في أجواء احتفالية بمشاركة شعبية، ووفود رسمية من ٩٠ دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية بدأت مراسم الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة، وسط إجراءات أمنية مشددة في الإسماعيلية (شمال شرق)، حيث حلقت طائرات عسكرية مقاتلة من أنواع مختلفة فوق مجرى القناة في عرض جوي كبير ورسمت علم مصر فى سماء المجرى الملاحى مع دخول الرئيس عبد الفتاح السيسي بملابسه العسكرية على ظهر يخت المحروسة الملكي ، الذي شارك في افتتاح القناة قبل حوالي 150 عاما ، واصطحب الرئيس السيسي على يخت المحروسة طفلاً مرتدياً الزى العسكري، وهو الطفل عمر صلاح (9 سنوات) المصاب بالسرطان،حيث تحرك اليخت وعلى متنه الرئيس السيسي والفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، وعدد من ممثلين فئات الشعب من أسر الشهداء، وحلقت بعض الطائرات الهيلكوبتر فوق اليخت وتبعته قطع بحرية عسكرية منها “الفرقاطة فريم ، في حين ظهر مجموعة من الرجال مرتدين زياً فرعونياً على ضفاف القناة، يعزفون بعض المقطوعات الموسيقية أثناء مرور يخت المحروسة، حاملين علم مصر مع الآلة الموسيقية،ورفرفت أعلام كل الدول المشاركة فى الاحتفال على جانبى القناة .
واتجه موكب الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد استبدال بدلة مدنية بالزى العسكري إلى المنصة الرئيسية، وعند وصوله للمنصة ألقى التحية على الحاضرين فى اتجاهه لصعود المنصة، حيث دشن الرئيس “قناة السويس الجديدة” التي تعقد عليها الآمال لانعاش الاقتصاد المصري. بدأ العرض الفني لكورال أطفال مصر وتبعه غناء أوبريت فني لكارمن سليمان، ومحمد شاهين وأحمد جمال ودعي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ضيف شرف على الحفل إلى جانب أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
مصر قدمت للإنسانية قيماً ومبادئ
وقع الرئيس عبد الفتاح السيسى ، وثيقة بدء تشغيل قناة السويس الجديدة، في أجواء احتفالية كبيرة بمشاركة شعبية، ووفود رسمية من ٩٠ دولة عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية، من بينها روسيا التي حرصت على مشاركة الشعب المصري فرحته، بوفد رفيع المستوى يترأسه رئيس الوزراء دميتري ميدفيديف، ويضم عدداً من الوزراء والمسؤولين الكبار،وجاء نص وثيقة بدء التشغيل كالأتى:باسم شعب مصر ، واستكمالاً لمسيرة أجدادنا ومتوكلاً على الله، نأذن نحن عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية ببدء تشغيل قناة السويس الجديدة، لتكون شرياناً للخير لمصر وللعالم أجمع وحفظ الله مصر وشعبها العظيم وتحيا مصر، ذلك هو نص الوثيقة التي وقعها السيسي إيذاناً بإعطاء أمر تشغيل قناة السويس الجديدة .
وفى بداية كلمته رحب الرئيس عبد الفتاح السيسى بضيوف مصر من اﻷشقاء المخلصين وأصدقائها اﻷوفياء الذين شاركوا الشعب المصرى فرحته العبور إلى المستقبل من أجل رخاء الإنسانية كافة.
وقال بعد أن قام بطى أوراق النص المكتوب- “سأتحدث بارتجال كمواطن مصرى، “مصر حضارتها ممتدة ٧ آلاف عام وتدرس للعالم وما قدمته للإنسانية، قدمت قيما ومبادئ وأخلاقيات تناغمت مع الرسالات واﻷديان السماوية ولم تتقاطع معها”.
أضاف السيسي: “بعدت عن الخطاب الرسمى ﻷنى أتكلم مع كل المصريين وليس مفكريهم ومثقفيهم فقط لكن لغالبية شعب مصر، ويختلف الكثيرون معى لكن المصريين لهم الأولوية الكاملة، جاء افتتاح قناة السويس الجديدة، اليوم الخميس، وسط حضور وفود من 102 دولة و٦ آلاف مدعو لحضور الحفل.
أضاف: الرئيس السيسى أن مصر لم تقدم فقط مشروع قناة السويس الجديدة وتنمية، لكنها قدمت إنجازاً كبيراً فى وقف تقدم الارهاب ودحر أهدافه.
وأشار إلى أن القناة لها بعد جديد يجب أن نتوقف أمامه، وهو شعور المصريين بالثقة والاطمئنان وعدم الإحباط، وما تم تنفيذه بهذا الشكل، ورد فعل الناس وفرحة المصريين تؤكد أنهم كانوا محتاجين الفرحة وأنهم كانوا قادرين، وهى أول خطوة من ألف خطوة ونحن مطالبون بأننا نمشيها.
وشدد لا يستطيع أحد أن ينال من مصر طول ما الشعب المصرى كتلة واحدة”، لافتا إلى جلوس شيخ اﻷزهر والبابا تواضروس بجوار بعض، مؤكداً: لابد أن نكون كتلة واحدة لنعبر الصعاب. وأثناء كلمة السيسى عبرت أول سفينتين للحاويات ،حيث أطلقت أبواقها كتحية للرئيس واحتفالاً بالقناة ،واستكمل السيسى حديثه بأن كل مصرى كان يشارك فى المشروع وحتى غير المصريين كانوا مصرين على إتمام المهمة فى الوقت المحدد، وﻷن المهمة صعبة كان الجهد كبيراً،وقدم الشكر لكل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لضمان أمان مصر من أجل الإنسانية كلها، كما وجه الرئيس رسالة إعزاز وتقدير لشعب مصر، قائلا “إن أرواحكم لم تضع هباء وانعموا جميعا بسلام الجنة”.
وأضاف ، إن إطلاق الملاحة فى قناة السويس يتخطى إنجازات اقتصادية وسياسية لمرحلة البناء الراهنة التى تشهدها مصر، وأن التاريخ يروى للإنسانية أن قناة السويس الجديدة ستعلن للعالم أننا ننتصر على الإرهاب بالحب والحياة والعمل. وأكد السيسي أن مصر ليست بلد المشروع الواحد ولا يصح أن تكون كذلك ،وعقب انتهاء كلمته أعلن الرئيس السيسي بدء تشغيل قناة السويس الجديدة.
المصري سطر رحلة كفاح لمستقبل العالم
وأكد الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، أن الشعب المصري سطر رحلة كفاح جديدة من أجل الوطن ومستقبل شعوب العالم بإتمام إنجاز قناة السويس الجديدة كما فعل أجداده في القرن قبل الماضي ، وقال مميش، خلال كلمتة بحفل قناة السويس، إن شعب مصر العظيم مصر مهد الحضارة وأرض المحبة والسلام قناة السويس رمز التحدي والكفاح في شريان الحياة لمصر وللعالم. واستشهد مميش ببيت أبو القاسم الشابي”إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.. ولا بد لليل أن ينجلي.. ولا بد للقيد أن ينكسر”، فها هو الشعب المصري أراد الشعب في 25 يناير و30 يونيو، وأشرقت شمس الحرية وانكسر قيد التعصب والتخلف وانطلقت مصر بطوائفها وجيشها العظيم وشعبها الذي التف حول قائده، ها نحن اليوم نحتفل بأولى خطوات مشروع قومي عملاق في مصر في القرن الواحد والعشرين ليكون شرانا للحياة لمصر وللعالم فهو إنجازغيرمسبوق، وأضاف رئيس هيئة قناة السويس، “طبقا لأومر الشعب وأوامر الرئيس ضرب العمال مثالا للجدية والانضباط فقد وعدنا فأوفينا الوعد وعاهدنا ووفينا العهد وها نحن اليوم نسلم الهدية لمصر وللعالم أجمع ،ووجه مميش رسالة قائلاً: “كانت لتوجيهاتك المستنيرة ودعم الشعب والحكومة طوال مدة تنفيذ المشروع أكبر الأثرعلى سرعة الإنجاز في الوقت المحدد، كان التحدي شعارنا وتشابكت الأيدي وتعانقت العقول لإنجاز العمل في الوقت المحدد.
وأستطرد ، منذ لحظة تفجير الساتر الترابي لم يتوقف العمل حتى عبور أول سفينة لتجربة القناة، إنهم المصريين الأكفاء الذين واصلوا العمل ليلا ونهارا ونعدكم أن لا نتوقف عند هذا الإنجاز، وكان الأمر أن نبدأ من غد، تنفيذ مشروع تنمية قناة السويس.. فلا وقت لنضيعه فمصر تنتظر الكثير من أبنائها فلنحمل معاول البناء ونترك معاول الهدم فمصرلا تهدم إلاعلى أجسادنا، ووجه مميش الشكر لكل من شارك في عملية الحفر وإتمام المشروع قائلا: “كل الشكر لمن شارك بالعمل، كما انجلى روح الوحدة الوطنية خلال مراحل العمل.. أتوجه بالشكر للقوات المسلحة والعاملين بهيئة قناة السويس وشركات التكريك في المشروع، وأختتم مميش لا أستطيع إلا أن أقول تنفذ يا أفندم كما أخبرنا سيادتكم العام الماضي.. ها نحن بعد مرور عام للتوقيع على وثيقة أمر بدء تشغيل قناة السويس الجديدة.
ردود افعال عالمية
أعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف أن افتتاح قناة السويس الجديدة ستزيد حجم التجارة البحرية، ما سيسمح بتغيير مشهد القناة وإقامة مناطق صناعية جديدة في محيطها .
وأشار رئيس الوزراء الروسي إلى أن تشكيل الوفد الروسي المشارك في المراسم يعكس سعي موسكو لتطوير العلاقات ذات المنفعة المتبادلة بين البلدين. كما أعرب مدفيديف عن أمله في أن تقدم مصر دعمها للمنطقة الصناعية الروسية في محيط القناة الجديدة ،وأفاد رئيس الحكومة الروسية بأن موسكو تخطط لزيادة صادرات الحبوب الروسية إلى مصر بشكل أكبر لتصل إلى ما بين 7 ملايين طن سنوياً.
وأفاد مدفيديف بأن روسيا ومصر تعملان على مشاريع واعدة في مجال الطيران والمدرعات، وأعرب عن اعتقاده بأهمية التعاون التقني العسكري بالنسية إلى كلا الدولتين، مشدداً على أن هذا التعاون ليس موجهاً ضد أطراف ثالثة، “بل يدور الحديث عن تعزيز قدرات مصر الدفاعية، بما في ذلك إمكانياتها في صد التهديد الإرهابي، وبالتالي ضمان الاستقرار والأمن في المنطقة بأسرها.
كما هنأت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي دلاميني زوما، الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومة وشعب مصر على افتتاح قناة السويس الجديدة ،وحيت هذا الإنجاز العظيم الذي تم الانتهاء منه خلال عام واحد فقط.
وأكد الاتحاد الأفريقي أن قناة السويس الجديدة من شأنها تحقيق زيادة هائلة في حجم التجارة الدولية، كما ستسهم هذه البنية الأساسية الكبيرة في زيادة الدخل القومي المصري نتيجة الارتفاع المتوقع من عائدات العملة الصعبة وخلق فرص عمل جديدة، لاسيما بالنسبة للشباب المقيمين على طول القناة والمناطق المحيطة بها.
وأعربت دلاميني زوما عن تقديرها لهذا العمل الضخم الذي قام به الشعب المصري، وتمنياتها بحسن استغلال هذا المشروع الجديد، قائلة “إنه بالنسبة لي سعادة بالغة أن أرى دولة عضو تحقق هذا التقدم الكبير على ساحة التجارة الدولية”.
وعبرت زوما عن تهنئتها الخاصة للشعب المصري الذي تشاركه الفرحة في هذا اليوم الذي يعد تاريخيا بالنسبة للحكومة المصرية.
ورأى الاتحاد الأفريقي أن افتتاح قناة السويس الجديدة يمثل خطوة كبيرة فيما يتعلق بقدرة الحكومة المصرية على جذب الاستثمارات الأجنبية نتيجة زيادة حركة الملاحة التجارية في البحر المتوسط واستقرار الوضع الأمني في المنطقة.
وتوقع الاتحاد الأفريقي أن تحفز قناة السويس الجديدة الاقتصاد المصري نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد السفن المارة في القناة .. لافتاً إلى أن الحكومة المصرية تنتظر زيادة عائدات القناة بنسبة تتجاوز 200% .
واعتبر الاتحاد الأفريقي أن قناة السويس الجديدة تمثل بادرة خير ليس فقط لمصر، وإنما لمجمل القارة الأفريقية لأن هذا المشروع يزيد من إنتاجية وتنافسية القارة على الصعيد العالمي، ويفتح الطريق أمام تنفيذ أجندة 2063 للتنمية في أفريقيا.