ليل القاهرة في رمضان فريد من نوعه، يجذب عشاق السهر من كل مكان، يضم في ثناياه كل مفردات البهجة والجمال عبر الخيم الرمضانية المنتشرة في مختلف أرجاء القاهرة - قطعة نابضة بالحياة من تاريخ مصر.عرفت الخيمة على إنها بيت الشعر وكان أول ظهور لها في العصر الفاطمي ابتداء من القرن العاشر، والغرض منها تنظيم الاحتفالات بشهر رمضان في قالب يضم حلقات الذكر مع إقامة المسابقات وتقديم التواشيح الدينية مع فرصة لتناول الأكلات الشعبية الخاصة بهذا الشهر.ومن مصر انتقلت الخيمة الرمضانية إلي دول الجوار لتصبح معلماً من المعالم المميزة للشهر الكريم، ثم تطورت عبر الأزمنة فعقدت فيها ندوات الأدب طوال ليالي رمضان في حي الحسين وغيره وكان من روادها أحد رموز الفكر والثقافة إسماعيل طاهر باشا ومن الشعراء محمود جبر ومحمود السيد شعبان.
واشتهرت الخيمة الرمضانية وأخذت طابعاً آخر بمشاركة عظماء الغناء في ليالي رمضان حيث كانت على رأس نجوم الليالي في رمضان أم كلثوم وفتحية أحمد والشيخ علي محمود ومنيرة المهدية وعبد اللطيف البنا، وانقسمت ليالي رمضان في هذا الوقت إلي ثلاثة أقسام:
في الليالي العشر الأولي يقبل الشيوخ المشهورون (في ذلك الوقت) أمثال الشيخ صديق المنشاوي الكبير والشيخ جلال وهو من أشهر الشيوخ المقرئين والشيخ أبو حقيق وغيرهم.
أما في الليالي العشر الثانية فيأتي المغنون ‘الشعبيون’ وهم من طائفة الغجر والغوازي، ليقدموا الفلكلور والمأثورات الغنائية.
وفي الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان اعتاد الناس أن يسوقوا بغالاً وحميراً وفي المقدمة ‘عربة حنطور’ جميلة يجرها حصانان إلي محطة السكة الحديد ليسمعوا سلطانة الطرب منيرة المهدية وعبد اللطيف البنا ومن يصحبهما من البطانة والآلاتية، أي من المنشدين أو ‘الكورس’ وعازفي الآلات الموسيقية. وفي مساء نفس اليوم كانت منيرة المهدية تقدم أغاني دينية عن رمضان ثم يأتي بعدها عبد اللطيف البنّا، إلى أن ظهرت في تلك الليالي أم كلثوم وذاع صيتها بعد ذلك.
المصادر:
-كتاب الجمهورية ‘رمضان في الزمن الجميل’ لعرفة عبد علي
-كتاب’شهر رمضان منذ فجر الإسلام إلي العصر الحديث’ لخليل طاهر
-جريدة الوقت عدد16أكتوبر2006