصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1998م.
شارك “الجمل” في الحياة السياسية من خلال مجموعة من المقالات في الصحف المصرية والعربية، واشتهر بالعديد من مواقفه ومقالاته السياسية الجريئة في عهد الرئيس السابق “حسني مبارك”، منتقداً النظام السابق وما نتج عنه من فساد وانحدار في كافة المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية.
موقفه من قضية نصر حامد أبو زيد
تولى الدفاع عن د نصر حامد أبو زيد المفكر والباحث متخصص في الدراسات الإسلامية وكان قد أتهم بالكفر عندما قدم أبحاثه للحصول على درجة أستاذ تكونت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة بينهم د.عبد الصبور شاهين الذي اتهم في تقريره ” بالكفر”، وحدثت القضية المعروفة التي انتهت بتركه مصر.
وقد تولى الدفاع عنه في مرحلة الاستئناف مع الدكتور عبد المنعم الشرقاوي وعلى الشلقاني وأعد دفعاً بعدم دستورية (لائحة المحاكم الشرعية) التي كانت مطبقة آنذاك، وقال وقتها : وكم كانت خيبة أملنا كبيرة عندما قضت محكمة النقض برفض الدفع وتأييد الحكم المستأنف.”
الشخص المحب لقداسة البابا شنودة
أعلن أكثر من مرة عن محبته وتقديره للبابا شنودة الثالث وقال عنه: من الضمانات الحقيقية ضد الفتنة والانحراف والتطرف، وأضاف: كانت قمة الفرحة وقمة المفاجأة وقمة الغبطة عندما دخل علي ضابط بوليس كبير قائلاً: لقد أخطرنا الآن أن موكب قداسة البابا شنودة الثالث في طريقه إلى المستشفى لزيارتك.
وقال: علاقتي بقداسة البابا شنودة الثالث قديمة وعميقة، قد لا يصدق كثيرون أنني وأنا المسلم أجد راحة كثيرة عندما أجلس إليه، وأشكو إليه بعض همي، وأطلب منه الدعوات وأحس أن كلماته ودعواته تتسرب إلى قلبي في يسر عجيب.
أكبر قصريين فى الجنة لأم كلثوم وغاندى
تقديرا لقيمة المواطنة وحق الانسان فى الحياة بامن حتى من لا دين له كان للدكتور يحيي الجمل اتهمه بعض المتشددين بعد بالكفر إن أكبر قصرين في الجنة بعد الأنبياء والصديقين والشهداء، الأول لغاندي والثاني لأم كلثوم”.
وأضاف الجمل: “أنا أؤمن بأن غاندي الذي يقولون عنه أنه عابد للبقر، له أكبر قصر في الجنة، فهو أقرب إلى الله من الظلمة، والأفاقين، والناصبين مُدعو الدين.
ثورة يناير والنشاط السياسى
استكمل يحيي الجمل مشواره السياسي عقب اندلاع ثورة 25 يناير المصرية التي أطاحت برموز نظام الرئيس السابق “مبارك”، وشارك بالتعاون مع مجموعة من السياسيين والمفكرين منهم الدكتور “أسامة الغزالي حرب” و”علي السلمي” في تأسيس حزب “الجبهة الديمقراطية” الذي تولى رئاسته، كما شغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لشئون الحوار المجتمعي منذ 20/2/2011م حتى تقدم باستقالته في ١٢ يوليو ٢٠١١.
أسرار كشف عنها الراحل الدكتور يحيى الجمل
كشف الجمل” نائب رئيس الوزراء الأسبق، النقاب عن الكثير من أسرار المرحلة الانتقالية التى تولى خلالها المجلس العسكرى تسيير شئون البلاد.
واكد فى حوار صحفى مع جريدة الوطن عن فترة مابعد ثورة يناير أن «معيار القوة» كان هو المحور الرئيسى لعلاقة التقارب بين العسكرى وجماعة الإخوان، فالعسكرى يستند إلى قوة الجش والجماعة ترتكن إلى القوة الشعبية، وبالتالى كان هذا التقارب الحتمى أو «الإجبارى» بين الطرفين، مشيراً إلى أن العلاقات بدأت تسوء بينهما بعد انتخابات مجلس الشعب، وبدء الاستعدادات لانتخابات الرئاسة وهو الأمر الذى ظهر جلياً فى رفض الإخوان لبيان الدكتور الجنزورى، وإصرارهم على إقالته وتشكيل حكومة جديدة.
وكان يرى أن العسكرى لم يكن متحمساً لمحاكمة مبارك، الذى أضاع فرصاً عديدة للسفر إلى الخارج والإفلات من المحاكمة والحبس .
واشار فى هذا الحوار الى ان خطأين أساسيين وقع فيهما المجلس العسكرى وهما التردد فى اتخاذ القرارات وتخليه عن فكرة «الدستور أولاً» فضلاً عن افتقاده للوعى السياسى مثله فى ذلك مثل مبارك .