– مطلوب إصلاح تشريعات الاستثمار وليس القانون فقط
– حلول عملية وواقعية متكاملة للتحديات الاقتصادية فى مصر
عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية لقاء تحدث فيه الدكتور زياد بهاء الدين – نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق – بعنوان “رؤية بديلة لإصلاح تشريعات الاستثمار”، وذلك ضمن سلسة ورش عمل تحت عنوان “الأزمات الاقتصادية في مصر .. المخرج والحلول المتاحة “، والتي ينظمها المركز .
في البداية قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف – المدير التنفيذي للمركز ومدير البحوث – في تقديمها للقاء أن ورش العمل هي بمثابة حوار وطني يستهدف في النهاية سرعة الوصول إلى حلول عملية وواقعية ومتكاملة للتحديات التي يواجهها الاقتصاد في مصر وتحقيق نمو قوى ومستدام يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
وقال الدكتور زياد بهاء الدين في بداية كلمته : من الضروري إصلاح تشريعات الاستثمار كلها – وليس القانون فقط – وتغيير الفلسفة التي سارت عليها خلال الخمسة و الأربعين عاماً الماضية ، وكانت بإيجاز وضع جدول للأنشطة الاقتصادية المطلوب الاستثمار فيها مقابل جدول آخر لمجموعة من الحوافز كان الإعفاء الضريبي معظم الوقت واحداً منها .
وأكد الدكتور “زياد” قائلاً على إنه من المهم استخلاص العبر من خبرة الماضي منذ قانون الاستثمار الذي تم عمله في 1971، وكان وراء إخراجه إلى النور الراحل العظيم الدكتور إبراهيم شحاتة، نائب رئيس البنك الدولي، وصولا إلى تعديلات قانون الاستثمار في مارس 2015 وقبيل مؤتمر شرم الشيخ وهى التعديلات التي شكلت ردة هائلة وأضرت بشدة بمناخ الاستثمار.
وأضاف وزير التعاون الدولي الأسبق: “إن خبرة هذا الماضي تؤكد أن النظرة الجزئية والمعزولة في إصلاح قوانين الاستثمار تقود دائما إلى مزيد من النزوع إلى عمل مسارات خاصة أو استثناءات لهذه الجهة أو تلك هروباً من صعوبة أو تعقيدات القانون، فإننا يجب أن نصلح المسار كله – أي التشريعات والفلسفة الحاكمة لها – وليس صالة كبار الزوار فقط أي الاستثناءات، مؤكداً أنه يُدرك الضرورة الموضوعية التي تجعلنا نلجأ إلى الاستثناءات في الأجل القصير، لكن ذلك يجب أن يكون مبرراً ومنضبطا وفى أضيق الحدود وغلا فيعيق الإصلاح الشامل على المدى البعيد.
قال “بهاء الدين” إن العمل بالشباك الواحد بدا مع قانون 230 لعام 1989 لكن لم نستقر على صيغة له حتى الآن ، منوهاً إلى أن ذلك القانون كان قد منح أيضا هيئة الاستثمار سلطات رقابية وكان ذلك بداية خلط للأدوار امتد حتى الآن مُشيراً إلى أن أي إصلاح جاد يجب أن يفصل الرقابة عن الترويج أو التأسيس.
وذكر نائب رئيس الوزراء الأسبق أن محاولات جرت منذ 2004 و 2005 لتوحيد النظام القانوني للاستثمار في مصر ، وخلالها تم إلغاء الإعفاءات – مع احترام المُدد المتبقية للمشاريع التي أقيمت في ظلها – وقال إن ذلك تم وسط صعوبات بالغة وبعد أن جرت عمليات إساءة استخدام واسعة النطاق لنظام الإعفاءات. ثم جاء قانون 17 لسنة 2015 وكان من مساوئه أنه انهي استقلالية “هيئة الاستثمار” وخلط خلطا شديداً بين الترويج والرقابة وجعل الهيئة وبشكل غير ممكن الجهة الوحيدة صاحبة الولاية على الأراضي المخصصة للاستثمار .
وقال الدكتور زياد بهاء الدين: إن ما يقلقني الآن إنني أرى عودة إلى سياسة الاستثناءات والإعفاءات ومزيد من التداخل في الاختصاصات وتجاهل الإصلاح الأوسع لمناخ الاستثمار. شدد زياد على أن الإصلاح يتطلب عمل الكثير على جبهات متعددة لكن البداية يجب أن تكون بأخ القرار الذي طال انتظاره منذ عقود وهو إصلاح المسار بأكمله، والاستجابة للمتطلبات الحقيقية للمستمرين وإشراك المجتمع في الحوار حول الإصلاح وعدم الرجوع إلى المزايا الضريبية التي غادرها العالم منذ زمن وعمل تنظيم واحد للمناطق الاقتصادية الخاصة وتنظيم عمليات فض المنازعات وتوحيد أسسها وتطوير مراكز التحكيم والتوفيق.
وأوضح أن أول ما يجب إخراجه إلى النور من تشرعات الاستثمار هو قانون موحد للشركات وقانون الصناعة الموحد وقانون جديد المنشات الصغيرة والمتناهية الصغر على أن يتم تسجيلها بالإخطار وتحديد مجالات تناسبها ، وتقنين الملكيات العقارية، ووضع نظام قانوني موحد لتراخيص البناء وبدء النشاط، وإلغاء قانون المحال التجارية والصناعية وإعادة النظر في دور المحليات في التراخيص، وتطوير قانون المناقصات والمزايدات لخدمة مزيد من الشفافية والتنافسية وجعل ضمانات التنفيذ غير مرهقة، وتعديل قانون المحاكم الاقتصادية ليسمح بتحدي أفضل للنطاق مع العناية بالتدريب، وقانون لتداول المعلومات حتى تتاح للكافة بمعيار واحد، وتفعيل المبادرة المصرية لإصلاح مناخ الأعمال (إرادة) وإزالة التناقض بين الجهات الرقابية و تحديث قواعد الإفلاس والخروج من السوق ، وإعادة تقييم الدور الذي يقوم به الصندوق الاجتماعي.
كما أكد الدكتور زياد بهاء الدين أن كل ما هو مطلوب من تشريعات توجد منه مسودات متطورة في الأدراج والخبرات متوفرة والدراسات أيضا وهناك من هم على استعداد عالمياً لمنحنا الدعم الفني اللازم.
هذا وقد أكدت المناقشات خلال اللقاء أن أننا نتحدث فى مصر بلغة ضريبية غير التي يتحدث بها العالم وأن السائد حالياً هو تقديم حوافز غير ضريبية أو تخفيف العبء الضريبي على مشروعات بعينها كالمشروعات الصغيرة والمتناهية وليس الإعفاء، وأن مصر تتمتع بالفعل بمزايا واقعية منها السوق الكبير والموقع الجغرافي المتميز وأهليتها لتكون مركزاً لوجستيًا عالميًا ووفرة العمالة في المجالات المختلفة، ويتعين تسويق هذه المزايا بشكل صحيح عالميًا.