أصبح اندلاع ألسنة النيران في القاهرة هنا وهناك,أمرا معتادا,فبعد كارثة مجلس الشوري الأخيرة,التهمت ألسنة النار المسرح القومي الذي يعد من أقدم المسارح المصرية,وتم تبربر الكارثة استباقا علي نتائج التحقيقيات علي شماعة الإهمال والماس الكهربائي.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن:هل ستستمر الحرائق لتقضي علي كل شئ غال وثمين أما سيواجه المسئوليون هذه الأزمة ويبحثون عن حلول جذرية لها.
حول هذه القضية وتداعياتها أجرت وطني هذا التحقيق:
صرح فاروق حسني وزير الثقافة من قلب الحدث,وقال إن المسرح القومي مسرح كبير يجب الاعتناء به والحريق لم يؤثر بشكل كبير علي المسرح, وطالب بضرورة إيجاد حل لكوبري الأزخر,الذي أثر سلبيا علي مجموعة من المسارح مثل مسرح الطليعة والقومي.
في حين أوضح المخرج سمير العصفوري بأسف أن المسرح القومي يعد من أقدم المسارح في الشرق الأوسط,والذي افتتحه طلعت حرب1921,ومع الأسف لم يتم تجديده أو صيانته منذ عام1986,لذلك لا يوجد به نظام طوارئ آلي ضد الحرائق أو الزلازل,ولم يتعلم الجميع الدرس من حريق مسرح بني سويف, الذي أسفر عن وفاة أكثر من32 من زملائنا.
وتساءل العصفور في غضب:لماذا لا تستخدم النظام المتبع في بلاتوهات مدينة الإنتاج الإعلاني؟,فالأسقف مزودة بطفيات إلكترونية بمجرد وجود أدخنة تطلق علي الفور مادة كيمائية قوية تقضي علي الحريق,فور اندلاعه في أقل من5دقائق,كما أنها تعطي إنذارا بوجود دخان لذلك,فالتدخين ممنوع داخل تلك الاستديوهات.
شبهة جنائية
حول تفاصيل الخسائر أشار الدكتور أشرف زكي نقيب الممثلين ورئيس البيت الفني للمسرح,إلي أن هناك ثلاث قاعات دمرت بالفعل هي قاعة جورج أبيض وعبد الرحيم الزرقاني والقاعة الرئيسية,وقال إنه غير مقتنع أن سبب الحريق ماس كهربائي في حجرات ملابس الممثلين,فالمسرح في إجازة يوم السبت ولا يوجد به أحد لذلك-والكلام لنقيب الممثلين-فسوف أنتظر نتيجة التحقيقات لمعرفة الحقيقية,ولكن أعتقد أن هناك إهمالا جسيما سوف يعاقب عليه من قام به.
بينما قال حسن عفيفي -أستاذ الرقص ومصمم الرقصات بفرقة رضا-إن حريق المسرح القومي يعد إهدارا للمال العام,حيث إنه لا يوجد به رقابة أو حتي جهاز إنذار,وانتقد جهل المسئوليين لقيمة المسرح الحقيقية الذي يعد أوبرا العصر الحديث.
مسئولية…من!؟
من جانبه أكد شريف عبد اللطيف مدير المسرح القومي,أن نيابة وسط القاهرة أمرت بحبس باسم جرجس حنا مدير خشبة المسرح القومي ومحمد بكري درويش مسئول الكهرباء لمدة 15يوما علي ذمة التحقيقيات,بسبب وقوع الحريق الذي شب بالمسرح,حيث استمعت النيابة لأقول أربعة من عمال المسرح كانوا متواجدين وقت الحريق,وكذلك عدد من شهود العيان الذين أكدوا وقوع الحريق,بسبب ماس كهربائي,بجانب التقارير الأولية التي أكدت ذلك.
المسارح قنبلة موقوتة
فيهما قال اللواء نعمان جمعة بيومي رئيس مصلحة الدفاع المدني السابق إن خسائر حريق المسرح القومي كانت محدودة,وأضاف أن الحريق كان متوقعا لأن جميع التوصيلات الكهربائية بالمسرح كان تالفة ولوحة الكهرباء الموجودة علي خشبة المسرح بمفردها,تعد كارثة لأن كل كابلاتها مكشوفة وتحرج منها الوصلات العشوائية,بجانب أن هذا الحريق ليس الأول,بل إن هناك حريق سابق دمر المسرح القومي بالكامل منذ 20عاما تقريبا وكانت أسبابه ترجع لنفس السبب الحالي وهو التوصيلات الكهربائية.
كود الحريق مفقود
وأوضح الدكتور أحمد عبد الغني استشاريكود الحريقبوزارة الإسكان,أن مسارح مصر بالكامل ليست لديها منظومة متكاملة لمكافحة الحريق باستثناء دار الأوبرا,حيث قام اليابانيون ببنائها,بالإضافة إلي أن تصميمات جميع المسارح المسرح المصرية تستخدم الأخشاب فقط,دون مراعاة طلائها بدهانات غير قابلة للاشتعال,وللأسف فإن كود الحريق لم يطبق إلا علي جزء صغير من المنشآت التي بنيت منذ عام1998,لذا فإن90% من المنشآت المصرية العملاقة معرض للحريق,بالإضافة لغياب الصيانة.
أضاف اللواء إدوارد فارس مستشاركود الحريقومسئول سابق بالدفاع المدني,أن كود حماية المنشآت من الحريق صدر منذ10سنوات,ويشمل المباني بجميع أنواعها,بما فيها الخشبية والتاريخية,وصدر منه أربعة أجزاء,ولكن مع الأسف هناك قصورا في التنفيذ والتطبيق لهذا الكود,وهو ما يؤدي لحدوث الكوارث.
خطط تطويرية
من جهة أخري طالب الدكتور مجدي صلاح-أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة القاهرة-بأنه من الضروري وضع خطة أوسيناريو مسبقا لمواجهة أي حادث أو ارتباك مروري مفاجئ,حيث توضع هذه الخطة بناء علي تنسيق وتنظيم بين الجهات المسئولة عن المرور والجهات المعنية الأخري,ويتم الاعتماد في وضعها علي الدراسات العلمية في هذا المجال التي تتناول الحلول علي أسس فنية وتخطيطة سليمة,كما أن يجب أقامة طرق وممرات بديلة لعربات الإسعاف والإطفاء في المناطق الحيوية أصبح ضروري الآن حتي لو اضطررنا لإزالة بعض المباني لإيجاد أماكن لهم,خاصة في محافظتي القاهرة والجيزة بعد تعداد الكوارث في كل من المنطقتين,لذا فالمطلوب الآن وضع حلول جذرية بإنشاء محاور جديدة وتحسين كفاءة شبكة الطرق والنقل الجماعي, بجانب الحد من امتلاك السيارات الخاصة لحين التوسع في حجم الطرق والمحاور,حيث إن كثرة السيارات ساهمت بشكل ملحوظ في تفاقم الأزمة المرورية وزيادة الاختناقات التي تعتبر عائقا حقيقيا في نجدة أية كارثة أو حريق.