” فإن الله أحبّ العالم حتّى إنه جاد بابنه الوحيد لكي لا يَهلِك كُلُ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية . فإن الله لم يُرسل ابنه إلى العالم ليَدين العالم بل ليُخَلّص به العالم”(يوحنا ٣ : ١٦ – ١٧).
الله، المحبة غير المتناهية، أحبّ العالم وشاء أن يخلّصه بابنه الوحيد، يسوع المسيح، الإله الحق، الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس، ابن الإنسان.
جاء يسوع، المحبّة الإلهية، وأخذ طبيعتنا البشرية ما عدا الخطيئة، وجاع وعطش وبكى، وتعذّب وصُلب ومات وقبر، وقام من بين الأموات في اليوم الثالث.
في حياته على الأرض عاش متواضعاً ليرفعنا إلى الكمال، وعلمنا قائلاً تعلموا مني فإني وديعٌ ومتواضع القلب.
أصبح إنساناً ليحمل أوجاعنا وليعلمنا كيف نحمل صلبان عذاباتنا اليومية ونتحمّل طريق جلجلتنا ونعرف معناه الخلاصي، لأنه كما تعذّب وصلب فادينا، نحن أيضاً مدعوون لنشاركه مشروع حبه الخلاصي لنبني معاً الملكوت السماوي على الأرض. .
أطاع موسى الرب ورفع الحيّة النحاسية في البريّة، والمرضى الذين أصيبوا بلسعة الحيّات ونظروا إليها بإيمان شفيوا برحمة الله وتخلّصوا من الموت الجسدي.
رُفع يسوع على الصليب عرش مجده، وجميع الناس، المجروحين بالخطيئة، الذين نظروا إليه بإيمان وتوبة صادقة تخلّصوا من عبودية الشرّ ومن الموت الأبدي. وبقيت جهنّم للخاطىء المتشائم ولليائس غير التائب.
سؤال:”لماذا الشرّير، إبليس يدور حولنا ويحاول استغلال ضعفنا البشري؟
لماذا الله، الكلي الصلاح والطيب القلب، والقادر على كل شيء، سمح نموّ الشر والخير معاً؟
لماذا الله الآب الحنون والمحب للبشر طلب من ابنه يسوع أن يتحمّل خطايا العالم ويفتديها بعذابات الصليب وأنانية الكافرين بسفك دمه الطاهر؟
يقول القديس أوغسطينوس:”الله الذي خلق الإنسان بدون استئذانه، ألم يكن باستطاعته أن يجعله يخطىء وأن يفتديه بدون علم منه “؟
تأتينا أجوبة هذه الأسئلة وغيرها ونحن نتأمل بالمحبة الإلهية من القديس اللاهوتي توما الأكويني الذي يقول:”لكي يقطف من الشرّ خيراً أكبر”. المشكلة الكبرى التي رفضها الكثيرون، غير المؤمنين، وهم يتساءلون:”كيف صلب يسوع، الله المتجسّد، على خشبة الصليب، خشبة العار”؟، أمّا نحن المسيحيّون نقول:”خشبة الصليب، ليست خشبة العار، بل هي خشبة الخلاص والحياة، عرش تمجيد الابن”، ونضيف قائلين:”ثمرة هذا الحدث الأليم هو الخير الأكبر في تاريخ الإنسانية، الذي جناه الناس، كل الناس عبر العصور: توبة الخطأة وعودتهم إلى الله بتواضع وقلب منسحق، وخلاصهم وتحررهم من عبودية الخطيئة”.
كل مؤمن يعرف حق المعرفة أن الله تعالى يقبل عذاباتنا والآمنا، ويقبلها منّا لتقديس النفوس وسعادتها.
لنتقرّب من يسوع المسيح المصلوب والقائم منتصراً من بين الأموات، ونضع فيه ثقتنا البنوية لأننا نعرف أنه يحبنا ولأجل محبتنا بذل نفسه ليجعل من المستحيلات واقعاً مُعاشاً.