شهد السوق المصرى حالة من الترقب الشديد بعد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيادة الرسوم الجماركية على بعض السلع المستوردة التى لها بديل محلى أو التى أطلق عليها بـ “السلع الإستفزازية ” ، حيث يرى العديد من أستاذة الاقتصاد والمُحللين والمهتمين أن القرار كان صائباً لصالح الاقتصاد المصرى خاصة فيما يتعلق بعجز الموازنة والإرتقاء بالمنتج الوطنى ، بينما نددت شعبة المستوردين بإتحاد الغرف التجارية بالقرار مُتعللة بأنه سيؤدى لزيادة الأسعار .. هذا وقد أعد اتحاد المستثمرين منذ أشهر طويلة وبالتحديد خلال إنعقاد مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادى الثانى ، مذكرة توضح كم السلع والمنتجات المستوردة التى تملىء الأسواق والتى لها مثيل محلى يتقارب إلى حد كبير فى الجودة والأسعار معاً ، موضحة تأثيرها على الصناعة المصرية خاصة فى المرحلة الراهنة .
من جانبه أوضح المنهدس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة خلال ندوة عُقدت بمجلس الأعمال المصرى الكندي أن الحكومة تراتقب أثار قرار زيادة التعريفة الجمركية على السلع التى تم تحديدها بالسوق المحلى ، مؤكداً أن نسبة الزيادة فى الجمارك تتراوح ما بين 10 إلى 15% فقط، ولم يتم رصد لزيادة فى الأسعار ، بل أن هناك شركات قامت بالإعلان عن عروض مخفضة لتنشيط مبيعاتها ، بالتوازى مع أهتمام الدولة الحالى بتفضيل المنتج المحلى ، وقيام الحكومة بأكبر عمليات لشراء المنتج المحلى ، وأضاف : كما تعد وزير التجارة والصناعة حملة إعلامية كبيرة لتوعية المواطنين بأهمية تفضل المنتج المحلى ، منوهاً أن جميع المنتجات والسلع التى تم رفع رسوم الجمارك عليها لها بدائل محلية الصنع .
فى البداية قال الدكتور سعيد عبد الخالق وكيل وزارة التجارة والصناعة سابقاً : إن قرار رفع الجمارك على السلع والمنتجات صائباً على أقصى الحدود ، بل أنه تأخر كثيراً ، خاصة وأن الدولة ليس لديها من العملة الصعبة وعلى رأسها الدولار ما يكفى لتغطية نفقات تلك الواردات المتزايدة سنة وراء الآخرى ، مما أوجد حالة عدم وجود حل أخر لدى الحكومة لتحجيم الواردات إلا برفع الجدار الجمركى ، مؤكداً أن القرار يصب فى صالح حماية الصناعة الوطنية من المنتجات المُماثلة الواردة من الخارج والتى لها بدائل محلية .
واستطرد د.عبد الخالق قائلاً : هذا القرار فى مجمله يتسم بالحكمة وأنه غاب طويلاً ، واصفاً رد فعل المستوردين على القرار بأنه ضمن “المطالب الفئوية ” التى لا ينبغى للدولة أن تلتفت إليه كثيراً ، منوهاً أن هؤلاء المستوردين يُمكنهم التركيز فى المرحلة الراهنة على استيراد السلع التى المُلحة والتى يحتاج إليها المجتمع والدولة حالياً ، وأضاف : إن تزايد الصادرات فى الفترة الراهنة ومنذ سنوات مضت أوجد عجزاً أخذ يتفاقم حتى أصبح يُقدر بـ 32 مليار دولار فى الميزان التجارى لصالح الصادرات ، كما أنه أنعكس بالسلب على سعر الصرف فى مصر ، حيث بات هناك تكالب على الدولار محلياً لتغطية نفقات الإستيراد المستمرة ، مما أدى إلى أزمات متكررة نتيجة نقص الدولار بالتالى ارتفاع سعر صرفه من حين لآخر ، إذاً فالقرار يُعالج ويحد من هذه المسألة .
بسئول “وطنى” عن مدى جود حالات إغراق بالسلع رخيصة الثمن للسوق المصرى خاصة من الصين وغيرها .. أوضح وكيل وزارة التجارة والصناعة سابقاً قائلاً : أولاً يجب أن نعترف أن هناك دول مثل الصين وكوريا تتمتع بتكلفة إنتاجية منخفضة للغاية ، مما يجعل السلع الواردة زهيدة الثمن مقارنة بالمنتج المحلى المماثل ، وهنا نريد أن يتعلم المنِتج والمُصنع المصرى هذه الميزة للأخذ بها فى مصر ، خاصة بعد قرار “رفع الجمارك” ، حيث أن من يستسهل الوضع الراهن ولا يسعى لخفض تكلفة الإنتاج على إعتبار أن المستهلاك المصرى يرضى بأقل جودة لإعتبارات متعلقة بإنخفاض الإجور فهذا فى غير صالحه ، لان السوق المصرى لن يتقبل حالة إحتكار القلة لفترة طويلة ، ولا يستمر يقبل المنتجات الرديئة ، مشيراً إلى وجود حالات إغراق بالسوق المصرى لكن فى نفس الوقت هناك جهاز مختص بقضايا الإغراق بوزارة التجارة والصناعة ، ولا يتحرك هذا الجهاز ويبدأ فى اتخاذ الإجراءات الخارجية بالتنسيق مع منظمة التجارة العالمية المعنية بهذا الأمر إلا بعد أن يتقدم أحد المنتجين المحليين بشكوى محددة وبالمستندات الدالة على وجود حالة إغراق إلى الجهاز المعنى بالوزارة ، وهذا طبقاً للقواعد التى وضعتها المنظمة ، مؤكداً أن لجهازى حماية المستهلك ومنع المماراسات الإحتكارية دور كبير فى المرحلة الراهنة تتعلق بالرقابة على الأسعار ومراقبة جودة المنتجات وتوافقها مع المواصفات المختلفة ، خاصة وأن جهاز حماية المستهلك أصبح يتمتع حالياً بحق الضبطية القضائية التى تعطيه السلطة الفعاله للقيام بدوره .
خطوة هامة لتشجيع المنتج المحلى
من جهته صرح خالد الشافعي الخبير الاقتصادي بأن التعديلات التى أجرها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول الضريبة الجمركية المفروضة على بعض السلع المستوردة – ما يعرف بالسلع الاستفزازية – مثل “الكاجو، الجوز، البندق، الفستق، الأناناس، اللوزر” صائبة وفى محلها ووأضاف كنا طالبنا منذ فترة برفع الضريبة على مثل هذه المنتجات، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جيدة جدًا وتحد من خروج العملة الصعبة من مصر. وأشار “الشافعي” إلى أن الثورة التى قد يلجأ لها المستوردين ستكون مؤقتة ولأبد أن يبحث الجمع عن مصالح الدولة وعدم النظر فى المصالح الشخصية والضيقة حتى نتمكن من العبور من المرحلة الحالية وإنقاذ الاقتصاد الوطني من عثرته. مؤكداً أن قرار “السيسى” بفرض تعريفة جمركية جديدة على تلك السلع خطوة هامة لتشجيع المنتج المحلى وزيادة الميزات التنافسية أمام المنتج المستورد فى السوق المصرى، مشيراً إلى أن الإتجاه الغالب خلال الفترة المقبلة لأبد أن يكون الاعتماد فيه على المنتج المحلي مع إحداث عملية تطوير لتلك المنتجات، حتى يتمكن من الصمود أمام المنتجات المستوردة ومن أجل وقف نزيف العملة الصعبة.
زيادة فى أسعار السلع
بينما ترى الدكتورة عنايات النجار استشارى التمويل والاستثمار أن هناك فعلاً سلع استفزازية لكنها تتسائل هل مسألة رفع الجمارك على مثل هذه السلع هو الإجراء المناسب للنهوض بالصناعة المصرية ، وهنا تشير إلى أنها لمست زيادة فى أسعار السلع بشكل كبير ، وأضافت : حتى وإن كانت سلع ومنتجات تم استيرادها منذ أشهر طويلة ولم يُطبق عليها بعد زيادة فى الرسوم الجمركية ، كما أن مسالة تقوية المنتج المصرى بهذا الإجراء غير كافى ، إلا إذ تم خلق صناعات مصرية حقيقية تستطيع أن تنافس مع مثيله فى العالم ، ولنبدأ بمنافسة الصناعات الأردء التى تدخل للسوق المصرية ، مؤكداً على ضرورة حل مشاكل المصانع المغلقة التى تصل إلى حوالى 1000 مصنع ، كما ترى أن إيجابيات القرار لم تظهر بعد بل أن سلبياته المتمثلة فى ارتفاع الأسعارهى الأكثر وضوحاً، وقالت : أنا أومن باقتصاد السوق وأن دور الدولة يتمثل فى التنظيم والإدارة وليس تشغيل مصانع ، وبالتالى فيجب أن يكون دور الدولة أكثر وضحاً فى هذا الشأن وتدفع القطاع الخاص للقيام بدوره فى السوق .
التقضاء علي المستوردين
وصرح أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية إن هناك لوبي من اتحاد الصناعات يضغط علي الحكومة لوقف الإستيراد لتحقيق مصالح شخصية ، مُحذراً من حدوث أزمة كبيرة جداً في الأسعار، واختفاء بعض السلع الضرورية،مشيراً إلي أن المصانع المصرية ستوفر السلع بجودة أقل بعد التقضاء علي المستوردين، وسيضطر المواطن إلي شراء السلع الردئية بأسعار مرتفعة لعدم وجود منافسة، وخضوع السوق المصري لمجموعة من المحتكرين.. وأكد “شيحة” أن قرارات زيادة الجمارك وقبلها تقييد استيراد 23 سلعية يصب في صالح المحتكرين الذين يُريدون السيطرة علي السوق المصري بمفردهم، وقتل أي منافس يدخل لأحداث توازن في السوق.
وأتفق فى الرأى أيضاً أشرف هلال رئيس شعبة الادوات المنزلية الذى أكد أن قرار زيادة الجمارك لـ 40% سيرفع الأسعار النهائية للمستهلك بنسبة 25%، مشيراً إلى أن جميع الأسعار ستشهد زيادة بسبب القرارات المقيدة للإستيراد من جانب وزيادة الجمارك علي السلع التي سيتدفع ثمنها المواطن البسيط، منوهاً أن ال23 مجموعة سلعية التي تم تقييد الاستيراد عليها بقرار من وزير الصناعة والتجارية، يندرج تحت كل مجموعة أكثر من 20 صنف، موضحا أن الأدوات المنزلية علي سبيل المثال تشمل طقم جرانيت، وملاعق، وكوبايات شاي، وقهوة، وبايركس، وطقم كاسات، وحلل …الخ، وأن كل هذه الأصناف سترتفع بنسبة كبيرة، مما يحمل المستهلك البسيط أعباء كبيرة في ظل زيادة التضخم .
هذا وقد أكدت الغرف التجارية أن قرارات زيادة الجمارك وقبلها تقييد عملية الإستيراد ستنعكس علي الأسعار بزيادة لا تقل عن 25% بالإضافة إلي أنها تعزز الإحتكارات .. وضمت القائمة مئات السلع الترفيهية من مختلف اﻷصناف والأنواع، وأصبحت التعريفة الجمركية لها تتراوح بين 20 و40% بعدما كانت 10 أو 30% في الماضي، ومن أبرز السلع التي ارتفعت جماركها؛ المكسرات بأنواعها، ومستحضرات التجميل والحلاقة وأدوات الشعر، والبدل، والتكييفات والثلاجات والمجمدات، وأدوات وأجهزة المطبخ، والساعات والأقلام والقداحات وبعض الفواكه ذات البديل والمثيل المحلي، وأغذية الحيوانات اﻷليفة وأدوات السراجة والفروسية.