نجحت وثيقة الازهر الشريف -دون قصد- في تعميق الانقسام السياسي والمجتمعي ولا غبار علي الدعوة للحوار كقيمة انسانية وروحية لكن الخطر الحقيقي فيما وراء الحوار، اقصد ان المشهد الحالي يذكرني بلبننان بعد اتفاق الطائف سنة 1989، وكان الفرقاء قد قرروا تفكيك صناعة العنف “من 75 ل89” فذهبوا الي الطائف بعد تدخل اقليمي ودولي ووقعوا وثيقة الطائف وبالفعل انتهت الحرب الاهلية راسيا ولم تنتة صناعة العنف افقيا، بمعني ان الكبار الذين استفدوا من تجارة السياسة والسلاح واحيانا المخدرات، اتفقوا، انما اربعة عشر عاما من التضحية بالوقود البشري للعنف لم تنتة، كان في لبنان اكثر من خمسين الف منضمين حينا ذاك في عشرات المليشيات التي خلقت: صناعة وتجارة ومكانه للقادة الكبار والصغار لتلك المليشيات، جنبا الي جنب مع اكثر من مائة الف بين قتيل وجريح ومعوق ومختفئ، هؤلاء كانوا البنية التحتية للمشهد، وهؤلاء وجدوا الزعماء الكبار من المستفيدين من الحرب علي حساب دمائهم “يبعونهم في الطائف علي حد قولهم” ومن ثم انقلبت قواعد المليشيات علي القادة، في الشيعة ظهر محمد حسن فضل الله وحزب الله الذي قتل اكثر من الفي قتيل من حركة امل وابعدوا نبيه بري عن قيادة الشيعة، وعلي الجانب الماروني توارت مليشيات احزاب الكتائب والوطنيين الاحرار وغيرها مقابل ظهور مليشيات القوات اللبنانية بعد معارك دامية، والمرابطون وغيرها من ميلشيات السنة اختفت مقابل ظهور المليشيات السنية السلفية في الشمال، وهكذا انتقلت زعامة السنة من بيروت الي طرابلس والشيعة من بيروت الي الجنوب والماورنة ايضا الي الشمال في نزوح للعنف الي الاطراف واعادت تصديره الي العاصمة.
كل ذلك المشهد الدال يتشابه مع مصر، فمنذ ثورة 25 يناير 2011 اختلط العنف الثوري بالعنف الاجرامي، وتواطأ جميع القادة مع العنف وعدم احترام القضاء بنسب متفاوتة، ووصلت الامور الي ذروتها مثلما حدث في لبنان من صعود المليشيات الدينية والطائفية الي سدة الحكم، هكذا يحكمنا الان تنظيم غير مشروع “الاخوان المسلمين” –وكلاهما في لبنان ومصر جاءت اجنحتة السياسية بصندوق الانتخاب- ويحرك الاخوان بطريقة مباشرة او غير مباشرة مليشياته ومليشيات حلفائة من امام الاتحادية الي مدينة الانتاج الاعلامي وحرق حزب الوفد وتهديد قسم الدقي، وصناعة نائب عام وقضاء “نصف ديني نصف مدني” وهكذا تمت شرعنة العنف اخلاقيا ودينيا وسياسيا وقانونيا”، ولذلك من حق الشباب الثوري الذين يمثلون البنية التحتية والاساسية للعنف الثوري “الذي استفاد منه جميع القادة” ان يغضبوا من مساوتهم باصحاب العنف الاجرامي والسياسي المتسربل بالدين، ومن ثم فالقضية ليست الخلاف علي الحوار كقيمة ولا علي القيمة السلمية، بل من عدم اعمال القانون علي الجميع في سياق بناء دولة حديثة.
ويبدوا ان الليبراليين المصريين قد خافوا من العنف الثوري فهرولوا نحو مادة الحوار بعد ان رفضوه بشدة، تماما كما فعلوا الزعيم الخالد سعد زغلول بقبوله تصريح 28 فبراير 1922 بعد ان هاجم الفلاحيين الملكيات الاقطاعية، رغم ان سعد رفض لجنة دستور 23 ونعتها بلجنة الاشقياء، وانقسم الوفد فيما بعد، اي ان اللبراليين المصريين العظماء اعطوا الاولوية لطبقتهم عن الثورة، تماما كما يعطي الاخوان الاولوية لتنظيمهم على الثورة.
مع كامل احترامي لكل من وقع علي الوثيقة فليس بالوثائق وحدها يتوقف العنف، فالله سبحانة وتعالي انعم علينا باعظم الوئايق واولاد ادم مازالوا يتقاتلون !
سليمان شفيق
ويبدوا ان الليبراليين المصريين قد خافوا من العنف الثوري فهرولوا نحو مادة الحوار بعد ان رفضوه بشدة، تماما كما فعلوا الزعيم الخالد سعد زغلول بقبوله تصريح 28 فبراير 1922 بعد ان هاجم الفلاحيين الملكيات الاقطاعية، رغم ان سعد رفض لجنة دستور 23 ونعتها بلجنة الاشقياء، وانقسم الوفد فيما بعد، اي ان اللبراليين المصريين العظماء اعطوا الاولوية لطبقتهم عن الثورة، تماما كما يعطي الاخوان الاولوية لتنظيمهم على الثورة.
مع كامل احترامي لكل من وقع علي الوثيقة فليس بالوثائق وحدها يتوقف العنف، فالله سبحانة وتعالي انعم علينا باعظم الوئايق واولاد ادم مازالوا يتقاتلون !
سليمان شفيق