التسامح .. قبول الآخر .. المواطنة .. العولمة .. حوار الحضارات
هذه المفردات تشكل مساحة تتعاظم يوماً بعد يوم فى قاموس العصر .. وانطلاقاً من إدراك هذه الحقيقة .. تأتى مؤلفات الدكتور عصام عبد الله – أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة – بكلية الآداب – بجامعة عين شمس، والذى اختير فى أبريل عام 2008 مديراً لوحدة دراسات الحضارات المعاصرة تلك الوحدة التى تقوم بدور محورى فى العلاقات الخارجية، حيث التواصل مع العالم الخارجى شرقاً وغرباً والتفاعل الثقافى وحوار الحضارات وتبادل الخبرات (العلمية والتعليمية والحضارية والفنية) فى إطار العلاقة مع الآخر …
وحول قضايا التعليم .. الفلسفة .. المواطنة .. وعلاقتها بالمجتمع … ودور وحدة دراسات الحضارات المعاصرة .. جاء حوارنا مع الأستاذ الدكتور عصام عبد الله .
التعليم
* ماذا عن مشكلات التعليم فى مصر .. هل لها سمات خاصة ؟
** بداية تحديد مشكلات التعليم فى مصر وتناولها تأتى مما يحدث اليوم : هل لدينا بحث علمى أم لا، والحقيقة ليس لدينا بحث علمى فى مصر، لأن البحث العلمى مرتبط أساساً بأمرين :
المصنع، احتياجات المجتمع، فنحن عالة على العالم من حيث تقنيات التكنولوجيا التى لا نملكها، فالأجهزة ابتداء من اللمبة وانتهاء بالموبايل والسيارة – جميعها نستوردها، لذلك فإن أى حديث عن تطوير البحث العلمى يكون كلاماً للاستهلاك المحلى …
الأمر الثالث: لا توجد حرية، والبحث العلمى مرتبط أساساً بثقافة الحرية سياسة الحرية .. ومثال على ذلك فى مجال العلوم الإنسانية، إذا انتهى الباحث إلى نتائج معينة قد يكفر بسبب الخطوط الحمراء التى يجب عليه ألا يتخطاها، بالإضافة إلى الرقيب الداخلى الموجود داخل كل باحث. إذن هناك: (المؤسسة الدينية، المؤسسة السياسية، الضغط الاجتماعى متمثلاً فى المجتمع الذى يقف ضد الباحث) وخير مثال على ذلك: تكفير الدكتور نصر حامد أبو زيد و(هو يمثل نموذجاً فى تأويل النص الدينى عندما حاول أن يعامل القرآن كنص مثله مثل أى نص آخر) من هنا فإن مقتل جهد الباحث يأتى من المنبع – من الجامعة التى أصحبت معوقاً للبحث العلمى .
[ بالتالى فإن هذا موجود أيضاً فى مجال العلوم الطبيعية، إذا أراد باحث أن يطور فى مجال علم الجينات “نقل الأعضاء” … الخلايا الجزعية (قطع الغيار الآدمية) نجده يصطدم بالمؤسسة الدينية وتدخل فى قضية: ما المقصود بالموت؟ الموت الجزعى أم الموت الإكلينيكى ؟ أيهما تعترف به المؤسسة الدينية ؟
إن قضايا الدين والسياسة والضغوط الاجتماعية كلها تمثل معوقات للبحث العلمى، لكنها ليست أساس المشكلة، فأساس المشكلة يكمن فى أنه ليس لدينا المصنع الذى يرتبط به البحث العلمى، لقد نشأ البحث العلمى فى الغرب مع الثورة الصناعية، فكان دائماً المصنع والبحث العلمى كليهما يؤثر فى الآخر من أجل التطوير، فإذا كان ليس لدينا مصنع ونستورد التكنولوجيا … فما هى حاجتنا للمصنع !!! لذلك لا يوجد بحث علمى حقيقى لأنه قائم على الحرية ونحن لا توجد لدينا حرية ..
* ما الفرق بين التعليم والتعلم؟
** نأتى إلى قضية أخرى ألا وهى: قضية التعلم وليس التعليم فالاسم نفسه مغلوط (وزارة التعليم ) لأنها وزارة الشهادات، فالتعليم قائم على فلسفة الشهادة، وهناك اتفاق ضمنى بين الطالب والمؤسسة التعليمية، المؤسسة التعليمية تعطى له شهادة وهو بدوره لا يحتاج إلا لها، وهو لا يتعلم والمؤسسة لا تمنحه تعليماً حقيقياً، إذن الاستراتيجية كلها لفلسفة التعليم قد اختلفت أو انحرفت عن مسارها … فطالب الثانوية العامة يريد 98% فقد دون تعليم جيد، وهذه ( الـ 98% ) لها وصفة أو حسبة، ذلك أنها تأتى أو تتحقق بحفظ النموذج وعلى مقدار حفظ الطالب سيحصل على المجموع، فإذا حفظ بنسبة 95% أو 100 % سيحصل على 95% أو 100% .
إذن المسألة ليس لها علاقة بالتعليم، ولكن لها علاقة بما حفظه الطالب، ونلاحظ أن الأوائل صمامون، لأن التعليم قائم على الحفظ والتلقين والاستظهار والذاكرة لكنه فهم ماذا ؟ لا يشغل عقله .
هذه الفلسفة تتوافق مع بنية المجتمع الأبوى السلطوى المستبد، ولا تجعل الناس فكر، ونجد طلبة كليات القمة الذى يمثلون صفوة المجتمع يمتازون بالسمع والطاعة، لذلك لا نعجب إذا وجدنا أن أكثر الإرهابيين والمتطرفين تخرجوا فى كليات القمة … فهم يمثلون “دوجما” يطيع حتى الأمير .. أمير الجماعة !! .
هذا النظام الذى لدينا قد انتهى فى العالم كله، لأن الكمبيوتر حل محل الذاكرة، فالمطلوب من التعليم إذن الإبداع والابتكار وكيفية حل المشكلات – مطلوب منه تطوير ذاته وتطوير العالم والمفاجأة : إن العالم كله الآن ينتقل من التعليم إلى التعلم، والفرق بينهما ليس كيف تعطى للطالب معلومة، لكنه أصبح الآن كيف يتعلم العلم ذاتياً، دور المعلم يعلم الطالب كيف يبحث وينتج المعلومة .. كيف يستنتج ويربط ويقارن، ويظل الإنسان فى حالة تعلم مستمر .
لكن ماذا يعنى التعلم؟ التعلم اكتساب المهارات الجديدة التى ليس لها أية علاقة بالشهادة، فالأسف تحن مازلنا نمنح شهادات فاسدة أشبه بالعملات منتهية الصلاحية، أو بالوجبات الفاسدة أو الدواء الفاسد، فى الوقت الذى يمنع فيه العالم المهارات الجديدة ويطور المهارات الموجودة، مهارات (التحاور، البحث، اللغات، الكمبيوتر) علماً بأن هذه الشهادات لا قيمة لها فى الداخل أو الخارج .
* إذن ما المقصود بالجودة فى التعليم ؟
** موضوع الجودة فى التعليم يعد إعلاناً ديكورياً لا مضمون له يتوجه به المسئولون للخارج أو للمجتمع الدولى الذى نخاطبه بقولنا له : نحن نطور لكنه فى حقيقة الأمر لا يؤدى هذا إلى أى تطوير، لأن التطوير له نظام ونحن لن نخترع العجلة أو الكهرباء أو غيرهما … فهذا كله تحقق منذ آلاف السنين، بل نرى ما عمله العالم من حولنا لكى يتقدم ويتطور ونمثله فيما عمله، ولك ان تعلمين انه لدينا مليون خريج سنويا غير صالحين فى سوق العمل بمصر، فما بالنا فى الخارج؟
إن العالم كله يستكمل نفسه من خلال من سبقوه وتقدموا عليه فى سلم الارتقاء؛ لذلك علينا ان نبدأ من حيث انتهى الآخرون…
الفلسفة
* لماذا تعرضت للتيارات الفكرية والفلسفية المعاصرة؟
** عالجت تقريبا معظم التيارات الفكرية والفلسفية المعاصرة، من مدرسة فرانكفورت، لفلاسفة الاختلاف لاستراتيجية التفكيك.. لما بعد الحداثة للآخر، وذلك من خلال أبرز الشخصيات الفلسفية مثل: شيخ فلاسفة العالم” يورجن هابرماس”، ومؤسس استراتيجية التفكيك” جاك دريدا” مدشن فكرة الآخر والاختلاف والتنوع ” إيمانويل ليفيناس”، حيث كنت أحاول باستمرار أقوم بعملية تمصير وتعريب لأفكارهم ومفاهيمهم ورؤاهم حتى نستفيد منها ونمارس نوعا من التلاقى الثقافى، وقد أفدت منهم كثيرا فى فهم ما يحدث فى العالم وفى واقعى وفى مجتمعى، وبدأت فى طريقا خاصا بى يمزج بين الفولكلور الشعبى فى الواقع المصرى والفلسفة المجردة، ومازلت أسعى لتأصيل هذه القناة وتعميقها وتطويرها، لأننى وجدت فى الخبرة الحياتية اليومية أن المواطن المصرى البسيط له فلسفة عميقة تناظر الفلسفة المعاصرة الآن، ووجدت فى الفلسفة المعاصرة اهتمامات إنسانية عميقة تعالج قضايا الرجل البسيط فى إحدى عشوائيات مصر، فبدأت أدرك أن الفلسفة ليست أفكارا تحلق فى السماء، وإنما تهتم بالتفاصيل اليومية البسيطة جدا للناس البسطاء العاديين، وهذا جعلنى أفهم الاقتصاد العالمى مثلما أفهم الاقتصاد فى مصر.
إن معظم الأفكار التى تروج الآن فى العالم، العولمة، العالم الذى أصبح قرية كونية واحدة، اتساع السوق، تشابك المصالح والمشكلات الإنسانية المشتركة فى العالم هى أحد تأثيرات واهتمامات الإنسان البسيط، أى أن الإنسان البسيط يعانى وأصبح أيضا مؤثرا وفعالا فيما يحدث فى العالم، ولم يعد معزولا أو لا قيمة له بدءا من تلويثه للطبيعة ومحافظته عليها، وانتهاء بحقوق الإنسان واتساع السوق… تلك ما أوصلتنى إليه الفلسفة المعاصرة…
• هل هناك معوقات للفلسفة فى المجتمع المصرى؟
• انا كـعصام عبد الله لدى اهتمامات أخرى انبثقت عن اهتمامى الرئيسى أو تخصصى الرئيسى الدقيق: أنا موجود ومتواجد فى مجتمع يعانى مشكلات تعوق تقدمه وانفتاحه على كل ما هو جديد مثل: الأصولية، الجهل،… وقبل هذا وبعده نظرة الإنسان البسيط للفلسفة على أنها كفر وإلحاد وتخريف، حتى إن الدعوة التى تقال بالشارع المصرى أو الفولكلور المصرى البسيط:”ربنا يكفيك شر الفكر” أو” لم أنم من الفكر”، فقرن فى أذهان الناس بأن أعمال المرء لعقله فى التفكير حتماً سيؤدى به إلى أن يصاب بالأمراض …
فنحن إذن نحارب على أكثر من صعيد: الجهل، التخلف، الأصوليات التى تكفر من يعمل عقله.. وتعانى أيضا لنتقدم فى مجتمعنا ونثبت وجودنا وسط العالم المتقدم حتى نجد لنا مكانا لقدم بين هذا العالم.. وهذا هو قدرنا ( لذلك كله لم ألجأ إلى الموضوعات التقليدية التى سبق دراستها وتم البحث فيها، بل حفرت لنفسى طريقا مختلفا بدءا من علم تاريخ الأفكار(العلوم الحديثة العهد فى الخمسينيات من القرن الماضى)، لرؤى العالم، للمناهج الجديدة، فينومينولوجيا (أى علم الظواهريات حيث توصيف الظواهر دون اللجوء للجوهر آو العمق، للتفكيك والتأويل، للسيمولوجيا، لفلسفة اللغة، لعلم اجتماع المعرفة، لنظرية المجال الثقافى وهى من أحدث النظريات اليوم…
وقد تناولت فى مؤلفاتى المشكلات التى نشترك فيها مع العالم: العنف،التسامح، تأصيل فكرة الآخر فى الدين أم فى العرق، رجل أم امرأة، مسلم أم مسيحى أم يهودى … فأخذت على عاتقى الاهتمامات المحلية والعالمية.
أيضا فإن تمردى على الموضوعات التقليدية جاء متسقا مع توجهى وأبناء جيلى خلال الربع الأخير من القرن الماضى – بانقلابات وثروات على المستويين: المعرفى والسياسى، حيث انهيار المعسكرين الرأسمالى والاشتراكى وسقوط كل التابوهات والأصنام السياسية والدينية والجنسية، ظهور العولمة، ظهور الثورة الإيرانية، ظهور الثورات المعرفية، سقوط القومية العربية منذ(1985-2001) كل هذه وتلك وضعت جيلنا أمام اختيار حقيقى مع ثورة اتصالات جعلتنا نتحول من الطريقة الوراقية إلى الطريقة الإلكترونية سواء فى البحث أو الترجمة أو التفكير، فكان لابد لنا وقد وضعنا فى محكات لم يجابهها الجيل السابق لنا أن نتابع ونلاحق هذه الثورات المعرفية والتكنولوجية والسياسية من كمبيوتر وموبايل ودش إلخ..
حقا حدثت لنا نقلة وصدمة حضارية وتغيرات مرة واحدة، فحدث كل شئ ممكن أن نتوقعه أو لا يمكن أن نتوقعه.
المواطنة
• متى وكيف ظهرت فكرة المواطنة؟
• ظهرت المواطنة كفكرة فى العصر الحديث، حيث إن العالم الغربى فى العصور الوسطى كان قائما على فكرة الأخوة فى الدين، فكان يوجد بابا واحد يجمع المسيحيين الغربيين، حتى إن كلمة الكاثوليكية معناها(الكنيسة الجامعة) وبعد حرب المائة عام فى أوربا بين إنجلترا وفرنسا ترسخت فكرة المواطنة باعتبارها الأخوة فى الوطن بصرف النظر عن الانتماء الدينى، حيث ظهر” مارتن لوثر” والبروتستانتية فى أوربا، فحدث انقسام دينى داخل الوطن الواحد، أى فى إنجلترا(بروتستانت وكاثوليك)، وكذلك فى فرنسا، ومن ثم أصبح الخيار المطروح أمام الأوربى العادى هل الأخوة فى الوطن أم فى الدين؟ فتحددت فكرة المواطنة: إن الأخوة فى الوطن بصرف النظر عن الاهتمام الدينى، والأخوة فى الوطن لا تلغى الأخوة الدينية ولكن تعلو عليها.. هذا فيما يتعلق بتاريخ المواطنة
نأتى إلى الأساس الفلسفى لفكرة المواطنة، والذى ظهر فى القرن الثامن عشر إبان الثورة الفرنسية، حيث نجده فى كتاب” الفيلسوف الفرنسى مونتسكيو” روح القوانين أو الشرائع حيث قال:”المساواة بين المواطنيين هى الفضيلة السياسية الأساسية”، فمفهوم الوطن لديه يقترن بمفهوم المساواة، فى الحقوق وفى الواجبات وأمام القانون، لأن المساواة السياسية مقدمة وشرط ضرورى للمساواة الاجتماعية، ترتب على ذلك ظهور فكرة الجنسية، والجنسية تعنى:” الحق فى أن يكون لك حقوق”، ذلك لأن كل من يحمل جنسية دولة معينة هو مواطن فيها بصرف النظر عن انتمائه الأثنى أو اللغوى أو الثقافى أو الدينى أو المذهبى، وبصرف النظر عن اتجاهه وميوله الفكرية والأيديولوجية والسياسية (شيوعى أم أصولى)، قومى أم ليبرالى، سنى أم مسيحى، أم شيعى أم لا دين له) كل هؤلاء طالما يحملون الجنسية المصرية يكون لهم حقوق المواطنين المصريين.
فحين نقول: إن “س” أو “ص” مواطن دولة ما، فإن هذا التحديد لا ينفى أو يلغى عن هذا المواطن انتماءه الدينى أو المذهبى، ولكنه ينفى أن يكون هذا الانتماء( ما قبل المواطنة) هو ما يحدد علاقته بالدولة، ويعين من ثم حقوقه التى هى واجبات الدولة، وواجباته بما هى حقوق الدولة وحقوق المجتمع.
• لماذا يثار مفهوم المواطنة اليوم..؟
• يثار مفهوم المواطنة اليوم ذلك لأن الدولة القومية التى هى إطار المواطنة الحامى لها يتم تآكلها الأن بفعل العولمة على مختلف الأصعدة، فأصبحت المواطنة تعيش الآن حالة هشة، أو أنها مواطنة فى أزمة ومصطلح” الأزمة” يعني:الحالة التى تسبق الانهيار أو العافية، ومن ثم فإن أزمة المواطنة الآن فى مصر وفى الشرق الأوسط اللاديموقراطى يمكن أن تؤدى إلى انهيار المنطقة، حيث تتقلص وتتراجع إلى أطر وحدود الاثنيات الدينية واللغوية والثقافية، أى إذا عدنا إلى ما قبل المواطنة أى الانتماء الدينى والاثنى يحدث الانهيار، وأما أن تكتسب العافية فتتسع المواطنة إلى نطاق إنسانى أرحب، حيث يسير العالم فى هذا الاتجاه الآن وهو المواطنة الديموقراطية، فأمريكا أو الدول التى بها ديموقراطية حقيقية لم تعان مشكلة أو مشكلة الأقليات لماذا؟ لأن تعبير الأقلية سواء كانت دينية أو عرفية أو أثنية لا يعنى شيئا فى بلد بوتقة يتميز دستوره بالمساواة نصا وفعلا بين مواطنيه جميعا، فأنت لا تستطيعين أن تتحدثى بهذا المعنى من الناحية الدستورية عن الأقلية الزنجية فى أمريكا أو الأقلية اليهودية، لأن هؤلاء جميعا مواطنون أصحاب حق وعليهم واجبات مثل أهلها جميعا.
• كيف تناولت مفهوم الموطنة فى مؤلفاتك؟
• وقد عالجت مؤلفاتى(التسامح، الآخر، العولمة وتآكل مفهوم الدولة القومية) قضية المواطنة بشكل مباشر. حيث أبرزت الناحية التاريخية، متى ظهرت؟ وكيف تطورت؟ وما الجديد الآن فى ظل العولمة؟ وماهى الفرص المتاحة لنا؟ وكيف ترسى المواطنة الديومقراطية وهى ما تفتقده؟
حوار الحضارات
• تم اختيارك من قبل الجامعة مديرا لوحدة دراسات الحضارات المعاصرة.. كيف نشأت هذه الوحدة؟ وما طبيعة عملها؟ والوحدات المناظرة لها فى العالم، وماذا عن دورها فى المرحلة الحالية؟
• جاء الاختيار من قبل الدكتور آحمد زكى بدر رئيس الجامعة وبترشيح من الأستاذ الدكتور محمد سيد خليل عميد كلية الآداب، وتعد وحدة دراسات الحضارات المعاصرة من ضمن الوحدات ذات الطابع الخاص بالجامعة، ومن المفترض أنها تمول ذاتيا( مما يعود بالفائدة على الجامعة بكلياتها المختلفة. حيث تجتذب تمويلا من مؤسسات دولية ورجال أعمال والمراكز والوحدات المناظرة لها فى العالم كله مثل مؤسسة” أنا ليندا” للتبادل العلمى والثقافى لدول حوض البحر المتوسط، ومؤسسة “أوريانتال” بشيكاغو، والتى تعنى بالحضارات فى الشرق والغرب والتفاعل معها، حيث إن العالم أصبح قرية كونية صغيرة مما أوجد نوعا من التعارف بين الشعوب، وفرض أيضا نوعا من التعارف والتواصل والتفاعل الحضارى، يأتى هذا عن طريق عقد ندوات ومؤتمرات وورش عمل ودورات تدريبية وإصدارات( نشرات، كتب، مجلات).
وقد كانت جامعة عين شمس سباقة بهذا المركز فى التسعينيات عقب حكاية كتاب الكاتب الشهير”صموئيل هنيتجتون” “صراع الحضارات” الذى آثار ضجة فى العالم كله، علماً بأن نواة هذا الكتاب كانت مقالا للكاتب ذاته نشره فى المجلة الأمريكية”فورين أفيرز”- أى الشئون الخارجية- عام 1933، ثم صدر الكتاب بالعنوان ذاته فى عام 1995 وتزامن مع انتشار الوحدة، فالجامعة إذن تنبهت مبكرا لهذا الموضوع (صدام الحضارات) وأرادت معالجته من الناحية المعرفية والعلمية والثقافية، وذلك بالتأكيد على أن الحضارات تتحاور وتتواصل…
أما عن دور الوحدة فى المرحلة الحالية، فإنه وفقا لتوجهات الأستاذ الدكتور محمد سيد خليل عميد كلية الآداب- لابد من تفعيل الحوار بين الحضارات كيف؟ يأتى هذا عن طريق الشراكة المعرفية” خاصة أن الجامعات المصرية الآن فى المقدمة، وجامعة عين شمس تطبق مبدأ” الجودة والاعتماد”، والجودة: تعنى الوصول بالعملية التعليمية إلى أفضل السبل وأحدث الوسائل فى حدود الإمكانيات المتاحة، وهذا يصل بنا إلى مرحلة الاعتماد عالميا، والتى تعنى أن الجامعة تدخل فى المصاف العالمى فتعتمد شهاداتها عالمياً، ويعتمد أساتذتها وطلابها عالميا مثل جامعات (هارفارد، السوربون،وأكسفورد)
وهناك جانب آخر: إن هذه الوحدة تخدم على المحيط الاجتماعى عن طريق إبراز التفاعل والتعاون بين الآن والآخر وقيمة التسامح والتأخى والتواصل بين أفراد المجتمع الواحد والعالم الخارجى، وهذا يعنى أن دور الوحدة الآن يختلف باختلاف المرحلة التى يعيشها العالم والمجتمع المصرى أى يختلف عن المرحلة التى ظهرت وانتشرت فيها صيحة صدام الحضارات والعولمة وتكنولوجيا الاتصال من الإنترنت وستالايت وغيرهما …
وفائدة أخرى أيضاً: تقديم حضارتنا للعالم الخارجى باللغة التى يفهمها العالم الخارجى، حيث نقدم الوجه الإيجابى لثقافتنا العربية، وصورة العربى المستنير صاحب الحضارة.
27 يونيو 2010