سطتْ الجماعات الإسلامية على ثورة شعبنا فى يناير2011. وبينما يقول المنتشرون فى الفضائيات ، أنّ الجماعات الإسلامية اشتركتْ فى الثورة منذ اليوم الأول ، فإنّ د. ناجح إبراهيم (كاتب إسلامى) ذكرالحقيقة فكتب (على الإسلاميين أنْ يُقروا بصراحة أنّ القوى الليبرالية هى التى بدأتْ الثورة ، وهى التى قامتْ بتحريك الشعب المصرى فى ثورة 25يناير، وأنه لولا هذه القوى ما قامت الثورة ولاتحرّكتْ ولاوصلتْ إلى ما وصلتْ إليه. وعلى الإسلاميين ألاّ يُنحوا أصحاب الثورة أويختطفوها دونهم بعد أنْ أصبحوا عنصرًا فاعلا فيها بعد قيامها ونجاحها ) (المصرى اليوم 5/8/2011)
أبرزوأخطرأنواع السطوالانحراف بهوية الوطن. انحراف يجعل (الهوية) للدين وليس للوطن، وهوما فعلوه يوم 29/7/ 2011، بينما فى ميادين تحريرمصر، لم يُقرّق القتلة بين مسلم ومسيحى. ألاَ يعنى شعار(مصرإسلامية) إقصاء غيرالمسلمين أبناء الوطن ؟ ويؤدى إلى هدم الانتماء الوطنى ، الذى بدأ مسيرته الإيرانى الشهيربالأفغانى فكتب يُطالب المسلمين بأنْ (يعتصموا بحبال الرابطة الدينية التى هى أحكم رابطة.. وقامت لهم مقام الرابطة الجنسية) (العروة الوثقى 24/8/1884)
إنّ قاعدة (الرابطة الدينية) تُرسّخ لما هوأخطر: فهل يقف شعبنا مع الغازى وفقا لديانته وضد وطنه ؟ وإذا كان الدين معيارالهوية ، فكيف وقف المسيحيون ضد الإنجليز؟ فى أعقاب ثورة 19 ردّد واصف غالى فى كل خطبه (لم يعد للمصريين قاطبة إلاّ إيمان واحد وعقيدة واحدة ودين واحد هودين الوطنية) ويُترجم المعنى الشيخ مصطفى القاياتى فقال (إذا كان الاستقلال سيؤدى إلى فصم الاتحاد فلعنة الله على هذا الاستقلال) (طارق البشرى- المسلمون والأقباط فى إطار الجماعة الوطنية- أكثرمن صفحة) كما أنّ غزوجيش صدام لدولة الكويت كذب قاعدة (الرابطة الدينية) إذْ أنّ ملايين المسلمين العقلاء أدانوا هذا الغزو، مع إنّ شعب الدولتين (العراق والكويت) مسلمون. فهل كان من المنتظرأنْ يقف الشعب الكويتى مع الغازى لمجرد أنه (مسلم) ؟ وإذا كانت (الهوية) للدين وليست للوطن فعلينا أنْ نقبل تخاريف الإيرانى الشهيربالأفغانى الذى ذكرفى مقال بعنوان (أمة واحدة) أنّ المسلمين (لايتقيدون برابطة الشعوب وعصبيات الأجناس وإنما ينظرون إلى جامعة الدين ، لهذا نرى المغربى لاينفرمن سلطة التركى ، والفارسى يقبل سيادة العربى ، والهندى يذعن لرياسة الأفغانى ، لا اشمئزازعند أحد منهم ولا انقباض) (العروة الوثقى- 28/8/ 1884) وكى يضمن نجاح دعوته كتب (لاجنسية للمسلمين إلاّفى دينهم.. وأنّ المسلمين لايعرفون لهم جنسية إلاّ فى دينهم وإعتقادهم) (العروة الوثقى 26/7، 14/8/1884) ثم يتوالى أتباع هذا التيارالهادم لمعنى (الوطن) فيكتب حسن البنا (إننا نعتبرحدود الوطنية بالعقيدة وليس بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية) (هالة مصطفى- الحركة السياسية فى مصرص93)
وإذا كان الإخوان المسلمون المعاصرون لنا يقولون أنهم مع (الدولة المدنية) فهل معنى ذلك أنهم انشقوا عن إمامهم حسن البنا الذى كان يضع مطلب (الخلافة الإسلامية) فى مقدمة إهتمامات الجماعة. وأعلن فى العيد العاشرللجماعة أنّ الإخوان يعطون الأولوية لاسترداد الخلافة. ودعا إلى (الوطن الإسلامى) فهويسموعن حدود الوطنية الجغرافية (طارق البشرى- الحركة السياسية فى مصر45-52ص55) ورسالة (نحوالنور) التى كتبها البنا (لم يرد بها مطلب واحد يتعلق بالجلاء أوالاستقلال وإنما اكتفتْ بعبارة (تقوية الروابط بين الأقطارالإسلامية والعربية.. للتفكير فى شأن الخلافة الضائعة) وبلغة المؤرخ المحايد ذكرأ. البشرى أنّ جماعة الإخوان (كانت أقل التنظيمات تعرضًا للمسألة الوطنية.. وكانت قيادة الإخوان تجمع السلاح خفية فى تنظيم سرى دون أنْ تُعلن منهجًا يتعلق بالكفاح المسلح لانتصارالحركة الوطنية) (المصدرالسابق ص175)
الدين شىء ذاتى ، بينما (الموضوع) هوالوطن الذى يضم أبناءه بغض النظرعن دياناتهم. كما أنّ تعبير(هوية إسلامية) يسحبنا إلى (هوية مسيحية وهوية يهودية) فهل يُمكن (تجميع) كل أبناء ديانة فى وطن واحد ؟ أوليس ترسيخ هذا الوهم تدعيم لإسرائيل التى قامت على أساس دينى ؟ وكانت هذه جريمة الصهيونية المؤسسة على عنصرية دينية ؟ وماذا يحدث لوحكم هذا التيارمع غيرالمسلمين ؟ هل سيحتفظون بصفة المواطنة ، وهل سيُمنعون من دخول الجيش مقابل أداء (الجزية) كما صرّح أحد (مرشدى) الإخوان (الأهرام ويكلى 3- 9إبريل97) ؟
إنّ الوعى بالفرق بين الولاء للدين والولاء للوطن جعل لطفى السيد يرد على دعوات العنصرية الدينية فكتب (كان من السلف من يقول بأنّ أرض الإسلام وطن لكل المسلمين ، وتلك قاعدة استعمارية.. ولم يبق إلاّ أنْ يحل محلها المذهب الوحيد وهومذهب الوطنية) (قصة حياتى ص 108، 109) وكتب أيضًا (الإسلام ليس لمسلم بوطن ، فوحدة الاعتقاد الدينى ليست كافية لإقامة وحدة التضامن الوطنى) (الجريدة 10/3/1907) وردًا على دعاة (الجامعة الإسلامية) كتب (الجامعة الإسلامية لا أثرلها فى مصرولانظن لها وجودًا فى غيرمصر) (الجريدة 7/5/1907) أما عميد الثقافة المصرية (طه حسين) فكتب (من المحقق أنّ تطورالحياة الإنسانية قضى منذ عهد بعيد بأنّ وحدة الدين ووحدة اللغة لاتصلحان للوحدة السياسية ولاقوامًا لتكوين الدولة) (جريدة السياسة 31/12/1923)